ابن العلقمي .. وسقوط بغداد سنة 656 ه :
- تاريخ وعبرة -
أجمع المؤرخون على تلقيب ابن العلقمي الشيعي ( بالوزير المشؤوم ) ذلك لأنه خان المسلمين ، انتصارا للشيعة ، فكاتب التتار واستقدمهم لقتل المسلمين ، فلما حضروا لم يفرقوا بين سني ولا شيعي ، فقتلوهم معا ، واعتدوا على أعراضهم معا ، حتى إنهم لم يبالوا بابن العقمي نفسه ، فأهانوه إهانات لم يحتملها ، فمات غما وهما وحزنا وكمدا ..
وقد قيل إن ابن العلقمي تسبب بخيانته هذه ، في قتل حوالي مليوني إنسان من أهل بغداد ، وسقطت بها الخلافة ، واستبيحت مئات المدن الإسلامية ، وهتكت أعراض نسائها ، وقتل الآلاف من علمائها ، ووجهائها ، وأمرائها ، وأعيانها ... وكان جديرا بأن يلقب ( بالوزير المشؤوم ) لأن شؤمه عمَّ الأمة الإسلامية بأسرها .؟؟
وملخص الحكاية :
أن ابن العلقمي كان يشغل منصب الوزير الأول ، أي رئيس وزراء دار الخلافة في زمانه ، وكان له من العز والجاه ، ما لا يفوقه فيهما أحد من الرعية . ومع ذلك لم يمنعه ما وصل إليه من مجد وسلطان ، أن يغدر بولي نعمته الخليفة ، بل ويغدر بكل المسلمين ، دون أي مبرر لهذا الغدر ، سوى الحقد الأعمى ، الذي يغلي في صدر كل شيعي ، على أبناء السنة من المسلمين .. فقد عمد هذا الرجل إلى مكاتبة التتار ، وإغرائهم بالهجوم على بغداد ، وقتل الخليفة وكل رجالات أهل السنة فيها ... رجاءَ أن يقيموه في مكان الخليفة ، ويجعلوه خادما لهم في بغداد ، ويدين إليهم بعدها بالولاء مدى الحياة ، ويؤدي لهم ما يفرضونه عليه من أرزاق وإتاوات ...
وكان يَعمَدُ في مكاتباته إلى طرقٍ خبيثة جدا ، من ذلك ما ذكره الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات : " حُكِيَ أنَّ ابنَ العلقمي أخَذَ رجلاً وحَلَقَ رأسَه حلقاً بليغاً ، وكتبَ ما أراد عليه بوخز الإبر ، كما يُفْعَلُ بالوشم ، ونَفَضَ عليه الكُحْلَ ، وتَرَكَهُ عنده إلى أنْ طَلَعَ شعرُهُ ، وغطَّى ما كتب ، فجهَّزَهُ ، وقال إذا وصلتَ إلى التتار ، فمُرْهُمْ بحلْقِ رأسِكَ ، ودَعْهُمْ يقرأون ما فيه ... وكان في آخر الكلام ( قَطِّعُوا الورقة ) .. فوصلَ حامل الرسالة إلى التتار ، وحلقوا رأسه ، ثم قرأوا الرسالة الموشومة على رأسه ، ثم ضربوا رقبته عملا بوصية ابن العلقمي بتقطيع الورقة .
وكان ابن العقمي يُمَهِّدُ لهزيمة المسلمين بالكيد لهم في الخفاء . فقد أقنع الخليفة بتسريح الجند ، والاكتفاء منهم بالعدد اليسير ، وقال له : إن رواتب هؤلاء الجند تجشِّمُ الخلافةَ مبالغَ ماليةً طائلة في غير طائل . فسرَّحَ الخليفةُ (90) ألف مقاتل ، ولم يبق لديه سوى (10) آلاف . فاشتد بذلك حَنَقُ الجُندِ المسرَّحين على الخليفة ، لأنهم ساءت أحوالهم المعيشية بعد التسريح ، حتى اضطر بعضهم بضغط الحاجة إلى ذُلِّ السؤال ، والتَّكَفُّفِ على أبواب المساجد . وكان هؤلاء الجُنْدُ قبل ذلك يغزون ويغنمون ويعودون بالخير على أنفسهم وعلى المسلمين .
ولما توصَّل ابنُ العلقمي إلى إضعاف قوة الخلافة ، بتسريح الجند ، وأثار بذلك حفيظتهم على الخليفة ، سارعَ إلى مراسلة التتار ، وأخبرهم بأن الفرصة أصبحت سانحة لهم ، فالخليفة قليلُ الجند ، وشعبه ناقم عليه ، ويريد الخلاصَ منه ، وما عليكم إلا محاصرة بغداد ، ولسوف تفتح لكم أبوابها بدون عناء .
وفعلا جهَّز هولاكو جيشا قوامُهُ مئات الآلاف من المقاتلين الأشداء ، وتوجه بهم إلى دار الخلافة بغداد . فحاصرها حصارا شديدا ، وراح التتار يرشقون قصر الخلافة بالنبال ، حتى قتلوا بعض جواري الخليفة أمام عينيه في إحدى قاعات قصره .
ولما أحاط التتار ببغداد ، برزَ إليهم ابن العلقمي بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه ، فاجتمع بـ ( هولاكو خان ) لعنه الله ، ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه ، والمثولِ بين يديه ، لتقع المصالحةُ على أن يكون نصفُ خراج العراق لهم ونصفه للخليفة ، فخرج الخليفة في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء ورؤوس الأمراء ورجالات الدولة وأعيانها ، فلما اقتربوا من منزل السلطان "هولاكو خان" حُجِبُوا عن الخليفة إلا سبعةَ عشَرَ رجلاً ، فخَلَصَ الخليفةُ بهؤلاء المذكورين إلى هولاكو ، وأُمِرَ الباقون بالنزول عن مراكبهم ، فنُهِبَتْ المراكب ، وقُتِلَ أصحابُها عن آخرهم .. أما الخليفة فقد اقتِيْدَ بعُنفٍ للمثول بين يدي هولاكو ، فعنَّفَهُ على أمور كان قد أخبره بها ابن العلقمي أثناء مكاتباته السرية لهم . فتلعثمَ الخليفةُ ولم يَحِرْ جوابا ، ثم التمَسَ الصلحَ ، فأجيب إليه ، بعدما فُرِضَ عليه أنْ يَدفعَ للتتار كميات كبيرة من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والأشياء النفيسة ، فانصاع الخليفة للأمر وأحضر الذهب والمال والجواهر . ولكن ابن العلقمي قال لملك التتار : لئن صالحته اليوم ، فما هو إلا عام أو عامان ، ويجهز الخليفة جيوشا لا قبل لك بها ، ويسترد كل ما خسر .. وزيَّنَ إليه قتله ، والخلاصَ منه إلى الأبد . فوُضِعَ الخليفةُ داخلَ كيسٍ من الخيش ، وظلَّ التتار يركلونه بأرجلهم ، ويخنقونه بأيديهم ، حتى فارق الحياة . وابن العلقمي يشهد تعذيبه ، ويتشفى به ويشمت .
ثم استباح التتار بغداد ، ومالوا على مَنْ فيها ، فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان ، واضطُرَّ كثيرٌ من الناس إلى الدخول في الآبار ، وأقنية الوسخ . وكَمَنُوا كذلك أياما لا يَظْهَرُون . وكان الجماعةُ من الناس يجتمعون إلى الخانات ، ويُغلِقُون عليهم الأبواب ، فتفتحها عساكر التتار إما بالكسر وإما بالنار ، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي المباني ، فيقتلونهم فوق الأسطحة ، حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة .
وكان الرجل يُستَدعَى به من دار الخلافة من بني العباس فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى مقبرة الخلال ، فيذبح كما تذبح الشاة ، أمام أهله وبناته ونسائه وأبنائه .
وقُتِلَ كل من كان هنالك من الخطباءِ والائمةِ ، وحملةِ القرآن ، وتعطلتِ المساجدُ والجماعاتُ والجُمُعَاتُ مدةَ شهور . وما زال السيفُ يعمل في أهل بغداد أربعين يوما متوالية ، حتى بلغ عددُ القتلى مليوني إنسان ، كانت جثثهم مُكدَّسةً كالتلال ، وأصبحتْ بغدادُ مدينةَ أشباح ...
فلما انقضت الأربعون يوماً ، نُودِيَ في بغدادَ بالأمان ، وخرجَ من تحتِ الأرض مَنْ كان بالمطامير والأقنية والمقابر ، كأنهم الموتى إذا نُبِشُوا من قبورهم ، وقد أنكر بعضُهم بعضا ، فلا يَعرِفُ الوالدُ ولدَهُ ولا الاخُ أخاه .
أما ابن العلقمي ، فقد عاقبه الله في الدنيا ، فكوفئ على خيانته بالإذلال والإهانة والاحتقار ... ذكر النويري أنَّ هولاكو استدعاه ، فوبَّخَهُ وبَصَقَ عليه ، وعيَّنَهُ تابعاً لرجل يدعى ابنَ عمران ، كان من خدم المستعصم ، أيام كان ابن العلقمي وزيراً . وزيادة في إصرار هولاكو على إذلال ابن العلقمي ، نهاه أن يركب فرسا ، وقال له : حسبُك أن تركب بِرذَوناً دون الفرس وفوق الحمار ...
لم يَعِشْ هذا الخائنُ بعد ذلك سوى شهرين ، فهلك وأراح الله منه . ثم لحق به ابنُهُ في أقلَّ من شهر ، ونسأل الله أن يكون قد عجَّل بهما إلى النار وبئس القرار ... ( فاعتَبِرُوا يا أُولِي الأبصار ) .
- تاريخ وعبرة -
أجمع المؤرخون على تلقيب ابن العلقمي الشيعي ( بالوزير المشؤوم ) ذلك لأنه خان المسلمين ، انتصارا للشيعة ، فكاتب التتار واستقدمهم لقتل المسلمين ، فلما حضروا لم يفرقوا بين سني ولا شيعي ، فقتلوهم معا ، واعتدوا على أعراضهم معا ، حتى إنهم لم يبالوا بابن العقمي نفسه ، فأهانوه إهانات لم يحتملها ، فمات غما وهما وحزنا وكمدا ..
وقد قيل إن ابن العلقمي تسبب بخيانته هذه ، في قتل حوالي مليوني إنسان من أهل بغداد ، وسقطت بها الخلافة ، واستبيحت مئات المدن الإسلامية ، وهتكت أعراض نسائها ، وقتل الآلاف من علمائها ، ووجهائها ، وأمرائها ، وأعيانها ... وكان جديرا بأن يلقب ( بالوزير المشؤوم ) لأن شؤمه عمَّ الأمة الإسلامية بأسرها .؟؟
وملخص الحكاية :
أن ابن العلقمي كان يشغل منصب الوزير الأول ، أي رئيس وزراء دار الخلافة في زمانه ، وكان له من العز والجاه ، ما لا يفوقه فيهما أحد من الرعية . ومع ذلك لم يمنعه ما وصل إليه من مجد وسلطان ، أن يغدر بولي نعمته الخليفة ، بل ويغدر بكل المسلمين ، دون أي مبرر لهذا الغدر ، سوى الحقد الأعمى ، الذي يغلي في صدر كل شيعي ، على أبناء السنة من المسلمين .. فقد عمد هذا الرجل إلى مكاتبة التتار ، وإغرائهم بالهجوم على بغداد ، وقتل الخليفة وكل رجالات أهل السنة فيها ... رجاءَ أن يقيموه في مكان الخليفة ، ويجعلوه خادما لهم في بغداد ، ويدين إليهم بعدها بالولاء مدى الحياة ، ويؤدي لهم ما يفرضونه عليه من أرزاق وإتاوات ...
وكان يَعمَدُ في مكاتباته إلى طرقٍ خبيثة جدا ، من ذلك ما ذكره الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات : " حُكِيَ أنَّ ابنَ العلقمي أخَذَ رجلاً وحَلَقَ رأسَه حلقاً بليغاً ، وكتبَ ما أراد عليه بوخز الإبر ، كما يُفْعَلُ بالوشم ، ونَفَضَ عليه الكُحْلَ ، وتَرَكَهُ عنده إلى أنْ طَلَعَ شعرُهُ ، وغطَّى ما كتب ، فجهَّزَهُ ، وقال إذا وصلتَ إلى التتار ، فمُرْهُمْ بحلْقِ رأسِكَ ، ودَعْهُمْ يقرأون ما فيه ... وكان في آخر الكلام ( قَطِّعُوا الورقة ) .. فوصلَ حامل الرسالة إلى التتار ، وحلقوا رأسه ، ثم قرأوا الرسالة الموشومة على رأسه ، ثم ضربوا رقبته عملا بوصية ابن العلقمي بتقطيع الورقة .
وكان ابن العقمي يُمَهِّدُ لهزيمة المسلمين بالكيد لهم في الخفاء . فقد أقنع الخليفة بتسريح الجند ، والاكتفاء منهم بالعدد اليسير ، وقال له : إن رواتب هؤلاء الجند تجشِّمُ الخلافةَ مبالغَ ماليةً طائلة في غير طائل . فسرَّحَ الخليفةُ (90) ألف مقاتل ، ولم يبق لديه سوى (10) آلاف . فاشتد بذلك حَنَقُ الجُندِ المسرَّحين على الخليفة ، لأنهم ساءت أحوالهم المعيشية بعد التسريح ، حتى اضطر بعضهم بضغط الحاجة إلى ذُلِّ السؤال ، والتَّكَفُّفِ على أبواب المساجد . وكان هؤلاء الجُنْدُ قبل ذلك يغزون ويغنمون ويعودون بالخير على أنفسهم وعلى المسلمين .
ولما توصَّل ابنُ العلقمي إلى إضعاف قوة الخلافة ، بتسريح الجند ، وأثار بذلك حفيظتهم على الخليفة ، سارعَ إلى مراسلة التتار ، وأخبرهم بأن الفرصة أصبحت سانحة لهم ، فالخليفة قليلُ الجند ، وشعبه ناقم عليه ، ويريد الخلاصَ منه ، وما عليكم إلا محاصرة بغداد ، ولسوف تفتح لكم أبوابها بدون عناء .
وفعلا جهَّز هولاكو جيشا قوامُهُ مئات الآلاف من المقاتلين الأشداء ، وتوجه بهم إلى دار الخلافة بغداد . فحاصرها حصارا شديدا ، وراح التتار يرشقون قصر الخلافة بالنبال ، حتى قتلوا بعض جواري الخليفة أمام عينيه في إحدى قاعات قصره .
ولما أحاط التتار ببغداد ، برزَ إليهم ابن العلقمي بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه ، فاجتمع بـ ( هولاكو خان ) لعنه الله ، ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه ، والمثولِ بين يديه ، لتقع المصالحةُ على أن يكون نصفُ خراج العراق لهم ونصفه للخليفة ، فخرج الخليفة في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء ورؤوس الأمراء ورجالات الدولة وأعيانها ، فلما اقتربوا من منزل السلطان "هولاكو خان" حُجِبُوا عن الخليفة إلا سبعةَ عشَرَ رجلاً ، فخَلَصَ الخليفةُ بهؤلاء المذكورين إلى هولاكو ، وأُمِرَ الباقون بالنزول عن مراكبهم ، فنُهِبَتْ المراكب ، وقُتِلَ أصحابُها عن آخرهم .. أما الخليفة فقد اقتِيْدَ بعُنفٍ للمثول بين يدي هولاكو ، فعنَّفَهُ على أمور كان قد أخبره بها ابن العلقمي أثناء مكاتباته السرية لهم . فتلعثمَ الخليفةُ ولم يَحِرْ جوابا ، ثم التمَسَ الصلحَ ، فأجيب إليه ، بعدما فُرِضَ عليه أنْ يَدفعَ للتتار كميات كبيرة من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والأشياء النفيسة ، فانصاع الخليفة للأمر وأحضر الذهب والمال والجواهر . ولكن ابن العلقمي قال لملك التتار : لئن صالحته اليوم ، فما هو إلا عام أو عامان ، ويجهز الخليفة جيوشا لا قبل لك بها ، ويسترد كل ما خسر .. وزيَّنَ إليه قتله ، والخلاصَ منه إلى الأبد . فوُضِعَ الخليفةُ داخلَ كيسٍ من الخيش ، وظلَّ التتار يركلونه بأرجلهم ، ويخنقونه بأيديهم ، حتى فارق الحياة . وابن العلقمي يشهد تعذيبه ، ويتشفى به ويشمت .
ثم استباح التتار بغداد ، ومالوا على مَنْ فيها ، فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان ، واضطُرَّ كثيرٌ من الناس إلى الدخول في الآبار ، وأقنية الوسخ . وكَمَنُوا كذلك أياما لا يَظْهَرُون . وكان الجماعةُ من الناس يجتمعون إلى الخانات ، ويُغلِقُون عليهم الأبواب ، فتفتحها عساكر التتار إما بالكسر وإما بالنار ، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي المباني ، فيقتلونهم فوق الأسطحة ، حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة .
وكان الرجل يُستَدعَى به من دار الخلافة من بني العباس فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى مقبرة الخلال ، فيذبح كما تذبح الشاة ، أمام أهله وبناته ونسائه وأبنائه .
وقُتِلَ كل من كان هنالك من الخطباءِ والائمةِ ، وحملةِ القرآن ، وتعطلتِ المساجدُ والجماعاتُ والجُمُعَاتُ مدةَ شهور . وما زال السيفُ يعمل في أهل بغداد أربعين يوما متوالية ، حتى بلغ عددُ القتلى مليوني إنسان ، كانت جثثهم مُكدَّسةً كالتلال ، وأصبحتْ بغدادُ مدينةَ أشباح ...
فلما انقضت الأربعون يوماً ، نُودِيَ في بغدادَ بالأمان ، وخرجَ من تحتِ الأرض مَنْ كان بالمطامير والأقنية والمقابر ، كأنهم الموتى إذا نُبِشُوا من قبورهم ، وقد أنكر بعضُهم بعضا ، فلا يَعرِفُ الوالدُ ولدَهُ ولا الاخُ أخاه .
أما ابن العلقمي ، فقد عاقبه الله في الدنيا ، فكوفئ على خيانته بالإذلال والإهانة والاحتقار ... ذكر النويري أنَّ هولاكو استدعاه ، فوبَّخَهُ وبَصَقَ عليه ، وعيَّنَهُ تابعاً لرجل يدعى ابنَ عمران ، كان من خدم المستعصم ، أيام كان ابن العلقمي وزيراً . وزيادة في إصرار هولاكو على إذلال ابن العلقمي ، نهاه أن يركب فرسا ، وقال له : حسبُك أن تركب بِرذَوناً دون الفرس وفوق الحمار ...
لم يَعِشْ هذا الخائنُ بعد ذلك سوى شهرين ، فهلك وأراح الله منه . ثم لحق به ابنُهُ في أقلَّ من شهر ، ونسأل الله أن يكون قد عجَّل بهما إلى النار وبئس القرار ... ( فاعتَبِرُوا يا أُولِي الأبصار ) .