نظرات في بيان الشيخ عبد الرحمن الخير :
بقلم : ابو
ياسر السوري
تقديم
:
لقيتُ صاحبَ
هذا البيان قبل وفاته بسنوات ، وكان معمماً ، حسنَ السَّمتِ ، حصيفاً ، يمتاز
بالهدوء . وقد أهداني أعداداً من مجلة فصلية ، كان يصدرها ، باسم ( المجمع العالمي
للتقريب بين المذاهب الإسلامية ) والجدير بالذكر ، أن الخير لم يقصد بنشر هذا
البيان الإساءةَ للطائفة ، ولا إفشال خطتها ، لعلمه أنها أصبحتْ من القوة بحيث لا
يؤثر عليها مثل هكذا بيان .. ومن خلال معرفتي بهذا الرجل ، فإنه لا يستبعد أن يكون
قد حصل في حينه على ترخيص بهذا النشر ، كبالون اختبار ترى المخابرات من خلاله ردةَ
فعل الشارع السوري آنذاك ...
ولما تكرمتِ الأختُ
الثائرة مدى ، نشر هذا البيان ، أحببتُ أن نقف معا
على ما جاء فيه ، وغاية الشيخ الخير من نشره عام 1968، بما يمكن قراءته بعد هذا الرابط
التالي لبيان الشيخ الخير: http://www.syria2011.net/t38438-topic
نظرات
في البيان :
موجز القول أن
الشيخَ الخيِّرَ رمى من وراء بيانه هذا إلى الأفكار التالية :
1 –
تحذير
الطائفة النصيرية من الغلو في الدين ، لذلك هاجم قدماء غلاتهم من أمثال : ميمون
القداح .. والمفضل الجعفي .. وأبو الخطاب المجوسي .. ومحمد بن سنان .. من الذين
يؤلهون علياً ، ويستبيحون محارم الله ، ويحاربون الإسلام والمسلمين .
ويرى الشيخُ الخيِّرُ
، أن هؤلاء الأربعة هم أصلُ الغُلُوّ
والزندقة والتطرُّف ، وأنهم أظهروا الولاء لأهل البيت ، وأبطنوا العداء للإسلام . ثم
جاء من أحفاد هؤلاء الغلاة رجل ، اسمه ( أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري )
كان أشد من سابقيه غلوا وزندقة وتطرفا .
2 –
تحذير
العرب والمسلمين من مؤامرةٍ ، يشترك في نسجِ خيوطها ، مجموعةٌ من الضباط مع عدد من
شيوخ الطائفة العلوية في الساحل السوري وجبال العلويين .. ترمي إلى استلام ضباط
الطائفة زمام الحكم في سوريا ، وإقامة دولة علوية ، تكون عاصمتها حمص . وذلك عن
طريق استغلال حزب البعث والجيش معاً ، للوصول إلى هذه الغاية .
3 –
كشف
النقاب عن وجود مؤامرة حقيقية ، وأنه قد عُقِدَ من أجلها اجتماعان سريان خطيران ..كان
الأول منهما في القرداحة عام 1960 حضرَ فيه كثيرٌ من مشايخ الطائفة مع عدد من
الضباط ، على رأسهم : محمد عمران ، ومحمد نبهان ، وصلاح جديد ، وحافظ أسد .
وكان الثاني
في حمص عام 1963 حيث ضمَّ أكثرَ شيوخ الطائفة ، وعدداً من الضباط على رأسهم : عزت
جديد , ومحمد عمران , وحافظ أسد , وإبراهيم ماخوص .
4 – ثم أفصحَ الشيخُ الخيِّرُ عن عدم
موافقته على هذه المؤامرة ، وأنه بريء مما يفكر به هؤلاء الشيوخ والضباط . لأنه
يرى أنه من الخير للطائفة العلوية أنْ لا تفكر بالانفصال عن الدولة الأم سوريا ، لأن
ذلك سيكون وبالاً على الطائفة ، وقد لخص رأيه بقوله :[ إن مجرد التفكير الآن بإعلان
الدولة ( النصيرية ) سيقلبُ الدنيا على الطائفة , لذلك أرى حرصاً على كيان الطائفة
، أن يستمرَّ الوضع كما هو ، ظاهراً الحكمُ بعثيٌّ عربيٌّ ، وباطناً نُصَيريٌّ
علويٌّ , مع ضرورةِ الاهتمامِ بالمراكزِ الحيويةِ في الجيش وكافة مرافق الدولة ، وعدم
إسنادها إلا لمن يكون منا ] .
5 –
ولو
حاولنا الإيغالَ أكثر ، في قراءةَ ما بين سطور هذا البيان ، لوجدنا أن الشيخَ الخيِّرَ
لم يمانع من إقامة دولة علوية لعَدمِ رغبته في إقامتها ، وإنما كان متخوفاً من عواقب
الإعلان عن تشكيل هذه الدولة آنذاك ، مخافة أن يتعرض العلويون لنقمة الأغلبية
السنية ، ويؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر كبير بالطائفة . ولذلك اقترح الخيّرُ – كما رأينا
- أن يستمر الحكمُ بعثيّاً عربيّا في الظاهر ، ونُصَيريّاً علويّاً في الباطن ...
ولو تساءلنا
عن سر مهاجمته لغلاة النصيرية ، ورميهم بالزندقة ؟ فلن يكون الجوابُ أن الرجل ارتد
عن معتقداته النصيرية ، لأن هذا عندهم جزاؤه القتل الفوري .. لهذا يجب أن يكون
الجواب ، أن الخير أراد بهذا الهجوم على رموز طائفته ، التظاهر بالإسلام ، والقول بأن
النصيريين اليوم هم غيرهم في الماضي . وهذا جائزٌ قوله تقيةً وليس اعتقادا .
6 –
ولكن
الشيخ الخير ، ومن شاركه في تلك المؤامرة آنذاك ، لم يَدُرْ بِخَلَدِهِمْ أنّ السُّكْرَ
بخَمرِ القوَّة ، سوف يدفعُ العلويين إلى الاستبداد والفساد ، وأنَّ الشعبَ لن يرضخ
لهذا إلى الأبد ، ولم يفكروا في أنه سوف يجيء ذلك اليوم الذي تقول فيه الأكثرية
للأقلية : لا ، لن تحكمنا أقليةٌ طاغيةٌ إلى الأبد . ولم يخطر لهم أنهم سوف يطالبون
بتداول السلطة ، ومحاربة الاستبداد والفساد في يوم ما .. وأنهم سوف يطيحون بنظامهم
الطائفي طوعا أو كرها ..
7 –
وجاء
يوم استرداد الحق الضائع ، وهتفت الأغلبيةُ تطالبُ الأقليةَ الحاكمةَ بالتنحّي ، جاء
اليوم الذي لم يَحسَبِ العلويُّون له حسابا ، فقد استتبَّ لهمُ الأمرُ أربعين عاما
، وظنوا أن سوريا أصبحتْ مملكةً لهم ، وأنهم سيديرون دفَّة الحكم فيها إلى ما لا
نهاية . ولم يعلموا أن الربيع العربي لن يمهلهم أكثر من ذلك . فإما أن يراجعوا
حساباتهم بدقة أكبر ، وإما أن يُنتَزعَ الحكمُ منهم بالقوة ، ويُحاسَبُوا حسابا
عسيراً على كلِّ صغيرة وكبيرة ، مما ارتكبوه أو سيرتكبونه من إجرام . فكما تَدِينُ
تُدَانُ ، وبالكَيلِ الذي تَكيلُ فيه يُكالُ لك ...
بقلم : ابو
ياسر السوري
تقديم
:
لقيتُ صاحبَ
هذا البيان قبل وفاته بسنوات ، وكان معمماً ، حسنَ السَّمتِ ، حصيفاً ، يمتاز
بالهدوء . وقد أهداني أعداداً من مجلة فصلية ، كان يصدرها ، باسم ( المجمع العالمي
للتقريب بين المذاهب الإسلامية ) والجدير بالذكر ، أن الخير لم يقصد بنشر هذا
البيان الإساءةَ للطائفة ، ولا إفشال خطتها ، لعلمه أنها أصبحتْ من القوة بحيث لا
يؤثر عليها مثل هكذا بيان .. ومن خلال معرفتي بهذا الرجل ، فإنه لا يستبعد أن يكون
قد حصل في حينه على ترخيص بهذا النشر ، كبالون اختبار ترى المخابرات من خلاله ردةَ
فعل الشارع السوري آنذاك ...
ولما تكرمتِ الأختُ
الثائرة مدى ، نشر هذا البيان ، أحببتُ أن نقف معا
على ما جاء فيه ، وغاية الشيخ الخير من نشره عام 1968، بما يمكن قراءته بعد هذا الرابط
التالي لبيان الشيخ الخير: http://www.syria2011.net/t38438-topic
نظرات
في البيان :
موجز القول أن
الشيخَ الخيِّرَ رمى من وراء بيانه هذا إلى الأفكار التالية :
1 –
تحذير
الطائفة النصيرية من الغلو في الدين ، لذلك هاجم قدماء غلاتهم من أمثال : ميمون
القداح .. والمفضل الجعفي .. وأبو الخطاب المجوسي .. ومحمد بن سنان .. من الذين
يؤلهون علياً ، ويستبيحون محارم الله ، ويحاربون الإسلام والمسلمين .
ويرى الشيخُ الخيِّرُ
، أن هؤلاء الأربعة هم أصلُ الغُلُوّ
والزندقة والتطرُّف ، وأنهم أظهروا الولاء لأهل البيت ، وأبطنوا العداء للإسلام . ثم
جاء من أحفاد هؤلاء الغلاة رجل ، اسمه ( أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري )
كان أشد من سابقيه غلوا وزندقة وتطرفا .
2 –
تحذير
العرب والمسلمين من مؤامرةٍ ، يشترك في نسجِ خيوطها ، مجموعةٌ من الضباط مع عدد من
شيوخ الطائفة العلوية في الساحل السوري وجبال العلويين .. ترمي إلى استلام ضباط
الطائفة زمام الحكم في سوريا ، وإقامة دولة علوية ، تكون عاصمتها حمص . وذلك عن
طريق استغلال حزب البعث والجيش معاً ، للوصول إلى هذه الغاية .
3 –
كشف
النقاب عن وجود مؤامرة حقيقية ، وأنه قد عُقِدَ من أجلها اجتماعان سريان خطيران ..كان
الأول منهما في القرداحة عام 1960 حضرَ فيه كثيرٌ من مشايخ الطائفة مع عدد من
الضباط ، على رأسهم : محمد عمران ، ومحمد نبهان ، وصلاح جديد ، وحافظ أسد .
وكان الثاني
في حمص عام 1963 حيث ضمَّ أكثرَ شيوخ الطائفة ، وعدداً من الضباط على رأسهم : عزت
جديد , ومحمد عمران , وحافظ أسد , وإبراهيم ماخوص .
4 – ثم أفصحَ الشيخُ الخيِّرُ عن عدم
موافقته على هذه المؤامرة ، وأنه بريء مما يفكر به هؤلاء الشيوخ والضباط . لأنه
يرى أنه من الخير للطائفة العلوية أنْ لا تفكر بالانفصال عن الدولة الأم سوريا ، لأن
ذلك سيكون وبالاً على الطائفة ، وقد لخص رأيه بقوله :[ إن مجرد التفكير الآن بإعلان
الدولة ( النصيرية ) سيقلبُ الدنيا على الطائفة , لذلك أرى حرصاً على كيان الطائفة
، أن يستمرَّ الوضع كما هو ، ظاهراً الحكمُ بعثيٌّ عربيٌّ ، وباطناً نُصَيريٌّ
علويٌّ , مع ضرورةِ الاهتمامِ بالمراكزِ الحيويةِ في الجيش وكافة مرافق الدولة ، وعدم
إسنادها إلا لمن يكون منا ] .
5 –
ولو
حاولنا الإيغالَ أكثر ، في قراءةَ ما بين سطور هذا البيان ، لوجدنا أن الشيخَ الخيِّرَ
لم يمانع من إقامة دولة علوية لعَدمِ رغبته في إقامتها ، وإنما كان متخوفاً من عواقب
الإعلان عن تشكيل هذه الدولة آنذاك ، مخافة أن يتعرض العلويون لنقمة الأغلبية
السنية ، ويؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر كبير بالطائفة . ولذلك اقترح الخيّرُ – كما رأينا
- أن يستمر الحكمُ بعثيّاً عربيّا في الظاهر ، ونُصَيريّاً علويّاً في الباطن ...
ولو تساءلنا
عن سر مهاجمته لغلاة النصيرية ، ورميهم بالزندقة ؟ فلن يكون الجوابُ أن الرجل ارتد
عن معتقداته النصيرية ، لأن هذا عندهم جزاؤه القتل الفوري .. لهذا يجب أن يكون
الجواب ، أن الخير أراد بهذا الهجوم على رموز طائفته ، التظاهر بالإسلام ، والقول بأن
النصيريين اليوم هم غيرهم في الماضي . وهذا جائزٌ قوله تقيةً وليس اعتقادا .
6 –
ولكن
الشيخ الخير ، ومن شاركه في تلك المؤامرة آنذاك ، لم يَدُرْ بِخَلَدِهِمْ أنّ السُّكْرَ
بخَمرِ القوَّة ، سوف يدفعُ العلويين إلى الاستبداد والفساد ، وأنَّ الشعبَ لن يرضخ
لهذا إلى الأبد ، ولم يفكروا في أنه سوف يجيء ذلك اليوم الذي تقول فيه الأكثرية
للأقلية : لا ، لن تحكمنا أقليةٌ طاغيةٌ إلى الأبد . ولم يخطر لهم أنهم سوف يطالبون
بتداول السلطة ، ومحاربة الاستبداد والفساد في يوم ما .. وأنهم سوف يطيحون بنظامهم
الطائفي طوعا أو كرها ..
7 –
وجاء
يوم استرداد الحق الضائع ، وهتفت الأغلبيةُ تطالبُ الأقليةَ الحاكمةَ بالتنحّي ، جاء
اليوم الذي لم يَحسَبِ العلويُّون له حسابا ، فقد استتبَّ لهمُ الأمرُ أربعين عاما
، وظنوا أن سوريا أصبحتْ مملكةً لهم ، وأنهم سيديرون دفَّة الحكم فيها إلى ما لا
نهاية . ولم يعلموا أن الربيع العربي لن يمهلهم أكثر من ذلك . فإما أن يراجعوا
حساباتهم بدقة أكبر ، وإما أن يُنتَزعَ الحكمُ منهم بالقوة ، ويُحاسَبُوا حسابا
عسيراً على كلِّ صغيرة وكبيرة ، مما ارتكبوه أو سيرتكبونه من إجرام . فكما تَدِينُ
تُدَانُ ، وبالكَيلِ الذي تَكيلُ فيه يُكالُ لك ...