فكرة التقارب مع الشيعة جزء من مؤامرة كبرى يخدع بها المغفلون :
بقلم : أبو ياسر السوري
الشعب العربي يقطن أعدل بقاع الأرض مناخا ، وأطيبها أرضا ، وإن اعتدال المناخ ألقى بظلاله على اعتدال المزاج والفكر والأخلاق لديهم . فكانوا من أعدل شعوب الأرض مزاجا ، ومن أعمقها تفكيرا ، ومن أعظمها أخلاقا ..
لم يتمكن الرومان والفرس منهم إلا بإثارة النعرات القبلية ، ونثر بذور الفرقة بينهم .. وإثارة الحروب والثارات ، التي كانت تمتد عشرات السنين .. فقد اقتتلت بكر وتغلب من أجل ناقة البسوس أربعين سنة .. كما اقتتلت عبس وذبيان من أجل سباق بين الخيل حوالي ثلاثين سنة .. مما أضعف شوكة العرب ، ومكن الرومان والفرس من فرض السيطرة عليهم .. فكانت ملوك المناذرة عمالا لأكاسرة الفرس ، كما كانت ملوك الغساسنة عمالا لقياصرة الرومان .
وجاء الإسلام ، فوحد أتباعه تحت راية الدين الحنيف ، وذم الفرقة ، وحارب القبلية كما حارب العنصرية ، ونهى عن الفخر بالآباء ، وجعل معيار الشرف قائما على الفضيلة والطهر النفسي والفكري . قال تعالى :( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال صلى الله عليه وسلم " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ "، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ "
وعنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ . قَال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ ».
وعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ».
وعَنْ أَبِى عُقْبَةَ - وَكَانَ مَوْلًى مِنْ أَهْلِ فَارِسَ - قَالَ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أُحُدًا فَضَرَبْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقُلْتُ خُذْهَا مِنِّى وَأَنَا الْغُلاَمُ الْفَارِسِىُّ فَالْتَفَتَ إِلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « فَهَلاَّ قُلْتَ خُذْهَا مِنِّى وَأَنَا الْغُلاَمُ الأَنْصَارِىُّ ».
لقد اجتمع المسلمون كأقوى ما يكون الاجتماع ، وتآلفوا أشد ما يكون التآلف ، وكانوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . وهذا ما رشحهم لقيادة العالم كله ، ومكنهم من الإطاحة بأكبر قوتين عظميين فارس والروم . في أكبر المعارك خطرا في التاريخ ، القادسية واليرموك . ولم تقم للفرس بعد القادسية قائمة ، ولن يكون لهم مجد يذكر إلى قيام الساعة . كما لم تقم للروم بعد اليرموك قائمة بيننا ، فقد زالوا بعد معركة اليرموك عن بلاد الشام ، ولن يعودوا إلى حكمها حتى قيام الساعة . عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ . قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- « إِذا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ».وأما اليهود ، الذين يدوخون العالم اليوم ، ويتحكمون في مراكز القرار فيه ، أما هؤلاء ، فقد أبرم النبي معهم معاهدة حسن جوار . فنقضوا عهودهم ، فأجلاهم رسول الله عن المدينة . ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن الإسلام سيعم جزيرة العرب كلها ، ولن يبقى فيها مكان لدين آخر . فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ) ولما بلغ عمر هذا الحديث أجلى يهود خيبر ، ويهود فدك ، ويهود نجران جميعا من جزيرة العرب . ولم يبق فيها إلا دين الإسلام . زال اليهود من جزيرة العرب . كما زال سلطان كسرى وقيصر .. وصارت كلمة الله في الأرض كلها هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى ...
ومنذ ذلك الحين ، أخذت الحرب بيننا وبين اليهود والنصارى والمجوس ، سبيل التآمر علينا سرا ، والكيد لنا في الخفاء ، فكانت بدايات تآمرهم علينا ، تلك المؤامرة ، التي قتل فيها عمر على يد أبي لؤلؤة المجوسي .. ثم المؤامرة التي قتل فيها عثمان بتدبير من عبد الله بن سبأ اليهودي . ثم تحالف النصارى واليهود والمجوس ضد المسلمين على مدار التاريخ .. فاجتمع الصليبيون والتتار على غزو المسلمين في أواخر الدولة العباسية ، فسقطت بغداد على أيدي التتار سنة 656 هـ . ثم لم تلبث الخلافة أن عادت على أيدي المجاهدين المسلمين الأتراك .. فدامت الخلافة الإسلامية العثمانية 400 عام .. ثم تكالبت أمم الكفر من كل حدب وصوب على إسقاط هذه الخلافة من جديد ، فتمكنوا من إسقاطها أخيرا بعد الحرب العالمية الأولى .. وبدأ عهد الانحدار إلى القاع ...
وتتالت المآسي على الأمة .. بدءاً من اتفاقية ( سايكس - بيكو ) وتقسيم الوطن العربي إلى دويلات متناحرة .. ومروراً بوعد بلفور وحصول اليهود بموجبه على تأسيس دولة فوق أرض فلسطين .. وما رافق ذلك من قتل للفلسطينيين ، وتشريد في البلاد ، وظلم واضطهاد .
وها نحن اليوم نقف على أعتاب مؤامرة خطيرة، بدأت تتكشف أهدافها للعيان ، إنها تقسيم سوريا ، وتمكين النصيريين من إقامة دويلة فيها ، تكون رديفا للكيان الصهيوني في فلسطين .. ولو حدث هذا – لا سمح الله - فليس ببعيد أن تقوم إيران المجوسية وروسيا الشيوعية بتبنيها ، كما يتبنى الغرب إسرائيل ، وتقومان بإمداد تلك الدويلة النصيرية بالسلاح الفعال ، والصواريخ الفتاكة ، وتكون كالشوكة في خاصرة المسلمين في بلاد الشام ...وكان حسبنا إسرائيل عنصر إزعاج وتهديد في المنطقة العربية . فكيف إذا صارت الدويلة النصيرية رديفا لها :
بُلِيتُ بأقرعٍ فعجزتُ عنهُ : فكيفَ إذا بُليتُ بأقرَعَينِ
إنها مؤامرة خطيرة ... تشترك فيها كافة الدول الكبرى ، كل بطريقته ، والهدفُ واحد بين الجميع .. ولا أدل على ذلك من مواقف هذه الدول جميعا من النظام والثورة السورية .. فروسيا تؤيد النظام جهارا نهارا .. وأمريكا تعارضه جهارا ، وتوافقه إسرارا .. وبريطانيا وفرنسا ، تخدران السوريين بالوعود البراقة ، والتصريحات الموالية للثوار ، ولكنهما تتبادلان الأدوار ، فإحداهما تشد ، والأخرى ترخي ... ولا تقدمان أية مساعدة للسوريين حتى الآن ... بينما كان موقف الجميع مختلفا في مالي .. فقد ذهبت فرنسا بمفردها ، وقضت على الإسلاميين ، وسلمت الحكم للموالين لها ، ثم عادت أدراجها ... فعلت هذا دون موافقة من مجلس الأمن ، ولم ينكر عليها أحد .
أما في سوريا ، فالأمر مختلف جدا .. فإنه لم يبق شيء من الإجرام ضد الإنسانية إلا ارتكبه النظام الأسدي ضد الشعب السوري ، والمجتمع الدولي صامت .. والجامعة العربية صامتة .. ومنظمات الأمم المتحدة تتكلم بلسان العاهرة ، التي تحض على الشرف ... فهي تدعو إلى جمع المساعدات للشعب السوري ، ثم تتلقفها ، وتسلمها لرئيس النظام الذي يقوم بقتل مواطنيه ، بدعوى أن أنظمتها لا تسمح بإدخال معوناتها إلى بلد ما ، إلا بإذن رسمي من حكام ذلك البلد . وكأنه لم يخطر على بال من وضع قوانين هذه المنظمة الدولية ، أن رئيسا يمكن أن يقتل شعبه في يوم ما .!!؟؟
أما حكام العرب فإنهم متلكئون مترددون متخاذلون .. ليس لأحد منهم موقف واحد مشرف ، وإذا كان لبعضهم شيء من الجميل ، فيجب أن نعترف بأن جميلهم بالنسبة للمطلوب ، يظل أقل من القليل .. وحتى الشعوب العربية ، كلها متخاذلة حتى الآن ، فقد كان المطلوب منها أن تخرج إلى الشوارع ، وتجبر حكامها على اتخاذ موقف عربي موحد يضع حدا لهذه المهزلة ، ويوقف استمرار شلال الدم المتدفق كالأنهار ليل نهار ..
منذ أيام وحتى الآن تشاهدون ما يقوم به النصيريون من أعمال الشغب في استنبول وفي غيرها من المدن التركية ، إنهم يتظاهرون نكاية بأردوغان ، لوقوفه مع الشعب السوري السني ، ضد بشار الأسد النصيري ، الذي يبيد المسلمين في سوريا ...
فأهل الباطل يتكاتفون نصرة لباطلهم . وأهل الحق يتخلى بعضهم عن بعض ولا يتناصرون .. واسمحوا لي أن أسأل : ماذا يمكن أن يحدث لشعب عربي خرج يطالب حاكمه برفع القتل عن السوريين ، ومنع إيران من المشاركة في إبادتهم .؟؟ الذين تظاهروا ضد أردوغان ، خرجوا وهم يحملون بأيديهم زجاجات الخمر ، تحديا له لأنه إسلامي .. وإن هؤلاء النصيريين الأتراك يتظاهرون اليوم لسبب تافه ، ومع ذلك لم يخشوا ما يترتب على تظاهرهم من سجن أو اعتقال ..
كما أن الشيعة في العالم كله ، قد أعلنوا النفير العام ، فتداعوا لحربنا من كل مكان ، ووفدوا لقتالنا من اليمن ومن باكستان ومن إيران ومن العراق ولبنان .. وتبرعت شيعة إيران والعراق لبشار النصيري أكثر من 25 مليار دولار .. نقداً وعدّاً .. هذا ما عدا الأسلحة والذخائر وجسور الإمداد المقامة ما بين النظام النصيري ، وشيعة إيران والعراق ولبنان ... ثم إنهم ليتناصرون في المحافل الدولية ، ويصرحون على الملأ بأنهم لن يسمحوا بسقوط النظام ، وهم يقاتلون معه معلنين ..
فلماذا تجبن كل الشعوب العربية عن التظاهر والاستنكار نصرة للسوريين ، الذين تمارس عليهم أبشع الجرائم . لماذا لا تتظاهر الشعوب العربية وتعلن أمام الرأي العام العالمي أنها غاضبة مستنكرة لما يجري في سوريا ؟؟ إن خروج مظاهرات تعم الوطن العربي نصرة لسوريا ، كفيل بأن يعطي حكامهم المبرر للمطالبة بالتدخل لإيقاف هذه المجازر المأساوية .. ولكن الشعوب العربية لم تفعل .. وقادتهم لم تتحرك .. والمجتمع الدولي الضالع في المؤامرة لم يكترث ..
والذي يدمي القلب ، ويذهب بالنفس حسرات ، أن مصر وهي أكبر دولة عربية تعلن بأن وجهة نظرها في الشأن السوري ، متطابقة مع وجهة النظر الإيرانية ، ومنذ سنة وحتى الآن والمساعي قائمة على قدم وساق ، للتقارب الودي ما بين القاهرة وطهران .. ومما يحز في النفس أيضا أن دولة عربية أخرى لا تقل أهمية عن مصر ، تدعو الرئيس الإيراني لحضور مؤتمر التعاون الإسلامي ، وتحتفي به احتفاء منقطع النظير ، وزيادة في الحفاوة والترحيب بهذا الشيعي الوالغ في دماء السوريين . زفت تلك الدولة الشقيقة إلى أحمدي نجاد بشرى سارة بافتتاح مركز للحوار والتقارب بين المذاهب الإسلامية ... ووالله لو جعل العرب أصابعهم شموعا ، وأوقدوها لتضيء الطريق للشيعة ، فلن ترضى عنهم . ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) وقد أمرنا أن نعامل المجوس بسنة أهل الكتاب . لهذا يمكن أن نقول ( ولن يرضى عنا مجوس إيران حتى نخرج من الإسلام ونعبد النار ..) .
بقلم : أبو ياسر السوري
الشعب العربي يقطن أعدل بقاع الأرض مناخا ، وأطيبها أرضا ، وإن اعتدال المناخ ألقى بظلاله على اعتدال المزاج والفكر والأخلاق لديهم . فكانوا من أعدل شعوب الأرض مزاجا ، ومن أعمقها تفكيرا ، ومن أعظمها أخلاقا ..
لم يتمكن الرومان والفرس منهم إلا بإثارة النعرات القبلية ، ونثر بذور الفرقة بينهم .. وإثارة الحروب والثارات ، التي كانت تمتد عشرات السنين .. فقد اقتتلت بكر وتغلب من أجل ناقة البسوس أربعين سنة .. كما اقتتلت عبس وذبيان من أجل سباق بين الخيل حوالي ثلاثين سنة .. مما أضعف شوكة العرب ، ومكن الرومان والفرس من فرض السيطرة عليهم .. فكانت ملوك المناذرة عمالا لأكاسرة الفرس ، كما كانت ملوك الغساسنة عمالا لقياصرة الرومان .
وجاء الإسلام ، فوحد أتباعه تحت راية الدين الحنيف ، وذم الفرقة ، وحارب القبلية كما حارب العنصرية ، ونهى عن الفخر بالآباء ، وجعل معيار الشرف قائما على الفضيلة والطهر النفسي والفكري . قال تعالى :( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال صلى الله عليه وسلم " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ "، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ "
وعنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ . قَال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ ».
وعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ».
وعَنْ أَبِى عُقْبَةَ - وَكَانَ مَوْلًى مِنْ أَهْلِ فَارِسَ - قَالَ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أُحُدًا فَضَرَبْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقُلْتُ خُذْهَا مِنِّى وَأَنَا الْغُلاَمُ الْفَارِسِىُّ فَالْتَفَتَ إِلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « فَهَلاَّ قُلْتَ خُذْهَا مِنِّى وَأَنَا الْغُلاَمُ الأَنْصَارِىُّ ».
لقد اجتمع المسلمون كأقوى ما يكون الاجتماع ، وتآلفوا أشد ما يكون التآلف ، وكانوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . وهذا ما رشحهم لقيادة العالم كله ، ومكنهم من الإطاحة بأكبر قوتين عظميين فارس والروم . في أكبر المعارك خطرا في التاريخ ، القادسية واليرموك . ولم تقم للفرس بعد القادسية قائمة ، ولن يكون لهم مجد يذكر إلى قيام الساعة . كما لم تقم للروم بعد اليرموك قائمة بيننا ، فقد زالوا بعد معركة اليرموك عن بلاد الشام ، ولن يعودوا إلى حكمها حتى قيام الساعة . عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ . قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- « إِذا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ».وأما اليهود ، الذين يدوخون العالم اليوم ، ويتحكمون في مراكز القرار فيه ، أما هؤلاء ، فقد أبرم النبي معهم معاهدة حسن جوار . فنقضوا عهودهم ، فأجلاهم رسول الله عن المدينة . ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن الإسلام سيعم جزيرة العرب كلها ، ولن يبقى فيها مكان لدين آخر . فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ) ولما بلغ عمر هذا الحديث أجلى يهود خيبر ، ويهود فدك ، ويهود نجران جميعا من جزيرة العرب . ولم يبق فيها إلا دين الإسلام . زال اليهود من جزيرة العرب . كما زال سلطان كسرى وقيصر .. وصارت كلمة الله في الأرض كلها هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى ...
ومنذ ذلك الحين ، أخذت الحرب بيننا وبين اليهود والنصارى والمجوس ، سبيل التآمر علينا سرا ، والكيد لنا في الخفاء ، فكانت بدايات تآمرهم علينا ، تلك المؤامرة ، التي قتل فيها عمر على يد أبي لؤلؤة المجوسي .. ثم المؤامرة التي قتل فيها عثمان بتدبير من عبد الله بن سبأ اليهودي . ثم تحالف النصارى واليهود والمجوس ضد المسلمين على مدار التاريخ .. فاجتمع الصليبيون والتتار على غزو المسلمين في أواخر الدولة العباسية ، فسقطت بغداد على أيدي التتار سنة 656 هـ . ثم لم تلبث الخلافة أن عادت على أيدي المجاهدين المسلمين الأتراك .. فدامت الخلافة الإسلامية العثمانية 400 عام .. ثم تكالبت أمم الكفر من كل حدب وصوب على إسقاط هذه الخلافة من جديد ، فتمكنوا من إسقاطها أخيرا بعد الحرب العالمية الأولى .. وبدأ عهد الانحدار إلى القاع ...
وتتالت المآسي على الأمة .. بدءاً من اتفاقية ( سايكس - بيكو ) وتقسيم الوطن العربي إلى دويلات متناحرة .. ومروراً بوعد بلفور وحصول اليهود بموجبه على تأسيس دولة فوق أرض فلسطين .. وما رافق ذلك من قتل للفلسطينيين ، وتشريد في البلاد ، وظلم واضطهاد .
وها نحن اليوم نقف على أعتاب مؤامرة خطيرة، بدأت تتكشف أهدافها للعيان ، إنها تقسيم سوريا ، وتمكين النصيريين من إقامة دويلة فيها ، تكون رديفا للكيان الصهيوني في فلسطين .. ولو حدث هذا – لا سمح الله - فليس ببعيد أن تقوم إيران المجوسية وروسيا الشيوعية بتبنيها ، كما يتبنى الغرب إسرائيل ، وتقومان بإمداد تلك الدويلة النصيرية بالسلاح الفعال ، والصواريخ الفتاكة ، وتكون كالشوكة في خاصرة المسلمين في بلاد الشام ...وكان حسبنا إسرائيل عنصر إزعاج وتهديد في المنطقة العربية . فكيف إذا صارت الدويلة النصيرية رديفا لها :
بُلِيتُ بأقرعٍ فعجزتُ عنهُ : فكيفَ إذا بُليتُ بأقرَعَينِ
إنها مؤامرة خطيرة ... تشترك فيها كافة الدول الكبرى ، كل بطريقته ، والهدفُ واحد بين الجميع .. ولا أدل على ذلك من مواقف هذه الدول جميعا من النظام والثورة السورية .. فروسيا تؤيد النظام جهارا نهارا .. وأمريكا تعارضه جهارا ، وتوافقه إسرارا .. وبريطانيا وفرنسا ، تخدران السوريين بالوعود البراقة ، والتصريحات الموالية للثوار ، ولكنهما تتبادلان الأدوار ، فإحداهما تشد ، والأخرى ترخي ... ولا تقدمان أية مساعدة للسوريين حتى الآن ... بينما كان موقف الجميع مختلفا في مالي .. فقد ذهبت فرنسا بمفردها ، وقضت على الإسلاميين ، وسلمت الحكم للموالين لها ، ثم عادت أدراجها ... فعلت هذا دون موافقة من مجلس الأمن ، ولم ينكر عليها أحد .
أما في سوريا ، فالأمر مختلف جدا .. فإنه لم يبق شيء من الإجرام ضد الإنسانية إلا ارتكبه النظام الأسدي ضد الشعب السوري ، والمجتمع الدولي صامت .. والجامعة العربية صامتة .. ومنظمات الأمم المتحدة تتكلم بلسان العاهرة ، التي تحض على الشرف ... فهي تدعو إلى جمع المساعدات للشعب السوري ، ثم تتلقفها ، وتسلمها لرئيس النظام الذي يقوم بقتل مواطنيه ، بدعوى أن أنظمتها لا تسمح بإدخال معوناتها إلى بلد ما ، إلا بإذن رسمي من حكام ذلك البلد . وكأنه لم يخطر على بال من وضع قوانين هذه المنظمة الدولية ، أن رئيسا يمكن أن يقتل شعبه في يوم ما .!!؟؟
أما حكام العرب فإنهم متلكئون مترددون متخاذلون .. ليس لأحد منهم موقف واحد مشرف ، وإذا كان لبعضهم شيء من الجميل ، فيجب أن نعترف بأن جميلهم بالنسبة للمطلوب ، يظل أقل من القليل .. وحتى الشعوب العربية ، كلها متخاذلة حتى الآن ، فقد كان المطلوب منها أن تخرج إلى الشوارع ، وتجبر حكامها على اتخاذ موقف عربي موحد يضع حدا لهذه المهزلة ، ويوقف استمرار شلال الدم المتدفق كالأنهار ليل نهار ..
منذ أيام وحتى الآن تشاهدون ما يقوم به النصيريون من أعمال الشغب في استنبول وفي غيرها من المدن التركية ، إنهم يتظاهرون نكاية بأردوغان ، لوقوفه مع الشعب السوري السني ، ضد بشار الأسد النصيري ، الذي يبيد المسلمين في سوريا ...
فأهل الباطل يتكاتفون نصرة لباطلهم . وأهل الحق يتخلى بعضهم عن بعض ولا يتناصرون .. واسمحوا لي أن أسأل : ماذا يمكن أن يحدث لشعب عربي خرج يطالب حاكمه برفع القتل عن السوريين ، ومنع إيران من المشاركة في إبادتهم .؟؟ الذين تظاهروا ضد أردوغان ، خرجوا وهم يحملون بأيديهم زجاجات الخمر ، تحديا له لأنه إسلامي .. وإن هؤلاء النصيريين الأتراك يتظاهرون اليوم لسبب تافه ، ومع ذلك لم يخشوا ما يترتب على تظاهرهم من سجن أو اعتقال ..
كما أن الشيعة في العالم كله ، قد أعلنوا النفير العام ، فتداعوا لحربنا من كل مكان ، ووفدوا لقتالنا من اليمن ومن باكستان ومن إيران ومن العراق ولبنان .. وتبرعت شيعة إيران والعراق لبشار النصيري أكثر من 25 مليار دولار .. نقداً وعدّاً .. هذا ما عدا الأسلحة والذخائر وجسور الإمداد المقامة ما بين النظام النصيري ، وشيعة إيران والعراق ولبنان ... ثم إنهم ليتناصرون في المحافل الدولية ، ويصرحون على الملأ بأنهم لن يسمحوا بسقوط النظام ، وهم يقاتلون معه معلنين ..
فلماذا تجبن كل الشعوب العربية عن التظاهر والاستنكار نصرة للسوريين ، الذين تمارس عليهم أبشع الجرائم . لماذا لا تتظاهر الشعوب العربية وتعلن أمام الرأي العام العالمي أنها غاضبة مستنكرة لما يجري في سوريا ؟؟ إن خروج مظاهرات تعم الوطن العربي نصرة لسوريا ، كفيل بأن يعطي حكامهم المبرر للمطالبة بالتدخل لإيقاف هذه المجازر المأساوية .. ولكن الشعوب العربية لم تفعل .. وقادتهم لم تتحرك .. والمجتمع الدولي الضالع في المؤامرة لم يكترث ..
والذي يدمي القلب ، ويذهب بالنفس حسرات ، أن مصر وهي أكبر دولة عربية تعلن بأن وجهة نظرها في الشأن السوري ، متطابقة مع وجهة النظر الإيرانية ، ومنذ سنة وحتى الآن والمساعي قائمة على قدم وساق ، للتقارب الودي ما بين القاهرة وطهران .. ومما يحز في النفس أيضا أن دولة عربية أخرى لا تقل أهمية عن مصر ، تدعو الرئيس الإيراني لحضور مؤتمر التعاون الإسلامي ، وتحتفي به احتفاء منقطع النظير ، وزيادة في الحفاوة والترحيب بهذا الشيعي الوالغ في دماء السوريين . زفت تلك الدولة الشقيقة إلى أحمدي نجاد بشرى سارة بافتتاح مركز للحوار والتقارب بين المذاهب الإسلامية ... ووالله لو جعل العرب أصابعهم شموعا ، وأوقدوها لتضيء الطريق للشيعة ، فلن ترضى عنهم . ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) وقد أمرنا أن نعامل المجوس بسنة أهل الكتاب . لهذا يمكن أن نقول ( ولن يرضى عنا مجوس إيران حتى نخرج من الإسلام ونعبد النار ..) .