كثيرة هي الأسئلة التي يطرحها التدخل الأميركي في سوريا، وربما كان من الصعب الإحاطة بها هنا، لكننا سنتوقف عند بعضها في ضوء ترجيح الضربة العسكرية إذا لم تحدث مفاجأة من العيار الثقيل.
لعل السؤال الأبرز الذي يطرحه الكثيرون هو ذلك المتعلق برد فعل النظام نفسه على انطلاق هجوم عسكري عليه، أكان جويا، أم من خلال تحريك قطاع كبير من الثوار بغطاء جوي من جهة الأردن، وكذلك من جهة تركيا، إذ إن هناك من يتوقع أنه سيرد بإطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني من أجل خلط الأوراق، وهو ما تستعد له تل أبيب التي ستكون على علم بساعة الصفر، فيما يرى آخرون أن رده احتمال ضئيل.
إلى موقف النظام يطرح أيضا موقف إيران وحزب الله من بدء الهجمات. هل سيردون هنا وهناك بعمليات معينة، أم هل سيقوم حزب الله باستهداف الكيان الصهيوني من أجل خلط الأوراق أيضا؟ البعض يعتبر ذلك ممكنا، فيما يرى آخرون أن الحزب سيفكر ألف مرة قبل أن يفعل قياسا على ندم نصر الله على اختطاف الجنديين بعد اتضاح حجم الهجوم الذي قام به الإسرائيليون في حرب يوليو 2006. وينطبق ذلك على إيران التي ستفكر مليا قبل القيام بأية ردة فعل يمكن أن تدخلها في دائرة ردة الفعل، لكن كل شيء يبقى قائما ومتوقعا على أي حال. رد الفعل الروسي سؤال آخر، إذ يعلم الجميع أن لروسيا ضباطا وخبراء يعملون في المجال العسكري. هل سيتم إخراجهم من البلد قبل بدء الهجوم، وماذا لو استهدف مكان وجودهم عرضا، وكيف ستتعامل موسكو مع القضية برمتها؟ هي التي ترددت لأكثر من يوم ونصف اليوم حتى خرجت بردة فعلها الأولى المحذرة من اتخاذ قرار بالهجوم من خارج مجلس الأمن، ثم ما لبثت أن أعلنت أنها لن تدخل حربا كرد على التدخل الغربي في سوريا، ما يشير إلى جاهزيتها لصفقة، وربما إحاطتها علما بحدود المعركة ممثلة في التمهيد لحل سياسي، وليس إسقاط النظام.
قبل ذلك يُطرح سؤال حول بنك الأهداف الذي سيجري استهدافه بالضربات الجوية، وهنا يظهر الجزء المهم من القضية، إذ إن ما تريده تل أبيب هو تدمير القدرات العسكرية للنظام، فيما نتحدث عن سلاح هو ملك الشعب السوري ولا يستخدم في المعركة الحالية مثل الصواريخ بعيدة المدى ومنصات إطلاقها، والتي تعتبرها تل أبيب خطرا عليها.
لو كان المطلوب هو إسقاط النظام فعلا لما احتاج الأمر إلى تدمير واسع النطاق في بلد دمرت أجزاء كبيرة من بنيته التحتية، لكن سيطرة فكرة الحل السياسي وإرادة الضغط للتوصل إليه، ستجعل بنك الأهداف مختلفا، وذلك من أجل التوصل إلى حل بالتوافق مع الروس، ما يدفع إلى القول إن القيادة السياسية (رغم أنها هي ذاتها العسكرية) ممثلة في بشار وحاشيته لن تُستهدف بالقصف حتى لو علموا بمكان وجودها. سؤال آخر يتعلق بالموقف من القوى الجهادية في سوريا، وهل سيجري استهدافها بالقصف الجوي؟ ثمة اعتقاد سائد بأن ذلك سيحدث، وأن عمليات قصف ستطالها من أجل إضعافها بحيث لا تقف عائقا أمام الحل السياسي، وهو أمر يرفضه الشعب السوري الذي يعتبر تلك القوى جزءا لا يتجزأ من الثوار الذين حموه وردوا على النظام الذي أوغل في دماء أبنائه.
ثمة سؤال يتعلق بطبيعة التسوية التي يريدها الأميركان، وهل تشمل إخراج بشار الأسد، أم سيقبلون بصيغة جنيف الأولية ممثلة في حكومة كاملة الصلاحيات بوجود بشار دون صلاحيات حتى 2014، وكيف ستتم العملية السياسية بعد ذلك، وماذا سيكون دور الائتلاف فيها، وكذلك الكتائب الفاعلة على الأرض، لاسيَّما الجهادية التي يُطرح سؤال أيضا حول موقفها من عموم الهجوم، وبعد ذلك ما سيترتب عليه سياسيا؟
أسئلة شائكة ومعقدة تشير بدورها إلى أن مفاجآت كثيرة ستكون بانتظار المخططين للهجوم، وكل المعنيين بالملف، هذا طبعا إذا لم يتغير الموقف برمته، ويعود مسار الاستنزاف إلى العمل من جديد، مع تحرك سياسي بطيء على شاكلة الذي تابعناه من عام أو أكثر ولغاية الآن. وعموما ليس ثمة عاقل يعتبر أن أميركا تفكر فعلا في مصلحة الشعب السوري؛ هي التي مكثت عامين تضغط لمنع السلاح النوعي عن الثوار، والذي لو توفر لانتصروا منذ شهور طويلة، واقتلعوا النظام من جذوره دون الحاجة لأي تدخل أجنبي.
بقي القول إن من يديرون المعركة سيحددون بدايتها وبعض تفاصيلها، لكنهم لن يكونوا قادرين على تحديد شكل النهاية، فعلى الأرض قوىً لا تخضع لإرادتهم، وتناقضات ومعادلات ربما لم يحسبوا حسابها بدقة.
ياسر الزعاترة
لعل السؤال الأبرز الذي يطرحه الكثيرون هو ذلك المتعلق برد فعل النظام نفسه على انطلاق هجوم عسكري عليه، أكان جويا، أم من خلال تحريك قطاع كبير من الثوار بغطاء جوي من جهة الأردن، وكذلك من جهة تركيا، إذ إن هناك من يتوقع أنه سيرد بإطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني من أجل خلط الأوراق، وهو ما تستعد له تل أبيب التي ستكون على علم بساعة الصفر، فيما يرى آخرون أن رده احتمال ضئيل.
إلى موقف النظام يطرح أيضا موقف إيران وحزب الله من بدء الهجمات. هل سيردون هنا وهناك بعمليات معينة، أم هل سيقوم حزب الله باستهداف الكيان الصهيوني من أجل خلط الأوراق أيضا؟ البعض يعتبر ذلك ممكنا، فيما يرى آخرون أن الحزب سيفكر ألف مرة قبل أن يفعل قياسا على ندم نصر الله على اختطاف الجنديين بعد اتضاح حجم الهجوم الذي قام به الإسرائيليون في حرب يوليو 2006. وينطبق ذلك على إيران التي ستفكر مليا قبل القيام بأية ردة فعل يمكن أن تدخلها في دائرة ردة الفعل، لكن كل شيء يبقى قائما ومتوقعا على أي حال. رد الفعل الروسي سؤال آخر، إذ يعلم الجميع أن لروسيا ضباطا وخبراء يعملون في المجال العسكري. هل سيتم إخراجهم من البلد قبل بدء الهجوم، وماذا لو استهدف مكان وجودهم عرضا، وكيف ستتعامل موسكو مع القضية برمتها؟ هي التي ترددت لأكثر من يوم ونصف اليوم حتى خرجت بردة فعلها الأولى المحذرة من اتخاذ قرار بالهجوم من خارج مجلس الأمن، ثم ما لبثت أن أعلنت أنها لن تدخل حربا كرد على التدخل الغربي في سوريا، ما يشير إلى جاهزيتها لصفقة، وربما إحاطتها علما بحدود المعركة ممثلة في التمهيد لحل سياسي، وليس إسقاط النظام.
قبل ذلك يُطرح سؤال حول بنك الأهداف الذي سيجري استهدافه بالضربات الجوية، وهنا يظهر الجزء المهم من القضية، إذ إن ما تريده تل أبيب هو تدمير القدرات العسكرية للنظام، فيما نتحدث عن سلاح هو ملك الشعب السوري ولا يستخدم في المعركة الحالية مثل الصواريخ بعيدة المدى ومنصات إطلاقها، والتي تعتبرها تل أبيب خطرا عليها.
لو كان المطلوب هو إسقاط النظام فعلا لما احتاج الأمر إلى تدمير واسع النطاق في بلد دمرت أجزاء كبيرة من بنيته التحتية، لكن سيطرة فكرة الحل السياسي وإرادة الضغط للتوصل إليه، ستجعل بنك الأهداف مختلفا، وذلك من أجل التوصل إلى حل بالتوافق مع الروس، ما يدفع إلى القول إن القيادة السياسية (رغم أنها هي ذاتها العسكرية) ممثلة في بشار وحاشيته لن تُستهدف بالقصف حتى لو علموا بمكان وجودها. سؤال آخر يتعلق بالموقف من القوى الجهادية في سوريا، وهل سيجري استهدافها بالقصف الجوي؟ ثمة اعتقاد سائد بأن ذلك سيحدث، وأن عمليات قصف ستطالها من أجل إضعافها بحيث لا تقف عائقا أمام الحل السياسي، وهو أمر يرفضه الشعب السوري الذي يعتبر تلك القوى جزءا لا يتجزأ من الثوار الذين حموه وردوا على النظام الذي أوغل في دماء أبنائه.
ثمة سؤال يتعلق بطبيعة التسوية التي يريدها الأميركان، وهل تشمل إخراج بشار الأسد، أم سيقبلون بصيغة جنيف الأولية ممثلة في حكومة كاملة الصلاحيات بوجود بشار دون صلاحيات حتى 2014، وكيف ستتم العملية السياسية بعد ذلك، وماذا سيكون دور الائتلاف فيها، وكذلك الكتائب الفاعلة على الأرض، لاسيَّما الجهادية التي يُطرح سؤال أيضا حول موقفها من عموم الهجوم، وبعد ذلك ما سيترتب عليه سياسيا؟
أسئلة شائكة ومعقدة تشير بدورها إلى أن مفاجآت كثيرة ستكون بانتظار المخططين للهجوم، وكل المعنيين بالملف، هذا طبعا إذا لم يتغير الموقف برمته، ويعود مسار الاستنزاف إلى العمل من جديد، مع تحرك سياسي بطيء على شاكلة الذي تابعناه من عام أو أكثر ولغاية الآن. وعموما ليس ثمة عاقل يعتبر أن أميركا تفكر فعلا في مصلحة الشعب السوري؛ هي التي مكثت عامين تضغط لمنع السلاح النوعي عن الثوار، والذي لو توفر لانتصروا منذ شهور طويلة، واقتلعوا النظام من جذوره دون الحاجة لأي تدخل أجنبي.
بقي القول إن من يديرون المعركة سيحددون بدايتها وبعض تفاصيلها، لكنهم لن يكونوا قادرين على تحديد شكل النهاية، فعلى الأرض قوىً لا تخضع لإرادتهم، وتناقضات ومعادلات ربما لم يحسبوا حسابها بدقة.
ياسر الزعاترة