ليسوا أرقاما -8-
الشهيد البطل فرحان عز الدين (أبو شجاع )
في الشقة التي سكن فيها مؤخرا في حي الخالدية بعد خروجه وعائلته من حي البياضة إثر احتلال عصابات النظام له..
جلس أبو شجاع بين أفراد عائلته وفي داخله سعادة غامرة ...
فلقد كان خبر تقدم إخوانه الثوار باتجاه حي البياضة لتحريره وكسر الحصار عن حمص كفيلا بأن يبدد جميع أحزانه وأن يجعل روحه ترقص فرحا وطربا...
كان ينظر إلى قدمه التي أصيبت قبل عدة أيامه ويحاول أن ينزع قطعة الشاش التي لفت عليها ليثبت لنفسه بأنه على أتم استعداد لمشاركة رفاقه في المعركة التي ستبدأ بعد ساعات ...ّ
أتاه صوت زوجته تناديه :
- أبو شجاع قدمك لم تشفى تماما بعد ..وأنت معذور إذا لم تخرج في هذه المعركة ..فهلا تمهلت قليلا ؟؟
- لا ..لا أنا بخير ولا أستطيع أن أتخيل نفسي وقد تغيبت عن مثل هذه المعركة التي انتظرتها طويلا ..
قالها بتحد وعزيمةجبارة ثم قبل أطفاله الثلاثة الصغار وطفلته الصغيرة وصافح شقيقه الوحيد مودعا ...
و سار بخطوات واثقة بهمة أهل العزم التي لا يعرفها إلا الأبطال أمثاله ..
تجمع عدد كبير من الثوار على طرف شارع القاهرة استعدادا لاجتيازه وصولا إلى حي البياضة لتحريره وكان أبو شجاع يصول ويجول بحماسة في مقدمة الصفوف ..
وكان من الواجب أن يقوم عدد قليل منهم باجتياز الشارع الخطير الذي يطل عليه قناص من قناصة جيش النظام قبل البقية للتأكد من إمكانية عبوره....
وبالطبع كان أبو شجاع أول المتطوعين هووالساروت وثلاثة آخرون ...
راحوا ذهابا وإيابا ودخل علينا بعدها أبو شجاع بوجه ضاحك وروح قد فاضت أملا واستبشارا ...
كنت أتأمل ذلك الرجل بعوده النحيل وشجاعته اللا متناهية وأرى كيف ينشر بعفويته وبسماته الأمل بين الشباب فيرفع هممهم ويضخ دماء العزيمة في عروقهم...
حالة من الاطمئنان الخاشع وثقة بالنفس ليس لها لها حدود تسري في أوصالك وأنت ترى رجالا يقبلون على الموت ببسالة وقد تركوا دنياهم خلفهم واتصلت قلوبهم برب الأرض والسماء..
بعد لحظات بدأ المجاهدون بالتسلل إلى داخل حي البياضة تباعا وسيطروا على عدة أبنية وتمركزوا فيها خلال ساعات معدودة ...
وخلال هذه الفترة كان أبو شجاع قد جهز بعض الذخيرة لإدخالها إلى الشباب وتطوع أحمد أحد شباب مجموعته ليقوم بنقلها إليهم فحملها على ظهره وراح يركض بها وبعد أن اجتاز نصف المسافة تنبه له القناص فأطلق عدة رصاصات أصيب أحمد بواحدة منهن ولكنه أكمل المسير باتجاه رفاقه الذين سبقوه إلى داخل الحي المحتل وكانت إصابته بسيطة ..
حيث اطمئن أبو شجاع على صحة أحمد عبر جهاز اللاسلكي وبدأ بعد ساعات يعد نفسه لإيصال كمية جديدة من الذخيرة للشباب ومشاركتهم التقدم قبل أن يتأزم موقفهم حيث أن قوات النظام بدأت تحاصرهم وباتوا بحاجة ملحة للذخيرة وكان هذا كله سببا كافيا لأن يحاول مساعدة أخوانه ولو كلفه ذلك حياته ...
وبعزيمة الجبابرة انتظر قليلا حتى يخيم سواد الليل على المكان ثم حمل كمية من الذخيرة على ظهره وأقبل على تلك الخطوة وهو يعلم تماما حجم المخاطرة فيها ...
كان الموقف بحاجة إلى رجل ليس كالرجال وإلى مغوار يخاطر بنفسه بكل جرأة وإقدام
ووجدت هذه الصفات كلها في ذلك الشخص الذي أيقنت بعد هذا كله أنه ما نال لقبه عبثا بل كان كان له من اسمه نصيب وأيما نصيب ...
حزم الليث المجاهد أغراضه وركض بخطوات سريعة للوصول إلى الضفة الأخرى من شارع القاهرة إلا أن منيته وعرس شهادته كان أقرب إليه وأسرع ..
فتمكن القناص الغادر الذي استخدم منظارا ليليلا في وقتها من إصابة بطلنا في رأسه إصابة مباشرة ليسقط معها مجندلا وعينه ترمق حيه الذي فارقه قبل فترة قريبة
وحدثته نفسه قبل الوداع عن ثقة كبيرة بمن بقي من إخوانه المجاهدين فارتسمت على الوجه الصافي ابتسامة عذبة لا توحي لك إلا بأنه أراد أن يطمئن أحبابه وما أكثرهم بأنه قد بات في ضيافة أكرم الأكرمين ...
وتمكن الشباب من سحبه وقد فارق الحياة
وملامحه الهادئة الجميلة تبدو ..وكأنها تأخذ عهدا على الرفاق بأن يكملوا المسير في درب الثورة ويمضوا قدما نحو الأمام
مذكرة إياهم بأن طريقنا هذا إنما هو جهاد ...
فإما نصــر ...وإما استشهاد
أنور أبو الوليــد
28-1-2012
حمص المحاصرة
الشهيد البطل فرحان عز الدين (أبو شجاع )
في الشقة التي سكن فيها مؤخرا في حي الخالدية بعد خروجه وعائلته من حي البياضة إثر احتلال عصابات النظام له..
جلس أبو شجاع بين أفراد عائلته وفي داخله سعادة غامرة ...
فلقد كان خبر تقدم إخوانه الثوار باتجاه حي البياضة لتحريره وكسر الحصار عن حمص كفيلا بأن يبدد جميع أحزانه وأن يجعل روحه ترقص فرحا وطربا...
كان ينظر إلى قدمه التي أصيبت قبل عدة أيامه ويحاول أن ينزع قطعة الشاش التي لفت عليها ليثبت لنفسه بأنه على أتم استعداد لمشاركة رفاقه في المعركة التي ستبدأ بعد ساعات ...ّ
أتاه صوت زوجته تناديه :
- أبو شجاع قدمك لم تشفى تماما بعد ..وأنت معذور إذا لم تخرج في هذه المعركة ..فهلا تمهلت قليلا ؟؟
- لا ..لا أنا بخير ولا أستطيع أن أتخيل نفسي وقد تغيبت عن مثل هذه المعركة التي انتظرتها طويلا ..
قالها بتحد وعزيمةجبارة ثم قبل أطفاله الثلاثة الصغار وطفلته الصغيرة وصافح شقيقه الوحيد مودعا ...
و سار بخطوات واثقة بهمة أهل العزم التي لا يعرفها إلا الأبطال أمثاله ..
تجمع عدد كبير من الثوار على طرف شارع القاهرة استعدادا لاجتيازه وصولا إلى حي البياضة لتحريره وكان أبو شجاع يصول ويجول بحماسة في مقدمة الصفوف ..
وكان من الواجب أن يقوم عدد قليل منهم باجتياز الشارع الخطير الذي يطل عليه قناص من قناصة جيش النظام قبل البقية للتأكد من إمكانية عبوره....
وبالطبع كان أبو شجاع أول المتطوعين هووالساروت وثلاثة آخرون ...
راحوا ذهابا وإيابا ودخل علينا بعدها أبو شجاع بوجه ضاحك وروح قد فاضت أملا واستبشارا ...
كنت أتأمل ذلك الرجل بعوده النحيل وشجاعته اللا متناهية وأرى كيف ينشر بعفويته وبسماته الأمل بين الشباب فيرفع هممهم ويضخ دماء العزيمة في عروقهم...
حالة من الاطمئنان الخاشع وثقة بالنفس ليس لها لها حدود تسري في أوصالك وأنت ترى رجالا يقبلون على الموت ببسالة وقد تركوا دنياهم خلفهم واتصلت قلوبهم برب الأرض والسماء..
بعد لحظات بدأ المجاهدون بالتسلل إلى داخل حي البياضة تباعا وسيطروا على عدة أبنية وتمركزوا فيها خلال ساعات معدودة ...
وخلال هذه الفترة كان أبو شجاع قد جهز بعض الذخيرة لإدخالها إلى الشباب وتطوع أحمد أحد شباب مجموعته ليقوم بنقلها إليهم فحملها على ظهره وراح يركض بها وبعد أن اجتاز نصف المسافة تنبه له القناص فأطلق عدة رصاصات أصيب أحمد بواحدة منهن ولكنه أكمل المسير باتجاه رفاقه الذين سبقوه إلى داخل الحي المحتل وكانت إصابته بسيطة ..
حيث اطمئن أبو شجاع على صحة أحمد عبر جهاز اللاسلكي وبدأ بعد ساعات يعد نفسه لإيصال كمية جديدة من الذخيرة للشباب ومشاركتهم التقدم قبل أن يتأزم موقفهم حيث أن قوات النظام بدأت تحاصرهم وباتوا بحاجة ملحة للذخيرة وكان هذا كله سببا كافيا لأن يحاول مساعدة أخوانه ولو كلفه ذلك حياته ...
وبعزيمة الجبابرة انتظر قليلا حتى يخيم سواد الليل على المكان ثم حمل كمية من الذخيرة على ظهره وأقبل على تلك الخطوة وهو يعلم تماما حجم المخاطرة فيها ...
كان الموقف بحاجة إلى رجل ليس كالرجال وإلى مغوار يخاطر بنفسه بكل جرأة وإقدام
ووجدت هذه الصفات كلها في ذلك الشخص الذي أيقنت بعد هذا كله أنه ما نال لقبه عبثا بل كان كان له من اسمه نصيب وأيما نصيب ...
حزم الليث المجاهد أغراضه وركض بخطوات سريعة للوصول إلى الضفة الأخرى من شارع القاهرة إلا أن منيته وعرس شهادته كان أقرب إليه وأسرع ..
فتمكن القناص الغادر الذي استخدم منظارا ليليلا في وقتها من إصابة بطلنا في رأسه إصابة مباشرة ليسقط معها مجندلا وعينه ترمق حيه الذي فارقه قبل فترة قريبة
وحدثته نفسه قبل الوداع عن ثقة كبيرة بمن بقي من إخوانه المجاهدين فارتسمت على الوجه الصافي ابتسامة عذبة لا توحي لك إلا بأنه أراد أن يطمئن أحبابه وما أكثرهم بأنه قد بات في ضيافة أكرم الأكرمين ...
وتمكن الشباب من سحبه وقد فارق الحياة
وملامحه الهادئة الجميلة تبدو ..وكأنها تأخذ عهدا على الرفاق بأن يكملوا المسير في درب الثورة ويمضوا قدما نحو الأمام
مذكرة إياهم بأن طريقنا هذا إنما هو جهاد ...
فإما نصــر ...وإما استشهاد
أنور أبو الوليــد
28-1-2012
حمص المحاصرة