إلى هيئة التنسيق وأخواتها :

بقلم : ابو ياسر السوري

رَدّاً على بيانٍ لهم بعنوان :0]أثبتت السلطاتُ السوريةُ مرَّةً جديدةً عَدَمَ أهليَّتِهَا البتَّةَ لإدارةِ الأزمة ] نُشِرَ على صفحةِ الثورة الثابتةِ . انظره هناك على الرابط : http://syrianrevolution.org/?p=23173#more-23173

وهو بيانٌ يُلخِّصُ تَوَاطُؤَ هذه الهيئة وأخواتها مع النظامِ الأسديِّ المجرم . مما دفعني إلى تسجيلِ بعض الملاحظات عليه ، مبينا من خلالها فحوى خطاب هؤلاء السياسيين ( الشّرفاء ) الذين ما زالوا منحازين إلى جانب القاتل ضد المغدور ... فإلى هؤلاء السياسيين ( الشّرفاء ) أقول :



ما أغربَ هذا المنطقَ منكم يا هيئةَ التنسيق ، و يا تيارَ بناءِ الدولة السورية .؟ وإلى متى تستمرون في التَّرْبِيْتِ ( أي : الطبطبة ) على كَتِفِ هذا النظامِ المُجرم ، فِعْلَ الحبيبِ مع حبيبه أثناء العتاب الخفيف .؟؟ وإلى متى أنتم تُغمِضُون أعينَكُمْ عن جرائمه البشعة ، التي لا تَصدُرُ إلا عن أشدِّ الأنظمةِ إيغالاً في الإجرام ؟ وإلى متى تناصرونَهُ على إجرامه ولا تعترفون .؟ ولو حَكَّمْتُمُ القِيَمَ الإنسانية ، لَعَلِمْتُمْ أنكم تُناصِرُون نظاماً في منتهى الوحشية والهمجية ؟؟

ثم ألا ترون أنكم قد استعجلتم قليلاً في توجيه الملامة إلى حبيبكم النظام بهذا البيان ؟ فإنه لم يَمْضِ بَعْدُ سوى 15 شهراً على عملياته القمعية .؟؟ وإنه لم يَقتُلْ كذلك سوى مائة ألفٍ على أقلِّ تقدير .؟ كما أنه لم يتسبَّبْ بالعاهاتِ الدائمة إلا لخمسين ألفاً من المواطنين الذين بُتِرَتْ بعضُ أطرافهم على يديه ؟؟ وإنَّ هذا النظام لم يُشرِّد في الداخل سوى مليوني إنسان ، ممن كان هَدَمَ بيوتهم من قبلُ في حمص وإدلب وجسر الشغور وحماة والمعرة وريف حلب الصابر ... والقائمة تطول ...

لقد استعجلتم أيها السياسيون ( الشرفاء ) بلوم النظام الذي شرَّدَ أكثر من مائتي ألفٍ سوري ، بعضُهم يفترشُ الأرض ، ويلتحفُ السماء .! وبعضهم يتعرَّضُ للمحسنين من أجل حليبٍ لأطفاله ، أو دواءٍ لمرضاه ، أو حتى لِيَدْفَعَ عن نفسه غائلةَ الجوع المميت .!؟ إي والله ، لقد حوَّلَ نظامُكم الغاشمُ هؤلاء المشرَّدين إلى فقراء بائسين ، يُعانون ذلَّ الغربة ، وذلَّ الحاجة ، وذلَّ السؤال .!؟؟



عجباً لكم ، يا ( هيئةَ التنسيق وأخواتِها ) .!!

كيف أغمضتُمْ أعينَكُم عن كلِّ هذه الجرائم ، التي ما ذكرتُ لكم منها إلا غيضاً من فَيْضٍ ، ولكنَّكُم لم تستطيعوا رؤيتها من قبل ... وإنما استطعتم اليوم رؤية اقتحام الأمن للجامعة في حلب ، وأراكم تستنكرون انتهاكه للحَرَمِ الجامعيِّ . وتستنكرون أنْ يُقتلَ أو يُجرَحَ بعضُ هؤلاء الطلبة ، الذين – على حدِّ تعبيركم – " يحتجُّون بالطرق التي تتصف في الغالب بالسلمية " ..؟؟

فاسمحوا لنا في هذا المقام أن نسألكم : أيُّهُمَا أشد حرمةً في تقديركم عند الله والناس : أن تُنتَهَكَ حرمةُ الجامعة ، أم أنْ يُقتَلَ مائةُ ألفِ مواطنٍ بريء ؟ وأيُّهُمَا أشدُّ حرمة ، عرضُ المسلمات المُنْتَهَكِ من قِبَلِ شبيحة النظام ، أم حرمةُ الجامعة في حلب .؟؟ بل كأنِّي بكم لم تحزنوا على من قُتِلَ من الطلبة الأحرار ، وإنما حَزِنْتُمْ لاقتحام الجامعة فقط ، لتقديركم أنه لن يكون مقبولا لدى المجتمع الدولي في الخارج ، وقد تتغير بِسَبَبِهِ نظرةُ الغرب إلى النظام ، فيجرِّمه بفعلته ، وينزع الشرعيةَ عنه بإجرامه الهمجي . وهذا ما لا تَرْجُونَهُ لحبيبكم النظام .؟؟

واسمحوا لنا أيضا أن نعترف لكم بأنَّ صياغةَ هذا البيان كانت في منتهى البراعة ، لا يجيدُ مثلَها إلا المخضرمون في فنِّ المُداهنة والنفاق ، فكلماتُه منتقاةٌ بدقَّةٍ متناهية ، لا يخرج معها كلامكم عن حدود اللياقة والأدب مع سيدكم النظام . ولنبدأ النقاشَ حولَ بيانكم هذا بالعنوان ، وقد نكتفي به عما في داخله من طامَّات .. ولسوف يرى القارئ الكريم أن " المكتوبَ باينٌ من عُنوانِه " .!؟ حقاً لقد دلَّتْ صياغةُ عنوان هذا البيان على أمور خطيرة ، يجب أن يَطَّلعَ عليها السوريون جميعاً ، ليُكَوِّنُوا فكرةً حقيقيةً حول مَنْ يَرفَعُ شعارَ المعارضة ، وهو من المنبطحين الموالين لعصابة الإجرام ، بل ويدعي الوطنية ، وهو من أشد المتآمرين على الوطنيين الأحرار :

وأول هذه الملاحظات :

إنكم يا سادةُ ، تقولون : ( أثبتت السلطات السورية ) وهذا يعني أنكم توجهون الملامة ( للسلطات السورية ) فقط ، وأما رأسُ السلطة فهو ما زال عندكم مستثنى بـ (إلَّا ) ، وما زال مبرأ من كل ما وقع من جرائم ضد الإنسانية في سوريا .. وأن المَلُومَ الوحيدَ عن كل إجرام أصاب السوريين هم السلطات الأمنية ، التي تُداهم وتعتقلُ وتقتلُ ثم تقوم بخطف القتلى، بل وتنبشُ الأموات أحيانا ، بل وتَئِدُ المُعارض من الثوار ، أي تَعْمَدُ إلى دفنه حيّاً في التراب ، على طريقة الجاهلية الأولى في وأد البنات وقتلهم خشية العار ...لذلك نقول لكم أيها المعارضون ( الشرفاء ) : لقد نسيتم يا رعاكم الله ، أن سُمَّ الحية في رأسها ، وليس في الذنب .. وأن الذي يجب أن يُحاسَبَ على كلِّ ما كان من جرائمَ ضد الإنسانية في سوريا ، هو رئيسكم ، الذي ترفضون أن تنزعوا أيديكم الخائنة ، من يده الآثمة ، الملطخة بدماء عشرات الألوف من المواطنين الأبرياء .!؟

وثانيها :

إنكم تقولون في عنوان بيانكم ( أثبتت السلطاتُ السورية مرة جديدة ) أي إن هذه السلطات لم تخطئ في حق الشعب إلا مرتين : مرة قديمة ، أغفلتموها لأنها لا تستحق الذكر .. ومرة جديدة ، وهي هذه المرة التي انتهك فيها الأمنُ الحَرَمَ الجامعيَّ ، وأغلقوا أبواب الجامعة ... وكأنَّكم يا معاشر( الشرفاء ) لم تسمعوا بأن هذه السلطات الأمنية ، قامت بقتل عدد من الطلاب برميهم من الدور الرابع ، وقتلت آخرين منهم رميا بالرصاص ، وشردت (15000) طالب من السكن الجامعي ، تَحوَّلُوا في لحظةٍ واحدةٍ من نُخْبَةٍ مثقَّفةٍ ، إلى مجرمين يُقادُون بالأغلال إلى السجون والمعتقلات .

وثالثها :

أن السلطة الأمنية في نظر أصحاب هذا البيان : ليست أهلا البتة ( لإدارة الأزمة ) . ونفهم من هذا التعبير ، أن هيئة التنسيق وأخواتها ، لا يرون في الحراك السوري ( ثورة ) وإنما هو ( أزمة ) وهم بهذا مُتَّفِقُون مع النظام ، في أنه ليس في سوريا ثورة ، يرفع أصحابُها مطالبَ محددة مشروعة ، ضد الاستبداد والفساد ... وإنما يرونها عصاباتٍ مندسة ، تقوم بأعمال الفوضى والشَّغَبِ ، وتُعَطِّلُ الحياةَ في سوريا ، منذ أكثر من (14) شهرا من الزمن ... وهذا التوصيف المشترك ما بين هيئة التنسيق وأخواتها ، يعني فيما يعنيه ، أنهم مُتَّفِقُون مع النظام في ضَرْبِ هؤلاء المعارضين بيد من حديد ، ومُتَّفِقُون أيضاً مع روسيا ، التي تطالب الأسد أن يقمعَ المعارضين بشدة أكبر ، ولو اقتضى ذلك أنْ يقصفهم بالطيران الحربي ، ويمسحَ المُدُنَ الساخنة من الخارطة مسحاً كاملا ...

ورابعها :

إن هيئة التنسيق وأخواتها ، ليس في برنامجهم الإطاحة بالأسد ، ولا الإطاحة بالنظام .. وإنما يريدون ( إدارة الأزمة ) بشكل جيد ، لذلك هم يَعْتِبُون على السلطة الأمنية ، التي لم تستطع أن تدير الأزمة بشكلٍ صحيح ، يُجبِرُ هؤلاء ( الغوغاء ) على الرجوع إلى بيوتهم .. وتَفْتَحَ بعدَ ذلك أبوابَ المجدِ لعناصر هذه المعارضة ( النخبوية ) فتُنَصِّبَ منها الوزراءَ ، والسفراءَ ، والمديرين ، وأصحابَ المراكز المرموقة ، التي تليق بأمثالهم من المنبطحين ، المتعاونين مع النظام في السر والعلن .. ولا بأس لدى هذه المعارضة الكرتونية ، أن يتم ذلك على حساب دماء السوريين وأشلائهم ... فعند الأنانيِّين : الغايةُ تُبرِّرُ الوسيلة .

هذا ما تريده هيئة التنسيق وأخواتها ، لذلك لم يدخروا وسعاً في مساندة النظام ، والذهاب من أجل بقائه إلى روسيا ، وأوربا ، والصين ، وإيران ، ومصر ، والعراق ... وكلما زادت معاناةُ الشعب السوري ، استبشر هؤلاء المعارضون (الشرفاء) بقربِ الفَرَجِ عليهم ، وعلى نظامهم القمعيِّ الذي يؤيدون ، وعليه يغارون ، ومن أجل استمراره يعملون . ( وسيعلمُ الذين ظلَموا أيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون ) .