المنظمات العربية والإسلامية والدولية ومواقف العار :
بقلم : ابو ياسر السوري
أولا : وقبل الدخول في الموضوع ، لا بد من الإشارة إلى أنه لو كانت هنالك إرادة حقيقية لحل النزاع في الشأن السوري ، لما تأخر سوى أيام قلائل أو اسابيع معدودة ، وانتهى الأمر من دون خسائر تذكر .
فلما قامت الحرب بين إسرائيل ومصر وسوريا والأردن ، وكان التوجه الغربي أن يستمر القتال ودعم إسرائيل ، حتى تمنى الدول العربية أكبر الخسائر ، ثم يكون التفاوض بعدها لصالح إسرائيل .. كان موقف الملك فيصل رحمه الله ، ومعه دول الخليج ، هو الذي غير مجرى الأحداث ، وأجبر الغرب على وقف إطلاق النار ، وفك الاشتباك .
ثانيا : لو كان موقف الجامعة العربية جادا في إنهاء النزاع ، لقامت على الفور بقطع علاقاتها مع النظام السوري ، الذي بدأ بإطلاق النار على شعبه من اليوم الأول للحراك الثوري، وقتل آلاف الأبرياء العزل . ولو لمس الغرب لدى العرب رغبة حقيقية في المحافظة على سوريا من الدمار ، لسارع إلى اتخاذ موقف حاسم ، ولجم الأسد ، كما فعلت أمريكا معه يوم طالبته بالخروج من لبنان خلال 48 ساعة ، فاستجاب بشار يومها ، وخرج من لبنان خلال 24 ساعة فقط .. فالقط يعرف خنّاقه ، وبشار الأسد لا يعصي لأسياده أمرا . ولكن الدول العربية ، كانت ترغب في أن يتمكن الأسد من قمع الحراك الثوري ، لئلا تسري العدوى إلى بلدانهم .
ثالثا : دول الجوار قسمان ، فالعراق ولبنان : يقفان ضد الثورة ، وإن كانا لم يصرحا بذلك إلا مؤخرا . أما الأردن : فهي تتخوف من نجاح الثورة ، ولا يهمها بقاء الأسد أو سقوطه ، وإنما يهمها أن لا تطول الأزمة لئلا تتحمل عباء النازحين إليها جراء الصراع . وأما تركيا : فمن مصلحتها قيام حكم سني مجاور لها ، عن حكم نصيري متعاطف مع إيران العدوة التقليدية لتركيا . ولكن تركيا غير مستعدة لخوض معركة في هذا السبيل .
رابعا : المجتمع الدولي : لا مصلحة له في حل هذا النزاع بسرعة ، وإنما مصلحته في إطالة عمره ما أمكن، وبيان ذلك على النحو التالي :
أ – فإسرائيل : من مصلحتها تدمير سوريا ، بعد سقوط نظام عميل لها ، ولهذا فهي تمني الأسد ببقائه في السلطة ، وتدفعه إلى مزيد من العنف في القمع والإجرام . وهي تعلم أنه يستحيل بقاؤه في السلطة ، وإنما تفعل ذلك لتدمير سوريا .
ب – أمريكا ودول الاتحاد الأوربي : يعتبرون مصلحة إسرائيل ، مصلحة لهم ، لذلك تعلن أمريكا بين حين وآخر أنها لن تتدخل في الشأن السوري ، وتعلن فرنسا وبريطانيا أن الشأن السوري معقد جدا ، ويصعب التدخل فيه .. وقد أوحت هذه التصريحات للأسد أنه يمكنه أن يفعل ما يشاء في معارضيه ، دون حسيب ولا رقيب . ففي كل مرة تضع الدول الكبرى له خطا أحمر ، فيتخطاه الأسد ، فتخترع خطا أحمر آخر ، فيتخطاه .. وهكذا حتى كان استخدام الكيماوي آخر الخطوط ، وها هو الأسد يستخدمه منذ أسابيع وأمريكا وأوربا يعلمون ذلك ولا يفعلون شيئا . وهذا يعني أن الكيماوي قد بات أيضا خطا أخضر .. فهل يعطونه سلاحا ذريا ليقتل به الشعب .؟؟
ج – روسيا والصين : لهما مصلحة في استمرار هذا النزاع ، فهو يؤمن لكل منهما مكاسب مادية لا حصر لها ، وذلك عن طريق بيع روسيا للسلاح الذي يوفر عليها مليارات الدولارات ، أو حصول الصين على البترول من إيران بأسعار رخيصة جدا ، مما يوفر عليها مليارات الدولارات كذلك .
د – إيران : من مصلحة بقاء النظام الذي ركع لها ، وصار ألعوبة بيديها ، وهي ترغب في تنفيذ مشروعها الفارسي ، بقصد الهينمة على المنطقة العربية في آسيا وافريقيا ، تحت غطاء التشيع .. وإسقاط النظام يعطل لها هذا المشروع الاستعماري ، الذي حصلت على ترخيص به من الدول الكبرى ، التي ترغب في دعم إيران المجوسية ذات القناع الشيعي ، لتمكينها من السيطرة على المنطقة العربية ، التي يدين أغلب سكانها بالإسلام السني . لهذا تتدخل إيران تدخلا سافرا ، وتمد النظام السوري بالسلاح والعتاد والذخائر والرجال ، ولا ينكر عليها أحد .!!
هـ - لبنان والعراق : من مصلحة كل منهما أن يبقى الأسد ، الحليف للمالكي ولحزب الشطان في لبنان .. فإن لم يمكن بقاؤه فيجب تقسيم سوريا من وجهة نظرهم ، وإنشاء دويلة علوية برئاسة الأسد ، لئلا ينكسر الهلال الشيعي ( إيران – العراق – لبنان ) الذي تتقنع به إيران في مد نفوذها في المنطقة العربية بكاملها .
و – الدول العربية ودول الجوار : ترى مصلحتها في النأي بالنفس ، لترضى عنها أمريكا والغرب . ولن ترضى أمريكا ولن يرضى الغرب ، ولن ترضى إسرائيل ، إلا بشيء واحد ، هو التخلي عن الإسلام ، والدخول في النصرانية أو اليهودية ، لقوله تعالى ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) .
ولا شك أن هذه المواقف كلها هي خيارات لا أخلاقية ، وهي عار على أصحابها ، ولا يجوز تبريرها بمقولة " السياسة مصالح لا مكان فيها لقيم خلقية ولا لدين . وما قيمة سكان هذا الكوكب إذا باتوا محكومين بأنظمة لا تمت بصلة إلى خلق ولا دين .؟
خامسا : مصلحة الشعب السوري : إسقاط حكم هذه العصابة ، وإنهاء هذه الحقبة المظلمة من تاريخ سوريا . وإقامة حكم ديمقراطي مدني ينعم فيه جميع السوريين بالحرية والكرامة والمساواة .. وإقامة علاقات ودية مع دول الجوار ، وسائر الدول العربية ، بعيدا عن سياسة الغدر والتآمر والإجرام ، التي يقوم عليها حكم العصابة الأسدية . ولو أحسن العرب تقدير الموقف ، لما سمحوا لهذا الحراك أن يتحول إلى أزمة ، ولما تعاملوا معها بعد ذلك على طريقة ( إدارة الأزمة ) وليس بطريقة (إنهائها). أما وقد وقع ما وقع ، ودفع الشعب السوري التكلفة من دمه وأشلائه ودمار كل شيء في وطنه ، فما بقي لديه ما يخسره ، وعليه أن لا يتراجع عن كامل مطالبه ، مهما بلغت الخسائر والتضحيات ... لأنه إذا أصر على نيل مطالبه كاملة ، وصبر وصابر من أجلها لينتصرن ، وليفوزن فوزا عظيما . ولئن تراجع وضعف ليخسرن أضعاف ما خسر .. فيا أيها السوريون الأحرار ، عليكم أن تستمروا .. فإذا عظم المطلوب قل المساعد ، وإذا عظمت الأهداف تضاعفت التضحيات .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الأحد مارس 06, 2016 10:29 pm عدل 3 مرات