الخطيب: الحرية ملك الانسانية وليست هدية النظام أو تابعة لارادة السلطان
(ليكن عشق الحرية في كلّ كلمة نقولها وفي كلّ سلوك نتحرّك به، ولنهزّ
صمت الناس بشجاعتنا، ولنكسر قيود جبنهم بعدم خوفنا من الظالمين مهما كانوا )
هذه كلمات الشيخ أحمد معاذ الخطيب الحسني، الذي جهر بكلمة الحقّ في وجه
الظلم منذ اليوم الأوّل للثورة السورية، ومن قبلها بسنين طويلة. هو الشيخ
الذي لم يتردّد في أن يحثّ الناس على المطالبة بالحرية وحبّ الوطن والإيمان
بالله، كما يريد هو لهذا الإيمان أن يكون، قوّة للتحرّر والعدل والانعتاق
من كلّ سلطان وظلم على وجه الأرض، لا كما يريده مشايخ السلطان أن يكون،
مسبحًة ومشيًا بجانب الجدار، طلبًا للستر و تجنّبًا للفتن …
ولد الشيخ معاذ في دمشق عام 1960م، واستفاد من والده (خطيب الشام
وعالمها السيد محمد أبو الفرج) وعلماء آخرين رحمهم الله. درس الجيوفيزياء
التطبيقية، وانتسب إلى الجمعية الجيولوجية السورية والجمعية السورية للعلوم
النفسية، وعمل مهندسًا بتروفيزيائيًا في شركة الفرات للنفط. درَّس عدة
مواد شرعية في معهد المحدّث الشيخ بدر الدين الحسني، وهو أستاذ لمادتي
الدعوة الإسلامية والخطابة في معهد التهذيب والتعليم للعلوم الشرعية بدمشق
حاليًا. أقام العديد من الدورات الدعوية والعلمية وحاضر وخطب في عدة دول
عربية وأجنبية. ألّف العديد من الكتب والمقالات في مختلف الدراسات
الاجتماعية والإسلامية وهو أحد أبرز الدعاة السوريين المعتدلين، هو خطيب
جامع بني أمية الكبير في مدينة دمشق سابقًا، قبل أن يعزله النظام من مهمة
الخطابة لمواقفه، ورئيسًا سابقًا لجمعية التمدن الإسلامي. كان من دعاة
العدالة الاجتماعية والتعددية الحزبية ونبذ الطائفية، واشتُهر بجرأته في
قول الحق، مما جعل تجربته مع الأمن والمخابرات السورية تجربة كبيرة.
اعتقل أكثر من مرة خلال الثورة السورية، على خلفية تفاعله مع الحراك
السلمي الذي بدأ في سوريا في منتصف شهر آذار 2011م، حيث شهدت سوريا موجة من
البطش الأمني والقمع المفرط الممارس من قبل أجهزة الأمن والدولة، في
محاولة لوضع حد للاحتجاجات الشعبية المنددة والمطالبة بحقوق أصيلة مسلوبة
على يد النظام الحاكم في سوريا.
زار مجالس عزاء الشهداء في ريف دمشق وخطب فيها وحرّك القلوب، وأكّد على
أنّ الحرية هي ملك الإنسانية وحدها، وليست هدية من النظام أو تابعة لإرادة
السلطان، فيما كان البوطي وحسون وعبد الستار السيد وبشير عيد الباري،
يتمسّحون بأهداب النظام، ويلعنون من يسبّح بغير حمد الأسد، ويطالبون بسحق
وقتل من يطالب بالحرية، وباسم الدين للأسف.
إنّ جريمة هذا النظام ومشايخه، في تشويه معنى الدين الحنيف، لا تقلّ عن
جريمته في تشويه معنى الوطن والتاريخ، وتزييفه للحقائق وفبركتها، ورقصه على
أشلاء الشهداء وذبحهم بدم بارد.
كان الشيخ معاذ عندما يزور أحدًا في بيته، يحضِر معه في أغلب الأحيان
كيس فواكه، من باب (تهادوا تحابوا)، وقال أنه تعلم هذه العادة من
البوسنيين.
عندما تزوره في داره ينحني ويقرب لك حذاءك، حتى لا تمشي حافيًا على
الأرض! لديه أصدقاء من كل الطوائف والأعراق في سورية، وصداقته بهم حقيقية
وعميقة، وبيته مفتوح دائمًا للسائلين والمستفتيين، حتى لو كان ذلك على حساب
صحته وراحته.
والآن، الشيخ معاذ، خطيب مسجد بني أمية الكبير في قلب دمشق، معتقل للمرة
الخامسة منذ بدء الثورة، من قبل المخابرات السورية، والسبب أنه لم يرض
مهادنة النظام أو التملق له، وأبى إلا أن يستمر حرًا أبيًّا كما كان على
الدوام.
نسأل الله له ولمعتقلي سوريا الأحرار الفرج القريب والنصر المؤزر.