حسن نصر الله ودموع التماسيح
محمد فاروق الإمام
سمعت خطاب حسن نصر يوم أمس الجمعة 24 حزيران والذي تكلم فيه عن جواسيس إسرائيل داخل حزبه مقراً بوجود ثلاثة عملاء في صفوف حزبه، الذين وصفهم يوماً بأنهم ملائكة معصومون ولا يمكن أن يزل أحدهم ويكون عميلاً فهذا أبعد ما يكون – بحسب قوله – عن وجود مثل هؤلاء العملاء في صفوف حزبه المحصنين بقيم الفداء والاستشهاد وقد نذروا أنفسهم لها، لأن العمالة والجهاد لا تستقيمان في جوف رجل واحد من رجاله، وبإقراره هذا تراجع كبير عما كان بالأمس القريب يعتبره من المحرمات وجوده في حزبه وبين أفراد ميليشياته، كحال حليفه المقرب ميشيل عون الذي كشفت أجهزة الأمن اللبنانية أن مرافقه الشخصي وصديقه المقرب واحد أهم قادة حركته هو عميل صهيوني رخيص، وقد نكتشف في قابل الأيام، أن هناك العشرات من العملاء في صفوف حزب حسن نصر الله وحركة ميشيل عون لأن الأمن اللبناني لا يزال يحقق في هذه القضايا ويكتشف كل يوم عن سلسلة طويلة من العملاء، ولسوء طالع دعاة المقاومة والممانعة وشركائهم أن كل من اكتشف من عملاء لإسرائيل هم من بين صفوفهم وليسوا من معارضيهم في 14 آذار، الذين يتهمهم حسن نصر الله وميشيل عون وحلفائهم بأنهم عملاء ينفذون أجندة خارجية ويتآمرون على المقاومة.
وما لفت انتباهي في خطاب حسن نصر الله توسله لشباب الثورة السورية أن لا يرفعوا شعار (إسقاط النظام) فإسقاط النظام السوري – كما قال – يشكل أكبر خدمة لإسرائيل وأمريكا والغرب، وإسقاط النظام يعني تفكيك الحلف المقاوم لإسرائيل والمخططات الأمريكية المشكل من (النظام السوري وإيران وحزب حسن نصر الله والمقاومة الفلسطينية)، ويؤكد في خطابه أنه مع النظام السوري وسيقف إلى جانبه حتى النهاية، ولم يذكر لمرة واحدة في خطابه كلمة مواساة لذوي الضحايا الذين سقطوا قتلى على يد شبيحة وأمن النظام السوري وآلة قمعه الرهيبة للمتظاهرين السلميين، الذين وصل عدد الشهداء منهم إلى ما يزيد على 1600 والجرحى أضعاف هذا الرقم والمعتقلون فاقوا الخمسة عشر ألفاً، والفارون إلى دول الجوار أكثر من عشرين ألفاً، وبعد كل هذه الأرقام المرعبة يطلب حسن نصر الله من شباب الانتفاضة بأن لا يقتربوا من النظام السوري فذلك خط أحمر ودماء السوريين عنده دم أزرق غير مأسوف عليها، ولا تستحق التألم لها أو الالتفات إليها أو الحديث عنها.
ولم يتحدث حسن نصر الله ولو تلميحاً عن فساد النظام السوري واستئثاره بالثروة والسلطة، حيث يمسك أربعة من أهل بيت رأس النظام بالمال العام، وتمتلك شركات أربع لرموز النظام بكل خزينة الدولة واستثمارات البلاد، وهذا ما جعل بشار ووزير خارجيته المعلم يتحدثان عن الضائقة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد وتهدد بانهياره عقب العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب وأمريكا عليه، واعتبرها المعلم إعلان حرب.
حسن نصر الله سيعترف - إن آجلاً أو عاجلاً - أن سورية بعد 15 آذار هي غير ما قبل 15 آذار، اليوم المفصلي بين حقبة العبودية والخوف والذل والهوان والاستئثار بالسلطة والثروة، وحقبة الحرية والكرامة والإقدام والشجاعة والإصرار والتغيير.. كذلك حسن نصر الله الذي أدار قبل 15 آذار عقول بعض السوريين وقلوبهم هو غير حسن نصر الله ما بعد 15 آذار شريك قمع النظام السوري وسلخ جلود الثائرين على الظلم والفاشية والنازية والسادية، التي عاشها الشعب السوري لأكثر من أربعين سنة في ظل الأسد الأب والأسد الابن.
حسن نصر الله الذي يطالب اليوم الشعب السوري ويتوسل إليه بعدم إسقاط النظام بحجة أنه نظام ممانع، ويدعي أن في سقوطه خدمة لإسرائيل وأمريكا والغرب وتفكيكاً للحلف المقاوم والممانع، يغاير الحقائق على الأرض، فالنظام السوري لم يكن يوماً مقاوماً أو ممانعاً أو متصدياً للكيان الصهيوني الذي ينعم مستوطنيه في خيرات الجولان وعطاء أرضه، ودون أن نسمع صوت أزيز رصاصة ضالة واحدة تعكر مزاج أو صفو حياة هؤلاء المستوطنين منذ عام 1974 عندما وقع النظام السوري الذي يدعي الصمود والتصدي والممانعة مع الكيان الصهيوني وبرعاية أمريكية لاتفاقية الكيلو 54 التي من ملحقاتها السرية التخلي عن الجولان.
دموع التماسيح التي يذرفها حسن نصر الله على حليفه النظام السوري ويستجدي بها الشعب السوري وثائريه لن تجديه نفعاً ولن تلامس أوبار جلودهم، أو تؤثر من قريب أو بعيد في القرار الذي اتخذه الشعب السوري وثائريه، المتمثل في إسقاط النظام الباغي واقتلاعه من جذوره وتجفيف أصوله ومنابته، والعودة بسورية إلى سابق عهدها منارة للديمقراطية، يتفيأ أهلها بظلال الحرية والتعددية والتداول السلمي للسلطة، في دولة مدنية يختارون أسلوب الحكم فيها وأشخاصها عبر صناديق الاقتراع النزيه والشفاف، دون إقصاء أو تمايز لاعتقاد أو عرق أو دين أو طائفة أو مذهب، فهوية الوطن لكل أبنائه والرقم الوطني من حق الجميع.
محمد فاروق الإمام
سمعت خطاب حسن نصر يوم أمس الجمعة 24 حزيران والذي تكلم فيه عن جواسيس إسرائيل داخل حزبه مقراً بوجود ثلاثة عملاء في صفوف حزبه، الذين وصفهم يوماً بأنهم ملائكة معصومون ولا يمكن أن يزل أحدهم ويكون عميلاً فهذا أبعد ما يكون – بحسب قوله – عن وجود مثل هؤلاء العملاء في صفوف حزبه المحصنين بقيم الفداء والاستشهاد وقد نذروا أنفسهم لها، لأن العمالة والجهاد لا تستقيمان في جوف رجل واحد من رجاله، وبإقراره هذا تراجع كبير عما كان بالأمس القريب يعتبره من المحرمات وجوده في حزبه وبين أفراد ميليشياته، كحال حليفه المقرب ميشيل عون الذي كشفت أجهزة الأمن اللبنانية أن مرافقه الشخصي وصديقه المقرب واحد أهم قادة حركته هو عميل صهيوني رخيص، وقد نكتشف في قابل الأيام، أن هناك العشرات من العملاء في صفوف حزب حسن نصر الله وحركة ميشيل عون لأن الأمن اللبناني لا يزال يحقق في هذه القضايا ويكتشف كل يوم عن سلسلة طويلة من العملاء، ولسوء طالع دعاة المقاومة والممانعة وشركائهم أن كل من اكتشف من عملاء لإسرائيل هم من بين صفوفهم وليسوا من معارضيهم في 14 آذار، الذين يتهمهم حسن نصر الله وميشيل عون وحلفائهم بأنهم عملاء ينفذون أجندة خارجية ويتآمرون على المقاومة.
وما لفت انتباهي في خطاب حسن نصر الله توسله لشباب الثورة السورية أن لا يرفعوا شعار (إسقاط النظام) فإسقاط النظام السوري – كما قال – يشكل أكبر خدمة لإسرائيل وأمريكا والغرب، وإسقاط النظام يعني تفكيك الحلف المقاوم لإسرائيل والمخططات الأمريكية المشكل من (النظام السوري وإيران وحزب حسن نصر الله والمقاومة الفلسطينية)، ويؤكد في خطابه أنه مع النظام السوري وسيقف إلى جانبه حتى النهاية، ولم يذكر لمرة واحدة في خطابه كلمة مواساة لذوي الضحايا الذين سقطوا قتلى على يد شبيحة وأمن النظام السوري وآلة قمعه الرهيبة للمتظاهرين السلميين، الذين وصل عدد الشهداء منهم إلى ما يزيد على 1600 والجرحى أضعاف هذا الرقم والمعتقلون فاقوا الخمسة عشر ألفاً، والفارون إلى دول الجوار أكثر من عشرين ألفاً، وبعد كل هذه الأرقام المرعبة يطلب حسن نصر الله من شباب الانتفاضة بأن لا يقتربوا من النظام السوري فذلك خط أحمر ودماء السوريين عنده دم أزرق غير مأسوف عليها، ولا تستحق التألم لها أو الالتفات إليها أو الحديث عنها.
ولم يتحدث حسن نصر الله ولو تلميحاً عن فساد النظام السوري واستئثاره بالثروة والسلطة، حيث يمسك أربعة من أهل بيت رأس النظام بالمال العام، وتمتلك شركات أربع لرموز النظام بكل خزينة الدولة واستثمارات البلاد، وهذا ما جعل بشار ووزير خارجيته المعلم يتحدثان عن الضائقة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد وتهدد بانهياره عقب العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب وأمريكا عليه، واعتبرها المعلم إعلان حرب.
حسن نصر الله سيعترف - إن آجلاً أو عاجلاً - أن سورية بعد 15 آذار هي غير ما قبل 15 آذار، اليوم المفصلي بين حقبة العبودية والخوف والذل والهوان والاستئثار بالسلطة والثروة، وحقبة الحرية والكرامة والإقدام والشجاعة والإصرار والتغيير.. كذلك حسن نصر الله الذي أدار قبل 15 آذار عقول بعض السوريين وقلوبهم هو غير حسن نصر الله ما بعد 15 آذار شريك قمع النظام السوري وسلخ جلود الثائرين على الظلم والفاشية والنازية والسادية، التي عاشها الشعب السوري لأكثر من أربعين سنة في ظل الأسد الأب والأسد الابن.
حسن نصر الله الذي يطالب اليوم الشعب السوري ويتوسل إليه بعدم إسقاط النظام بحجة أنه نظام ممانع، ويدعي أن في سقوطه خدمة لإسرائيل وأمريكا والغرب وتفكيكاً للحلف المقاوم والممانع، يغاير الحقائق على الأرض، فالنظام السوري لم يكن يوماً مقاوماً أو ممانعاً أو متصدياً للكيان الصهيوني الذي ينعم مستوطنيه في خيرات الجولان وعطاء أرضه، ودون أن نسمع صوت أزيز رصاصة ضالة واحدة تعكر مزاج أو صفو حياة هؤلاء المستوطنين منذ عام 1974 عندما وقع النظام السوري الذي يدعي الصمود والتصدي والممانعة مع الكيان الصهيوني وبرعاية أمريكية لاتفاقية الكيلو 54 التي من ملحقاتها السرية التخلي عن الجولان.
دموع التماسيح التي يذرفها حسن نصر الله على حليفه النظام السوري ويستجدي بها الشعب السوري وثائريه لن تجديه نفعاً ولن تلامس أوبار جلودهم، أو تؤثر من قريب أو بعيد في القرار الذي اتخذه الشعب السوري وثائريه، المتمثل في إسقاط النظام الباغي واقتلاعه من جذوره وتجفيف أصوله ومنابته، والعودة بسورية إلى سابق عهدها منارة للديمقراطية، يتفيأ أهلها بظلال الحرية والتعددية والتداول السلمي للسلطة، في دولة مدنية يختارون أسلوب الحكم فيها وأشخاصها عبر صناديق الاقتراع النزيه والشفاف، دون إقصاء أو تمايز لاعتقاد أو عرق أو دين أو طائفة أو مذهب، فهوية الوطن لكل أبنائه والرقم الوطني من حق الجميع.