مستفز رد فعل المجتمع الدولي، وكذلك الإعلام الغربي والعربي، تجاه انفجار
المظاهرات الضخمة في حلب، وعندما نقول مستفزا فذلك لأن الجميع بات يردد أن
حلب فاجأت الجميع، وهذا غير صحيح، فقد تكون حلب فاجأت النظام الأسدي لأنه
منفصل عن الواقع، لكن ما كان يجب أن تفاجئ الإعلام والمجتمع الدولي.
فعندما تستمر ثورة لأكثر من أربعة عشر شهرا، مثل الثورة السورية، في بلد
يحكمه نظام قمعي، وطائفي، فذلك يعني، وبكل وضوح، أن تحت الرماد نارا
حقيقية، وأن للثورة أسبابها. وعندما نقول إن ردود الفعل تجاه مظاهرات حلب
مستفزة، فلأن البعض، بل كثرا، استمرأوا التعبير عن التفاجؤ، وطوال الثورة
السورية، بل في جل الأحداث الجسام بمنطقتنا، سواء ما هو قبل عقدين من
الزمان، أو ما هو خلال العشر سنوات المقبلة. ومع الاحترام لكل من قال،
ويقول، بأن أحدا لم يكن ليتنبأ بما حدث مما يسمى الربيع العربي، فإن مجريات
الأمور بمنطقتنا، ومنذ احتلال صدام حسين للكويت، وحتى قبل عام، بل إلى
اليوم، توحي بأن هناك لحظة انفجار حقيقية مقبلة للمنطقة، ومن يعود لما كتب
بصحيفتنا وغيرها، سيجد ألف تحذير وتحذير.
فالسياسة، بشكلها التطبيقي، ليست نشرة أحوال جوية، بل يمكن توقع
نتائجها، خاطئة، أو متهورة، أو صائبة، فلو أراد أي باحث جاد، مثلا، دراسة
أوضاع منطقتنا فسيبدأ من لحظة احتلال صدام للكويت، وربما قبل، ليجد أن
«قشرة» الأرضية السياسية للأمن العربي، والعلاقات بين العرب، قد اختلت، أو
تصدعت، وبالتالي فإن سيلا من الزلازل سيضرب المنطقة، والقصة هنا ليست قصة
هل تكون الزلازل بثورات، أو انقلابات، أو انهيارات، فهذه مماحكة أكثر من
كونها تفاصيل، وهناك مثل شعبي جميل بالسعودية يقول: «طحت أو طيحك الجمل؟
قال قدني وصلت الأرض»، وبمعنى آخر، فمن لم يمت بالسيف مات بغيره!
فإذا تأملنا، مثلا، الإرهاب الذي ضرب المنطقة، فالقصة تعود إلى الخطأ
الذي ارتكب بعد ما سمي بالجهاد في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي، حيث لم
يهتم أحد بعد تلك الحرب بالمقاتلين الأجانب هناك، أو المرحلة الانتقالية
بأفغانستان. والأمر نفسه باليمن، فكل المؤشرات، ومنذ سنين طويلة، تقول إن
اليمن ذاهب لأزمة حقيقية ستنعكس على دول الجوار، وخذ أبسط مثال الحوثيين.
وبمصر كانت أزمة التوريث، والفساد، مع الانفجار السكاني، والفقر، والبطالة،
كلها تعد بمثابة وصفة الموت لأي نظام. والأمر نفسه مع إيران، ومنذ الثورة
الخمينية، حيث عانت المنطقة من استنزاف واختراق، من قبل إيران، وانتشر
بمنطقتنا داء الطائفية القاتل، وكان كثر يستهترون بهذا الأمر، دولا ونخبا،
واليوم ها نحن نواجه إيران باليمن والبحرين والعراق، وليس لبنان وحسب، وقد
يذهل البعض عندما يجد على الـ«يوتيوب» شريطا للراحل جمال عبد الناصر يحذر
فيه من تحويل الجيش السوري إلى طائفي، حيث تمكين العلويين فيه على حساب
باقي الطوائف بسوريا!
المراد قوله إنه آن الأوان لنكف عن المفاجأة، ونشرع في تفعيل العمل
المؤسسي، رصدا، وتحليلا، وتفاعلا مع الأحداث، وأهمها عربيا اليوم هو التصدي
للنظام الدموي بسوريا؛ لأنه يهدد أمن كل منطقتنا.
طارق الحميد
المظاهرات الضخمة في حلب، وعندما نقول مستفزا فذلك لأن الجميع بات يردد أن
حلب فاجأت الجميع، وهذا غير صحيح، فقد تكون حلب فاجأت النظام الأسدي لأنه
منفصل عن الواقع، لكن ما كان يجب أن تفاجئ الإعلام والمجتمع الدولي.
فعندما تستمر ثورة لأكثر من أربعة عشر شهرا، مثل الثورة السورية، في بلد
يحكمه نظام قمعي، وطائفي، فذلك يعني، وبكل وضوح، أن تحت الرماد نارا
حقيقية، وأن للثورة أسبابها. وعندما نقول إن ردود الفعل تجاه مظاهرات حلب
مستفزة، فلأن البعض، بل كثرا، استمرأوا التعبير عن التفاجؤ، وطوال الثورة
السورية، بل في جل الأحداث الجسام بمنطقتنا، سواء ما هو قبل عقدين من
الزمان، أو ما هو خلال العشر سنوات المقبلة. ومع الاحترام لكل من قال،
ويقول، بأن أحدا لم يكن ليتنبأ بما حدث مما يسمى الربيع العربي، فإن مجريات
الأمور بمنطقتنا، ومنذ احتلال صدام حسين للكويت، وحتى قبل عام، بل إلى
اليوم، توحي بأن هناك لحظة انفجار حقيقية مقبلة للمنطقة، ومن يعود لما كتب
بصحيفتنا وغيرها، سيجد ألف تحذير وتحذير.
فالسياسة، بشكلها التطبيقي، ليست نشرة أحوال جوية، بل يمكن توقع
نتائجها، خاطئة، أو متهورة، أو صائبة، فلو أراد أي باحث جاد، مثلا، دراسة
أوضاع منطقتنا فسيبدأ من لحظة احتلال صدام للكويت، وربما قبل، ليجد أن
«قشرة» الأرضية السياسية للأمن العربي، والعلاقات بين العرب، قد اختلت، أو
تصدعت، وبالتالي فإن سيلا من الزلازل سيضرب المنطقة، والقصة هنا ليست قصة
هل تكون الزلازل بثورات، أو انقلابات، أو انهيارات، فهذه مماحكة أكثر من
كونها تفاصيل، وهناك مثل شعبي جميل بالسعودية يقول: «طحت أو طيحك الجمل؟
قال قدني وصلت الأرض»، وبمعنى آخر، فمن لم يمت بالسيف مات بغيره!
فإذا تأملنا، مثلا، الإرهاب الذي ضرب المنطقة، فالقصة تعود إلى الخطأ
الذي ارتكب بعد ما سمي بالجهاد في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي، حيث لم
يهتم أحد بعد تلك الحرب بالمقاتلين الأجانب هناك، أو المرحلة الانتقالية
بأفغانستان. والأمر نفسه باليمن، فكل المؤشرات، ومنذ سنين طويلة، تقول إن
اليمن ذاهب لأزمة حقيقية ستنعكس على دول الجوار، وخذ أبسط مثال الحوثيين.
وبمصر كانت أزمة التوريث، والفساد، مع الانفجار السكاني، والفقر، والبطالة،
كلها تعد بمثابة وصفة الموت لأي نظام. والأمر نفسه مع إيران، ومنذ الثورة
الخمينية، حيث عانت المنطقة من استنزاف واختراق، من قبل إيران، وانتشر
بمنطقتنا داء الطائفية القاتل، وكان كثر يستهترون بهذا الأمر، دولا ونخبا،
واليوم ها نحن نواجه إيران باليمن والبحرين والعراق، وليس لبنان وحسب، وقد
يذهل البعض عندما يجد على الـ«يوتيوب» شريطا للراحل جمال عبد الناصر يحذر
فيه من تحويل الجيش السوري إلى طائفي، حيث تمكين العلويين فيه على حساب
باقي الطوائف بسوريا!
المراد قوله إنه آن الأوان لنكف عن المفاجأة، ونشرع في تفعيل العمل
المؤسسي، رصدا، وتحليلا، وتفاعلا مع الأحداث، وأهمها عربيا اليوم هو التصدي
للنظام الدموي بسوريا؛ لأنه يهدد أمن كل منطقتنا.
طارق الحميد