(6) وقائع ... وليست من نسج الخيال
قصة طفل بترت يده يعزي أباه
بقلم : أبو ياسر السوري
حدثني من أثق به ، أنه منذ أيام قليلة ، زار مخيمات السورين الذين لجؤوا إلى تركيا ، بعدما هدم جيش بشار الأسد بيوتهم ، وأحرق أشجارهم ، وأتلف مزارعهم . وقصف الأفران التي تخبز لهم قوتهم ، كما قصف المشافي ، وهدم القرى والمدن .. وحاربهم في كل منحى من مناحي الحياة .. حتى اضطرهم إلى الفرار بأنفسهم من حمم الموت ، وربما تفرقت العائلة الواحدة في أماكن شتى ، وربما تباعدت المسافة بين الرجل وأهله ، والأسرة ومعيلها ، إلى مسافة أكثر من 50 كيلو متراً أحيانا ...
والأنكى من ذلك إن بعض المهجرين من بيوتهم ، ممن لم يتمكنوا من اللحاق بالمخيمات التركية ، قد اضطروا إلى العيش في خيمة قرب اعزاز ، فهم ينامون فيها على التراب ، وهؤلاء بالمئات .. وحين نزلت الأمطار جرت المياه من تحتهم ، وتبللت ثياب أطفالهم بالماء والطين ، ومرت عليهم ليال عدة وهم على هذه الحال ، التي لا تحتمل بحال ... ومع ذلك ، كان الكل راضيا بما أصابه ، والكل يحمد الله على قضائه وقدره ، والكل يقول : لن نتراجع حتى نسقط هذا النظام اللعين ، ولو ذهب منا الملايين ...
وحدثني هذا الأخ أنه لقي قريبا لي في بعض المخيمات التركية ، فحدثه قريبي عن ولد له عمره ثمان سنوات ، قد أصابته قذيفة ، فبترت يده .. فحملوه إلى المشفى وقد أغمي عليه ، فلما ضمدوه ، وأفاق الصغير من أثر البنج ، تحسس يده فلم يجدها ، فقال لأبيه الجالس عند رأسه ، بابا أين يدي .. مقطوعة .؟؟ فلم يستطع والده أن يجيبه على سؤاله ، إلا بالبكاء والنحيب .. فتأثر الصغير لبكاء أبيه ، فقال الطفل لوالده يعزيه ويصبره : بابا معليش ، مو هيك الله رايد ، أنا ماني زعلان ، فلا تزعل أنت ، بابا يمكن الله أخذ لي إيدي مشان يدخلنا الجنة ..!!؟؟ مو هيك يا بابا .؟؟ وفي الجنة الله، برجّع لي إيدي .. وكأنه ما صار فيها شيء .؟؟ بهذه الكلمات نطق الصغير ، يعزي أباه المحزون عليه .. بهذا الإيمان والرضى بقدر الله ، تلقى الطفل مصيبته ببتر يده ... وألهمه الله أن يتلفظ بهذه الكلمات ، ليرضى أبوه ويردد مع صغيره قائلا : الحمد لله . الحمد لله . يا حبيبي .. ويكف الأب عن البكاء .
إن شعبا يتحلى بهذا الصبر والمصابرة ، ويتسلح بهذا الإيمان واليقين ، ويعزي فيه الصغير أباه ، وتقول الزوجة لزوجها : اذهب فقاتل في سبيل الله ، وإذا استشهدت فلن يضيعنا الله .. إن شعبا بهذه المواصفات ، لن يغلبه ملاحدة النصيريين ، ولن يكسر عزيمته تواطؤ إيران والروس والغرب والشرق ، ولن يضيرهم تآمر العالم عليهم ... لأنه شعب متصل بالله ، متوكل عليه ... لا يهمه ما يقال في أخبار القنوات ، ولا يتطلع إلى ما يبث عبرها من تصريحات .. وإنما يتطلع إلى السماء ، ويردد في سره : متى نصر الله .. وكأني بصوت يملأ الفضاء يقول : ألا إن نصر الله قريب ...
قصة طفل بترت يده يعزي أباه
بقلم : أبو ياسر السوري
حدثني من أثق به ، أنه منذ أيام قليلة ، زار مخيمات السورين الذين لجؤوا إلى تركيا ، بعدما هدم جيش بشار الأسد بيوتهم ، وأحرق أشجارهم ، وأتلف مزارعهم . وقصف الأفران التي تخبز لهم قوتهم ، كما قصف المشافي ، وهدم القرى والمدن .. وحاربهم في كل منحى من مناحي الحياة .. حتى اضطرهم إلى الفرار بأنفسهم من حمم الموت ، وربما تفرقت العائلة الواحدة في أماكن شتى ، وربما تباعدت المسافة بين الرجل وأهله ، والأسرة ومعيلها ، إلى مسافة أكثر من 50 كيلو متراً أحيانا ...
والأنكى من ذلك إن بعض المهجرين من بيوتهم ، ممن لم يتمكنوا من اللحاق بالمخيمات التركية ، قد اضطروا إلى العيش في خيمة قرب اعزاز ، فهم ينامون فيها على التراب ، وهؤلاء بالمئات .. وحين نزلت الأمطار جرت المياه من تحتهم ، وتبللت ثياب أطفالهم بالماء والطين ، ومرت عليهم ليال عدة وهم على هذه الحال ، التي لا تحتمل بحال ... ومع ذلك ، كان الكل راضيا بما أصابه ، والكل يحمد الله على قضائه وقدره ، والكل يقول : لن نتراجع حتى نسقط هذا النظام اللعين ، ولو ذهب منا الملايين ...
وحدثني هذا الأخ أنه لقي قريبا لي في بعض المخيمات التركية ، فحدثه قريبي عن ولد له عمره ثمان سنوات ، قد أصابته قذيفة ، فبترت يده .. فحملوه إلى المشفى وقد أغمي عليه ، فلما ضمدوه ، وأفاق الصغير من أثر البنج ، تحسس يده فلم يجدها ، فقال لأبيه الجالس عند رأسه ، بابا أين يدي .. مقطوعة .؟؟ فلم يستطع والده أن يجيبه على سؤاله ، إلا بالبكاء والنحيب .. فتأثر الصغير لبكاء أبيه ، فقال الطفل لوالده يعزيه ويصبره : بابا معليش ، مو هيك الله رايد ، أنا ماني زعلان ، فلا تزعل أنت ، بابا يمكن الله أخذ لي إيدي مشان يدخلنا الجنة ..!!؟؟ مو هيك يا بابا .؟؟ وفي الجنة الله، برجّع لي إيدي .. وكأنه ما صار فيها شيء .؟؟ بهذه الكلمات نطق الصغير ، يعزي أباه المحزون عليه .. بهذا الإيمان والرضى بقدر الله ، تلقى الطفل مصيبته ببتر يده ... وألهمه الله أن يتلفظ بهذه الكلمات ، ليرضى أبوه ويردد مع صغيره قائلا : الحمد لله . الحمد لله . يا حبيبي .. ويكف الأب عن البكاء .
إن شعبا يتحلى بهذا الصبر والمصابرة ، ويتسلح بهذا الإيمان واليقين ، ويعزي فيه الصغير أباه ، وتقول الزوجة لزوجها : اذهب فقاتل في سبيل الله ، وإذا استشهدت فلن يضيعنا الله .. إن شعبا بهذه المواصفات ، لن يغلبه ملاحدة النصيريين ، ولن يكسر عزيمته تواطؤ إيران والروس والغرب والشرق ، ولن يضيرهم تآمر العالم عليهم ... لأنه شعب متصل بالله ، متوكل عليه ... لا يهمه ما يقال في أخبار القنوات ، ولا يتطلع إلى ما يبث عبرها من تصريحات .. وإنما يتطلع إلى السماء ، ويردد في سره : متى نصر الله .. وكأني بصوت يملأ الفضاء يقول : ألا إن نصر الله قريب ...