اجهر برأيك
للشاعر : أبو ياسر السوري
أرادَكَ الْحُكْمُ أنْ تَعْنُو لَهُ مَلَقاً : وتَمْلأَ الأرضَ في إطرائِهِ صَخَبَا
قُلْ(لا)وَصُكَّ بِهَا الأَسْمَاعَ صَاخِبَةً : كالرعد زمجر في الأجواء مصطخبا
قل (لا) وواجه بها الحكام لاهبةً : كأنَّهَا حُمَمُ الْبُرْكَانِ مُلْتَهِبَا
قُلْ (لا) ولا تَمْتَدِحْ بِالشِّعْرِ طَاغِيَةً : ولا تُبَلِّغْهُ مِمَّا يَبْتَغِي أَرَبَا
ما أقبحَ الشِّعْرَ أنْ تَغْدُو فَرَائِدُهُ : مَدَائِحاً صَاغَهَا مَنْ صَاغَهَا كَذِبَا
الشِّعْرُ سِفْرُ خُلُوْدٍ بَيْنَ أَسْطُرِهِ : تَرَى الْمَدَامِعَ ، أوْ تَسْتَشْرِفُ الطَّرَبَا
دِمَشْقُ حَتَّامَ يَمْشِي البَغْيُ مُغْتَبِطاً : في غُوْطَتَيْكِ على أَجْدَاثِنَا عُصَبَا
وَحَوْلَكِ الريفُ كالإعصارِ منطلقاً : والمَوْجِ مُصْطَفِقَاً والسَّيْلِ مُنْسَرِبَا
دِمَشْقُ كُنْتِ بُطُوْلاتٍ مُخَلَّدَةً : ومن يسومك ضيماً ساءَ مُنْقَلَبَا
لا يستويْ بلدٌ قادَ النضال إلى : حُرِّيَّةٍ والذي لم يَقْضِ ما وَجَبَا
فَحَيِّ حِمْصَ فقد وفَّتْ بما صَبَرَتْ : على البلاءِ اصطباراً أذهلَ العَرَبَا
وَحَيِّ عَنِّيْ حَمَاةَ الْعِزِّ ثَائِرَةً : كاللَّيْثِ في الغِيْلِ أبْدَى نابَهُ غَضَبَا
وَحَيِّ شَعْباً عَظِيْماً هَبَّ منتفضاً : يُزْجِيْ لِحَاكِمِهِ الإنكارَ وَالْعَتَبَا
وإنْ تأنَّقَ شِعْرِيْ في مَدائِحِهِ : أستغفرُ اللهَ لن أنسى بِهِ حَلَبَا
فلم تزل حلبُ الشهباءُ رائدةً : إلى المعالي وتسقي خصمها العَطَبَا
لا يُمْنَحُ الْمَجْدُ يا شهباءُ نافلةً : ولا يُجَازَى امْرُؤٌ إلا بما كَسَبَا
شهباءُ ثوري كما الإعصارِ غاضبةً : والريحِ زائرةً والبحر مُضْطَرِبَا
ثُوري كما أنتِ يومَ الرَّوْعِ عاصفةً : ثُوري كما أنتِ كالعملاقِ مُنْتَصِبَا
عرينُكِ اليومَ يا شهباءُ مُغْتَصَبٌ : ويحَ العرينِ عرينِ الليثِ مُغْتَصَبَا
وحولك الريفُ قد وفَّى مواثقَه : إذِ امتطى لبلوغِ المجد ما صَعُبَا
مِنْ كلِّ أروعَ يلقَى الموتَ مبتسماً : إذا الجبانُ تجافَى عنه مُكتئبا
يا ثَوْرَةً ظَفِرَتْ دَرْعَا بِرَايَتِهَا : حُيِّيْتِ مِنْ ثَوْرَةٍ تَسْتَأْثِرُ الْعَجَبَا
لَبَّاكِ مِنْ شَعْبِنَا الْمِغْوَارِ كُلُّ فَتَىً : زَاكِي الأَرُوْمَةِ أُمَّاً حُرَّةً وَأَبَا
لَبَّاكِ كُلُّ أَبِيٍّ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ : ولا مُدِلٍّ بما ضَحَّى وما وَهَبَا
لقد بَذَلْنَا دَمَاً في سُوْقِ مَكْرُمَةٍ : دَمَاً تَحَدَّرَ كَالشَّلالِ مُنْسَكِبَا
دَمَاً سَقَى كُلَّ شِبْرٍ مِنْ مَرَابِعِنَا : كانَ الشَّرَابَ لها وَالْكَأْسَ وَالْحَبَبَا
دَمَاً ذَكِيّاً قَدِ ازْدَانَتْ بِحُمْرَتِهِ : حُرِّيَّةٌ لَبِسَتْ أَثوَابَهَا قُشُبَا
دَمَاً بِهِ كَتَبَ التاريخُ أغنيةً : للمجدِ أَكْرِمْ بما غَنَّى وما كَتَبَا
يا سَارِيَ الْبَرْقِ بَارِكْ ثائراً بَطَلاً : يُعَانِقُ الْمَوْتَ مُخْتَاراً وَمُحْتَسِبَا
يَجُوْدُ بِالرُّوْحَ قُرْبَاناً لِخَالِقِهِ : هذا هُوَ الْجُوْدُ لا مَنْ قَرَّبَ الذَّهَبَا
قُلْ للزَّعِيْمِ الذي قَدْ هَيَّأَ الصُّلُبَا : بِأيِّ ذَنْبٍ لَدَيْكَ الشَّعْبُ قَدْ صُلِبَا
قُلْ للزَّعِيْمِ وَقَدْ أثرَى بِثَرْوَتِنَا : ماذا يُسَمَّى زعيمٌ خانَ أو نَهَبَا
ما صَارَعَ الْحَقُّ طُغْيَاناً بِمُعْتـَرَكٍ : إلاَّ تَمَكَّنَ مِنْهُ الْحَقُّ بَلْ غَلَبَا
دَنَا الْحِسَابُ وقد جاءتْ بَشَائِرُهُ : تَتْرَى وَأوْشَكَ نَصْرُ الله واقتَرَبَا
بارك الله فيك