لحماية خطوط الإمداد وضمان الحدود المستقبلية مع دويلة الأسد | 12/10/2012 |
"حزب الله" يخوض معركة السيطرة على القرى في "حوض العاصي"
كبار قياديي "حزب الله" في مقدمة مشيعي أحد المقاتلين الذين قضوا في سورية خلال جنازة في بعلبك الاثنين الماضي (ا. ف. ب)
بيروت - "السياسة":
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تورط "حزب الله" عسكرياً في النزاع
السوري. وبعد أشهر طويلة من التكتم على المهام التي ينفذها عناصر الحزب في
الداخل السوري, خرجت إلى العلن أخبار مؤكدة عن مقتل العديد من مقاتليه في
سورية خلال معارك مع الثوار, حتى أن قيادة الحزب بدأت بالاعتراف الضمني
بهذه المشاركة عندما أعلن عضو شورى الحزب الشيخ محمد يزبك أن "حزب الله"
يقاتل دفاعاً عن اللبنانيين الذين تخلت عنهم الدولة منذ عشرات السنين,
قاصداً بذلك سكان بعض القرى في حوض نهر العاصي.
وأوضح مصدر قيادي في "8 آذار" ل¯"السياسة" ما قصده الشيخ يزبك, فقال إن
هناك 50 ألف لبناني يعيشون في تلك القرى داخل الأراضي السورية, وهي في
الواقع أراض ملتبسة الهوية لأن الحدود هناك غير مرسمة على غرار كل المنطقة
الحدودية اللبنانية السورية من الشمال إلى الجنوب. وهؤلاء يتعرضون للهجمات
المسلحة من المعارضة فكان لا بد من تدخل "حزب الله" لحمايتهم وخصوصاً إن
الجيش السوري النظامي منشغل عنهم في مناطق أخرى.
ونفى أن يكون الهدف حماية الشيعة منهم, وهم أكثرية في تلك المنطقة, مشيراً إلى أنهم سنة وشيعة ومسيحيون وعلويون.
وكثرت التكهنات بشأن الأهداف الحقيقية لدخول "حزب الله" علناً في الحرب
السورية, وراجت نظرية مفادها, أنه يسعى لجعل قضية قرى حوض العاصي مماثلة
لقضية مزارع شبعا التي شكلت لبنانيتها ذريعة له للحفاظ على سلاحه بعد
الانسحاب الإسرائيلي العام 2000, وبما أن الحزب متيقن أن نظام الأسد ساقط
لا محالة, فإنه سيحتفظ بورقة المقاومة "لتحرير" تلك الأراضي اللبنانية
المحتلة من قبل النظام الذي سيخلف نظام الأسد.
هذه النظرية واهية برأي مصدر ديبلوماسي عربي متابع للوضع السوري, فعلى
المستوى السياسي, ثمة معلومات إيرانية متداولة في بيروت بأن النظام السوري
لن يسقط وإنما سيضعف وتنحسر قبضته عن معظم أنحاء سورية, وهذا حاصل اليوم,
وسيستمر هذا الوضع لسنوات, فلا يقدر النظام على استعادة سلطته, ولا تقدر
المعارضة على إسقاطه.
وبناء على هذه الرؤية, طلبت طهران من "حزب الله" التحرك في منطقة حوض العاصي الستراتيجية لتحقيق أمرين:
الأول: استمرار خط الإمداد المتبادل بين قوات النظام السوري و"حزب الله",
في ظل الانهيارات المتتالية لسيطرة الأسد على حدوده مع الدول المجاورة
ومنها لبنان.
والثاني: ضمان الاتصال الجغرافي بين لبنان و"الدويلة العلوية" على الساحل
السوري, إذا نجح مخطط تقسيم سورية إلى أربع دويلات, أو إذا انكفأ الأسد إلى
منطقته الساحلية تاركاً سورية لمصيرها. والمتوقع أن يكون نهر العاصي هو
الحاجز الطبيعي بين تلك الدويلة وسائر الأراضي السورية.
من جهته, أكد مصدر عسكري الأهمية الخاصة لتدخل "حزب الله" عسكرياً في منطقة
حوض العاصي, مشيراً إلى أن المعلومات عن سقوط قتلى الحزب تزامنت مع إعلان
النظام السوري نجاحه في معركة "تطهير" القصير ومعظم قرى شرق العاصي مثل
النزارية, والعاطفية, وربلة, وأبو حوري, وجسر الدف, إضافة إلى قرية جوسية
الحدودية القريبة إلى معبر القاع الحدودي مع لبنان. وهذا يعني أن المعركة
كانت منسقة من الجانبين للسيطرة على المنطقة وإخراج "الجيش الحر" منها
نهائياً.
وأوضح المصدر أن المنطقة المتنازع عليها هي المنطقة التي يخترق فيها نهر
العاصي الذي ينبع من منطقة الهرمل اللبنانية, الأراضي السورية عبر بلدة
ربلة, ليمر عبر ما يعرف بقرى حوض العاصي غربي منطقة القصير في محافظة حمص,
وهي: حويك, وزيتا, والفاضلية, وغوغران, ودبين, ووادي حنا, والديابية,
والصفصافية, والقرنية, والجنطلية, والحمام, والمصرية, وأم الدمامل, ومطربة,
والسويدية, وبلوزة, والسماقيات الشرقية والغربية.
وكشف أنه بعد المعركة الأخيرة أصبح ل¯"حزب الله" تواجد عسكري دائم في هذه
المنطقة مستفيداً من البيئة الحاضنة التي يشكلها المواطنون الشيعة
والعلويون هناك, ومعظمهم يحمل الجنسيتين السورية واللبنانية, علماً أن
أصولهم تعود إلى لبنان, لكنهم يعيشون في كنف الدولة السورية منذ عشرات
السنين.
ومن غير المستبعد أن يتولى الحزب بشكل دائم السيطرة العسكرية على هذه
البلدات والقرى كما فعل سابقا في منطقة الزبداني, ليتمكن جيش الأسد من
المضي في معركة السيطرة على كل مجرى العاصي في محافظة حمص وبعدها حماة