حزب الله أم حزب الشيطان ؟
بقلم : أبو ياسر السوري
بعد سقوط شاه إيران ، واستلام الخميني مقاليد الأمور في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، أعلن الخميني عن تصدير ثورته إلى أهل الأرض جميعا ، ووضع نصب عينيه احتلال بلاد الرافدين وبلاد الشام والجزيرة العربية إلى أقاصي اليمن . ليعيد بذلك أمجاد الإمبراطورية الفارسية من جديد . ويعود قادة الفرس إلى الاستبداد بشأن العرب ، وتعيين ملوكهم ورؤسائهم ، كما كان الشأن أيام كسرى أنو شروان قبل الإسلام .
وهذا مشروع سياسي محض ، ولكن الخميني أراد أن يضمن له مزيدا من القوة ، فألبسه لباس الدين ، فأعلن أنه يقاتل انتصارا للشيعة ، وثأرا لدم الحسين ، ورفعاً للمظلومية عن أتباعه ، وإنصافاً لهم من خصومهم الأمويين ، الذين اغتصبوهم الإمامة مئات السنين ...
ثم خطا الخميني خطوة أكثر جرأة من تلك ، حين حول الولاية ، من : ( ولاية أهل البيت ) إلى ( ولاية الفقيه ) لأن أهل البيت عرب ، والحسين عربي ، وأبناؤه عرب ، وآباؤه من صميم قريش .. والخميني فارسي النسب ، لا يريد أن يكون تابعا لهم ، ولا يريد أن يكون على دينهم . لذلك نادى بولاية الفقيه ، وأعلن أن الولي الفقيه يبلغ منزلة في الدين ، لا يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرب .. وأن كلامه ينسخ الكتاب والسنة ، وينسخ كذلك كلام الأئمة السابقين من أهل البيت ... وهذا أخطر كلام قاله أحد باسم الدين على مر التاريخ .
ولم يمت الخميني إلا بعد أن أرسى دعائم الحكم المجوسي الفارسي ، ورسم له المخططات ، التي مكنت إيران من السير قدما في دروب التوسع جغرافيا ، وفكريا ، وعقديا ، وقد وضع الملالي من بعده نصب أعينهم ، وجوبَ العمل على فرض الهيمنة الإيرانية على ما بين طهران إلى صنعاء .. وصارت العمائم السوداء هي التي ترسم السياسة الإيرانية ، وهي التي توجه المد الشيعي في مشارق الأرض ومغاربها ...
وهنا يجب أن نلاحظ أمرا هاما ، ألا وهو أن الغرب كان مبتهجا بحركة الخميني ، حتى فتحت له فرنسا ذراعيها ، وتكفلت له بتقديم كل الخدمات التي تمكنه من تحريك الشارع الإيراني وهو في باريس ... ويبدو أنه تم عقد زواج بين الغرب المسيحي ، والشرق المجوسي الفارسي . وأن الجامع بينهما هو (العداوة للعرب والمسلمين ) .
كما يجب أن نلاحظ أيضا ، أن علاقة إيران بإسرائيل في عهد الخميني توثقت أكثر مما كانت عليه أيام الشاه .. ولكن الخميني فضل أن تكون هذه العلاقة سرية ، لئلا يثير عليه نقمة الدول العربية ، التي لا تستطيع التعامل مع إسرائيل ولا مع أصدقائها في المنطقة ... ومن هنا رفعت إيران شعاراتها ( الموت لأمريكا ) و ( الموت لإسرائيل ) ..
ثم عمد الخميني إلى التنظيم العسكري ، فأنشأ في إيران الحرس الثوري ، وفيلق القدس ، وعناصر الباسيج الإيراني .. كما حرك شيعة العراق ، فتصدى لهم صدام حسين ، وخضد شوكتهم .. وكان عائقا منيعا أمام التوسع الإيراني .. لذلك كان لا بد من إزاحته من الطريق .. واستطاعت إيران إقناع أمريكا بالإطاحة بصدام ، وسرعان ما اثاروا مشكلة بينه وبين الكويت ، أدت إلى قيام صدام باحتلالها ، ووقع في المصيدة ، ولما أحس بالمؤامرة ، وانسحب من الكويت فورا ، لم ينفعه انسحابه ، لأن الغرب كان مصمما على الإطاحة به ، فقالت يومها الوزيرة البريطانية ( تاتشر) : سواء انسحب صدام من الكويت أم لم ينسحب ، سوف نضربه حتى يعلم أي رئيس في العالم أن للدول سيادة لا يجوز انتهاكها ... ولم يلبث العراق أن ضرب وسَقَطتْ دولته ، ولم تلبث أمريكا أن سلمته لأتباع الخميني ، وقدمته هدية لهم على طبق من فضة .. وصارت إيران هي صاحبة القرار في العراق ، وهي التي تعين رؤساء وزرائه ، وتتحكم في سياساته ..
وهناك قضية لا بد من الإشارة إليها ، وهي أن المقبورين الخميني وحافظ الأسد ، قاما بعقد حلف شيطاني بينهما ، وبموجبه شارك الأسد في ضرب العراق والقضاء على حكم صدام .. وتوثقت عرى الصداقة بين الرجلين ، حتى أصدر الخميني فتوى بالاعتراف بأن النصيرية علوية اثنا عشرية ، بعدما كانوا في نظر الشيعة قديما من أكفر الكفرة ، وأحط الزنادقة ... وما زالت العلاقة بين سوريا وإيران على ما هي عليه من الترابط والتعاون حتى الآن ..
ثم أنشأت إيران في لبنان ، حزبها المعروف بـ ( حزب الله اللبناني ) أو المقاومة الإسلامية في لبنان ، وقد اكتسب مكانته عن طريق المقاومة العسكرية للوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان .. وكان يتم تمويله بالسلاح والعتاد عن طريق سوريا .. وكانت الدول العربية راضية عنه حين كان يناوش إسرائيل من حين لآخر ، ويقوم بحركات استعراضية ، كان يخدع بها الدول العربية ، ويقنعها بضرورة تغاضيها عن احتفاظه بالسلاح والعتاد ، خلافا لمقررات الطائف ، التي تلزم جميع الميليشيات اللبنانية بنزع السلاح ، بما فيها ( حزب الله ) ...
هذه المرة ، أراني مضطرا للحديث المباشر الشفاف ، بعيدا عن لغة السياسة الملتوية ، ومعاييرها المزيفة ، وسراديبها المظلمة ، فهذا المقال هنا يتحدث عن أمر مفصلي ، يجب أن يعرفه كل الناس .. وكفانا نفاقا ومداهنة وأكاذيب ..
ما يسمى بـ ( حزب الله ) ليس حزبا مقاوما لإسرائيل ، وإنما هو مقاوم للعرب ، سنة وشيعة .. بدليل أنه دخل في صراع مسلح بينه وبين حركة أمل الشيعية ، ذات الطابع الوطني اللبناني العربي ، وإيران تريد حزبا قويا تابعا لها فارسي الهوى ، ولا ترغب أن ينازعه في مكانته أي فصيل آخر، لذلك وقع صراع قوي بين حزب الله الشيعي الموالي للفرس في إيران ، وحركة أمل الشيعية الموالية للعرب في لبنان ..
ثم إن هذا الحزب كان وما يزال وسوف يستمر – إن قدر له البقاء – ذيلا لإيران أو ذراعا لها في المنطقة ، تضرب به إيران من تشاء متى شاءت ... وليس هو الذراع الوحيد في العالم العربي ، فهنالك له أنداد في : العراق . وفي اليمن .. وربما في دول أخرى في الوطن العربي .!؟ ولكل فصيل منه مهمة خاصة به ، ينفذها بأوامر من إيران ، بحسب الزمان والمكان ...
ومهما يكن من أمر هذا الحزب ، ومهما يكن من ملابسات تشكيله ، وتمويله ، وولائه ، وانتمائه .. فلو تتبعنا نشاطه لرأينا أنه منذ نشأته وحتى الآن ، وهو يعمل لخدمة إسرائيل ، ويمهد ليكون هو حامي حدودها الشمالية مع لبنان ... طبقا لأوامر إيران ، حسب اتفاقات سرية بينها وبين إسرائيل .. ولولا وجود مثل هذه الاتفاقات السرية ، لما سمحت إسرائيل بتسليح ( حزب الله ) بصواريخ ، بعضها يصل مداه إلى 70 كيلو ، وبعضها إلى (100) كيلو ، وبعضها يصل إلى مدى يزيد على (200) كيلو متر ... وبعضها صواريخ مطورة مضادة للطيران ..
إن هذا الحزب ، ما كان تشكيله وتسليحه وتلميعه إلا لخدمة إسرائيل . لذلك يمكن القول أنه : لم يقم حزب الله بأي نشاط عسكري ضد إسرائيل ، إلا بعد التنسيق الكامل بينه وبينها من تحت الطاولة .. وكل نصر شكلي ، تم التسويق له إعلاميا ، لم يكن إلا لتحسين صورة هذا الحزب العميل في نظر العرب ، لأنه يعد لحماية إسرائيل من جبهتها الشمالية مع لبنان . لذلك انفرد هذا الحزب دون الأحزاب الأخرى في لبنان ، بأنه حمل السلاح ، وصار يناوش إسرائيل من حين لآخر .. وهذه الفكرة مطروحة عربيا ، فالأردن تقوم عمليا بحماية الحدود الشرقية لإسرائيل ، وإسرائيل تدفع لها مبلغا ضخما كل عام لقاء ذلك . وكذلك كانت سوريا تفعل قبل الثورة ، فهي تقوم بحراسة الحدود الشرقية الشمالية لإسرائيل ، لقاء بقاء آل الأسد في الحكم .. وقد وفت إسرائيل لهم بذلك، فعملت على إبقائهم في الكرسي أكثر من 40 عاما، وهي اليوم تسعى جاهدة لإحباط الثورة السورية وإبقاء حامي حدودها بشار الأسد بن عميلها حافظ الأسد بائع الجولان .
قلت قبل قليل : إن كل انتصارات ( حزب الله ) على إسرائيل مفبركة ، متفق عليها بين الطرفين .. ولم يدع هذا الحزب لنفسه انتصارا على إسرائيل ، إلا كان كاذبا فيه ، وجالبا للبنان والعرب أفدح الأضرار ، محققا بعمله مصلحة كبرى لإسرائيل . وتعالوا نستعرض انتصاراته الموهومة ، ونطرحها للتقييم .!؟
ولنأخذ لذلك مثلا ، حرب تموز عام 2006 م ، فالحزب يزعم أنه انتصر فيها على إسرائيل أعظم انتصار ، وفعل ما لم تستطع دولة عربية فعله قط .. وقد أجبر إسرائيل على التفاوض معه مفاوضة الند للند بخصوص تبادل الأسرى .. وقال إنه لقن إسرائيل درسا لن تنساه أبدا الدهر ...
وكان كل الذي فعله حزب الله يومها ، أن بعض عناصره تسللوا إلى داخل الأرض المحتلة ، وقاموا بقتل ثمانية يهود ، واختطاف اثنين ... فقامت إسرائيل باجتياح لبنان جوا وبحرا وبرا ، لمدة 34 يوما . قتلت فيها الآلاف وجرحت الآلاف ودمرت أحياء بكاملها من بيروت خصوصا حي الضاحية الجنوبية ، الذي دمر تدميرا كاملا ، وسويت منازله بالأرض . وتسببت هذه الحرب بتهجير أكثر من 600 ألف لبناني ، لجؤوا يومها إلى سوريا ... حتى إن جريدة الحياة اللندنية نشرت في سبتمبر 2006 تصريحا لحسن نصر الله يقول فيه : لو علمنا أن عملية الأسر ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعا .
وقبل هذه الحرب ، تسبب هذا الحزب بحرب سمتها إسرائيل ( تصفية الحساب ) عام 1993 م ، التي دامت 7 أيام ، وألقى فيها الجيش الإسرائيلي على لبنان أكثر من 27 ألف قذيفة ، وألف صاروخ ، أودت بحياة مئات اللبنانيين ، وتهجير 250 ألف لبناني إلى خارج بلدهم .
وفي عام 1996 وردا على قيام هذا الحزب بإطلاق بعض القذائف باتجاه مستعمرة ( كريات شمونة ) .. فردت عليه إسرائيل بحرب عرفت باسم (عناقيد الغضب ) نفذت فيها 140 غارة جوية ، قتلت فيها أكثر من مائة لبناني ، وجرحت أكثر من مائتين . ودمرت 212 منزلا ، وأربع مدارس و118 محلا تجاريا . وفي تلك الحرب وقعت ( مجزرة قانا ) التي ذهب فيها 104 مدنيين ، ومئات الجرحى والمعوقين ..
وحزب الله يعتبر كل هذه الخسائر نصرا ، وكل هذا الدمار فوزا ، ويعتبر تهجير مئات الآلاف وترويعهم وتشريدهم لمجرد صاروخين أو ثلاثة ، يطلقها باتجاه إسرائيل ، لا تقتل ولا تجرح ولا تدمر .. يعتبر هذا نصرا ، لأن ذلك يعطيه حق التبجح بالمقاومة ، والمباهاة بالممانعة . ويعطيه شيئا مهما جدا كان يرمي إليه ، ألا وهو احتفاظه بالسلاح من دون بقية الأحزاب في لبنان . استثناء من قرارات اتفاق الطائف ، كما قلنا سابقا ، لضرورة المقاومة والممانعة التي يضطلع بها ( حزب الله ) .
واللافت للنظر حقا ، أنه بعد حرب 2006 تم الاتفاق على التهدئة بين إسرائيل و( حزب الله ) ، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن لم يطلق هذا الحزب طلقة واحدة باتجاه إسرائيل .. وإنما اتجهت فوهات بنادقه ومدافعه باتجاه الداخل اللبناني ، فاجتاح بيروت في : 7 / أيار /2008 فبدأ بإغلاق طريق المطار بيروت ليربط المسالة بالاتحاد العمالي العام ، ثم اجتاح بيروت ، فعاث فيها فسادا ، تكسيرا لواجهات المحلات ، ونهبا لمحتوياتها ، وحرقا ، واعتقالا ، وإذلالاً ، وإهانة لرموز سنية لم يحدث أن أهينت من قبل ، حتى ولا على أيدي السوريين في أحداث الثمانينيات . كما قام عناصر هذا الحزب بتصفية بعض من رماهم الحظ العاثر في طريقهم ... وكان أول ما قام به الحزب ، أن أحرق الهمجُ من عناصره تلفزيون المستقبل ، وصحيفة المستقبل ، واجتاحوا مؤسسة الحريري التعليمية ، وباقي المؤسسات الاجتماعية ، وقصفوا " مشفى المقاصد " واستمر التخريب والإرهاب والقتل والسحل والاعتقال على مدى أربعة أيام ..أثبت فيها ( حزب الله ) أنه قادر على السيطرة على بيروت متى شاء ، وأنه بعد اليوم لن تخرج عن طوعه أبدا .. وقد خطب يومها نصر الله ، وافتخر غاية الافتخار بهذا النصر المؤزر على أبناء وطنه في بيروت ... ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ، وهذا الحزب العميل لإيران هو الآمر الناهي في لبنان ، يتدخل في تشكيل الوزارات وحلها ، ويتدخل في اتخاذ القرارات ونقضها . حتى أسقط هيبة الدولة ومسحها بالتراب .. ولم يعد هنالك دولة اسمها لبنان ..!! وإنما محافظة لدولة الآية ( خامنئي شاه إيران ) .
لقد تم تلميع الحزب بما فيه الكفاية ، وصار بإمكانه أن يمارس عمله الخياني باسم فرض وحدة الصف اللبناني بالقوة .. كما صار بإمكانه اليوم أن يغزو سوريا بذريعة الدفاع عن المقامات الشيعية بالقوة .
فيا أيها السادة القراء ، أخبروني بربكم ، هل هذا ( حزب الله ) أم هو ( حزب الشيطان ) .؟؟؟ أمَّا أنا ، فأبرأ إلى الله أن أسميه ( حزب لله ) .. إنه حزب الشيطان الأكبر . فحزبٌ يقوم عناصره بذبح الأطفال الأبرياء ، وانتهاك أعراض النساء ، وإحراق الناس العزل وهم أحياء .. إن حزبا هذا صنيع عناصره ليس بـ ( حزب الله ) .؟؟
[ أولئك حزب الشيطان ، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون*] ..
بقلم : أبو ياسر السوري
بعد سقوط شاه إيران ، واستلام الخميني مقاليد الأمور في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، أعلن الخميني عن تصدير ثورته إلى أهل الأرض جميعا ، ووضع نصب عينيه احتلال بلاد الرافدين وبلاد الشام والجزيرة العربية إلى أقاصي اليمن . ليعيد بذلك أمجاد الإمبراطورية الفارسية من جديد . ويعود قادة الفرس إلى الاستبداد بشأن العرب ، وتعيين ملوكهم ورؤسائهم ، كما كان الشأن أيام كسرى أنو شروان قبل الإسلام .
وهذا مشروع سياسي محض ، ولكن الخميني أراد أن يضمن له مزيدا من القوة ، فألبسه لباس الدين ، فأعلن أنه يقاتل انتصارا للشيعة ، وثأرا لدم الحسين ، ورفعاً للمظلومية عن أتباعه ، وإنصافاً لهم من خصومهم الأمويين ، الذين اغتصبوهم الإمامة مئات السنين ...
ثم خطا الخميني خطوة أكثر جرأة من تلك ، حين حول الولاية ، من : ( ولاية أهل البيت ) إلى ( ولاية الفقيه ) لأن أهل البيت عرب ، والحسين عربي ، وأبناؤه عرب ، وآباؤه من صميم قريش .. والخميني فارسي النسب ، لا يريد أن يكون تابعا لهم ، ولا يريد أن يكون على دينهم . لذلك نادى بولاية الفقيه ، وأعلن أن الولي الفقيه يبلغ منزلة في الدين ، لا يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرب .. وأن كلامه ينسخ الكتاب والسنة ، وينسخ كذلك كلام الأئمة السابقين من أهل البيت ... وهذا أخطر كلام قاله أحد باسم الدين على مر التاريخ .
ولم يمت الخميني إلا بعد أن أرسى دعائم الحكم المجوسي الفارسي ، ورسم له المخططات ، التي مكنت إيران من السير قدما في دروب التوسع جغرافيا ، وفكريا ، وعقديا ، وقد وضع الملالي من بعده نصب أعينهم ، وجوبَ العمل على فرض الهيمنة الإيرانية على ما بين طهران إلى صنعاء .. وصارت العمائم السوداء هي التي ترسم السياسة الإيرانية ، وهي التي توجه المد الشيعي في مشارق الأرض ومغاربها ...
وهنا يجب أن نلاحظ أمرا هاما ، ألا وهو أن الغرب كان مبتهجا بحركة الخميني ، حتى فتحت له فرنسا ذراعيها ، وتكفلت له بتقديم كل الخدمات التي تمكنه من تحريك الشارع الإيراني وهو في باريس ... ويبدو أنه تم عقد زواج بين الغرب المسيحي ، والشرق المجوسي الفارسي . وأن الجامع بينهما هو (العداوة للعرب والمسلمين ) .
كما يجب أن نلاحظ أيضا ، أن علاقة إيران بإسرائيل في عهد الخميني توثقت أكثر مما كانت عليه أيام الشاه .. ولكن الخميني فضل أن تكون هذه العلاقة سرية ، لئلا يثير عليه نقمة الدول العربية ، التي لا تستطيع التعامل مع إسرائيل ولا مع أصدقائها في المنطقة ... ومن هنا رفعت إيران شعاراتها ( الموت لأمريكا ) و ( الموت لإسرائيل ) ..
ثم عمد الخميني إلى التنظيم العسكري ، فأنشأ في إيران الحرس الثوري ، وفيلق القدس ، وعناصر الباسيج الإيراني .. كما حرك شيعة العراق ، فتصدى لهم صدام حسين ، وخضد شوكتهم .. وكان عائقا منيعا أمام التوسع الإيراني .. لذلك كان لا بد من إزاحته من الطريق .. واستطاعت إيران إقناع أمريكا بالإطاحة بصدام ، وسرعان ما اثاروا مشكلة بينه وبين الكويت ، أدت إلى قيام صدام باحتلالها ، ووقع في المصيدة ، ولما أحس بالمؤامرة ، وانسحب من الكويت فورا ، لم ينفعه انسحابه ، لأن الغرب كان مصمما على الإطاحة به ، فقالت يومها الوزيرة البريطانية ( تاتشر) : سواء انسحب صدام من الكويت أم لم ينسحب ، سوف نضربه حتى يعلم أي رئيس في العالم أن للدول سيادة لا يجوز انتهاكها ... ولم يلبث العراق أن ضرب وسَقَطتْ دولته ، ولم تلبث أمريكا أن سلمته لأتباع الخميني ، وقدمته هدية لهم على طبق من فضة .. وصارت إيران هي صاحبة القرار في العراق ، وهي التي تعين رؤساء وزرائه ، وتتحكم في سياساته ..
وهناك قضية لا بد من الإشارة إليها ، وهي أن المقبورين الخميني وحافظ الأسد ، قاما بعقد حلف شيطاني بينهما ، وبموجبه شارك الأسد في ضرب العراق والقضاء على حكم صدام .. وتوثقت عرى الصداقة بين الرجلين ، حتى أصدر الخميني فتوى بالاعتراف بأن النصيرية علوية اثنا عشرية ، بعدما كانوا في نظر الشيعة قديما من أكفر الكفرة ، وأحط الزنادقة ... وما زالت العلاقة بين سوريا وإيران على ما هي عليه من الترابط والتعاون حتى الآن ..
ثم أنشأت إيران في لبنان ، حزبها المعروف بـ ( حزب الله اللبناني ) أو المقاومة الإسلامية في لبنان ، وقد اكتسب مكانته عن طريق المقاومة العسكرية للوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان .. وكان يتم تمويله بالسلاح والعتاد عن طريق سوريا .. وكانت الدول العربية راضية عنه حين كان يناوش إسرائيل من حين لآخر ، ويقوم بحركات استعراضية ، كان يخدع بها الدول العربية ، ويقنعها بضرورة تغاضيها عن احتفاظه بالسلاح والعتاد ، خلافا لمقررات الطائف ، التي تلزم جميع الميليشيات اللبنانية بنزع السلاح ، بما فيها ( حزب الله ) ...
هذه المرة ، أراني مضطرا للحديث المباشر الشفاف ، بعيدا عن لغة السياسة الملتوية ، ومعاييرها المزيفة ، وسراديبها المظلمة ، فهذا المقال هنا يتحدث عن أمر مفصلي ، يجب أن يعرفه كل الناس .. وكفانا نفاقا ومداهنة وأكاذيب ..
ما يسمى بـ ( حزب الله ) ليس حزبا مقاوما لإسرائيل ، وإنما هو مقاوم للعرب ، سنة وشيعة .. بدليل أنه دخل في صراع مسلح بينه وبين حركة أمل الشيعية ، ذات الطابع الوطني اللبناني العربي ، وإيران تريد حزبا قويا تابعا لها فارسي الهوى ، ولا ترغب أن ينازعه في مكانته أي فصيل آخر، لذلك وقع صراع قوي بين حزب الله الشيعي الموالي للفرس في إيران ، وحركة أمل الشيعية الموالية للعرب في لبنان ..
ثم إن هذا الحزب كان وما يزال وسوف يستمر – إن قدر له البقاء – ذيلا لإيران أو ذراعا لها في المنطقة ، تضرب به إيران من تشاء متى شاءت ... وليس هو الذراع الوحيد في العالم العربي ، فهنالك له أنداد في : العراق . وفي اليمن .. وربما في دول أخرى في الوطن العربي .!؟ ولكل فصيل منه مهمة خاصة به ، ينفذها بأوامر من إيران ، بحسب الزمان والمكان ...
ومهما يكن من أمر هذا الحزب ، ومهما يكن من ملابسات تشكيله ، وتمويله ، وولائه ، وانتمائه .. فلو تتبعنا نشاطه لرأينا أنه منذ نشأته وحتى الآن ، وهو يعمل لخدمة إسرائيل ، ويمهد ليكون هو حامي حدودها الشمالية مع لبنان ... طبقا لأوامر إيران ، حسب اتفاقات سرية بينها وبين إسرائيل .. ولولا وجود مثل هذه الاتفاقات السرية ، لما سمحت إسرائيل بتسليح ( حزب الله ) بصواريخ ، بعضها يصل مداه إلى 70 كيلو ، وبعضها إلى (100) كيلو ، وبعضها يصل إلى مدى يزيد على (200) كيلو متر ... وبعضها صواريخ مطورة مضادة للطيران ..
إن هذا الحزب ، ما كان تشكيله وتسليحه وتلميعه إلا لخدمة إسرائيل . لذلك يمكن القول أنه : لم يقم حزب الله بأي نشاط عسكري ضد إسرائيل ، إلا بعد التنسيق الكامل بينه وبينها من تحت الطاولة .. وكل نصر شكلي ، تم التسويق له إعلاميا ، لم يكن إلا لتحسين صورة هذا الحزب العميل في نظر العرب ، لأنه يعد لحماية إسرائيل من جبهتها الشمالية مع لبنان . لذلك انفرد هذا الحزب دون الأحزاب الأخرى في لبنان ، بأنه حمل السلاح ، وصار يناوش إسرائيل من حين لآخر .. وهذه الفكرة مطروحة عربيا ، فالأردن تقوم عمليا بحماية الحدود الشرقية لإسرائيل ، وإسرائيل تدفع لها مبلغا ضخما كل عام لقاء ذلك . وكذلك كانت سوريا تفعل قبل الثورة ، فهي تقوم بحراسة الحدود الشرقية الشمالية لإسرائيل ، لقاء بقاء آل الأسد في الحكم .. وقد وفت إسرائيل لهم بذلك، فعملت على إبقائهم في الكرسي أكثر من 40 عاما، وهي اليوم تسعى جاهدة لإحباط الثورة السورية وإبقاء حامي حدودها بشار الأسد بن عميلها حافظ الأسد بائع الجولان .
قلت قبل قليل : إن كل انتصارات ( حزب الله ) على إسرائيل مفبركة ، متفق عليها بين الطرفين .. ولم يدع هذا الحزب لنفسه انتصارا على إسرائيل ، إلا كان كاذبا فيه ، وجالبا للبنان والعرب أفدح الأضرار ، محققا بعمله مصلحة كبرى لإسرائيل . وتعالوا نستعرض انتصاراته الموهومة ، ونطرحها للتقييم .!؟
ولنأخذ لذلك مثلا ، حرب تموز عام 2006 م ، فالحزب يزعم أنه انتصر فيها على إسرائيل أعظم انتصار ، وفعل ما لم تستطع دولة عربية فعله قط .. وقد أجبر إسرائيل على التفاوض معه مفاوضة الند للند بخصوص تبادل الأسرى .. وقال إنه لقن إسرائيل درسا لن تنساه أبدا الدهر ...
وكان كل الذي فعله حزب الله يومها ، أن بعض عناصره تسللوا إلى داخل الأرض المحتلة ، وقاموا بقتل ثمانية يهود ، واختطاف اثنين ... فقامت إسرائيل باجتياح لبنان جوا وبحرا وبرا ، لمدة 34 يوما . قتلت فيها الآلاف وجرحت الآلاف ودمرت أحياء بكاملها من بيروت خصوصا حي الضاحية الجنوبية ، الذي دمر تدميرا كاملا ، وسويت منازله بالأرض . وتسببت هذه الحرب بتهجير أكثر من 600 ألف لبناني ، لجؤوا يومها إلى سوريا ... حتى إن جريدة الحياة اللندنية نشرت في سبتمبر 2006 تصريحا لحسن نصر الله يقول فيه : لو علمنا أن عملية الأسر ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعا .
وقبل هذه الحرب ، تسبب هذا الحزب بحرب سمتها إسرائيل ( تصفية الحساب ) عام 1993 م ، التي دامت 7 أيام ، وألقى فيها الجيش الإسرائيلي على لبنان أكثر من 27 ألف قذيفة ، وألف صاروخ ، أودت بحياة مئات اللبنانيين ، وتهجير 250 ألف لبناني إلى خارج بلدهم .
وفي عام 1996 وردا على قيام هذا الحزب بإطلاق بعض القذائف باتجاه مستعمرة ( كريات شمونة ) .. فردت عليه إسرائيل بحرب عرفت باسم (عناقيد الغضب ) نفذت فيها 140 غارة جوية ، قتلت فيها أكثر من مائة لبناني ، وجرحت أكثر من مائتين . ودمرت 212 منزلا ، وأربع مدارس و118 محلا تجاريا . وفي تلك الحرب وقعت ( مجزرة قانا ) التي ذهب فيها 104 مدنيين ، ومئات الجرحى والمعوقين ..
وحزب الله يعتبر كل هذه الخسائر نصرا ، وكل هذا الدمار فوزا ، ويعتبر تهجير مئات الآلاف وترويعهم وتشريدهم لمجرد صاروخين أو ثلاثة ، يطلقها باتجاه إسرائيل ، لا تقتل ولا تجرح ولا تدمر .. يعتبر هذا نصرا ، لأن ذلك يعطيه حق التبجح بالمقاومة ، والمباهاة بالممانعة . ويعطيه شيئا مهما جدا كان يرمي إليه ، ألا وهو احتفاظه بالسلاح من دون بقية الأحزاب في لبنان . استثناء من قرارات اتفاق الطائف ، كما قلنا سابقا ، لضرورة المقاومة والممانعة التي يضطلع بها ( حزب الله ) .
واللافت للنظر حقا ، أنه بعد حرب 2006 تم الاتفاق على التهدئة بين إسرائيل و( حزب الله ) ، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن لم يطلق هذا الحزب طلقة واحدة باتجاه إسرائيل .. وإنما اتجهت فوهات بنادقه ومدافعه باتجاه الداخل اللبناني ، فاجتاح بيروت في : 7 / أيار /2008 فبدأ بإغلاق طريق المطار بيروت ليربط المسالة بالاتحاد العمالي العام ، ثم اجتاح بيروت ، فعاث فيها فسادا ، تكسيرا لواجهات المحلات ، ونهبا لمحتوياتها ، وحرقا ، واعتقالا ، وإذلالاً ، وإهانة لرموز سنية لم يحدث أن أهينت من قبل ، حتى ولا على أيدي السوريين في أحداث الثمانينيات . كما قام عناصر هذا الحزب بتصفية بعض من رماهم الحظ العاثر في طريقهم ... وكان أول ما قام به الحزب ، أن أحرق الهمجُ من عناصره تلفزيون المستقبل ، وصحيفة المستقبل ، واجتاحوا مؤسسة الحريري التعليمية ، وباقي المؤسسات الاجتماعية ، وقصفوا " مشفى المقاصد " واستمر التخريب والإرهاب والقتل والسحل والاعتقال على مدى أربعة أيام ..أثبت فيها ( حزب الله ) أنه قادر على السيطرة على بيروت متى شاء ، وأنه بعد اليوم لن تخرج عن طوعه أبدا .. وقد خطب يومها نصر الله ، وافتخر غاية الافتخار بهذا النصر المؤزر على أبناء وطنه في بيروت ... ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ، وهذا الحزب العميل لإيران هو الآمر الناهي في لبنان ، يتدخل في تشكيل الوزارات وحلها ، ويتدخل في اتخاذ القرارات ونقضها . حتى أسقط هيبة الدولة ومسحها بالتراب .. ولم يعد هنالك دولة اسمها لبنان ..!! وإنما محافظة لدولة الآية ( خامنئي شاه إيران ) .
لقد تم تلميع الحزب بما فيه الكفاية ، وصار بإمكانه أن يمارس عمله الخياني باسم فرض وحدة الصف اللبناني بالقوة .. كما صار بإمكانه اليوم أن يغزو سوريا بذريعة الدفاع عن المقامات الشيعية بالقوة .
فيا أيها السادة القراء ، أخبروني بربكم ، هل هذا ( حزب الله ) أم هو ( حزب الشيطان ) .؟؟؟ أمَّا أنا ، فأبرأ إلى الله أن أسميه ( حزب لله ) .. إنه حزب الشيطان الأكبر . فحزبٌ يقوم عناصره بذبح الأطفال الأبرياء ، وانتهاك أعراض النساء ، وإحراق الناس العزل وهم أحياء .. إن حزبا هذا صنيع عناصره ليس بـ ( حزب الله ) .؟؟
[ أولئك حزب الشيطان ، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون*] ..