لا يخفى علينا الموقف المشرف للمملكة .. ولكننا نطمع في المزيد :
ولكنَّ الكرب الذي يُطْبِقُ على أنفاسِ السوريين اليوم ، يجعلهم يتطلعون إلى المزيد من دعم الأشقاء الخليجيين .. ولا يُقنعهم أن يتلقوا من دعم المملكة العربية السعودية ، أقل من دعم إيران لنظام الأسد في سوريا .. وربما يتطلع السوريون إلى ضرورة قطع العلاقات ما بين دول الخليج ، وإيران وروسيا والصين .. فذلك ما يرجونه إن كان ممكنا ...
وأنا هنا أصور لك إحساس السوريين العميق .. الذي ولَّدْتُه لديهم العواملُ التالية :
العامل الأول : أنَّ النظام يُحاولُ إبادةَ الشعب السوري ، ويُمارسُ عليه أقسى درجات العنف والإجرام . من قتلٍ وسحلٍ وهدمٍ وحرقٍ واغتصابٍ وإهانةٍ وإذلال .. حتى بلغتْ به القذارة أن يغتصب الرجال ممن هم في سن الخامسة والسبعين .!؟ فلا تلوموا السوريين إن توجَّعُوا تحت مطارق القتل والإذلال ، وطالبوا إخوانهم بمزيد من الدعم والتأييد ...
العامل الثاني : ذكرتَ يا أخي أن المملكة تُفضِّلُ العمل بعيداً عن الضجة الإعلامية في السياسة .. مما يحرم المواطن السوري من كلمة تطمئنه إلى أن هنالك من يؤازره ، ويناصره ، ولا يتخلى عنه بحال من الأحوال .. والسوريون هنا غير معنيّين بالحكمة السياسية ، بمقدار ما هم معنيين بكلمة تعينهم على احتمال ما هم فيه من الضنك والضيق ...
وأذكرك هنا بقوله تعالى : ( وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ) فأرشدنا القرآن بهذه الآية ، إلى أن القولَ أحيانا يعمل عمل الفعل ، ويقوم مقامه . فإذا عجز المسلم عن مساعدة أقربائه ماليا ، فيحسن أن لا يدير لهم ظهره ، مكتفيا بدلالة الحال . بل عليه أن يطمئنهم بالقول الصريح إلى أن الخير قادم إن شاء الله ... وذلك ما أشار إليه المتنبي بقوله : ( فليسعد النطق إن لم يسعد الحالُ ) .
لهذا أرى أن السوريين كانوا وما زالوا بحاجة إلى تصريحات بين الحين والحين ، تطمئنهم إلى أنهم ليسوا وحدهم في المحنة ، فهنالك من يقف معهم ولا يتخلى عنهم ...
لقد ابتلي السوريون بأشرس نظام عَرَفَتْهُ البشريةُ على مدار التاريخ ، فهو يقتل المواطن خارج بيته وداخله ، ويكسر عليه بابه ثم يدخل شبيحته فيغتصبون الزوجة أمام زوجها ، ويقتلون الزوج أمام زوجته ، ويذبحون الأطفال على مشهد من أهليهم ... فهل يلام هؤلاء إن صرخوا يلومون إخوانهم الذين لم يوقفوا عنهم هذا الإجرام ؟ هل يلام هؤلاء إن اتهموا من ليس مقصرا بالتقصير ؟
العامل الثالث : إن الشعب السوري من أشد الشعوب العربية حباً للملكة ، على نقيض النظام فيها ، فهو من يومه يأكل من خير السعودية ، ويشتم فيها .. وأنا لا أقول هذا الكلام نفاقاً ولا مداهنة ، وكل من عرفني يعلم أني لا أنافق أحدا ، لقد عملتُ في مجال التعليم في المملكة أكثر من 25 سنة ، فلم أداهن لمدير ولا لمسؤول ، ولا يستطيع أحد منهم أن يواجهني بخلاف ما أقول .. ولهذا أقول الآن ، نحن السوريين ننظر إلى السعودية نظرة حب ممزوج بالتقديس ، فالمملكة حرسها الله راعية الحرمين الشريفين ، وهي سند أهل السنة في العالم العربي بعد الله . وهي التي نتطلع إليها بعين الإجلال والثقة العمياء ، لدرجة أننا نظن أن المملكة قادرة على ما لا يقدر عليه الآخرون بالنسبة لقضيتنا . ولهذا نحن نطالبها بأكثر مما ينبغي أحيانا . ونحن معذورون في ذلك . فصاحب الحاجة أرعن لا يهمه إلا قضاؤها .
نحن نشكر المملكة قبل وبعد هذه المحنة ، ولسنا بحاجة لمن يعلمنا الواجب ، فمن لم يشكر الناس ، لا يشكر الله ..
وأخيراً ، أذكرك يا سيدي ، بما كان من خالد بن الوليد ، لما عزله عمر من قيادة الجيش في اليرموك . لقد أبدى خالد استياءه من هذا العزل .. فقال له بعض الصحابة : أتريد أن تُحْدِثَ فتنةً يا خالد ؟ فقال خالد : أمَا وابنُ الخطَّابِ حَيٌّ فلا .. وهذا اعترافٌ من خالد بأنَّ عمرَ أكبرُ من كل فتنةٍ يمكن أن تُثار ... ونحن يا سيدي نرى المملكة أكبرَ من أن تغضب لمقهور إن تألم ، وأكبر من أن تنكر على الشعب السوري إن لام إخوانه بحق أو بغير حق . وصدرُ المملكةِ أوسعُ وأرحبُ وأحنى من أنْ تغضبَ على إخوانها السوريين الذين تسحقهم المحن ، وتطحنهم المعاناة .
أمدَّ الله في عمر خادم الحرمين الشريفين ، ورحم الله فقيد العرب والمسلمين الأمير نايف بن عبد العزيز . وحفظ الله المملكة من كل سوء ، وألهمنا أن يعذر بعضا . والحمد لله رب العالمين .
جوابا لمقال أخي " عبد الحق صادق "
بقلم : أبو ياسر السوري
ما أبرد ما قلت على الكبد ، وما أجمل أن يعلم المرء أن شقيقه ينصره ولا يخذله ، ويدافع عنه ولا يسلمه .!؟ وإن الماضي يصدق الحاضر ، ويشهدُ لأغلب دول الخليج بمد يد العون لأشقائهم في الأزمات ، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ..بقلم : أبو ياسر السوري
ولكنَّ الكرب الذي يُطْبِقُ على أنفاسِ السوريين اليوم ، يجعلهم يتطلعون إلى المزيد من دعم الأشقاء الخليجيين .. ولا يُقنعهم أن يتلقوا من دعم المملكة العربية السعودية ، أقل من دعم إيران لنظام الأسد في سوريا .. وربما يتطلع السوريون إلى ضرورة قطع العلاقات ما بين دول الخليج ، وإيران وروسيا والصين .. فذلك ما يرجونه إن كان ممكنا ...
وأنا هنا أصور لك إحساس السوريين العميق .. الذي ولَّدْتُه لديهم العواملُ التالية :
العامل الأول : أنَّ النظام يُحاولُ إبادةَ الشعب السوري ، ويُمارسُ عليه أقسى درجات العنف والإجرام . من قتلٍ وسحلٍ وهدمٍ وحرقٍ واغتصابٍ وإهانةٍ وإذلال .. حتى بلغتْ به القذارة أن يغتصب الرجال ممن هم في سن الخامسة والسبعين .!؟ فلا تلوموا السوريين إن توجَّعُوا تحت مطارق القتل والإذلال ، وطالبوا إخوانهم بمزيد من الدعم والتأييد ...
العامل الثاني : ذكرتَ يا أخي أن المملكة تُفضِّلُ العمل بعيداً عن الضجة الإعلامية في السياسة .. مما يحرم المواطن السوري من كلمة تطمئنه إلى أن هنالك من يؤازره ، ويناصره ، ولا يتخلى عنه بحال من الأحوال .. والسوريون هنا غير معنيّين بالحكمة السياسية ، بمقدار ما هم معنيين بكلمة تعينهم على احتمال ما هم فيه من الضنك والضيق ...
وأذكرك هنا بقوله تعالى : ( وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ) فأرشدنا القرآن بهذه الآية ، إلى أن القولَ أحيانا يعمل عمل الفعل ، ويقوم مقامه . فإذا عجز المسلم عن مساعدة أقربائه ماليا ، فيحسن أن لا يدير لهم ظهره ، مكتفيا بدلالة الحال . بل عليه أن يطمئنهم بالقول الصريح إلى أن الخير قادم إن شاء الله ... وذلك ما أشار إليه المتنبي بقوله : ( فليسعد النطق إن لم يسعد الحالُ ) .
لهذا أرى أن السوريين كانوا وما زالوا بحاجة إلى تصريحات بين الحين والحين ، تطمئنهم إلى أنهم ليسوا وحدهم في المحنة ، فهنالك من يقف معهم ولا يتخلى عنهم ...
لقد ابتلي السوريون بأشرس نظام عَرَفَتْهُ البشريةُ على مدار التاريخ ، فهو يقتل المواطن خارج بيته وداخله ، ويكسر عليه بابه ثم يدخل شبيحته فيغتصبون الزوجة أمام زوجها ، ويقتلون الزوج أمام زوجته ، ويذبحون الأطفال على مشهد من أهليهم ... فهل يلام هؤلاء إن صرخوا يلومون إخوانهم الذين لم يوقفوا عنهم هذا الإجرام ؟ هل يلام هؤلاء إن اتهموا من ليس مقصرا بالتقصير ؟
العامل الثالث : إن الشعب السوري من أشد الشعوب العربية حباً للملكة ، على نقيض النظام فيها ، فهو من يومه يأكل من خير السعودية ، ويشتم فيها .. وأنا لا أقول هذا الكلام نفاقاً ولا مداهنة ، وكل من عرفني يعلم أني لا أنافق أحدا ، لقد عملتُ في مجال التعليم في المملكة أكثر من 25 سنة ، فلم أداهن لمدير ولا لمسؤول ، ولا يستطيع أحد منهم أن يواجهني بخلاف ما أقول .. ولهذا أقول الآن ، نحن السوريين ننظر إلى السعودية نظرة حب ممزوج بالتقديس ، فالمملكة حرسها الله راعية الحرمين الشريفين ، وهي سند أهل السنة في العالم العربي بعد الله . وهي التي نتطلع إليها بعين الإجلال والثقة العمياء ، لدرجة أننا نظن أن المملكة قادرة على ما لا يقدر عليه الآخرون بالنسبة لقضيتنا . ولهذا نحن نطالبها بأكثر مما ينبغي أحيانا . ونحن معذورون في ذلك . فصاحب الحاجة أرعن لا يهمه إلا قضاؤها .
نحن نشكر المملكة قبل وبعد هذه المحنة ، ولسنا بحاجة لمن يعلمنا الواجب ، فمن لم يشكر الناس ، لا يشكر الله ..
وأخيراً ، أذكرك يا سيدي ، بما كان من خالد بن الوليد ، لما عزله عمر من قيادة الجيش في اليرموك . لقد أبدى خالد استياءه من هذا العزل .. فقال له بعض الصحابة : أتريد أن تُحْدِثَ فتنةً يا خالد ؟ فقال خالد : أمَا وابنُ الخطَّابِ حَيٌّ فلا .. وهذا اعترافٌ من خالد بأنَّ عمرَ أكبرُ من كل فتنةٍ يمكن أن تُثار ... ونحن يا سيدي نرى المملكة أكبرَ من أن تغضب لمقهور إن تألم ، وأكبر من أن تنكر على الشعب السوري إن لام إخوانه بحق أو بغير حق . وصدرُ المملكةِ أوسعُ وأرحبُ وأحنى من أنْ تغضبَ على إخوانها السوريين الذين تسحقهم المحن ، وتطحنهم المعاناة .
أمدَّ الله في عمر خادم الحرمين الشريفين ، ورحم الله فقيد العرب والمسلمين الأمير نايف بن عبد العزيز . وحفظ الله المملكة من كل سوء ، وألهمنا أن يعذر بعضا . والحمد لله رب العالمين .