تفجيرات يوم الخميس بدمشق تقول: إن
النظام الأسدي قد نجح في حيلته هذه المرة، وما
أكثر حيله، ومنذ أعوام، وليس منذ اندلاع الثورة السورية وحسب، فبعد أن أصيب
المجتمع الدولي بالذهول من محاولة استهداف فريق المراقبين الدوليين في
درعا جاءت تفجيرات دمشق لتبعد الأنظار عن ذلك تماما!
فيكفي أن نراقب كيف شن مندوب طاغية دمشق بنيويورك هجوما على جميع الدول،
عربيا، وإقليميا، ودوليا، وهو هجوم مضحك لو تأملناه بعناية، فهو يتهم
الدول العربية، والمجتمع الدولي، بالتواطؤ مع تنظيم القاعدة، وهو أمر مثير
للشفقة، لكن للأسف فإن الملاحظ هو ارتباك المعارضة السورية، وبعض وسائل
الإعلام، وحتى على مستوى المجتمع الدولي؛ حيث وجدنا أن الجميع تقريبا قد
نسي محاولة استهداف فريق المراقبين الدوليين بدرعا، وقبل تفجيرات دمشق بيوم
تقريبا، وهو العمل الذي دفع السيد أنان لإلقاء خطاب في مجلس الأمن مساء
الأربعاء بدا فيه أنه محبط، قبل تفجيرات دمشق بساعات، وبالطبع هناك تصريحات
الأمين العام للأمم المتحدة الذي قال فيها: إن استهداف فريق المراقبين
بدرعا قد يدفع إلى إعادة النظر في مهمة المراقبين نفسها!
ولذا نقول: إن نظام الأسد قد نجح في إلهاء الجميع، سواء المعارضة
السورية، أو المجتمع الدولي، بتفجيرات دمشق، والحقيقة أن هذا الارتباك، أو
الإلهاء، أمر مستغرب تماما، فإذا كان النظام الأسدي يأسف على مقتل خمسة
وخمسين سورياً في تفجيرات دمشق، فإن السؤال هو: وماذا عن قرابة اثني عشر
ألف سوري قتلوا في عام واحد على يد النظام؟ فطوال عمر الثورة السورية
والعالم يشهد مقتل ما هو بمعدل خمسين سورياً يومياً، فلماذا يهب النظام
الآن حرصاً على الدماء السورية، ولماذا يرتبك البعض أمام نظام لا يجيد إلا
لغة الاغتيالات، والتفجيرات، والقتل؟ وحسب ما سمعته من أحد المصادر الغربية
مؤخرا فإن دوائر سياسية غربية كثيرة باتت على قناعة بأن هذا النظام لن
يتوانى عن القتل يوميا، وأنه يلعب لعبة حسابية يومية في اختيار عدد القتلى!
الحقيقة أن تفجيرات دمشق تعد دليلا آخر على وجوب رحيل الأسد الآن، وقبل
فوات الأوان، فهذا النظام لن يتوانى عن إحراق سوريا كلها ليبقى بالحكم،
وسيقوم بإحراق دول الجوار إذا تطلب الأمر ذلك، وها هو مندوب الطاغية
بنيويورك يتهم الجميع، بل ويهدد بأن النظام الأسدي لن يترك تلك الدول، أو
الأنظمة، التي يتهمها بدعم الثوار السوريين، والتهديدات كانت واضحة حيث
استهدفت الخليج، وتحديدا السعودية، وكذلك تركيا، وغيرهما، بل إن المندوب
الأسدي بمجلس الأمن يتهم حتى قوات اليونيفيل، وهذا يعني أيضا تهديدا لهم،
ومن المهم هنا تذكر العملية التي استهدفت قوات اليونيفيل في لبنان العام
الماضي.
ولذلك، فإن كل المؤشرات تقول: إنه كلما تأخر رحيل الأسد فإن ثمن سقوطه
سيكون مكلفا على السوريين، والمنطقة، فالطاغية راحل لا محالة، لكن كلما
تأخر ذلك دفع الجميع ثمنا مكلفا، وتفجيرات دمشق، وقبلها استهداف المراقبين
الدوليين بدرعا، أبسط دليل على ذلك.
طارق الحميد