كيف قام (الأسد الأب) بعملية (علونة) سورية. طريف يوسف آغا
Posted: 08 Apr 2013 07:32 AM PDT
كيف قام (الأسد الأب) بعملية (علونة) سورية
والحاضر يعلم الغائب
ظهر (الأسد الابن) أول أمس في مقابلة مع محطة وصحيفة تركيتين معارضتين لسياسة (أردوغان) الهدف منها إثبات أنه حي يرزق، بعكس الشائعات التي انتشرت مؤخراً عن اغتياله. ولكنه هدف أيضاً لكسب تلك المعارضة بعد فقدانه ورقة حزب العمال الكردستاني مؤخراً عبر الاتفاق الذي تم بين زعيمه (أوجلان) وبين الحكومة التركية لرمي السلاح وإطلاق عملية سلام سياسية بينهما. مالفت نظري في تلك المقابلة لم يكن بالتأكيد المحاضرة التي ألقاها حول (أصول التربية)، بل السؤال الذي تم طرحه عليه في نهايتها وهو كيف يرد على من يتهمونه هو ووالده من قبله بحكم سورية بواسطة طائفته (العلوية) وتهميش (الأكثرية السنية). طبعاً أجاب الرجل كالعادة على السؤال بمجموعة من الشعارات والأكاذيب التي تدعو للضحك والشفقة في آن واحد، ولهذا رأيت أن من واجبي وضع النقاط على الحروف والاجابة على السؤال بدلاً عنه.
حين قام (الأسد الأب) بانقلابه عام 1970، كان يعرف أن مهمته بحكم سورية لن تكون سهلة، كونه يعرف أن طائفته (العلوية) لم تكن في يوم محبوبة من بقية أبناء الشعب وخاصة الأغلبية السنية منه. ومعرفته هذه ليست فقط بسبب تعاون طائفته تلك مع كل غزو أجنبي لسورية، وآخره الانتداب الفرنسي، ولكن أيضاً بسبب التنكيل بالشعب السوري الذي جرى بعد ذلك خلال الحكم الذي سبقه والذي كان فيه هو مع صديقيه العلويين اللوائين (صلاح جديد) و(محمد ناصر) على رأسه في ماكان يسمى حينها (لجنة الثلاثة). وكان يعرف أيضاً أن مسرحية (حرب تشرين) لن تضمن له الشعبية لفترة طويلة في الحكم، لكل هذا رأى (بذكائه المحدود) وبسبب عدم قرائته للتاريخ، أن عملية (علونة) سورية، أي جعلها مستعمرة علوية، هي الحل. فكيف حصل ذلك، وماذا كانت النتيجة؟
حين وصل الرجل إلى الحكم، كانت نسبة العلويين في الجيش تفوق بكثير نسبة طائفتهم لبقية الشعب. وهذا أمر غاب عن رؤية القادة السياسيين والعسكريين قبل انقلاب 8 آذار 1963 من جهة، ولاقى دعماً داخلياً وخارجياً بعد ذلك الانقلاب الذي أتى بحزب البعث المتشدق بالعلمانية إلى الحكم. وقد شرحت في مقال سابق كيف لعبت (فرنسا) دور عراب تأسيس (الدولة العلوية) على كامل سورية، كما لعبت (بريطانيا) دور عراب تأسيس (الدولة اليهودية) على كامل فلسطين، لتلعب هاتان الدولتان دور العدوتين ظاهرياً والحليفتين باطنياً. كما سبق وقلت أيضاً أن حزب البعث إنما هو منتج فرنسي بامتياز ولكن باسم سوري تم استعماله كحصان طروادة لايصال العلويين إلى الحكم عبر مرحلتين أو ثلاث توجت بما يسمى (الحركة التصحيحية).
بدأ (الأسد الأب) بعملية (علونة) الجيش والأمن أولاً، وأتم ذلك خلال فترة قصيرة، فما عدت ترى أي ضابط في أي مركز عسكري أو أمني حساس من خارج الطائفة، وإن وجد فيكون (شيعياً) لارضاء حليفته (إيران). وطبعاً لم ينس بعض الضباط من بقية الأقليات مثل المسيحيين والدروز وغيرها ليتشدق كما قلت بأنه نظام علماني يحمي الأقليات ويشركها في الحكم. وقد وضع نصب عينيه هدفاً رئيسياً هو تهميش (الأغلبية السنية) حتى بات ذلك ملفتاً للنظر لدرجة أنه أصبح موضوعاً للتندر والفكاهة. فلم يبق هناك أي مركز يوصف شاغله بأنه (رجل كرسي) إلا وتم منحه لشخص سني، وحتى في هذه الحالة، فيجب أن يكون (معاونه) علوياً يلازمه كظله ويحصي عليه أنفاسه.
وماقام به (الأسد الأب) في الجيش والأجهزة الأمنية، قام أيضاً بنسخه في الوزارات والجامعات والمدارس ومؤسسات القطاع العام والمعامل والمزارع الحكومية. وأخيراً وليس آخراً، في حقل الإعلام من إذاعة وتلفزيون وصحف ومجلات، وأيضاً في مجال الفن من سينما ومسرح ومسلسلات. فصرت ترى الأسماء العلوية، التي لم يعد يجهلها أحد، تنتشر في كل مفاصل الدولة والمجتمع السوري انتشار النار في الهشيم، وكأنه لم يعد هناك من الشعب السوري من لديه الكفاءات لشغل المناصب القيادية الحساسة غير أبناء هذه الطائفة، مطبقين بذلك المثل الشعبي القائل (خرطهم الخراط وقلب ومات). فالرئيس هو (الأسد) وأهم القادة العسكريين والأمنيين هم من عائلة (الأسد) أو ممن يقربون لها مثل عائلات مخلوف وشاليش وخير بيك، أو عائلات علوية مقربة مثل ناصيف ودوبا وكنعان وحيدر وفياض والخولي وأصلان. أما إذا انتقلت إلى أماكن أقل أهمية أمنياً، فتجد عائلات مثل العلي والحسن وخضر وخضور وديب وديوب وصقر وصقور ونعامة وسلامة وسلمان وخليل وجبور وابراهيم وناصر والمرشد والأحمد والجهني وغيرهم، وإذا راقبت الأسماء التي تعرض على الشاشة في نهاية المسلسلات أو البرامج التلفزيونية لتبين ذلك. وقد أصبحت بعض هذه الأسماء العلوية في عهدي (الأسد الأب) و(الابن) وعلى مدى أربعة عقود مرادفة للاعتقال والتعذيب والاغتصاب والموت، والبعض الآخر منها مرادفة للصوصية والوصولية والابتزاز والتسلط.
كان هدف عائلة (الأسد) من ذلك هو إفهام الشعب، وخاصة الأغلبية السنية، أن حكم العلويين لسورية هو قدرها، وأن (الأسد سيحكم البلد لولد الولد)، وأن (الأسد أو نحرق البلد). وطبعاً فقد برهنوا تلك الشعارات من خلال المجازر التي ارتكبوها في الماضي وخاصة مجزرة حماة عام 1982 التي صمت العالم كله عنها، والصمت عادة علامة الرضا، وأيضاً من خلال المجازر التي يرتكبوها حالياً منذ بداية الثورة قبل سنتين، والتي مازال العالم صامتاً، وبالتالي راضياً، عنها. كل هذا دفع بالشعب السوري أخيراً إلى الثورة، وخاصة بعد أن فهم أن هناك مشروعاً آخر يمشي بالتوازي مع مشروع (علونة سورية) وهو (المشروع الصفوي) لتشييع سورية على الطريقة العراقية. هذا المشروع الذي كان خجولاً ومتستراً في عهد (الأسد الأب)، وأصبح وقحاً وعلى المكشوف في عهد (الابن)، لاشك بأنه يلقى موافقة إسرائيل (وبالتالي الغرب والشرق) كونها ترى فيه خط دفاع أول عنها أمام (المحيط السني) الذي تقع في وسطه، ومايقال غير ذلك في الإعلام لايقدم ولايؤخر.
إن السياسة (الأسدية) والمباركة الدولية لها، جعل من الطائفة العلوية (الغير محبوبة أصلاً) رأس حربة وفي الصف الأول في مواجهة الشعب السوري الذي ذاق منها الويلات قديماً ولاحقاً وحاضراً. وهذا بالتحديد مايجعلها اليوم في الصف الأول في مواجهة انتقام الشعب ودفع حياة أبنائها للدفاع عن النظام، وإذا كان هناك من ستلومه الطائفة على ذلك، فيمكنها أن تبدأ بنفسها لأنها وافقت أن تكون رأس الحربة في خاصرة الشعب لأربعة عقود. ويمكنها أيضاً أن تلوم رئيسها (المفدى) وابنه من بعده اللذان استعملاها لجلد الشعب والتنكيل به، فهما من أوصلاها اليوم بأيديهما وبأيدي وجهائها (إذا كان عندها وجهاء) إلى منصة الاعدام التي نراهم كل يوم يقفون بالدور أمامها ويخرجون جثثاً من الطرف الآخر. فهي من سارت خلف هؤلاء القادة برغبتها وحقدها حيناً وبسذاجتها أو بغبائها حيناً آخر، والسذاجة أو الغباء لايسقطان الجريمة عن المجرم.
إن الأصوات المعدودة التي نسمعها من الطائفة من هنا وهناك، كتلك التي عقدت مؤتمراً في القاهرة مؤخراً، والتي عارضت وتعارض مشروع الأسد، وقتلت أو سجنت أو نكل بها بسبب ذلك، فتكاد تكون غير مرئية لقلة عددها. وهذه الأصوات المعدودة في كافة الأحوال لن تشفع إلا لنفسها، وليس لأكثرية الطائفة التي نراها اليوم ماتزال مصطفة حول النظام أو صامتة عنه، فالصمت علامة الرضا كما قلنا، وستكمل هذه الأكثرية عملية دفع ثمن جرائمها غير منقوص بعد انتصار الثورة. وسيدفع معهم ثمن تلك الجرائم من شاركهم فيها ودعمهم في الماضي والحاضر من بقية الأقليات، وأيضاً من الأغبية السنية وخاصة من تجار دمشق وحلب وأيضاً أصحاب المصالح والسذج، والذين لولا دعمهم وشراكتهم لهذا النظام المتغول لما وصلنا اليوم إلى ماوصلنا إليه. الآن تمت الاجابة على سؤال المحطة والصحيفة التركيتين في مقابلة أول أمس، والحاضر يعلم الغائب.
***
بقلم: طريف يوسف آغا
Posted: 08 Apr 2013 07:32 AM PDT
كيف قام (الأسد الأب) بعملية (علونة) سورية
والحاضر يعلم الغائب
ظهر (الأسد الابن) أول أمس في مقابلة مع محطة وصحيفة تركيتين معارضتين لسياسة (أردوغان) الهدف منها إثبات أنه حي يرزق، بعكس الشائعات التي انتشرت مؤخراً عن اغتياله. ولكنه هدف أيضاً لكسب تلك المعارضة بعد فقدانه ورقة حزب العمال الكردستاني مؤخراً عبر الاتفاق الذي تم بين زعيمه (أوجلان) وبين الحكومة التركية لرمي السلاح وإطلاق عملية سلام سياسية بينهما. مالفت نظري في تلك المقابلة لم يكن بالتأكيد المحاضرة التي ألقاها حول (أصول التربية)، بل السؤال الذي تم طرحه عليه في نهايتها وهو كيف يرد على من يتهمونه هو ووالده من قبله بحكم سورية بواسطة طائفته (العلوية) وتهميش (الأكثرية السنية). طبعاً أجاب الرجل كالعادة على السؤال بمجموعة من الشعارات والأكاذيب التي تدعو للضحك والشفقة في آن واحد، ولهذا رأيت أن من واجبي وضع النقاط على الحروف والاجابة على السؤال بدلاً عنه.
حين قام (الأسد الأب) بانقلابه عام 1970، كان يعرف أن مهمته بحكم سورية لن تكون سهلة، كونه يعرف أن طائفته (العلوية) لم تكن في يوم محبوبة من بقية أبناء الشعب وخاصة الأغلبية السنية منه. ومعرفته هذه ليست فقط بسبب تعاون طائفته تلك مع كل غزو أجنبي لسورية، وآخره الانتداب الفرنسي، ولكن أيضاً بسبب التنكيل بالشعب السوري الذي جرى بعد ذلك خلال الحكم الذي سبقه والذي كان فيه هو مع صديقيه العلويين اللوائين (صلاح جديد) و(محمد ناصر) على رأسه في ماكان يسمى حينها (لجنة الثلاثة). وكان يعرف أيضاً أن مسرحية (حرب تشرين) لن تضمن له الشعبية لفترة طويلة في الحكم، لكل هذا رأى (بذكائه المحدود) وبسبب عدم قرائته للتاريخ، أن عملية (علونة) سورية، أي جعلها مستعمرة علوية، هي الحل. فكيف حصل ذلك، وماذا كانت النتيجة؟
حين وصل الرجل إلى الحكم، كانت نسبة العلويين في الجيش تفوق بكثير نسبة طائفتهم لبقية الشعب. وهذا أمر غاب عن رؤية القادة السياسيين والعسكريين قبل انقلاب 8 آذار 1963 من جهة، ولاقى دعماً داخلياً وخارجياً بعد ذلك الانقلاب الذي أتى بحزب البعث المتشدق بالعلمانية إلى الحكم. وقد شرحت في مقال سابق كيف لعبت (فرنسا) دور عراب تأسيس (الدولة العلوية) على كامل سورية، كما لعبت (بريطانيا) دور عراب تأسيس (الدولة اليهودية) على كامل فلسطين، لتلعب هاتان الدولتان دور العدوتين ظاهرياً والحليفتين باطنياً. كما سبق وقلت أيضاً أن حزب البعث إنما هو منتج فرنسي بامتياز ولكن باسم سوري تم استعماله كحصان طروادة لايصال العلويين إلى الحكم عبر مرحلتين أو ثلاث توجت بما يسمى (الحركة التصحيحية).
بدأ (الأسد الأب) بعملية (علونة) الجيش والأمن أولاً، وأتم ذلك خلال فترة قصيرة، فما عدت ترى أي ضابط في أي مركز عسكري أو أمني حساس من خارج الطائفة، وإن وجد فيكون (شيعياً) لارضاء حليفته (إيران). وطبعاً لم ينس بعض الضباط من بقية الأقليات مثل المسيحيين والدروز وغيرها ليتشدق كما قلت بأنه نظام علماني يحمي الأقليات ويشركها في الحكم. وقد وضع نصب عينيه هدفاً رئيسياً هو تهميش (الأغلبية السنية) حتى بات ذلك ملفتاً للنظر لدرجة أنه أصبح موضوعاً للتندر والفكاهة. فلم يبق هناك أي مركز يوصف شاغله بأنه (رجل كرسي) إلا وتم منحه لشخص سني، وحتى في هذه الحالة، فيجب أن يكون (معاونه) علوياً يلازمه كظله ويحصي عليه أنفاسه.
وماقام به (الأسد الأب) في الجيش والأجهزة الأمنية، قام أيضاً بنسخه في الوزارات والجامعات والمدارس ومؤسسات القطاع العام والمعامل والمزارع الحكومية. وأخيراً وليس آخراً، في حقل الإعلام من إذاعة وتلفزيون وصحف ومجلات، وأيضاً في مجال الفن من سينما ومسرح ومسلسلات. فصرت ترى الأسماء العلوية، التي لم يعد يجهلها أحد، تنتشر في كل مفاصل الدولة والمجتمع السوري انتشار النار في الهشيم، وكأنه لم يعد هناك من الشعب السوري من لديه الكفاءات لشغل المناصب القيادية الحساسة غير أبناء هذه الطائفة، مطبقين بذلك المثل الشعبي القائل (خرطهم الخراط وقلب ومات). فالرئيس هو (الأسد) وأهم القادة العسكريين والأمنيين هم من عائلة (الأسد) أو ممن يقربون لها مثل عائلات مخلوف وشاليش وخير بيك، أو عائلات علوية مقربة مثل ناصيف ودوبا وكنعان وحيدر وفياض والخولي وأصلان. أما إذا انتقلت إلى أماكن أقل أهمية أمنياً، فتجد عائلات مثل العلي والحسن وخضر وخضور وديب وديوب وصقر وصقور ونعامة وسلامة وسلمان وخليل وجبور وابراهيم وناصر والمرشد والأحمد والجهني وغيرهم، وإذا راقبت الأسماء التي تعرض على الشاشة في نهاية المسلسلات أو البرامج التلفزيونية لتبين ذلك. وقد أصبحت بعض هذه الأسماء العلوية في عهدي (الأسد الأب) و(الابن) وعلى مدى أربعة عقود مرادفة للاعتقال والتعذيب والاغتصاب والموت، والبعض الآخر منها مرادفة للصوصية والوصولية والابتزاز والتسلط.
كان هدف عائلة (الأسد) من ذلك هو إفهام الشعب، وخاصة الأغلبية السنية، أن حكم العلويين لسورية هو قدرها، وأن (الأسد سيحكم البلد لولد الولد)، وأن (الأسد أو نحرق البلد). وطبعاً فقد برهنوا تلك الشعارات من خلال المجازر التي ارتكبوها في الماضي وخاصة مجزرة حماة عام 1982 التي صمت العالم كله عنها، والصمت عادة علامة الرضا، وأيضاً من خلال المجازر التي يرتكبوها حالياً منذ بداية الثورة قبل سنتين، والتي مازال العالم صامتاً، وبالتالي راضياً، عنها. كل هذا دفع بالشعب السوري أخيراً إلى الثورة، وخاصة بعد أن فهم أن هناك مشروعاً آخر يمشي بالتوازي مع مشروع (علونة سورية) وهو (المشروع الصفوي) لتشييع سورية على الطريقة العراقية. هذا المشروع الذي كان خجولاً ومتستراً في عهد (الأسد الأب)، وأصبح وقحاً وعلى المكشوف في عهد (الابن)، لاشك بأنه يلقى موافقة إسرائيل (وبالتالي الغرب والشرق) كونها ترى فيه خط دفاع أول عنها أمام (المحيط السني) الذي تقع في وسطه، ومايقال غير ذلك في الإعلام لايقدم ولايؤخر.
إن السياسة (الأسدية) والمباركة الدولية لها، جعل من الطائفة العلوية (الغير محبوبة أصلاً) رأس حربة وفي الصف الأول في مواجهة الشعب السوري الذي ذاق منها الويلات قديماً ولاحقاً وحاضراً. وهذا بالتحديد مايجعلها اليوم في الصف الأول في مواجهة انتقام الشعب ودفع حياة أبنائها للدفاع عن النظام، وإذا كان هناك من ستلومه الطائفة على ذلك، فيمكنها أن تبدأ بنفسها لأنها وافقت أن تكون رأس الحربة في خاصرة الشعب لأربعة عقود. ويمكنها أيضاً أن تلوم رئيسها (المفدى) وابنه من بعده اللذان استعملاها لجلد الشعب والتنكيل به، فهما من أوصلاها اليوم بأيديهما وبأيدي وجهائها (إذا كان عندها وجهاء) إلى منصة الاعدام التي نراهم كل يوم يقفون بالدور أمامها ويخرجون جثثاً من الطرف الآخر. فهي من سارت خلف هؤلاء القادة برغبتها وحقدها حيناً وبسذاجتها أو بغبائها حيناً آخر، والسذاجة أو الغباء لايسقطان الجريمة عن المجرم.
إن الأصوات المعدودة التي نسمعها من الطائفة من هنا وهناك، كتلك التي عقدت مؤتمراً في القاهرة مؤخراً، والتي عارضت وتعارض مشروع الأسد، وقتلت أو سجنت أو نكل بها بسبب ذلك، فتكاد تكون غير مرئية لقلة عددها. وهذه الأصوات المعدودة في كافة الأحوال لن تشفع إلا لنفسها، وليس لأكثرية الطائفة التي نراها اليوم ماتزال مصطفة حول النظام أو صامتة عنه، فالصمت علامة الرضا كما قلنا، وستكمل هذه الأكثرية عملية دفع ثمن جرائمها غير منقوص بعد انتصار الثورة. وسيدفع معهم ثمن تلك الجرائم من شاركهم فيها ودعمهم في الماضي والحاضر من بقية الأقليات، وأيضاً من الأغبية السنية وخاصة من تجار دمشق وحلب وأيضاً أصحاب المصالح والسذج، والذين لولا دعمهم وشراكتهم لهذا النظام المتغول لما وصلنا اليوم إلى ماوصلنا إليه. الآن تمت الاجابة على سؤال المحطة والصحيفة التركيتين في مقابلة أول أمس، والحاضر يعلم الغائب.
***
بقلم: طريف يوسف آغا