لا نحتاج إلى كثير من الذكاء لندرك أن بشار الأسد يقف وراء انفجارات القزاز
ومن بعدها انفجار حلب أمام مقر حزب البعث. فمسرحية العصابات المسلحة لم تعد
لتنطلي على أحد ولا على المؤيدين أنفسهم. فقد سارع الأسد، كما نعلم، إلى
اتهام عصابات مسلحة في درعا منذ أول يوم للثورة، بدل اتهام رئيس العصابة
الفعلي ابن خالته المدلل عاطف نجيب.
يعرف السوريون أن حي القزاز هو من الأحياء الثائرة في دمشق، وأن سكانه
يصلون الليل بالنهار تظاهرات وهتافات ضد الأسد وشبيحته. ولهذا فإننا نعتقد
أن النظام وضع نصب عينيه معاقبة أهل الحي بتفجيرات ضخمة يفتعلها هناك.
لا يستطيع النظام أن يقصف دمشق وحلب بالطائرات والمدفعية لأن ذلك سيفضحه
أمام العالم، لكنه يستطيع أن يستعيض عن ذلك بإحداث تفجيرات في المدينتين
لنشر الرعب فيهما. فبينما يكون مصير بابا عمرو ودرعا وإدلب القصف والتدمير
يكون مصير دمشق وحلب التفجيرات المروعة.
العديد من التساؤلات تم طرحها بعد وقوع التفجير الانتحاري في القزاز، ونذكر هنا أهمها:
- يقع فرع فلسطين، أشد الفروع الأمنية وحشية وشراسة، في هذا الحي، ولهذا
فهو محاط بمئات المخبرين والمئات من آلات التصوير وتمنع السيارات كافة من
الوقوف أو التوقف في المكان. فكيف إذاً تم وقوف الشاحنة المحملة بالمتفجرات
هناك ولم يلحظها أحد؟ علماً أن هناك شاخصة واضحة تمنع وقوف السيارات في كل
نقطة من الشارع المؤدي إلى الفرع المذكور.
- كيف تستطيع حكومة بشار أن تفسر صورة رجلين اثنين على الأقل ظهرا بين الشهداء وعلى جسميها وشاح أسود قد أوثق يديهما إلى الخلف؟
- وبالمعيار نفسه فقد ظهرت صورة لشهيد بلباسه الداخلي. أيعقل أن الرجل
كان يمشي في الساعة الثامنة صباحاً في دمشق بلباسه الداخلي؟! أليس من
الواضح أن الرجل جيء به من المعتقل؟
- نتساءل بشدة عن الشهيد مؤيد حسين السبيعي الذي اختطفته الشبيحة قبل أكثر من شهر وتم التعرف على جثته مكان التفجير؟
- لنفترض جدلاً أن طرفاً ثالثاً قام بهذا التفجير الدامي، فلماذا لم
يستقل حتى الآن وزير الداخلية أو رئيس الوزراء أو بشار نفسه، طالما أنه لم
يستطع فرض الأمن في البلاد، أو حماية الشعب السوري منذ أربعة عشر شهراً إلى
اليوم؟
- لماذا لا يقبل النظام بتحقيق دولي مستقل في الحادثة، كما حدث في قضية استشهاد رفيق الحريري؟
- لماذا لا يقوم النظام بعرض الأدلة الجنائية التي تثبت لنا قطعاً قيام مجموعات القاعدة بمثل هذا التفجير؟
- لماذا لم يسمح لوسائل الإعلام العربية أو الدولية، حتى المؤيدة منها،
الاقتراب من موقع التفجير بينما كان التلفزيون السوري يتجول هناك منذ
الدقائق الأولى للحدث؟
- لماذا لا تقوم الحكومة السورية بإظهار ما سجلته آلات التصوير المزروعة
في المكان ليتسنى لنا أخذ رأي قاطع في المسألة وتحديد هوية الفاعلين؟
- ما معنى أن تصرف الحكومة السورية الضباط والمجندين من فرع فلسطين قبل ساعة تقريباً من وقوع الانفجار؟
- وبالمعيار نفسه فما معنى أن يمنع المرور منعاً باتاً في طريق الانفجار قبل يوم كامل من وقوعه؟
الوثيقة الأمنية المسربة في بداية الثورة، طلبت من الاستخبارات القيام
بتفجيرات كبرى في المدن الرئيسة لإرهاب الناس، وتحويل أعين الرأي العام
المحلي والعالمي عن فكرة الثورة السلمية إلى معركة بين تنظيمات القاعدة
وبين النظام السوري الذي يريد أن يحمي شعبه. ويبدو لنا أن النظام تسرع في
تنفيذ هذه الخطة تهرباً من استحقاقات مبادرة عنان ومهمة المراقبين.
في محادثات الأميركان مع علي مملوك رئيس الاستخبارات العامة السورية،
قال الأخير، إن حكومته أفضل من أميركا في التعامل مع القاعدة، فقد استطاعت
اختراق تنظيماتهم، وتوظيفهم لمصالحها، ويبدو ذلك جلياً في إرسال تلك
المجموعات إلى مناطق التوتر في بعض البلاد العربية، ومن المعلوم، أنها قامت
بتصفية بعضهم كما فعلت مع «أبوالقعقاع» في حلب، وزجت بكثير منهم في السجون
منتظرة الحاجة إليهم مرة أخرى، كما فعلت مع «أبومصعب السوري» حيث أطلقت
سراحه مع بداية الثورة.
من الواجب القول إن أي تنظيم جهادي يدعي تبنيه لهذه التفجيرات، فهو
قطعاً من صنيعة النظام، وإلا كيف نفسر أن يقتل تنظيم إسلامي السنة في حي
القزاز، بدل أن يقتل من يعتقد كفرهم كفراً بواحاً. فإذا كانت المسألة كما
ادعى الجعفري، طائفية وسلفية وجهادية، فلماذا لم يهاجم ذلك التنظيم
القرداحة مثلاً، أو مسيرات التأييد أو قطعان الشبيحة المنتشرين في طول
البلاد وعرضها.
أيضاً، فليس للجيش الحر أي مصلحة في مثل هذه التفجيرات، فهو انشق عن جيش
الأسد ليدافع عن المدنيين لا ليقتلهم. وكان الأولى به أن يفعل مثل ذلك
ليوقع أكبر الخسائر في أجهزة النظام ومؤيديه.
على ما سبق فإن المعارضة السورية لا تملك الحد الأدنى من الدافع للقيام
بمثل هذه التفجيرات، بينما يستفيد النظام استفادة كاملة من إرهاب أهل دمشق
وحلب، والاستعاضة عن القصف كما ذكرنا، وإحباط خطة عنان ومهمة المراقبين، مع
ملاحظة أننا لا ندعم هذه المهمة ولا تلك الخطة.
أخيراً، فمما يشجع الأسد على القيام بمثل هذه التفجيرات هو الموقف
الأميركي، الذي يلمح تحت ضغط نتنياهو، إلى وجود القاعدة في سوريا، وذلك
للتنصل من استحقاقات مساندة الشعب السوري في ثورته السلمية.
أميركا تعلم علم اليقين أن النظام هو من قام بالتفجيرات، ولكن السياسة
الأميركية تفتقر على الدوام إلى القيم والأخلاق، وبكل حال فلن ينتظر الشعب
السوري مساعدة الغرب، فهو شعب «لا يضره من خذله».
ومن بعدها انفجار حلب أمام مقر حزب البعث. فمسرحية العصابات المسلحة لم تعد
لتنطلي على أحد ولا على المؤيدين أنفسهم. فقد سارع الأسد، كما نعلم، إلى
اتهام عصابات مسلحة في درعا منذ أول يوم للثورة، بدل اتهام رئيس العصابة
الفعلي ابن خالته المدلل عاطف نجيب.
يعرف السوريون أن حي القزاز هو من الأحياء الثائرة في دمشق، وأن سكانه
يصلون الليل بالنهار تظاهرات وهتافات ضد الأسد وشبيحته. ولهذا فإننا نعتقد
أن النظام وضع نصب عينيه معاقبة أهل الحي بتفجيرات ضخمة يفتعلها هناك.
لا يستطيع النظام أن يقصف دمشق وحلب بالطائرات والمدفعية لأن ذلك سيفضحه
أمام العالم، لكنه يستطيع أن يستعيض عن ذلك بإحداث تفجيرات في المدينتين
لنشر الرعب فيهما. فبينما يكون مصير بابا عمرو ودرعا وإدلب القصف والتدمير
يكون مصير دمشق وحلب التفجيرات المروعة.
العديد من التساؤلات تم طرحها بعد وقوع التفجير الانتحاري في القزاز، ونذكر هنا أهمها:
- يقع فرع فلسطين، أشد الفروع الأمنية وحشية وشراسة، في هذا الحي، ولهذا
فهو محاط بمئات المخبرين والمئات من آلات التصوير وتمنع السيارات كافة من
الوقوف أو التوقف في المكان. فكيف إذاً تم وقوف الشاحنة المحملة بالمتفجرات
هناك ولم يلحظها أحد؟ علماً أن هناك شاخصة واضحة تمنع وقوف السيارات في كل
نقطة من الشارع المؤدي إلى الفرع المذكور.
- كيف تستطيع حكومة بشار أن تفسر صورة رجلين اثنين على الأقل ظهرا بين الشهداء وعلى جسميها وشاح أسود قد أوثق يديهما إلى الخلف؟
- وبالمعيار نفسه فقد ظهرت صورة لشهيد بلباسه الداخلي. أيعقل أن الرجل
كان يمشي في الساعة الثامنة صباحاً في دمشق بلباسه الداخلي؟! أليس من
الواضح أن الرجل جيء به من المعتقل؟
- نتساءل بشدة عن الشهيد مؤيد حسين السبيعي الذي اختطفته الشبيحة قبل أكثر من شهر وتم التعرف على جثته مكان التفجير؟
- لنفترض جدلاً أن طرفاً ثالثاً قام بهذا التفجير الدامي، فلماذا لم
يستقل حتى الآن وزير الداخلية أو رئيس الوزراء أو بشار نفسه، طالما أنه لم
يستطع فرض الأمن في البلاد، أو حماية الشعب السوري منذ أربعة عشر شهراً إلى
اليوم؟
- لماذا لا يقبل النظام بتحقيق دولي مستقل في الحادثة، كما حدث في قضية استشهاد رفيق الحريري؟
- لماذا لا يقوم النظام بعرض الأدلة الجنائية التي تثبت لنا قطعاً قيام مجموعات القاعدة بمثل هذا التفجير؟
- لماذا لم يسمح لوسائل الإعلام العربية أو الدولية، حتى المؤيدة منها،
الاقتراب من موقع التفجير بينما كان التلفزيون السوري يتجول هناك منذ
الدقائق الأولى للحدث؟
- لماذا لا تقوم الحكومة السورية بإظهار ما سجلته آلات التصوير المزروعة
في المكان ليتسنى لنا أخذ رأي قاطع في المسألة وتحديد هوية الفاعلين؟
- ما معنى أن تصرف الحكومة السورية الضباط والمجندين من فرع فلسطين قبل ساعة تقريباً من وقوع الانفجار؟
- وبالمعيار نفسه فما معنى أن يمنع المرور منعاً باتاً في طريق الانفجار قبل يوم كامل من وقوعه؟
الوثيقة الأمنية المسربة في بداية الثورة، طلبت من الاستخبارات القيام
بتفجيرات كبرى في المدن الرئيسة لإرهاب الناس، وتحويل أعين الرأي العام
المحلي والعالمي عن فكرة الثورة السلمية إلى معركة بين تنظيمات القاعدة
وبين النظام السوري الذي يريد أن يحمي شعبه. ويبدو لنا أن النظام تسرع في
تنفيذ هذه الخطة تهرباً من استحقاقات مبادرة عنان ومهمة المراقبين.
في محادثات الأميركان مع علي مملوك رئيس الاستخبارات العامة السورية،
قال الأخير، إن حكومته أفضل من أميركا في التعامل مع القاعدة، فقد استطاعت
اختراق تنظيماتهم، وتوظيفهم لمصالحها، ويبدو ذلك جلياً في إرسال تلك
المجموعات إلى مناطق التوتر في بعض البلاد العربية، ومن المعلوم، أنها قامت
بتصفية بعضهم كما فعلت مع «أبوالقعقاع» في حلب، وزجت بكثير منهم في السجون
منتظرة الحاجة إليهم مرة أخرى، كما فعلت مع «أبومصعب السوري» حيث أطلقت
سراحه مع بداية الثورة.
من الواجب القول إن أي تنظيم جهادي يدعي تبنيه لهذه التفجيرات، فهو
قطعاً من صنيعة النظام، وإلا كيف نفسر أن يقتل تنظيم إسلامي السنة في حي
القزاز، بدل أن يقتل من يعتقد كفرهم كفراً بواحاً. فإذا كانت المسألة كما
ادعى الجعفري، طائفية وسلفية وجهادية، فلماذا لم يهاجم ذلك التنظيم
القرداحة مثلاً، أو مسيرات التأييد أو قطعان الشبيحة المنتشرين في طول
البلاد وعرضها.
أيضاً، فليس للجيش الحر أي مصلحة في مثل هذه التفجيرات، فهو انشق عن جيش
الأسد ليدافع عن المدنيين لا ليقتلهم. وكان الأولى به أن يفعل مثل ذلك
ليوقع أكبر الخسائر في أجهزة النظام ومؤيديه.
على ما سبق فإن المعارضة السورية لا تملك الحد الأدنى من الدافع للقيام
بمثل هذه التفجيرات، بينما يستفيد النظام استفادة كاملة من إرهاب أهل دمشق
وحلب، والاستعاضة عن القصف كما ذكرنا، وإحباط خطة عنان ومهمة المراقبين، مع
ملاحظة أننا لا ندعم هذه المهمة ولا تلك الخطة.
أخيراً، فمما يشجع الأسد على القيام بمثل هذه التفجيرات هو الموقف
الأميركي، الذي يلمح تحت ضغط نتنياهو، إلى وجود القاعدة في سوريا، وذلك
للتنصل من استحقاقات مساندة الشعب السوري في ثورته السلمية.
أميركا تعلم علم اليقين أن النظام هو من قام بالتفجيرات، ولكن السياسة
الأميركية تفتقر على الدوام إلى القيم والأخلاق، وبكل حال فلن ينتظر الشعب
السوري مساعدة الغرب، فهو شعب «لا يضره من خذله».