لما اهتز كرسي بشار تكلم الشرع
بقلم : أبو ياسر السوري
وأخيراً خرج الشرع من صمته المطبق ، الذي استمر 21 شهرا ، ظل فيها ساكتا عن الكلام .. لقد دمرت سوريا من أدناها إلى أقصاها ، والشرع ساكت لا يتكلم .. وانتهكت أعراض الحرائر في سوريا وبلده درعا والشرع ساكت لا يتكلم .. وسُوِّيَ 60% من مباني درعا وقراها بالأرض ، والشرع ساكت لا يتكلم .. واستشهد أكثر من مائتي ألف سوري ، المسجل منهم رسميا 50 ألفاً تقريبا ، والشرع ساكت لم يتكلم .. وشرد أكثر من عشرة ملايين سوري ، واضطروا إلى مغادرة منازلهم خوفا من طيران الأسد ، والشرع ساكت لم يتكلم .. وزاد عدد الجرحى في سوريا على مائة ألف جريح ومعوق ، والشرع ساكت لم يتكلم .. ولكن لما اهتزت الأرض من تحت سيده ، وربه بشار ، خرج الشرع من سردابه وتكلم .. ليعرض علينا أول الحلول التآمرية .بقلم : أبو ياسر السوري
تكلم الشرع ، ونشر حديثه على صحيفة ( الأخبار اللبنانية ) الموالية للنظام السوري ، ودعا إلى خطة فيها حسب رأيه مخرج من الأزمة ، ملخصها : تشكيل حكومة وطنية سورية ، ذات صلاحيات واسعة ، تدير البلاد في فترة انتقالية ، تمتد إلى ثلاثة أشهر ، يجري خلالها تقليص صلاحيات بشار الأسد .. ولم يقل لنا الشرع هل هذا حل ارتآه ، أم حل أمليت عليه بنوده ؟ لا يمكن أن يكون حلا من عنده ، لأن النظام السوري لا يحتمل الرأي الآخر مهما كان صاحبه لطيفا ومهذبا في الطرح .. إذن هو حل مملى عليه . والسؤال : من الذي أملاه ؟ ومما لا شك فيه أنه غير جائز أن يكون إملاء من جهة خارجية . لأنه ليس هنالك جهة تريد أن تفرض أي حل لا يؤخذ فيه رأي الأسد ، الذي تسانده روسيا والصين ، القادرتان على إحباط كل التحركات السياسية في مجلس الأمن . والذي تقف وراءه إيران والعراق ولبنان ، وهم قادرون على مده بالمال والسلاح والرجال إلى فترات زمنية قد تمتد طويلا .؟ وهكذا لا بد من القول : بأن بشار الأسد هو الذي دفع فاروق الشرع ليقول ما قال . ومما يؤكد ذلك ، أن الشرع لم يطلق هذا الحل من خارج سوريا ، وإنما جرت المقابلة الصحفية معه في دمشق ، وأن جريدة الأخبار اللبنانية المؤيدة للنظام هي من أجرى المقابلة معه ، وهذا يعني أن الأمر مرتب بمعرفة من بشار وأجهزته الأمنية . وأن بنود مبادرته قد صيغت بعناية شديدة في كل كلمة قيلت فيها .. كما جاءت معبرة بمنتهى الدقة عن رأي النظام ، الذي لم يتزحزح عن موقفه قيد أنملة ، فقد صرح الشرع بأنه ليس بمقدور أي من الأطراف المتنازعة أن يحسم الموقف لصالحه ، وأنه لن نجني من استمرار القتال سوى مزيد من الخراب والدمار لسوريا . وسيكون النظام حسب قول الشرع هو الرابح في نهاية المطاف ، لذلك من الخير للمعارضة أن توقف كل أشكال العنف ، وتقبل بتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون ذات صلاحيات واسعة." فهذه المبادرة إذن ليست سوى دعوة صريحة للمعارضة ، تطالبها بأن تلقي السلاح ، وتعلن الاستسلام ، ليقوم النظام بعدها بقتل من يرى قتله ، والإبقاء على من يرى الإبقاء عليه ، وتعود سوريا أدراجها لتستأنف حياة الخضوع والخنوع ، لنظام فاسد مفسد مستبد طائفي إقصائي بغيض ...
وفات الشرع أن يعلم أنَّ الشعب السوري قد أعلن شعاره ( الموت ولا المذلة ) . وفات الشرع أن طرحه هذا قد جاء متأخرا ، ومتأخرا جدا .. ولم يعد مقبولا أن نصالح هذا النظام المجرم بتقبيل الشوارب واللحى . أو نعود إلى إشراكه في حكم سوريا من جديد .. وفات الشرع أيضاً أن يعترف بأن الجيش الحر في تقدم مستمر ، وأن جيش النظام في تقهقر مستمر ، وأن ما يجري على الأرض يقول بعكس ما يحاول الشرع إيهامنا به .. ليست المعادلة ما بين ميليشيات مقاتلة محدودة العدد والعدد ، وجيش نظامي عرمرم مزود بكل السلاح والعتاد .. وإنما المعادلة ما بين شعب بأكمله يثور في وجه عصابة من اللصوص ، قد استحوذت على السلطة بالقمع والأساليب الاستخبارية ، حتى إنها اختطفت الجيش من نفسه ، وأجبرته أن يقتل أهله وذويه . لذلك كثرت الانشقاقات والعصيان العسكري ، وسيأتي يوم تتعرى فيه هذه العصابة المارقة ، ويقبض فيه على رأسها وكل معاونيه ، وينفذ الشعب فيهم حكم الإعدام ... هذه هي المعادلة الحقيقية ، التي يعرفها الشرع ، ويعرفها النظام ، ولكنهم كعادتهم وعادة كل المتغطرسين ، لا يريدون أن يقروا بالحقائق التي تؤلمهم .. لقد قال القذافي لشعبه باحتقار :" من أنتم .؟ " فلما قبضوا عليه ، قالوا له : نحن الشعب وأنت الجرذ الذي ستقتل الآن .. وقتلوه ..
أيها السادة : إن للحرية تكاليفها الباهظة من الدماء والأشلاء ، بيد أنه مهما عظمت ضريبة العزة والكرامة ، فهي أقل خسارة من ضريبة الرضوخ لسلطان الاستبداد والفساد ..