خذلان السوريين جريمة عامة قد تعرض الأمة لعقاب إلهي عام (3)
بقلم : أبو ياسر السوري
كنت أعلم أن هذا العنوان بحلقاته المتوالية ، يبحث في موضوع ، لا ينشط إلى مطالعته عامة القراء ، لأنه لم يكتب للعامة في الأصل ، وإنما كُتِبَ وأريدَ به الخاصة ، أريد به مخاطبة علماء الأمة ومفكريها ، حول ما آل إليه حال العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغارها . من اضطهاد واستعباد ، حتى صاروا يعيشون على سطح هذا الكوكب ، وكأنهم أيتام على موائد لئام .. وأنى اتجهت بناظريك شرقا وغربا ، رأيت مجتمعا عربيا مسلما مظلوما مقهورا ، يتحكم فيه الصليبي واليهودي والمجوسي والبوذي والشيوعي اللاديني .. والمسلمون هم الأضعف والأفقر والأجهل بين أبناء الأرض .. فهم يقتلون هنا وهناك من غير ذنب ، ويبادون حرقا وهم أحياء دون جريرة ، سوى أنهم مسلمون . فهل هذا قدر أزلي أبدي كتب على المسلمين ، فهم ملاقوه لا محالة ، ولا مخرج لهم منه إلى قيام الساعة .؟ وهل نزل الدين وهدينا إليه لنشقى به كل هذا الشقاء .؟حاش لله .!!
فنحن نقرأ قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا ) وهذا إخبار إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . وهو يقرر أن الإسلام نعمة لا نقمة . ونقرأ قوله تعالى : ( طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى *) فنوقن بأن أهل القرآن لا يشقون . ونقرأ قوله تعالى ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) فندرك أن المؤمن الحق لا يمكن أن تكتب عليه الذلة في الحياة . ونقرأ قوله تعالى ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) ونقارن بين هذا الوعد الإلهي وبين واقع المسلمين ، فنعلم أن المسلمين لو كانوا مؤمنين حقاً لما جعل الله للكافرين عليهم سبيلا ...
فما الذي أوصل الأمة الإسلامية عربها وعجمها إلى هذا الدرك الأسفل .؟ ومن ذا الذي قاد الأمة إلى هذا المستنقع الآسن .؟ وكيف الخلاص مما نحن فيه .؟ وهل يمكن للأمة أن تنهض من عثارها ، وتتخلص من عارها ، وتعود إلى سابق عهدها من العزة والقوة والمنعة .؟ هذه تساؤلات مشروعة ، وهي برسم الإجابة ، ومتى تضافرت العقول على معرفة الإجابة الحقيقية لها ، أمكن وصف الدواء الذي يبرئنا من الداء ، ويجلب إلينا الشفاء ..
لو قرأنا تاريخنا العسكري لرأينا أن انتصاراتنا ترجع إلى أيام كنا أمة واحدة ، ربها واحد ونبيها واحد وهدفها واحد .. أيام كان أبناء هذه الأمة ، ممن قال الله فيهم ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) أيام كنا نقاتل لإعلاء كلمة الله لا للمغنم والمكاثرة ، ولا للذكر والمفاخرة .. أيام كان قائد جيش المسلمين يخاطب قادة الجيوش المعادية قائلا : أسلموا تسلموا ، أسلموا ولكم ما لنا وعليكم ما علينا ، أو استسلموا وادفعوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون ، أو فإنني جئتكم بجنود يحبون الموت أكثر مما تحبون الحياة ...
ولو قرأنا تاريخنا العلمي لرأينا أننا بلغنا شأوا عاليا في أكثر ميادين العلم ، في الفلك والرياضيات والكيمياء والفيزياء وعلم الاجتماع ، ووضعنا للبشرية فلسفة بناءة ، أضافت أبوابا من الحكمة في مناحي التفكير البشري ...
والذي قوض هذا المجد كله ، هو الاستبداد والفساد . استبد الأمراء ، ورضخ العلماء لذلك الاستبداد ، ثم فسد الأمراء ، فحذا العلماء حذوهم في الفساد ، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم ، وهو لا ينطق عن الهوى فقال : ( صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس ، وإذا فسدا فسد الناس . العلماء والأمراء ) .
أما الأمراء يا سادة ، فقد صار المُلْكُ أحبَّ إليهم من الإسلام .. لذلك انصاعوا لرغبات أعداء المسلمين ، ونفذوا لهم بأمانة كل مخططاتهم الاستعمارية الهدامة ، فناصبوا شعوبهم العداء ، في سبيل البقاء في الحكم ، ولم يكن لديهم مانع أن يجردوا شعوبهم من كل أسباب القوة ، وأن يضحوا بكامل عزة الأمة وكرامتها إرضاء للسادة الكبار في العالم ... لقد رسم الغرب للزعامات المسلمة والعربية خطوطاً حمراء ، لا يسمح لهم بتخطيها وإلا ... وكان أهم تلك الخطوط الحمراء المحظورة : أن تتحرك الأمة باتجاه العودة إلى وحدتها الدينية ، لئلا ترجع قوة عالمية يحسب لها ألف حساب .. والخط المحظور الآخر : أن لا يفكر أبناء الأمة بامتلاك السلاح الفعال الذي يمكنهم من الصمود في وجه المعسكرين الغربي أو الشرقي ... وأن يظلوا في هذا الجانب عالة على أعدائهم .
ولا بأس بعد ذلك أن يكون لدينا أشباه دول ، وأشباه حكام ، وأشباه جيوش ، وأشباه عرب ومسلمين .. لا بأس أن نبني المساجد للصلاة فقط ، لا لتكون منابع إشعاع فكري وحضاري .. ولا بأس أن نقيم المطارات المدنية والعسكرية ، ولا بأس أن نشق الطرقات ما بين المدن ، ولا ضير أن نقيم شبكة اتصالات سلكية ولا سلكية ، ومسموح أن تشيد المدارس والجامعات ، ولا ضير في امتلاك وسائل إعلام مسموعة ومرئية ومقروءة ، كالإذاعة والتلفزيون والجرائد والمجلات والدوريات والمطابع والمكتبات .. على أن لا يُفتاتَ في ذلك كله على السادة الكبار ، فلا يقام مطار إلا وترسل نسخة من مخططه إليهم ، ولا يوضع منهج دراسي إلا وفق ما يسمحون به ، ولا يتحدث الإعلام العربي إلا كما هو مرسوم له من الخارج . بحيث يكون إعلاما مشغولا في تمجيد الحكام وتقديس الأصنام ، وغسيل أدمغة المواطن العربي والمسلم من كل شعور بالعزة والكرامة ..
ومن ناحية أخرى ، لا بأس من إقامة مصلحة للكهرباء ومحطات لتحلية الماء ، ومكاتب للبريد والبرق والهاتف . ولا بأس أن تكون هنالك معاهدات صداقة وحماية وتعاون اقتصادي وعسكري بين أية دولة عربية وغربية . وغير جائز أن يكون هنالك تقارب وثيق فيما بين دولنا العربية والإسلامية .. وجائز أيضا أن يشتري العرب السلاح من الكبار ، الذين يعطونهم إياه بمقدار ، وغير جائز أن يمتلكوا سلاحا يخل بالموازنة الدولية المفروضة بين العرب وإسرائيل . وبحسب هذه الموازنة ، يجب أن تمتلك إسرائيل من أسباب القوة العسكرية ما يساوي بل ما يرجح قوة الدول العربية جمعاء .. ومسموح أن توجد لدينا مطارات ، ولكن ليس من الجائز أن نصنع نحن الطائرات ، ومسموح أن نركب سيارة وغير مسموح أن نصنعها .. ومسموح أن نستورد دبابة ومدفعا وصاروخا ، ومحظور أن نفكر في صنعه .. فالصناعة الحربية خط أحمر، لا يسمح بتخطيه إلا ضمن حدود وقيود .
وهكذا وبفضل هؤلاء الحكام العرب والمسلمين ، فرض على الأمة أن تظل مفرقة الصف ، مبددة القوى ، متخلفة في ميادين الصناعة ، فلا تصنع لنفسها سيارة ولا طيارة ولا باخرة ولا غواصة . ولا يسمح لها أن تستقل بصنع سلاحها وذخائرها إلا بترخيص من السادة الكبار .
وصار إرضاء الدول الكبرى أوجب على حكامنا من إرضاء الله . وصار ولاؤهم للكافرين مقدما على ولائهم للعرب والمسلمين . فأمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا .. دول صديقة . بينما تركيا والباكستان وأفغانستان وإندونيسيا وغيرها من الدول الإسلامية دول دون هذه المنزلة بكثير ، ولعلها أقرب إلى الجفاء منها إلى الصداقة والإخاء . بل ساءت العلاقة فيما بين الدول العربية التي تدعي أنها دول شقيقة ، حتى صار كل حاكم عربي عدواً لغيره من حكام العرب . وصار طبيعيا أن يتآمر بعض حكامنا على بعض . ولا يرى بعضهم بأسا أن يوالي اليهود في السر ، ويخذل الفلسطينيين في العلن . بل خطا زعماء الأمة في التشرذم والتفكك خطوات أسوأ ، حين صار من الجائز لديهم أن يؤازروا أمريكا والناتو مثلا ، على ضرب بلد كالعراق ، لخطيئة رئيس ، كان يمكن محاسبته عليها بشكل مختلف ، بدون أن يَجُرُّوا على أنفسهم وعلى أمتهم أفظع الخسار وأبشع العار .
ولكن خيار العرب كان مختلفا ، فقد فضلوا التضحية بحياة رئيس عربي ، على القيام بمصالحة بينه وبين جيرانه ، فاستتبعت الإطاحة به ، سقوط العراق الشقيق في براثن إيران ، وكسر باب الحصن العربي ، ودلفت منه إيران لاحتلال العراق ، ولبنان . وهي تحاول احتلال سوريا الآن ... لتهدد بعد ذلك كل دول الخليج العربي ، فتؤجج فيها النعرات والفتن ، وتحاول التهامها شيئا فشيئا . لا سمح الله .
يتبع مقال - 4
بقلم : أبو ياسر السوري
كنت أعلم أن هذا العنوان بحلقاته المتوالية ، يبحث في موضوع ، لا ينشط إلى مطالعته عامة القراء ، لأنه لم يكتب للعامة في الأصل ، وإنما كُتِبَ وأريدَ به الخاصة ، أريد به مخاطبة علماء الأمة ومفكريها ، حول ما آل إليه حال العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغارها . من اضطهاد واستعباد ، حتى صاروا يعيشون على سطح هذا الكوكب ، وكأنهم أيتام على موائد لئام .. وأنى اتجهت بناظريك شرقا وغربا ، رأيت مجتمعا عربيا مسلما مظلوما مقهورا ، يتحكم فيه الصليبي واليهودي والمجوسي والبوذي والشيوعي اللاديني .. والمسلمون هم الأضعف والأفقر والأجهل بين أبناء الأرض .. فهم يقتلون هنا وهناك من غير ذنب ، ويبادون حرقا وهم أحياء دون جريرة ، سوى أنهم مسلمون . فهل هذا قدر أزلي أبدي كتب على المسلمين ، فهم ملاقوه لا محالة ، ولا مخرج لهم منه إلى قيام الساعة .؟ وهل نزل الدين وهدينا إليه لنشقى به كل هذا الشقاء .؟حاش لله .!!
فنحن نقرأ قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا ) وهذا إخبار إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . وهو يقرر أن الإسلام نعمة لا نقمة . ونقرأ قوله تعالى : ( طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى *) فنوقن بأن أهل القرآن لا يشقون . ونقرأ قوله تعالى ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) فندرك أن المؤمن الحق لا يمكن أن تكتب عليه الذلة في الحياة . ونقرأ قوله تعالى ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) ونقارن بين هذا الوعد الإلهي وبين واقع المسلمين ، فنعلم أن المسلمين لو كانوا مؤمنين حقاً لما جعل الله للكافرين عليهم سبيلا ...
فما الذي أوصل الأمة الإسلامية عربها وعجمها إلى هذا الدرك الأسفل .؟ ومن ذا الذي قاد الأمة إلى هذا المستنقع الآسن .؟ وكيف الخلاص مما نحن فيه .؟ وهل يمكن للأمة أن تنهض من عثارها ، وتتخلص من عارها ، وتعود إلى سابق عهدها من العزة والقوة والمنعة .؟ هذه تساؤلات مشروعة ، وهي برسم الإجابة ، ومتى تضافرت العقول على معرفة الإجابة الحقيقية لها ، أمكن وصف الدواء الذي يبرئنا من الداء ، ويجلب إلينا الشفاء ..
لو قرأنا تاريخنا العسكري لرأينا أن انتصاراتنا ترجع إلى أيام كنا أمة واحدة ، ربها واحد ونبيها واحد وهدفها واحد .. أيام كان أبناء هذه الأمة ، ممن قال الله فيهم ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) أيام كنا نقاتل لإعلاء كلمة الله لا للمغنم والمكاثرة ، ولا للذكر والمفاخرة .. أيام كان قائد جيش المسلمين يخاطب قادة الجيوش المعادية قائلا : أسلموا تسلموا ، أسلموا ولكم ما لنا وعليكم ما علينا ، أو استسلموا وادفعوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون ، أو فإنني جئتكم بجنود يحبون الموت أكثر مما تحبون الحياة ...
ولو قرأنا تاريخنا العلمي لرأينا أننا بلغنا شأوا عاليا في أكثر ميادين العلم ، في الفلك والرياضيات والكيمياء والفيزياء وعلم الاجتماع ، ووضعنا للبشرية فلسفة بناءة ، أضافت أبوابا من الحكمة في مناحي التفكير البشري ...
والذي قوض هذا المجد كله ، هو الاستبداد والفساد . استبد الأمراء ، ورضخ العلماء لذلك الاستبداد ، ثم فسد الأمراء ، فحذا العلماء حذوهم في الفساد ، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم ، وهو لا ينطق عن الهوى فقال : ( صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس ، وإذا فسدا فسد الناس . العلماء والأمراء ) .
أما الأمراء يا سادة ، فقد صار المُلْكُ أحبَّ إليهم من الإسلام .. لذلك انصاعوا لرغبات أعداء المسلمين ، ونفذوا لهم بأمانة كل مخططاتهم الاستعمارية الهدامة ، فناصبوا شعوبهم العداء ، في سبيل البقاء في الحكم ، ولم يكن لديهم مانع أن يجردوا شعوبهم من كل أسباب القوة ، وأن يضحوا بكامل عزة الأمة وكرامتها إرضاء للسادة الكبار في العالم ... لقد رسم الغرب للزعامات المسلمة والعربية خطوطاً حمراء ، لا يسمح لهم بتخطيها وإلا ... وكان أهم تلك الخطوط الحمراء المحظورة : أن تتحرك الأمة باتجاه العودة إلى وحدتها الدينية ، لئلا ترجع قوة عالمية يحسب لها ألف حساب .. والخط المحظور الآخر : أن لا يفكر أبناء الأمة بامتلاك السلاح الفعال الذي يمكنهم من الصمود في وجه المعسكرين الغربي أو الشرقي ... وأن يظلوا في هذا الجانب عالة على أعدائهم .
ولا بأس بعد ذلك أن يكون لدينا أشباه دول ، وأشباه حكام ، وأشباه جيوش ، وأشباه عرب ومسلمين .. لا بأس أن نبني المساجد للصلاة فقط ، لا لتكون منابع إشعاع فكري وحضاري .. ولا بأس أن نقيم المطارات المدنية والعسكرية ، ولا بأس أن نشق الطرقات ما بين المدن ، ولا ضير أن نقيم شبكة اتصالات سلكية ولا سلكية ، ومسموح أن تشيد المدارس والجامعات ، ولا ضير في امتلاك وسائل إعلام مسموعة ومرئية ومقروءة ، كالإذاعة والتلفزيون والجرائد والمجلات والدوريات والمطابع والمكتبات .. على أن لا يُفتاتَ في ذلك كله على السادة الكبار ، فلا يقام مطار إلا وترسل نسخة من مخططه إليهم ، ولا يوضع منهج دراسي إلا وفق ما يسمحون به ، ولا يتحدث الإعلام العربي إلا كما هو مرسوم له من الخارج . بحيث يكون إعلاما مشغولا في تمجيد الحكام وتقديس الأصنام ، وغسيل أدمغة المواطن العربي والمسلم من كل شعور بالعزة والكرامة ..
ومن ناحية أخرى ، لا بأس من إقامة مصلحة للكهرباء ومحطات لتحلية الماء ، ومكاتب للبريد والبرق والهاتف . ولا بأس أن تكون هنالك معاهدات صداقة وحماية وتعاون اقتصادي وعسكري بين أية دولة عربية وغربية . وغير جائز أن يكون هنالك تقارب وثيق فيما بين دولنا العربية والإسلامية .. وجائز أيضا أن يشتري العرب السلاح من الكبار ، الذين يعطونهم إياه بمقدار ، وغير جائز أن يمتلكوا سلاحا يخل بالموازنة الدولية المفروضة بين العرب وإسرائيل . وبحسب هذه الموازنة ، يجب أن تمتلك إسرائيل من أسباب القوة العسكرية ما يساوي بل ما يرجح قوة الدول العربية جمعاء .. ومسموح أن توجد لدينا مطارات ، ولكن ليس من الجائز أن نصنع نحن الطائرات ، ومسموح أن نركب سيارة وغير مسموح أن نصنعها .. ومسموح أن نستورد دبابة ومدفعا وصاروخا ، ومحظور أن نفكر في صنعه .. فالصناعة الحربية خط أحمر، لا يسمح بتخطيه إلا ضمن حدود وقيود .
وهكذا وبفضل هؤلاء الحكام العرب والمسلمين ، فرض على الأمة أن تظل مفرقة الصف ، مبددة القوى ، متخلفة في ميادين الصناعة ، فلا تصنع لنفسها سيارة ولا طيارة ولا باخرة ولا غواصة . ولا يسمح لها أن تستقل بصنع سلاحها وذخائرها إلا بترخيص من السادة الكبار .
وصار إرضاء الدول الكبرى أوجب على حكامنا من إرضاء الله . وصار ولاؤهم للكافرين مقدما على ولائهم للعرب والمسلمين . فأمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا .. دول صديقة . بينما تركيا والباكستان وأفغانستان وإندونيسيا وغيرها من الدول الإسلامية دول دون هذه المنزلة بكثير ، ولعلها أقرب إلى الجفاء منها إلى الصداقة والإخاء . بل ساءت العلاقة فيما بين الدول العربية التي تدعي أنها دول شقيقة ، حتى صار كل حاكم عربي عدواً لغيره من حكام العرب . وصار طبيعيا أن يتآمر بعض حكامنا على بعض . ولا يرى بعضهم بأسا أن يوالي اليهود في السر ، ويخذل الفلسطينيين في العلن . بل خطا زعماء الأمة في التشرذم والتفكك خطوات أسوأ ، حين صار من الجائز لديهم أن يؤازروا أمريكا والناتو مثلا ، على ضرب بلد كالعراق ، لخطيئة رئيس ، كان يمكن محاسبته عليها بشكل مختلف ، بدون أن يَجُرُّوا على أنفسهم وعلى أمتهم أفظع الخسار وأبشع العار .
ولكن خيار العرب كان مختلفا ، فقد فضلوا التضحية بحياة رئيس عربي ، على القيام بمصالحة بينه وبين جيرانه ، فاستتبعت الإطاحة به ، سقوط العراق الشقيق في براثن إيران ، وكسر باب الحصن العربي ، ودلفت منه إيران لاحتلال العراق ، ولبنان . وهي تحاول احتلال سوريا الآن ... لتهدد بعد ذلك كل دول الخليج العربي ، فتؤجج فيها النعرات والفتن ، وتحاول التهامها شيئا فشيئا . لا سمح الله .
يتبع مقال - 4