يقول وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا إن هناك بصمات لـ«القاعدة» في سوريا،
ولم يصدق المسؤولون السوريون، أن يسمعوا هذه الجملة حتى سارع فرحا الناطق
باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي، متحدثا لإذاعة «سوا» الأميركية، قائلا
«ما قاله الوزير اكتشاف لما هو مكتشف».
وقال إن كل ما يريده النظام السوري من الحكومة الأميركية، أن تضغط على حلفائها غير الملتزمين بخطة المبعوث كوفي أنان.
بالفعل، هذا ما تريد الحكومة السورية إقناع العالم بأنها تحارب الإرهاب
و«القاعدة» والقوى الظلامية وليست بانتفاضة شعبية على نظام متوحش. فهل
تغيرت الثورة السورية التي كسبت عقول الكثيرين وعواطفهم في أنحاء العالم
إلى ساحة لـ«القاعدة» أكثر تنظيمات الإرهاب إجراما في العالم؟ هذا ما حاولت
السلطات السورية توجيه الرأي العام الأجنبي إليه، وهي هكذا بدأت في
استمالة الروس والصينيين قبل عشرة أشهر بإقناعهم بأن البديل المحتمل لها
جماعات إسلامية متطرفة، وهذا أمر يضر بمصالح العالم. فهل التفجيران
المروعان في دمشق من عمل تنظيم القاعدة، كما تريد السلطات السورية إقناع
العالم به؟ هناك احتمالان، إما إنه من تدبير السلطات الأمنية السورية
لتلفيق تهمة الإرهاب للمعارضة والثورة وتخويف العالم منها، وإما إنه بالفعل
من عمل تنظيم القاعدة الذي اشتهر بمثل هذه العمليات ويستهدف فعلا المواقع
الحكومية السورية.
ليس غريبا أن تنفذ الأجهزة الأمنية أعمالا إجرامية وتنسبها لـ«القاعدة»
وبقية التنظيمات، ولعل أشهرها اغتيالها لرئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق
الحريري الذي حاولت إلصاقه بجماعات إسلامية إرهابية، مخترعة قصة مزورة لشخص
اسمه أبو عدس سجلت له فيديو يعلن فيه عن عمليته الانتحارية، وأنه من قتل
الحريري، وهو الأمر الذي كشفت التحقيقات الدولية لاحقا عن كذبه وكشفت عن أن
الفاعلين هم من المخابرات السورية ومن ميليشيات حزب الله.
نحن لا نستبعد دخول «القاعدة» على خط الأزمة السورية، فهذا التنظيم
الإرهابي موجود في كل أزمة بالمنطقة، ولو كان صحيحا لا يعطي شهادة حسن سير
وسلوك للنظام السوري الذي لا يقل عن «القاعدة» امتهانا للأعمال الإرهابية،
وهو الذي أسهم فيما حدث في لبنان والعراق من عمليات إرهابية.
ونحن نعرف من سيرة ثماني سنوات أن النظام السوري كان متورطا في نشاطات
تنظيم القاعدة، حيث كان يستقبل المجندين من أنحاء دول المنطقة ويؤمن لهم
الدخول والحماية وينقلهم لعبور الحدود إلى العراق ولبنان. وأنا أجزم بأن
السلطات السورية التي في حالة يأس شديدة الآن مع تعاظم الضغط الشعبي
لإسقاطها سعيدة بدخول «القاعدة» الحقيقية، وسعيدة أن تفجر مبانيها في دمشق،
ومستعدة للسماح لها بذلك. النظام السوري يعتقد أن هذه ورقته الأخيرة
للبقاء، لإقناع العالم بأن «القاعدة» شريك في الثورة، وأن السلطات السورية
عندما تحارب الثوار فهي تحارب «القاعدة»، وأن العالم أمام خيارين؛ إما بشار
الأسد وإما أيمن الظواهري.
وستقدم السلطات السورية، كما وعد مندوبها في كلمته أمام مجلس الأمن،
أسماء وصورا، وربما اعترافات مسجلة، لأعضاء تنظيم القاعدة، وبينهم أوروبيون
وأجانب آخرون، تم القبض عليهم في سوريا يقاتلون في صفوف الثوار.
هذه ستكون أعظم الأرانب التي يخرجها النظام السوري المحاصر من قبعته،
بهذا سيخوف الغرب المتردد والقلق. ونحن نقول يمكن أن يوجد إرهابيون دخلوا
سوريا، ومن المحتمل كما قال الوزير بانيتا، أن الانفجارات بعضها من تنفيذ
«القاعدة»، ولن يفاجئنا وجود إرهابيين بريطانيين وفرنسيين بين المقبوض
عليهم في سوريا. ورغم هذه الشواهد الكثيرة فإن علينا ألا نكون ضحية التلاعب
السوري الذي له سجل حافل بمثل هذه الأعمال منذ أربعين عاما. إنه يملك كل
الوسائل لجلب مقاتلي «القاعدة» والسماح لهم بتدمير بعض مواقعه ما دام ذلك
سيقنع الغرب بالتخلي عن مساندة الثورة والانقلاب عليها. إنه ثمن صغير في
سبيل تغيير المواقف الدولية. لقد فعلها مرات في لبنان، ولا ننسى أنه هو
الذي أرسل جماعات إرهابية إلى مخيم نهر البارد في لبنان بعد أن اصطدم مع
الحكومة اللبنانية آنذاك. وكل الذين فروا من السجون اللبنانية من
الإرهابيين لجأوا إلى سوريا خلال السنوات الخمس الماضية، وكذلك لا تزال
توجد الجماعات العراقية الإرهابية هناك.
أخيرا، من الخطأ تصديق الرواية السورية، وحتى إن كان صحيحا أن «القاعدة»
تشارك في الحرب، فإن على المجتمع الدولي أن يفرق بين ثورة شعب من عشرين
مليون نسمة وبين دخول جماعات إرهابية على خط القتال. لقد قتل النظام في سنة
عشرة آلاف معظمهم أطفال ونساء وعزل، ودمر من المدن والأحياء ما لم نشهد له
مثيلا في خمسين عاما. هذه الجرائم التي ارتكبها النظام لن تمحى بسهولة من
ذاكرة شعبه. وعلى العالم أن يكسب إلى صفه الثوار إن كان يريد غدا بلدا
خاليا من الإرهاب وليس العكس. أما القبول بدعوة النظام السوري، كما قال
الناطق باسمه، بمبادرة أنان والحل السياسي فإنه حل يعني القبول بنفس النظام
الذي سيزداد مع الوقت اعتمادا على المنظمات الإرهابية وعلى تحالفه مع
إيران.
عبد الرحمن الراشد
ولم يصدق المسؤولون السوريون، أن يسمعوا هذه الجملة حتى سارع فرحا الناطق
باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي، متحدثا لإذاعة «سوا» الأميركية، قائلا
«ما قاله الوزير اكتشاف لما هو مكتشف».
وقال إن كل ما يريده النظام السوري من الحكومة الأميركية، أن تضغط على حلفائها غير الملتزمين بخطة المبعوث كوفي أنان.
بالفعل، هذا ما تريد الحكومة السورية إقناع العالم بأنها تحارب الإرهاب
و«القاعدة» والقوى الظلامية وليست بانتفاضة شعبية على نظام متوحش. فهل
تغيرت الثورة السورية التي كسبت عقول الكثيرين وعواطفهم في أنحاء العالم
إلى ساحة لـ«القاعدة» أكثر تنظيمات الإرهاب إجراما في العالم؟ هذا ما حاولت
السلطات السورية توجيه الرأي العام الأجنبي إليه، وهي هكذا بدأت في
استمالة الروس والصينيين قبل عشرة أشهر بإقناعهم بأن البديل المحتمل لها
جماعات إسلامية متطرفة، وهذا أمر يضر بمصالح العالم. فهل التفجيران
المروعان في دمشق من عمل تنظيم القاعدة، كما تريد السلطات السورية إقناع
العالم به؟ هناك احتمالان، إما إنه من تدبير السلطات الأمنية السورية
لتلفيق تهمة الإرهاب للمعارضة والثورة وتخويف العالم منها، وإما إنه بالفعل
من عمل تنظيم القاعدة الذي اشتهر بمثل هذه العمليات ويستهدف فعلا المواقع
الحكومية السورية.
ليس غريبا أن تنفذ الأجهزة الأمنية أعمالا إجرامية وتنسبها لـ«القاعدة»
وبقية التنظيمات، ولعل أشهرها اغتيالها لرئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق
الحريري الذي حاولت إلصاقه بجماعات إسلامية إرهابية، مخترعة قصة مزورة لشخص
اسمه أبو عدس سجلت له فيديو يعلن فيه عن عمليته الانتحارية، وأنه من قتل
الحريري، وهو الأمر الذي كشفت التحقيقات الدولية لاحقا عن كذبه وكشفت عن أن
الفاعلين هم من المخابرات السورية ومن ميليشيات حزب الله.
نحن لا نستبعد دخول «القاعدة» على خط الأزمة السورية، فهذا التنظيم
الإرهابي موجود في كل أزمة بالمنطقة، ولو كان صحيحا لا يعطي شهادة حسن سير
وسلوك للنظام السوري الذي لا يقل عن «القاعدة» امتهانا للأعمال الإرهابية،
وهو الذي أسهم فيما حدث في لبنان والعراق من عمليات إرهابية.
ونحن نعرف من سيرة ثماني سنوات أن النظام السوري كان متورطا في نشاطات
تنظيم القاعدة، حيث كان يستقبل المجندين من أنحاء دول المنطقة ويؤمن لهم
الدخول والحماية وينقلهم لعبور الحدود إلى العراق ولبنان. وأنا أجزم بأن
السلطات السورية التي في حالة يأس شديدة الآن مع تعاظم الضغط الشعبي
لإسقاطها سعيدة بدخول «القاعدة» الحقيقية، وسعيدة أن تفجر مبانيها في دمشق،
ومستعدة للسماح لها بذلك. النظام السوري يعتقد أن هذه ورقته الأخيرة
للبقاء، لإقناع العالم بأن «القاعدة» شريك في الثورة، وأن السلطات السورية
عندما تحارب الثوار فهي تحارب «القاعدة»، وأن العالم أمام خيارين؛ إما بشار
الأسد وإما أيمن الظواهري.
وستقدم السلطات السورية، كما وعد مندوبها في كلمته أمام مجلس الأمن،
أسماء وصورا، وربما اعترافات مسجلة، لأعضاء تنظيم القاعدة، وبينهم أوروبيون
وأجانب آخرون، تم القبض عليهم في سوريا يقاتلون في صفوف الثوار.
هذه ستكون أعظم الأرانب التي يخرجها النظام السوري المحاصر من قبعته،
بهذا سيخوف الغرب المتردد والقلق. ونحن نقول يمكن أن يوجد إرهابيون دخلوا
سوريا، ومن المحتمل كما قال الوزير بانيتا، أن الانفجارات بعضها من تنفيذ
«القاعدة»، ولن يفاجئنا وجود إرهابيين بريطانيين وفرنسيين بين المقبوض
عليهم في سوريا. ورغم هذه الشواهد الكثيرة فإن علينا ألا نكون ضحية التلاعب
السوري الذي له سجل حافل بمثل هذه الأعمال منذ أربعين عاما. إنه يملك كل
الوسائل لجلب مقاتلي «القاعدة» والسماح لهم بتدمير بعض مواقعه ما دام ذلك
سيقنع الغرب بالتخلي عن مساندة الثورة والانقلاب عليها. إنه ثمن صغير في
سبيل تغيير المواقف الدولية. لقد فعلها مرات في لبنان، ولا ننسى أنه هو
الذي أرسل جماعات إرهابية إلى مخيم نهر البارد في لبنان بعد أن اصطدم مع
الحكومة اللبنانية آنذاك. وكل الذين فروا من السجون اللبنانية من
الإرهابيين لجأوا إلى سوريا خلال السنوات الخمس الماضية، وكذلك لا تزال
توجد الجماعات العراقية الإرهابية هناك.
أخيرا، من الخطأ تصديق الرواية السورية، وحتى إن كان صحيحا أن «القاعدة»
تشارك في الحرب، فإن على المجتمع الدولي أن يفرق بين ثورة شعب من عشرين
مليون نسمة وبين دخول جماعات إرهابية على خط القتال. لقد قتل النظام في سنة
عشرة آلاف معظمهم أطفال ونساء وعزل، ودمر من المدن والأحياء ما لم نشهد له
مثيلا في خمسين عاما. هذه الجرائم التي ارتكبها النظام لن تمحى بسهولة من
ذاكرة شعبه. وعلى العالم أن يكسب إلى صفه الثوار إن كان يريد غدا بلدا
خاليا من الإرهاب وليس العكس. أما القبول بدعوة النظام السوري، كما قال
الناطق باسمه، بمبادرة أنان والحل السياسي فإنه حل يعني القبول بنفس النظام
الذي سيزداد مع الوقت اعتمادا على المنظمات الإرهابية وعلى تحالفه مع
إيران.
عبد الرحمن الراشد