يا زعماء العرب ، حَذارِ أنْ تَضيعَ سوريا كما ضاعتْ فلسطين :
بقلم : أبو ياسر السوري
بمثلِ هذه المهازلِ ، التي تظهر اليوم من الدول العربية ، المختلفة في الشأن السوري ، ضاعتْ فلسطينُ منْ قبلُ . فقد اختلفتْ يومها الآراءُ في القضية الفلسطينية، وتباينت فيها التقديرات والمواقف ، فمن الحكومات العربية من كان يرى أن يُسلَّح الشعب الفلسطيني ، ليواجه قوة الاحتلال بنفسه ، ومنهم من كان يرى أنه لا جدوى من ذلك ، لِعَدَمِ تكافُؤ ِالقُوَى بين الفريقين المتحاربين ... ومن الدُّول مَنْ كان يرى أنَّ الحلَّ الأمثل ، هو أن تقوم الجيوش العربيةُ كلُّها بتحرير فلسطين ، وإعادة الشعب الفلسطيني المشرَّد إلى أرضه ووطنه .. فاتفقت الدولُ العربيةُ على ذلك وشكَّلُوا جيشَ الإنقاذ ، الذي لم يفعل شيئا ... وظلت الحكومات العربيةُ يومها تُراوِحُ في المكان ، وتشجبُ وتستنكرُ بخطب الشقيري الصاخبة وقصائد أبي ريشة اللاهبة ، ولا يفعلون شيئا في الميدان ... مما أطمع اليهود بإخواننا أبناء فلسطين ، وأغراهم بارتكاب المجازر في حيفا ويافا وقانا وأسدود ودير ياسين ... وكان العالم الغربي والشرقي آنذاك ، يبارك الإجرام الصهيوني ، ولا يرق للشعب الفلسطيني ، حتى نتج عن هذا الوضع الدولي المتآمر ، والوضع العربي المتخاذل ، تآكلُ التراب الفلسطيني ، وازديادُ عدد الفارِّينَ من الموت ، الذين كانت تحصدهم آلة القتل اليهودية ، فظهر على السطح مشكلةُ المشردين من ديارهم ، وكالعادة تضاربت الآراء فيهم ؟ هل تفتح الدول العربية لهم أبوابها ، أم تغلقها دونهم ؟؟
فمن العرب من كان يرفض استقبال الشعب الفلسطيني ، الهارب من الإبادة على أيدي جيش الهاغانا اليهودي ، ويرى أن إيواءهم سيشجعهم على التخلي عن بلدهم لليهود .. ومن العرب من يقول : ولكن ليس من المنطق أن نترك شعباً أعزل ، يقوم الصهاينة بإبادته من غير شفقة ولا رحمة .. وكان الواجب أن يعملوا فكرهم في أصل المشكلة ، لا في نتائجها ، وكان الواجب أن يقفوا في وجه اليهود ، ويمنعوهم من إكراه إخوتهم على الفرار وترك الديار .
وهكذا ظل العرب يومها يتباطؤون في اتخاذ القرار الحاسم ، حتى تمكن اليهود من تهجير الملايين من أبناء فلسطين ، وحتى تمكنوا أيضاً من احتلال ثلثي التراب الفلسطيني .. وحتى صار اليهود يطرحون يومها فكرة التقسم ، بأن تكون فلسطين مناصفة بينهم وبين العرب .. فرفض أهل فلسطين قبول التقسيم ، وأيدهم العرب على هذا الرفض .. وكان عليهم أن يرفضوه ، لأنه ليس من المنطق أن ينزل صاحب الأرض على حكم المغتصب ، ويتنازل له عن شطر ماله .. ولكنه كان ينبغي أن يكون رفض التقسيم متزامناً مع هبة عربية من المحيط إلى الخليج ، تسترد الحق من غاصبيه ، وتعيد الأرض لأصحابها ، حتى وإن اقتضى أن تضحي الأمةُ العربية من أجل ذلك بنصف أبنائها ..
ولكن العرب لم يقوموا بشيء من هذا ، وصارت كل دولة تلقي الحمل على الأخرى ، وتكتفي بالتأييد الكلامي الفارغ ، دون أن تقوم بأي حراك عملي في هذا المضمار . ولم تكن فلسطين بالنسبة لأغلب حكام العرب سوى ورقةٍ يعتمدون عليها في طحن الشعوب العربية وإذلالها .
لقد ضاعت فلسطين شبراً شبرا ، وذراعاً ذراعا ، وباعاً باعا .. حتى احتل اليهود أكثر من 94% من التراب الفلسطيني ، وحتى شرد هذا الشعب الأبي في جنبات الأرض ، وحتى ذاق أبناؤه كل المرارات ، وما زالوا يَصْلَونَ جحيمَ المُعاناة .. وحُكَّامُ العربِ لم ينفعوهم شَرْوَى نَقِيرٍ ، ولا أفادوهم وزنَ قطمير .. إلى أنْ صارتْ إسرائيلُ اليوم ، تتحكم في تنصيب رؤساء الأمة ، على كراسي الرئاسة في بلدانهم أو نزعها منهم .!!
أما بعد ، فيا زعماء الأمة العربية وقادتها : والله لئن نجح المجوس في قمع الثورة السورية ، فلن تكونوا بمنأى عن الشر ، الذي ينتظركم على أيديهم . وليكوننَّ المجوسُ في إيران ، والنصيريةُ في سوريا ، وشيعةُ حزب اللات في لبنان ، والكيان الإسرائيلي .. ليكوننَّ هؤلاء يداً واحدة عليكم ، ولن يمضي على المنطقة العربية وقتٌ طويل ، حتى يتحوَّلَ لسانُ أهلها إلى الفارسيّ ، وتضيعَ لغتكم ، ويذهبَ ملككم ، وتُهان َ كرامتكم ، وتُداسَ مقدساتكم ، وتُهدمَ مساجدكم وكنائسكم .
يا زعماء الأمة : إن النظام السوري الأسديَّ عدوٌّ لكل الأمة ، ومنذ تولى الحكم في سوريا وحتى اليوم ، وها هو ذا لا يوالي إلا المجوسَ واليهود ، لأن انتماءه أليهم أشد . فهو نظام عنصري طائفي مافيوي انتهازي عميل ، وقد ثبت بما شك فيه ، أنه نظام تؤيده إسرائيل وإيران . وحسبكم بهذا برهانا على أنه عدوٌّ لكم ، كما أنه عدوٌّ لشعبه ، وعدوٌّ للعرب قاطبة ، وعدوٌّ للمسلمين جميعا .
يا زعماء الأمة : لا يَقُولَنَّ التاريخُ عنكم غداً ما لا تُحبُّون ، فالحياةُ مواقفُ لكم أو عليكم ، فأما أنْ تَرفَعَ أصحابَهَا وإما أن تخفضهم . والتاريخُ مرآةٌ لا تعرف التجمُّل ولا المداهنة .. فأبو عبد الله الصغير ، لما أُخرج من غرناطة ، وغادرها غيرَ بعيد ، وَقَفَ على شرفٍ من الأرض ، يُطِلُّ على قصرِ الحمراء ، فعزَّ عليه أن يُطردَ من ملكه وقصره ، وهيلمانه وسلطانه ، فأجهش باكياً حتى بلَّلتِ الدموع لِحيَتَهُ ، وبكى رجالُ حاشيته لبكائه ، فنظرتْ إليه أمُّه والأسى يَغمُرُها ، فقالت له يومها كلمة خالدة ، مازالت تتردد على طرفِ ألسِنَةِ الخُطباء ، وأقلامِ الكُتَّاب والمؤرخين ، قالت له : يا بني ابكِ مثل النساء مُلْكاً مضاعاً ، لم تُحافظْ عليه كالرجال .
بقلم : أبو ياسر السوري
بمثلِ هذه المهازلِ ، التي تظهر اليوم من الدول العربية ، المختلفة في الشأن السوري ، ضاعتْ فلسطينُ منْ قبلُ . فقد اختلفتْ يومها الآراءُ في القضية الفلسطينية، وتباينت فيها التقديرات والمواقف ، فمن الحكومات العربية من كان يرى أن يُسلَّح الشعب الفلسطيني ، ليواجه قوة الاحتلال بنفسه ، ومنهم من كان يرى أنه لا جدوى من ذلك ، لِعَدَمِ تكافُؤ ِالقُوَى بين الفريقين المتحاربين ... ومن الدُّول مَنْ كان يرى أنَّ الحلَّ الأمثل ، هو أن تقوم الجيوش العربيةُ كلُّها بتحرير فلسطين ، وإعادة الشعب الفلسطيني المشرَّد إلى أرضه ووطنه .. فاتفقت الدولُ العربيةُ على ذلك وشكَّلُوا جيشَ الإنقاذ ، الذي لم يفعل شيئا ... وظلت الحكومات العربيةُ يومها تُراوِحُ في المكان ، وتشجبُ وتستنكرُ بخطب الشقيري الصاخبة وقصائد أبي ريشة اللاهبة ، ولا يفعلون شيئا في الميدان ... مما أطمع اليهود بإخواننا أبناء فلسطين ، وأغراهم بارتكاب المجازر في حيفا ويافا وقانا وأسدود ودير ياسين ... وكان العالم الغربي والشرقي آنذاك ، يبارك الإجرام الصهيوني ، ولا يرق للشعب الفلسطيني ، حتى نتج عن هذا الوضع الدولي المتآمر ، والوضع العربي المتخاذل ، تآكلُ التراب الفلسطيني ، وازديادُ عدد الفارِّينَ من الموت ، الذين كانت تحصدهم آلة القتل اليهودية ، فظهر على السطح مشكلةُ المشردين من ديارهم ، وكالعادة تضاربت الآراء فيهم ؟ هل تفتح الدول العربية لهم أبوابها ، أم تغلقها دونهم ؟؟
فمن العرب من كان يرفض استقبال الشعب الفلسطيني ، الهارب من الإبادة على أيدي جيش الهاغانا اليهودي ، ويرى أن إيواءهم سيشجعهم على التخلي عن بلدهم لليهود .. ومن العرب من يقول : ولكن ليس من المنطق أن نترك شعباً أعزل ، يقوم الصهاينة بإبادته من غير شفقة ولا رحمة .. وكان الواجب أن يعملوا فكرهم في أصل المشكلة ، لا في نتائجها ، وكان الواجب أن يقفوا في وجه اليهود ، ويمنعوهم من إكراه إخوتهم على الفرار وترك الديار .
وهكذا ظل العرب يومها يتباطؤون في اتخاذ القرار الحاسم ، حتى تمكن اليهود من تهجير الملايين من أبناء فلسطين ، وحتى تمكنوا أيضاً من احتلال ثلثي التراب الفلسطيني .. وحتى صار اليهود يطرحون يومها فكرة التقسم ، بأن تكون فلسطين مناصفة بينهم وبين العرب .. فرفض أهل فلسطين قبول التقسيم ، وأيدهم العرب على هذا الرفض .. وكان عليهم أن يرفضوه ، لأنه ليس من المنطق أن ينزل صاحب الأرض على حكم المغتصب ، ويتنازل له عن شطر ماله .. ولكنه كان ينبغي أن يكون رفض التقسيم متزامناً مع هبة عربية من المحيط إلى الخليج ، تسترد الحق من غاصبيه ، وتعيد الأرض لأصحابها ، حتى وإن اقتضى أن تضحي الأمةُ العربية من أجل ذلك بنصف أبنائها ..
ولكن العرب لم يقوموا بشيء من هذا ، وصارت كل دولة تلقي الحمل على الأخرى ، وتكتفي بالتأييد الكلامي الفارغ ، دون أن تقوم بأي حراك عملي في هذا المضمار . ولم تكن فلسطين بالنسبة لأغلب حكام العرب سوى ورقةٍ يعتمدون عليها في طحن الشعوب العربية وإذلالها .
لقد ضاعت فلسطين شبراً شبرا ، وذراعاً ذراعا ، وباعاً باعا .. حتى احتل اليهود أكثر من 94% من التراب الفلسطيني ، وحتى شرد هذا الشعب الأبي في جنبات الأرض ، وحتى ذاق أبناؤه كل المرارات ، وما زالوا يَصْلَونَ جحيمَ المُعاناة .. وحُكَّامُ العربِ لم ينفعوهم شَرْوَى نَقِيرٍ ، ولا أفادوهم وزنَ قطمير .. إلى أنْ صارتْ إسرائيلُ اليوم ، تتحكم في تنصيب رؤساء الأمة ، على كراسي الرئاسة في بلدانهم أو نزعها منهم .!!
أما بعد ، فيا زعماء الأمة العربية وقادتها : والله لئن نجح المجوس في قمع الثورة السورية ، فلن تكونوا بمنأى عن الشر ، الذي ينتظركم على أيديهم . وليكوننَّ المجوسُ في إيران ، والنصيريةُ في سوريا ، وشيعةُ حزب اللات في لبنان ، والكيان الإسرائيلي .. ليكوننَّ هؤلاء يداً واحدة عليكم ، ولن يمضي على المنطقة العربية وقتٌ طويل ، حتى يتحوَّلَ لسانُ أهلها إلى الفارسيّ ، وتضيعَ لغتكم ، ويذهبَ ملككم ، وتُهان َ كرامتكم ، وتُداسَ مقدساتكم ، وتُهدمَ مساجدكم وكنائسكم .
يا زعماء الأمة : إن النظام السوري الأسديَّ عدوٌّ لكل الأمة ، ومنذ تولى الحكم في سوريا وحتى اليوم ، وها هو ذا لا يوالي إلا المجوسَ واليهود ، لأن انتماءه أليهم أشد . فهو نظام عنصري طائفي مافيوي انتهازي عميل ، وقد ثبت بما شك فيه ، أنه نظام تؤيده إسرائيل وإيران . وحسبكم بهذا برهانا على أنه عدوٌّ لكم ، كما أنه عدوٌّ لشعبه ، وعدوٌّ للعرب قاطبة ، وعدوٌّ للمسلمين جميعا .
يا زعماء الأمة : لا يَقُولَنَّ التاريخُ عنكم غداً ما لا تُحبُّون ، فالحياةُ مواقفُ لكم أو عليكم ، فأما أنْ تَرفَعَ أصحابَهَا وإما أن تخفضهم . والتاريخُ مرآةٌ لا تعرف التجمُّل ولا المداهنة .. فأبو عبد الله الصغير ، لما أُخرج من غرناطة ، وغادرها غيرَ بعيد ، وَقَفَ على شرفٍ من الأرض ، يُطِلُّ على قصرِ الحمراء ، فعزَّ عليه أن يُطردَ من ملكه وقصره ، وهيلمانه وسلطانه ، فأجهش باكياً حتى بلَّلتِ الدموع لِحيَتَهُ ، وبكى رجالُ حاشيته لبكائه ، فنظرتْ إليه أمُّه والأسى يَغمُرُها ، فقالت له يومها كلمة خالدة ، مازالت تتردد على طرفِ ألسِنَةِ الخُطباء ، وأقلامِ الكُتَّاب والمؤرخين ، قالت له : يا بني ابكِ مثل النساء مُلْكاً مضاعاً ، لم تُحافظْ عليه كالرجال .