المشهد السوري الحالي والتآمر الدولي
بقلم : أبو ياسر السوري أيُّها السوريون ليس سرا أن نقول هنالك مؤامرة عليكم ، فقد انكشف التآمر للعيان ، ولكن المتآمرون يتغابون علينا ، ويزعمون أنهم برآء من هذه التهمة ، ونحن نقول لهم : من أنكر وجود تآمرٍ علينا فليفسر لنا الآتي :
1 - لماذا لم تتدخل أمريكا في سوريا كما تدخلت في البوسنة والهرسك .؟؟ والشأن واحد بين البلدين .؟؟ وكانت روسيا يومها والصين من ورائها غير موافقة على التدخل الأمريكي هناك ، فلم يرضخ الغرب لهما وتدخل وحسم النزاع .؟؟
2 - لماذا لم يُجرَّم الأسدُ وعصابته ولم تُرفَعْ عنهم الشرعية الدولية بعد كل هذه الجرائم ضد الإنسانية في سوريا .؟
3 - لماذا يسكتُ الغرب عن تدخل إيران وروسيا السافر في الشأن السوري ، ويغمض الطرف عن محاربتهم إلى جانب النظام ، وتلطخ أيديهم بدماء السوريين .؟؟ مع أن الغرب رفض أن يسكت على اعتداء العراق على الكويت .؟ وهذا التدخل مساوٍ لذلك التدخل في البشاعة والاعتداء .؟؟
4– لماذا يتغاضى المجتمع الدولي عن قيام روسيا وإيران والعراق ولبنان بإيصال السلاح إلى الأسد ، ويمنع منعا باتا من دخول رصاصة بندقية واحدة إلى الثوار في سوريا للدفاع عن المواطنين .؟ يقولون نخشى أن يذهب السلاح النوعي إلى القاعدة .. فقد اتهمونا بالقاعدة ، وحجبوا عنا السلاح والذخيرة بسببها ، ونحن لا يوجد عندنا أي عنصر من عناصر القاعدة حتى الآن ..!؟؟ فلماذا يكيل المجتمع الدولي بمكيالين ؟
5 - لماذا لم تقطع الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وروسيا والصين ، ولماذا لم توقف تعاملها التجاري ومشروعاتها الخدمية مع هذه الدول المشاركة في قتل إخوانهم السوريين ..؟؟
6 - لماذا لم تقف السعودية وقطر وتركيا مع الشعب السوري كما وقفت إيران مع الأسد .؟ وإذا كانت تدعي أنها واقفة مع الشعب السوري في السر ، فهل مساعدة المستضعف شيء يستحيا منه ، أم أنه من الخطايا ، التي يحسن سترها ..؟؟؟
ونظرا لكون هذه الأسئلة ، قد طرحت على الهواء أكثر من مرة ، ولم تجد جوابا من أحد من هذه الأطراف المعنية بها ، فلم يعد هنالك أدنى شك من وجود مؤامرة عالمية ضد السوريين ... وسنبين هذه المؤامرة وهدف كل واحد من الأطراف من وراء مشاركته فيها :
الهدف العام من المؤامرة :
1 - تدمير سوريا تدميرا كاملا، بضرب البنية التحية، وتهديم أكبر قدر ممكن من المباني في المدن والقرى السورية بما في ذلك المساجد والمدارس والمشافي ودور الرعاية ، وتشريد أكبر قدر ممكن من الشعب السوري ، ووضعه في أسوأ الظروف سواء في الداخل أم في مخيمات اللجوء في الدول المجاورة ..
2 – محاولة تقسيم سوريا إلى دويلات : دولة كردية – دولة علوية – دولة درزية – دولة المسلمين السنة ... وإشغال السوريين في حروب بينية ، ما بين أنصار التقسيم وأنصار الوحدة الوطنية ...
3 – العمل على إسقاط الدولة في سوريا ( وليس النظام ) وسقوط الدولة يتبعه غيابُ الأمن ، وتعطّيلُ أسباب الحياة الطبيعية، مما يضطر السوريين للهرب من هذا الوضع الشاذ ، وخروج من استطاع الخروج منهم ، وبقاء من أجبر على البقاء ، ليعيش أي صراع يُفرض عليه في الداخل ، فيكون عرضة لأن يصارع اللصوص وقطاع الطرق ، أو يصارع جارا قويا يعتدي عليه ، أو يصارع إيرانياً يهاجمه في عقر بيته ليذبح أبناءه ويعتدي على عرضه وماله ..
4 – وهكذا تأمن إسرائيل من أي خطر يأتيها من سوريا ، لعشرات السنين .. وتستطيع إسرائيل استدعاء مزيد من اليهود ، ليقيموا فيها إقامة آمنة . لأن كثيرا من اليهود يرفض حتى الآن الهجرة إلى إسرائيل خوف الحروب ، والحياة غير الآمنة، واليهود قومٌ يخشون الموت ويحرصون على الحياة، قال تعالى ( لتجدنهم أحرص الناس على حياة ).
5 – من مصلحة الغرب التخلص من اليهود ، وتأمين وطن خاص بهم ، وهو الآن ( فلسطين المحتلة ) . فقد اختارها الغرب لتكون وطنا قوميا لليهود ، وإرادة الغرب الظالمة حكمت بأن يطرد الفلسطينيون من ديارهم ، وتُمنَحَ أراضيهم لليهود .. وبقوة الفيتو الأمريكي تسرحُ إسرائيلُ وتمرحُ في المنطقة بلا رقيب ولا حسيب ، منذ 1948 وحتى الآن .. وما زال كلُّ رؤساء أمريكا يصرحون بأن أمن إسرائيل جزء من أمن أمريكا .. على أن أوربا ليست أقل ولاء لإسرائيل من أمريكا ، ففي أوربا لا يستطيع أي مواطن أصلي أن يتعرض لليهود بكلمة واحدة ، ومن أنكر المحرقة اليهودية يحكم عليه بالسجن خمس سنوات ... لهذا يريد الغرب أن يقنع اليهود قاطبة بالهجرة إلى إسرائيل والعيش فيها .. ومما يشجع على ذلك أن تكون إسرائيل في مأمن من دول الجوار ..
ولما كانت سوريا في الظاهر دولة المقاومة والممانعة ، فقد استطاع حافظ الأسد أن يسحق شعبه اقتصاديا بذريعة الحاجة إلى شراء السلاح والعتاد والذخيرة ، فحصل من ذلك على الكثير ، وإن سقوط حكم بيت الأسد والنصيرية الملتفين من حوله ، سيحوِّلُ هذه الأسلحة إلى أيدي السوريين الشرفاء . ولذلك يصر المجتمع الدولي على إتلاف هذه الذخائر واستخدامها في قتل الشعب السوري ، لئلا يستخدمها مستقبلا لقتل اليهود ..
أطراف المؤامرة: هم( المجتمع الدولي ) و ( الدول العربية – ما عدا دول الربيع العربي ).
اللاعبون البارزون في المؤامرة : هم ( إسرائيل - أمريكا - فرنسا - بريطانيا - روسيا - الصين - إيران - العراق - لبنان - الأردن - تركيا – قطر – السعودية – الجزائر ) .
أدوات تنفيذ هذه المؤامرة : ( مجلس الأمن – منظمة الأمم المتحدة – منظمة حقوق الإنسان – الجمعية العامة – المحكمة الدولية ) و ( الجامعة العربية ) و ( منظمة التعاون الإسلامي ) .
مصلحة أطراف المؤامرة :
- أمريكا وفرنسا وبريطانيا وحلف الناتو - روسيا الصين إيران .. : وكلهم يحقق بموقفه مصلحة لإسرائيل بخراب سوريا ، وقتل أكبر عدد ممكن من أبنائها ، حتى لا تقوم لها قائمة إلا بعد عشرات السنين ... ولو دققنا في الدافع الحقيقي لهم جميعا لوجدناه دافعا دينيا محضا ، فهي حرب ما بين كفر وإسلام ، يقوم بها النصيري الملحد بشار الأسد ، ويتغاضى عنه العالم لأنه لا يغضبه أن يُقتَلَ مَنْ قُتِلَ من المسلمين في أيٍّ من بقاع الأرض .. وأكبر دليل على صدق ما أقول هنا ، ما حصل في بورما ، فالمسلمون هناك أقلية مستضعفة ، ومع ذلك أباد المجوس منهم هناك أكثر من مليون مسلم في غضون شهرين تقريبا ، وكان العالم ينظر إلى ما يجري ، ولا يحرك ساكنا ، بل لم يستنكر أحد ما كان يجري ، وقد وقعت على المسلمين جرائم تشيب الصغير وتهز الجبال ، فكانوا يجيئون بالآلاف من المسلمين رجالا ونساء وأطفالا ، فيكتفونهم ويسوقونهم للذبح بالسكاكين والحرق بالنار على شواطئ البحار والأنهار ...
إن دول الكفر تتقاسم الأدوار ، فبعضهم يقف مع الجزار ، وبعضهم يتظاهر بالتوجع للضحية ، ولكنه لا يفعل لها شيئا ، ولا يأخذ على يد الجزار ، فموقف الفريقين واحد ، إنه خذلان المسلمين . وتأييد لمن ينكل بهم بوحشية وإجرام .
- إيران : لها مشروع فارسي إمبراطوري تحاول إحياءه تحت عباءة التشيع ، وقد استطاعت أن تمد نفوذها إلى العراق وسوريا ولبنان ، وهي تحاول أن تمد نفوذها إلى كافة دول الخليج وبقية الدول العربية والأفريقية .. وخروج سوريا من قبضتها يعني توقف هذا المشروع الفارسي وإلغاؤه ..
- الدول العربية بشكل عام : يهمها رضا أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، وتتحاشى أي أمر يخل بأمن إسرائيل .. وإسرائيل كما علمنا ترى في نجاح الثورة السورية خطرا على أمنها ، وهذا ما يفسر لنا الخذلان العربي للشعب السوري الثائر .
ثم إن أغلب الأنظمة العربية هي أنظمة دكتاتورية معادية لشعوبها ، وليس بالتالي من مصلحتها نجاح أية واحدة من ثورات الربيع العربي . لذلك لا يسرها سقوط بشار الأسد ، لأنه يبشر بقرب سقوطها . ومن هنا تجد الأنظمة العربية كلها مجمعة على تأييد الأسد ، والوقوف إلى جانبه ، بعضها في السر وبعضها في العلن .. ثم إن كل منها يتعاون مع النظام بطريقته الماكرة الخبيثة ..
فالعراق : تمد الأسد بالمال والسلاح والميليشيات المقاتلة ، وتغلق المعابر على حدودها في وجه الفارين من سوريا ، وتنشر قواتها على الحدود السورية ، لتمنع من دخول أي سلاح أو ذخيرة إلى الثوار عن طريق العراق .. وقد ثبت أن العراق تبرعت لسوريا بمبلغ 850 مليون دولار كمعونة مالية للنظام . كما ثبت أن مقتدى الصدر قد وجه أكثر من عشرين ألفا من فيلق بدر لمساعدة بشار الأسد في حربه ضد السنة في سوريا .. ثم إنها سمحت بإقامة جسر جوي لنقل الأسلحة والذخيرة والإمداد من إيران إلى نظام الأسد في سوريا .. ثم منع المالكي من استقبال أي سوري فار إلى العراق ، وقد علق آلاف الفارين على الحدود العراقية ولم يسمح لهم بدخول العراق .. ثم بعد الضغط الإعلامي سمحت العراق بدخول بضعة آلاف من الفارين من آلة الموت الأسدية ، وعلى أضيق نطاق . ووضعتهم في أسوأ الظروف ، لئلا يفكر أحد بالتوجه صوب العراق مهما اشتد عليه الجور .
وأما لبنان : فهي محكومة لحزب اللات وحسن نصر الشيطان ، الذي يمد الأسد بالميليشيات المقاتلة وبالسلاح والذخيرة ، كما يحاول لبنان التضييق على الفارين من سوريا ، حتى إن عناصر حزب اللات قاموا باختطاف بعض الناشطين السوريين ، وسلموهم للنظام السوري ، ليقوم بإعدامهم ميدانيا . وهذا عمل مناف للأخلاق والأعراف الدولية ..
وأما حكومة الأردن : فإنها تعامل السوريين الفارين إليها أسوأ معاملة في التاريخ ، فهي لم تستقبل هؤلاء الفارين من الموت إلا في حظائر ، التي سموها المخيمات ، فقد أقاموا مخيما في منطقة الزعتري في البادية ، وأدخلوا إليه السوريين ، بعد أن سحبوا منهم إثباتاتهم الشخصية ، فسحبت منهم هوياتهم وجوازات سفرهم ، وفرضت عليهم شبه إقامة جبرية ضمن المخيم ، فهي تمنعهم من الخروج ، وتمنع أي أحد من زيارتهم إلا بترخيص خاص ، لا يمكن الحصول عليه إلا بشق الأنفس ، وباختصار هم الآن في حال أسوأ من حال المساجين أو أسرى الحرب المظلومين ، .. وقد أفاد اللاجئون إلى الأردن بأنهم يشكون من قلة في الماء والدواء والغذاء ، ويعيشون في مخيم مقام في منطقة كثيرة الغبار والرمال والعقارب والثعابين ، وقد تعالت صيحات المستغيثين من هذا المخيم ، حتى إن بعضهم طلب أن يخلى سبيله ولو إلى الموت في الجحيم ..
وأما تركيا : فإنها ما زالت تمد النظام بالكهرباء ، بما قيمته أكثر من 6 مليار ليرة سورية ، وتركيا تنسق مع إيران سراً لإنقاذ الأسد من هذه الأزمة التي هو فيها .. ثم إنها بتراخيها مع الأسد الابن ، قد قدمت له أكثر من مبرر ليتمادى في التعامل معها ، حتى تجرأ أخيرا على إسقاط طائرة تركية ليختبر بذلك رد الفعل التركي ، ولكن تركيا احتفظت بحق الرد ولم ترد على الأسد الابن ..!! ولو كانت تركيا تعاملت مع بشار كما تعاملت مع أبيه من قبل ، يوم مشكلة عبد الله أوجلان ، حين وجهت يومها إنذارا لحافظ الأسد ، يقضي بتسليم أوجلان لها ، أو إنها ستقوم بضرب سوريا خلال 48 ساعة فقط .. فما كان من الأسد الأب إلا أن رضخ للإرادة التركية صاغرا وسلم أوجلان ..
ونحن لا ننكر أن تركيا أحسنت بإيواء أكبر عدد من اللاجئين السوريين في مخيمات جيدة ، وقدمت لهم الغذاء والدواء والحماية .. ولكنها أضرتنا بتصريحاتها النارية ، التي لم تتبعها بالأفعال .. مما أطمع بشار الأسد بالاستخفاف بهذه التصريحات .. فحين قال أردوغان : إن تركيا لن تسمح بمجزرة حماة ثانية ، تحداه الأسد وضرب حماة .. وحين أعلنت تركيا أنها لن تسمح بضرب حلب ، تحداها الأسد وضرب حلب وريف حلب حتى ضرب اعزاز التي لا تبعد عن الحدود التركية سوى 7 كيلو مترا فقط .. وزيادة في استخفاف الأسد بتركيا ، فقد بدأ يرمي ببعض قذائف المورتر على القرى التركية الحدودية ، فيوقع بعض الأضرار المادية والبشرية فيها ، و تركيا لا ترد ، وإنما تكتفي بالاحتفاظ بحق الرد في المكان المناسب والزمن المناسب ..!!
وهذا الموقف المتردد من تركيا ، حمل بعض الناشطين على اتهام الأتراك بالتآمر ، لأن خذلانهم للشعب السوري مما يرضي عنهم أمريكا ، كما يحقق لهم هدوء الأكراد العلويين في جنوب شرق تركيا ، وهدوءَ الأتراك العلويين في لواء إسكندرون، وهؤلاء وأولئك متعاطفون مع النظام السوري ولا يرضيهم أن تقف تركيا ضد العلويين الحاكمين في سوريا .
تلكم هي المؤامرة ، وقد عرفتم أطرافها ، وأهدافها ، وأسبابها القريبة والبعيدة ، وغاية كل ضالعٍ فيها .. وعلى الرغم من كل ما قرأتم ، فلا يهولنكم مكرهم ، ولا يحزننكم كثرة عددهم ، فإن الله تعالى أقوى منهم جميعا ، وهو معنا إن شاء الله .. وقد بشرنا نبيه صلى الله عليه وسلم : بأنه ( لن يُغلَبَ اثنا عشر ألفا من قِلَّة ) ونحن بحمد الله ملايين ، فلن نُغلبَ من قِلّة ما دام الله معنا ( وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَنْ ينصرُهُ إنَّ الله لقويٌّ عزيز) .