ما سر بكائنا على الشهداء وهم أحياء سعداء .؟
بقلم : ابو ياسر السوري
قد يبكي الإنسان أحيانا لحدث تراجيدي ما ، كأن يمربحادث سيارة أليم ، كان من ضحاياه طفل صغير ، أو بنت صغيرة بحبكة شعر وريبانة حمراء .. وربما بكى المرء فرحا لتحقق أمر كان ينتظر حصوله بفارغ الصبر وحصل .. أو غائب عزيز كان يتشوق لعودته ورؤيته فعاد ... فربما كان البكاء لترح أو لفرح ، لحزن أو لسرور ...
ولكنني أبكي الآن أحيانا ، ولا أدري لماذا أبكي .. يبلغني نبأ استشهاد أحد الأبطال المجاهدين ضد عصابة الأسد وشبيحته ، فأغالب الدمع ويغالبني ، فأضعف وتنهمر الدموع من عينيّ ، ولست أدري هل بكائي لموته أم لأبنائه وزوجته ، الذين رحل عنهم ، وخلفهم لمواجهة تكاليف الحياة بدونه ، وقد يكون هو معيلهم الوحيد ، وقد يكون أبناؤه صغارا لا يقدرون على الكسب ، وتحصيل لقمة العيش .. ثم أتذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي أبوه قبل أن يولد ، ثم توفيت أمه ولم يتخط سنواته الست بعد .. فتكفل الله به ، فكان سيد ولد آدم ، ولا فخر ... إذن لماذا البكاء ، والله متكفل للشهيد بأهله وولده ..
فأقول : لعل بكائي على الشهيد نفسه ، فقد خرج يناضل من أجل حرية كان يحلم أن يعيش في ظلها بعد إسقاط النظام ، وها هو ذا القدر لم يهمله ، حتى حكم برحيله قبل أن يستنشق نسمات الحرية ... والحقيقة ، هذا التفكير على هذه الصورة ، لم يُراعَ فيه سوى هذه الحياة ، وهي حياة دنيا ، والحياة الأفضل هي التي صار إليها الشهيد ، ليعوضه الله فيها نعيما يفوق كل نعيم ، وسعادة تسمو على كل سعادة ، فيمنيه الله تعالى ، فيقول له : تمنَّ يا عبدي أعطك .؟ فيقول : أتمنى يا رب أن ترجعني إلى الدنيا ، فأجاهد في سبيلك ، فأقتل مرة أخرى ، لما يرى من الكرامة .. فيقول الله تعالى : ( إنه قد سبق مني القول :( أنهم إليها لا يرجعون ) ..
عن جابر بن عَبْد اللهِ بْن عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ قال : لما قتل أبي يَوْمَ أُحُدٍ ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا جَابِرُ ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، اسْتُشهِدَ أَبِي ، وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا ، قَالَ : أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَباكَ ؟ قَالَ : بَلَى يا رسولَ اللهِ ، قَال : ما كَلَّمَ اللَّهُ أحداً قَطُّ إِلا مِنْ وراءِ حِجابٍ ، وَكَلَّم أباكَ كِفَاحاً ، فقال : يا عبدي ، تَمَنَّ عليَّ أُعْطِكَ ، قالَ : يا رَبِّ تُحيِينِي ، فأُقتَلُ فيك ثانيةً ، فقال الرَّبُّ سبحانه : إِنَّهُ سبق مِنِّي أَنَّهُمْ إليها لا يَرجعون ، قال : يا ربّ ، فَأَبلِغْ مَنْ ورائي ، قال : فَأنزل اللَّهُ تعالَى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ). فحقق الله لعبد الله ما طلب ، وبلغ عنه بهذه الآية .
وقل مثل ذلك في الصغار والصغيرات، الذين يموتون بالقصف العشوائي ، على أيدي الطيارين من شبيحة بشار .. وكذلك النسوة اللاتي استشهدن تاركات أطفالهن الرضع بلا معيل .. وكذا الشباب الذين قدموا أرواحهم قرابين للحرية ، ثم أهدوها لغيرهم وانصرفوا ... كل هؤلاء وغيرهم ، هم الآن في نعيم ينسون مع أول غمسة فيه ، ما نالهم من خوف ورعب وبرد وجوع وضنك ومعاناة . ويمن الله عليهم بجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .. وَيُشَفَّعُ كل واحد منهم فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِهِ ... فهنيئا للشهداء ولأهل الشهداء فإنهم يوم القيامة هم السعداء ..
بقلم : ابو ياسر السوري
قد يبكي الإنسان أحيانا لحدث تراجيدي ما ، كأن يمربحادث سيارة أليم ، كان من ضحاياه طفل صغير ، أو بنت صغيرة بحبكة شعر وريبانة حمراء .. وربما بكى المرء فرحا لتحقق أمر كان ينتظر حصوله بفارغ الصبر وحصل .. أو غائب عزيز كان يتشوق لعودته ورؤيته فعاد ... فربما كان البكاء لترح أو لفرح ، لحزن أو لسرور ...
ولكنني أبكي الآن أحيانا ، ولا أدري لماذا أبكي .. يبلغني نبأ استشهاد أحد الأبطال المجاهدين ضد عصابة الأسد وشبيحته ، فأغالب الدمع ويغالبني ، فأضعف وتنهمر الدموع من عينيّ ، ولست أدري هل بكائي لموته أم لأبنائه وزوجته ، الذين رحل عنهم ، وخلفهم لمواجهة تكاليف الحياة بدونه ، وقد يكون هو معيلهم الوحيد ، وقد يكون أبناؤه صغارا لا يقدرون على الكسب ، وتحصيل لقمة العيش .. ثم أتذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي أبوه قبل أن يولد ، ثم توفيت أمه ولم يتخط سنواته الست بعد .. فتكفل الله به ، فكان سيد ولد آدم ، ولا فخر ... إذن لماذا البكاء ، والله متكفل للشهيد بأهله وولده ..
فأقول : لعل بكائي على الشهيد نفسه ، فقد خرج يناضل من أجل حرية كان يحلم أن يعيش في ظلها بعد إسقاط النظام ، وها هو ذا القدر لم يهمله ، حتى حكم برحيله قبل أن يستنشق نسمات الحرية ... والحقيقة ، هذا التفكير على هذه الصورة ، لم يُراعَ فيه سوى هذه الحياة ، وهي حياة دنيا ، والحياة الأفضل هي التي صار إليها الشهيد ، ليعوضه الله فيها نعيما يفوق كل نعيم ، وسعادة تسمو على كل سعادة ، فيمنيه الله تعالى ، فيقول له : تمنَّ يا عبدي أعطك .؟ فيقول : أتمنى يا رب أن ترجعني إلى الدنيا ، فأجاهد في سبيلك ، فأقتل مرة أخرى ، لما يرى من الكرامة .. فيقول الله تعالى : ( إنه قد سبق مني القول :( أنهم إليها لا يرجعون ) ..
عن جابر بن عَبْد اللهِ بْن عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ قال : لما قتل أبي يَوْمَ أُحُدٍ ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا جَابِرُ ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، اسْتُشهِدَ أَبِي ، وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا ، قَالَ : أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَباكَ ؟ قَالَ : بَلَى يا رسولَ اللهِ ، قَال : ما كَلَّمَ اللَّهُ أحداً قَطُّ إِلا مِنْ وراءِ حِجابٍ ، وَكَلَّم أباكَ كِفَاحاً ، فقال : يا عبدي ، تَمَنَّ عليَّ أُعْطِكَ ، قالَ : يا رَبِّ تُحيِينِي ، فأُقتَلُ فيك ثانيةً ، فقال الرَّبُّ سبحانه : إِنَّهُ سبق مِنِّي أَنَّهُمْ إليها لا يَرجعون ، قال : يا ربّ ، فَأَبلِغْ مَنْ ورائي ، قال : فَأنزل اللَّهُ تعالَى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ). فحقق الله لعبد الله ما طلب ، وبلغ عنه بهذه الآية .
وقل مثل ذلك في الصغار والصغيرات، الذين يموتون بالقصف العشوائي ، على أيدي الطيارين من شبيحة بشار .. وكذلك النسوة اللاتي استشهدن تاركات أطفالهن الرضع بلا معيل .. وكذا الشباب الذين قدموا أرواحهم قرابين للحرية ، ثم أهدوها لغيرهم وانصرفوا ... كل هؤلاء وغيرهم ، هم الآن في نعيم ينسون مع أول غمسة فيه ، ما نالهم من خوف ورعب وبرد وجوع وضنك ومعاناة . ويمن الله عليهم بجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .. وَيُشَفَّعُ كل واحد منهم فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِهِ ... فهنيئا للشهداء ولأهل الشهداء فإنهم يوم القيامة هم السعداء ..