(حث الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر في التحذير من خطر الخبث إذا انتشر) يَقُول تعالى"الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ)(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ويَقُول النبي (إن من أمتي قوماً يُعطَون مثل أجور أولهم يًنكِرُون المُنكر)صحيح الجامع وإن مِمََّا يَجب اليوم إنكاره وتغيره ظهور التعري و التبرج في المجتمع وفي الإعلام المُصَوَرْ يَقُول النبي(المتبرجات المتخيلات هن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم)صححه الألباني في الصحيحة وفي رويه(إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات)(صحيح الجامع) قوله(المتبرجات)أي المظهرات زينتهن للأجانب وقوله:(المتخيلات) اي المتكبرات و (المنتزعات) أي اللاتي يطلبن الطلاق من غير عذر شرعي لان هذا مما يزد المجتمع تفككاً (هن المنافقات) أي فِي أَنَّهَنَ لَا يَسْتَحِقُّنَ دُخُولَ الْجَنَّة مَعَ مَنْ يَدْخُلُهَا أَوَّلًا وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَإِنَّ ظُهُورَ التبرج والتعري والُتَشبِهِ بِِنساء وَعُمُومَه خاصة في هذا الزمان دون السعي لِتَغيرهِ مِمَّا يزيد من إنتشار الخَبث الذي تُعْجِلُ عُقُوبَتِهِ قال ابن كثير باب ذكر أَنواع من الفتن وقعت وستكثر وتتفاقم في آخر الزمان إذا كثر المفسدون هلك الجميع وإن كان فيهم الصالحون عن زينب بنت جحش قالت استيقظ النبي من النوم محمراً وهو يقول:"لا إلهَ إِلا اللَّهُ ويْلُ للعرب من شر قد اقترب فُتِحَ اليومَ من ردم يأجوجَ ومأجوجَ مِثْل هذه وعقد مائة" قيل? أو نَهْلِكُ وفينا الصالحون? قال: نَعَم إِذا كثر الخَبَث"رواه البخاري) انتهى قال اِبْن الْعَرَبِيّ:"فِيهِ الْبَيَان بِأَنَّ الْخَيِّر يَهْلِك بِهَلَاكِ الشِّرِّير إِذَا لَمْ يُغَيِّر عَلَيْهِ خُبْثه"قلت وهَذَا مَعَ الصَّالِحِينَ أما مَعَ المُصلِحين فلا هلاك عام مَعَهُم لقوله تعالى"وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) ولقوله  (فعل المعروف يقي مصارع السوء) صحيح الجامع قال ابن حجر وفِي رِوَايَة في نَحْو هَذَا الْحَدِيث"ويل للعرب من شر قد اقترب فُرِجَ اللَّيْلَة مِنْ رَدْم يَأْجُوج وَمَأْجُوج فُرْجَة قُلْت أَيُعَذِّبُنَا اللَّه وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟قال نعم إِذَا كَثُرَ الْخَبَث) والخبث:اسم جامع يجمع الزنا وعمل لوط وغيره من المنكر قال نعيم بن حماد في كتاب الفتن:قوله (ويل)كلمة تقولها العرب لكل من وقع في هَلكه والمراد بالشر ما وقع بعده من قتل من أمم يأجوج ومأجوج"جاء في التوره (شر الأمم يأجوج ومأجوج الذين في الزويا الأرض الأربعة لا تزال قائمة حتى النهاية عندما يطلق الشيطان(اي الدجال)من سجنه عددهم مثل رمل البحر لهم معركه بعد معركه حتى تكون في ارض إسرائيل) قال بعض المفسرين في قوله تعالى(من شر ما خلق) يكمن معظم هذا الشر في يأجوج ومأجوج قال العلامه الهندي عمران"إن هذا الحديث يرسم جدول زمنياً لتدمير العرب،عندما يزداد الخبث في العالم ومن الواضح أن العالم قد أصبح كمزبلة عالمية مليئة بالقذارة الاخلقية والفساد والرفث والفواحش وأنه ينهار إلى حال يعادل المزبلة وانه يحكمه الآن أخبث الناس في تاريخ البشر وأن تدمير العرب قد ابتدأ في زمن يسود فيه الخبيثون الأشرار في العالم وليس أمام المسلمين إلا طريقة واحدة للحفاظ على إيمانهم وهي قطع الصلة بالعالم الكافر بالله وخير سبيل إلى تحقيق هذا هو الانفصال والانعزال عن نظام يأجوج ومأجوج العالمي الكافر المضطهد"والمراد بيأجوج ومأجوج هم الكفارقال النبي (يأجوج ومأجوج من هُلك من كفرة الإنس والجن)رواه ابن حُميد وصححه الارنؤوط و (من) هنا مِن ألفاظ العموم أي يأجوج ومأجوج هم عامة الكفار.إن الأحداث التي تعيشها الأمة الإسلامية التي هي ملء السمع والبصر إنها لأحداث ينطبق عليها ذاك الحديث وهو تَسلط هؤلاء الكفُار عليهم وأهلاكِيهِم وذلك بسب كثرة الخبث الذي أشاعوهُ في بلدانهم حتى أن الأمر وصل بهم إلى أن عضو الأمم المتحدة البريطاني يهدد بقطع المعونات عن الدول التي تعارض الشذوذ الجنسي يقول المورخ آرندو"لقد عاصرت احد عشر مدنيتاً كُلها بادت وهلكت بسب الجنس"والمطلوب:هو الإصلاح بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال النبي(والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لَتَدعُنهُ فلا يُستَجِيب لكُم) صحيح الجامع قال ابن تيميه"وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ كَرَاهَتُهُمْ لِلْجِهَادِ عَلَى الْمُنْكَرَاتِ أَعْظَمُ مِنْ كَرَاهَتِهِمْ لِلْمُنْكَرَاتِ لَا سِيَّمَا إذَا كَثُرَتْ الْمُنْكَرَاتُ وَقَوِيَتْ فِيهَا الشُّبُهَاتُ وَالشَّهَوَاتُ فَرُبَّمَا مَالُوا إلَيْهَا تَارَةً وَعَنْهَا أُخْرَى"سُئل ابن حنبل:الرجل يسمع المنكر قال" تجمع عليه الجيران وتهول عليه" قال أبو السعود"وَهَذَا الْبَاب أَعْنِي بَاب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَره مِنْ أَزْمَان مُتَطَاوِلَة وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَان إِلَّا رُسُوم قَلِيلَة جِدًّا،وَهُوَ بَاب عَظِيم بِهِ قِوَام الْأَمْر وَمِلَاكه،وَإِذَا كَثُرَ الْخَبَث عَمَّ الْعِقَاب الصَّالِح وَالطَّالِح،فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَة وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيل رِضَا اللَّه أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَاب فَإِنَّ نَفْعه عَظِيم لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ مُعْظَمه،وَيُخْلِص نِيَّته وَلَا يَهَاب مَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَته فَإِنَّ اللَّه يَقُول:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّه مَنْ يَنْصُرهُ}قَالَ الْعُلَمَاء:وَلَا يَسْقُط عَنْ الْمُكَلَّف الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر لِكَوْنِهِ لَا يُفِيد فِي ظَنّه،بَلْ يَجِب عَلَيْهِ فِعْله فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَع الْمُؤْمِنِينَ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَمْر وَالنَّهْي لَا الْقَبُول،وَلَا يُشْتَرَط فِي الْآمِر وَالنَّاهِي أَنْ يَكُون كَامِل الْحَال مُمْتَثِلًا بِمَا يَأْمُر بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ بَلْ عَلَيْهِ الْأَمْر والنهي وَإِنْ كَانَ مُخِلًّا بِمَا يَأْمُر بِهِ،وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَا يَنْهَى عَنْهُ،فَإِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ شَيْئَانِ:أَنْ يَأْمُر نَفْسه وَيَنْهَاهَا وَيَأْمُر غَيْره وَيَنْهَاهُ،فَإِذَا أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا كَيْف يُبَاح لَهُ الْإِخْلَال بِالْآخَر"انتهى ِ ويستوي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذكور والنساء وقرار النساء في بيوتهن لا يتعارض في خروجهن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) قال ابن عباس"أي أمرهن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"وقال النبي(إن الله يسأل العبد يوم القيامة حتى يقول له:فما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره قال: رب !وثقت بك وفرقت (أي خفت)من الناس]( صحيح الجامع) والعبد يستوي فيه الذكر والانثى كلهم مسئلون وهذا ما جرى عليه الأمر في حياة النبيوبعد وفاته وهذه بعض الأمثلة على ذلك فعن ابن أبي سليم قال"رأيت سمراء بنت نهيك - وكانت قد أدركت النبي-عليها درع غليظ وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر"قال الألباني أخرجه الطبراني بإسناد جيد وقال الهيثمي ورجاله ثقات "وعن أنسقال:"لما كان يوم أحد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان تحملان القرب على متونهما تفرغانه في أفواه القوم ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم"أخرجه الشيخان وعن عبد الله بن قرط قال"غزوت الروم مع خالد بن الوليد فرأيت نساء خالد ونساء أصحابه مشمرات يحملن الماء للمهاجرين يرتجزن"أخرجه سعيد بإسناد صحيح وعن مهاجر الأنصاري:"أن أسماء الأنصارية شهدت اليرموك مع الناس فقتلت سبعة من الروم بعمود فسطاط ظلتها"أخرجه الطبراني بإسناد حسن" قال الألباني بعد تصحيح هذه الأحاديث-:فأقول:هذه وقائع صحيحة تدل دلالة قاطعة على ما كان عليه نساء السلف من الكمال والسماحة والتربية الصحيحة حتى استطعن أن يقمن بما يجب عليهن من التعاون على الخير ولو لم يكن ذلك في الأصل واجباً عليهن فكيف يكون حالهن إذا فرض الواقع ذلك عليهن مثل الدفاع عن النفس كما فعلت أم سليم حين اتخذت يوم حنين خنجرا فعن أنسقال:"أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا فكان معها فرآها أبو طلحة فقال:يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر فقال لها رسول الله :"ما هذا الخنجر؟"قالت:اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه فجعل رسول الله يضحك"أخرجه مسلم ونحوه ما فعلته أسماء بنت أبي بكر فقد روى ابن سعد بسند صحيح :"أن أسماء بنت أبي بكر اتخذت خنجرا للصوص زمن سيعد بن العاص"ذلك كله أثر من آثار تربية النبيلهن على الحنيفية السمحة التي لا إفراط ولا تفريط فكانوا كما قال الله تعالى:(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)وقوله تعالى:(وكذلك جعلناكم أمة وسطا)على هذا المنهج النبوي الكريم يجب على المشايخ والدعاة أن يقوموا بتربية الناس رجالا ونساء ولن يستطيعوا ذلك إلا إذا تعرفوا على السنة والسيرة النبوية الصحيحة التي تشمل:قولهوفعله وتقريره وما كان عليه سلفنا الصالح مما صح عنهم فإن فقه العالم لا يستقيم إلا بهذا كله مستعينا على ذلك بأقوال الأئمة المجتهدين والعلماء المحققين وإلا حاد عن الحق وسبيل المؤمنين ولله در ابن تيمية حين نبه على هذا - وهو من نفائسه ولم أره لغيره بقوله:(والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة ثبوت لفظه ودلالته كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله) واعتقادي أن العلماء لو التزموا هذا المنهج لزال كثير من الخلاف القائم بينهم بشرط أن يخلصوا لله تبارك وتعالى في طلب الحق والابتعاد عن التقليد الأعمى للمذاهب والآباء والأجداد الذي ابتلي به اليوم كثير من الناس.(من كتاب الرد المفحم)