الملابسات التي صاحبت صدور فتوى الشيخ شلتوت حول جواز التعبد بـ "المذهب" الشيعي - بقلم: أحمد الظرافي
ظلت العقيدة الشيعية الجعفرية الاثنى عشرية تجابه بالرفض المطلق من قبل المجتمعات الإسلامية (السنية)، لما يزيد من ألف وثلاثمائة عام. نظرا للموقف الشديد والصارم الذي وقفه علماء السلف الأعلام تجاهها، والذي تأصل على أرض الواقع عبر الأجيال والقرون المتتالية.
وبعد إلغاء الخلافة عام 1924 ، أخذ علماء الشيعة الجعفرية الاثني عشرية يتوافدون تترى على أرض الكنانة، ويحطون رحالهم في القاهرة، بعضهم من لبنان والعراق وأكثرهم من إيران، ومن أبرز هؤلاء: أبو عبد الله الزنجاني، وعبد الكريم الزنجاني النجفي، ومحمد تقي القمي، ونواب صفوي، وعبد الحسين شرف الدين الموسوي، ومرتضى الرضوي وغيرهم.
وأكثر هؤلاء كانوا مبعوثين من قبل الحوزات الشيعية في مدينتي قم والنجف، لتشحيم الطريق لعقيدتهم للعبور إلى أرض الكنانة- وذلك تحت شعارات ولافتات شتى منها: التعارف، وزيارة العلماء والمفكرين، أو الدعوة إلى الوحدة الإسلامية، أو الدعوة إلى التقارب بين المذاهب، أو لطباعة المخطوطات والكتب الشيعية أو لتحقيقها .
وفي القاهرة – وبعد حوالي مائة وخمسين عاما من سياسة تهميش الأزهر الشريف ورجاله، التي قادها العلماني البكتاشي الباطني محمد علي باشا، وسار عليها أبناؤه وأحفاده. وأيضا بعد المدة نفسها، من التغريب والغزو الثقافي والفكري الذي تعرضت له مصر، ولما تميز به علماء مصر من سماحة وانفتاح.
وبعد تكرار الزيارات وتعدد المبادرات، استطاع علماء الشيعة، إذابة الجليد وإزالة الحاجز النفسي والشعوري السميك الذي كان يفصل أهل السنة عنهم، ووجدوا لأول مرة من يتجاوب مع أفكارهم وينخدع بأقوالهم وكلامهم المعسول الذي يخفي وراءه السم الناقع، والشر الوبيل، خاصة في هرم قيادة جماعة الإخوان المسلمين، وفي صفوف بعض علماء الأزهر الشريف.
وقد وطد علماء الشيعة صلاتهم وعلاقاتهم بالعديد من هؤلاء وأولئك. وسادها نوع من الود والوئام والمجاملات بعد ذلك. حتى سُمح لبعض علماء الشيعة من إلقاء الخطب أو المحاضرات في الأزهر الشريف، والتحدث في مناسبات " الإخوان المسلمون" المختلفة. ثم تدريس ما يسمى الفقه الجعفري في جامعة الأزهر.
وقد توجت جهود علماء الشيعة -وفود حوزة قم والنجف- في هذا الصدد، بإنشاء دار (التقريب بين المذاهب) في مدينة القاهرة، سنة 1946 أو العام التي تليها.
وقد تأسست دار " التقريب بين المذاهب" من أموال الخمس، برعاية العلامة الشيعي محمد تقي القمي، مبعوث المرجع الشيعي آنذاك : السيد حسين البروجردي، وطبعا بالاشتراك مع الإمام حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وغيره من رموز الجماعة، ومن مشائخ الأزهر مثل الشيخ محمود شلتوت.
وكان الإمام حسن البنا مؤسس جماعة " الإخوان المسلمون" من أبرز المتحمسين للتقريب بين السنة والشيعة، ويقال أنه التقى بالمرجع الشيعي الإيراني الكاشاني في مكة بهذا الخصوص. ( وقد نكتب موضوعا مستقلا حول هذا )، ومثله كان الشيخ محمود شلتوت.
وقد أصدرت هذه الدار مجلة "رسالة الإسلام" للدعوة إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية ولإتاحة المجال للمفكرين في الكتابة وإبداء آرائهم حول الموضوع.
وبعد ذلك بدأ علماء الشيعة يطمحون لشيء آخر، وهو فتوى من الأزهر الشريف - أكبر مؤسسة تعليمية فقهية في العالم الإسلامي- تجيز التعبد وفقا لأحكام عقيدتهم. إذ كيف يتم الخوض في مناقشات مسائل "التقريب بين المذاهب" وأهل السنة لا يعترفون بالإمامية الاثني عشرية، ولا يجيزون التعبد وفقا لها. فكثف علماء الشيعة جهودهم ومساعيهم في هذا الاتجاه وأخذوا يتوددون ويتظاهرون بالمسكنة، لاستغلال سماحة العلماء المصريين، لاستصدار تلك الفتوى.
وفي غضون ذلك إذا بالشيخ محمود شلتوت، يرتقي لرئاسة الأزهر الشريف (1958- 1963)، أي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر. وكان ذلك، من حسن حظ الشيعة الاثني عشرية، فالشيخ محمود شلتوت -رحمه الله- كان صاحبهم وحبيبهم، فهو من أنصار "التقريب بين المذاهب" الإسلامية. وهو من المعروفين بالتيسير على الناس، ومن أعداء التقليد والجمود -كما يصفه البعض.
والعجيب أن الشيعة، حصلوا على تلك الفتوى التي تجيز التعبد بعقيدتهم الجعفرية الاثني عشرية، في نفس العام، الذي تولى فيه الشيخ شلتوت رئاسة الأزهر الشريف أي في سنة 1958.
(ملحوظة: الشيخ يوسف القرضاوي نفى صدور مثل هذه الفتوى عن الشيخ شلتوت ودلل على ذلك بعدم وجودها في كتبه).
وهناك من يشير إلى أن تلك الفتوى كانت قرارا سياسيا رسميا: مصدره الرئيس جمال عبد الناصر، الذي تزوج تحية كاظم ذات الأصول الإيرانية (الشيعية). كما ذكرت ذلك مجلة المشاهد السياسي، في عددها رقم 36، وتاريخ 17- 23 نوفمبر1996..
والمهم أن فرح علماء الشيعة بهذه الفتوى كان كبيرا، واحتفوا بها احتفاء لا مثيل له... وتم استغلالها بكل صَفَاقَة وبكل خبث ودهاء، في غير الغرض الذي صدرت من أجله وهو التهيئة والتعبير عن حسن نية أهل السنة وسعيهم الجدي للتقريب بين المذاهب.
فقد أصبحت هذه الفتوى -التي حصل عليها علماء الشيعة عن طريق الشحاتة والحيلة والابتزاز- أصبحت من أهم وسائل التضليل التي يستخدمها الشيعة للترويج لعقيدتهم الباطلة في المجتمعات الإسلامية السنية.
علما بأن علماء الشيعة في حوزتَيْ قم والنجف لم يصدروا فتوى مقابلة لها، تجيز للشيعة التعبد بمذاهب أهل السنة. بل هم مستمرون في الواقع في الحرب على السنة وفي تشويهها، بمختلف الوسائل، ومستمرون في سب الصحابة ومستمرون في قذف أم المؤمنين رضي الله عنها، ومستمرون في الترويج لبدعهم... الخ.. بل أنهم يزدادون ضرواة وغلوا في ذلك يوما بعد يوم.
هذا والله سبحانه وتعالى أعلم.
ظلت العقيدة الشيعية الجعفرية الاثنى عشرية تجابه بالرفض المطلق من قبل المجتمعات الإسلامية (السنية)، لما يزيد من ألف وثلاثمائة عام. نظرا للموقف الشديد والصارم الذي وقفه علماء السلف الأعلام تجاهها، والذي تأصل على أرض الواقع عبر الأجيال والقرون المتتالية.
وبعد إلغاء الخلافة عام 1924 ، أخذ علماء الشيعة الجعفرية الاثني عشرية يتوافدون تترى على أرض الكنانة، ويحطون رحالهم في القاهرة، بعضهم من لبنان والعراق وأكثرهم من إيران، ومن أبرز هؤلاء: أبو عبد الله الزنجاني، وعبد الكريم الزنجاني النجفي، ومحمد تقي القمي، ونواب صفوي، وعبد الحسين شرف الدين الموسوي، ومرتضى الرضوي وغيرهم.
وأكثر هؤلاء كانوا مبعوثين من قبل الحوزات الشيعية في مدينتي قم والنجف، لتشحيم الطريق لعقيدتهم للعبور إلى أرض الكنانة- وذلك تحت شعارات ولافتات شتى منها: التعارف، وزيارة العلماء والمفكرين، أو الدعوة إلى الوحدة الإسلامية، أو الدعوة إلى التقارب بين المذاهب، أو لطباعة المخطوطات والكتب الشيعية أو لتحقيقها .
وفي القاهرة – وبعد حوالي مائة وخمسين عاما من سياسة تهميش الأزهر الشريف ورجاله، التي قادها العلماني البكتاشي الباطني محمد علي باشا، وسار عليها أبناؤه وأحفاده. وأيضا بعد المدة نفسها، من التغريب والغزو الثقافي والفكري الذي تعرضت له مصر، ولما تميز به علماء مصر من سماحة وانفتاح.
وبعد تكرار الزيارات وتعدد المبادرات، استطاع علماء الشيعة، إذابة الجليد وإزالة الحاجز النفسي والشعوري السميك الذي كان يفصل أهل السنة عنهم، ووجدوا لأول مرة من يتجاوب مع أفكارهم وينخدع بأقوالهم وكلامهم المعسول الذي يخفي وراءه السم الناقع، والشر الوبيل، خاصة في هرم قيادة جماعة الإخوان المسلمين، وفي صفوف بعض علماء الأزهر الشريف.
وقد وطد علماء الشيعة صلاتهم وعلاقاتهم بالعديد من هؤلاء وأولئك. وسادها نوع من الود والوئام والمجاملات بعد ذلك. حتى سُمح لبعض علماء الشيعة من إلقاء الخطب أو المحاضرات في الأزهر الشريف، والتحدث في مناسبات " الإخوان المسلمون" المختلفة. ثم تدريس ما يسمى الفقه الجعفري في جامعة الأزهر.
وقد توجت جهود علماء الشيعة -وفود حوزة قم والنجف- في هذا الصدد، بإنشاء دار (التقريب بين المذاهب) في مدينة القاهرة، سنة 1946 أو العام التي تليها.
وقد تأسست دار " التقريب بين المذاهب" من أموال الخمس، برعاية العلامة الشيعي محمد تقي القمي، مبعوث المرجع الشيعي آنذاك : السيد حسين البروجردي، وطبعا بالاشتراك مع الإمام حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وغيره من رموز الجماعة، ومن مشائخ الأزهر مثل الشيخ محمود شلتوت.
وكان الإمام حسن البنا مؤسس جماعة " الإخوان المسلمون" من أبرز المتحمسين للتقريب بين السنة والشيعة، ويقال أنه التقى بالمرجع الشيعي الإيراني الكاشاني في مكة بهذا الخصوص. ( وقد نكتب موضوعا مستقلا حول هذا )، ومثله كان الشيخ محمود شلتوت.
وقد أصدرت هذه الدار مجلة "رسالة الإسلام" للدعوة إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية ولإتاحة المجال للمفكرين في الكتابة وإبداء آرائهم حول الموضوع.
وبعد ذلك بدأ علماء الشيعة يطمحون لشيء آخر، وهو فتوى من الأزهر الشريف - أكبر مؤسسة تعليمية فقهية في العالم الإسلامي- تجيز التعبد وفقا لأحكام عقيدتهم. إذ كيف يتم الخوض في مناقشات مسائل "التقريب بين المذاهب" وأهل السنة لا يعترفون بالإمامية الاثني عشرية، ولا يجيزون التعبد وفقا لها. فكثف علماء الشيعة جهودهم ومساعيهم في هذا الاتجاه وأخذوا يتوددون ويتظاهرون بالمسكنة، لاستغلال سماحة العلماء المصريين، لاستصدار تلك الفتوى.
وفي غضون ذلك إذا بالشيخ محمود شلتوت، يرتقي لرئاسة الأزهر الشريف (1958- 1963)، أي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر. وكان ذلك، من حسن حظ الشيعة الاثني عشرية، فالشيخ محمود شلتوت -رحمه الله- كان صاحبهم وحبيبهم، فهو من أنصار "التقريب بين المذاهب" الإسلامية. وهو من المعروفين بالتيسير على الناس، ومن أعداء التقليد والجمود -كما يصفه البعض.
والعجيب أن الشيعة، حصلوا على تلك الفتوى التي تجيز التعبد بعقيدتهم الجعفرية الاثني عشرية، في نفس العام، الذي تولى فيه الشيخ شلتوت رئاسة الأزهر الشريف أي في سنة 1958.
(ملحوظة: الشيخ يوسف القرضاوي نفى صدور مثل هذه الفتوى عن الشيخ شلتوت ودلل على ذلك بعدم وجودها في كتبه).
وهناك من يشير إلى أن تلك الفتوى كانت قرارا سياسيا رسميا: مصدره الرئيس جمال عبد الناصر، الذي تزوج تحية كاظم ذات الأصول الإيرانية (الشيعية). كما ذكرت ذلك مجلة المشاهد السياسي، في عددها رقم 36، وتاريخ 17- 23 نوفمبر1996..
والمهم أن فرح علماء الشيعة بهذه الفتوى كان كبيرا، واحتفوا بها احتفاء لا مثيل له... وتم استغلالها بكل صَفَاقَة وبكل خبث ودهاء، في غير الغرض الذي صدرت من أجله وهو التهيئة والتعبير عن حسن نية أهل السنة وسعيهم الجدي للتقريب بين المذاهب.
فقد أصبحت هذه الفتوى -التي حصل عليها علماء الشيعة عن طريق الشحاتة والحيلة والابتزاز- أصبحت من أهم وسائل التضليل التي يستخدمها الشيعة للترويج لعقيدتهم الباطلة في المجتمعات الإسلامية السنية.
علما بأن علماء الشيعة في حوزتَيْ قم والنجف لم يصدروا فتوى مقابلة لها، تجيز للشيعة التعبد بمذاهب أهل السنة. بل هم مستمرون في الواقع في الحرب على السنة وفي تشويهها، بمختلف الوسائل، ومستمرون في سب الصحابة ومستمرون في قذف أم المؤمنين رضي الله عنها، ومستمرون في الترويج لبدعهم... الخ.. بل أنهم يزدادون ضرواة وغلوا في ذلك يوما بعد يوم.
هذا والله سبحانه وتعالى أعلم.