قصة شهيد عالبركة ...
المدينة : حماة
الاسم : محمود الابراهيم
العمر : تسعة عشر عاماً
اللقب : عمر الجبلاوي
سابقا .. على البركة
الآن .. شهيد
_____
قبل عشرة أيّام كانت مجزرة الأربعين في حماة ....23\4\2012 تاريخ لن نتذكّره سننساه كما نسينا الكثير من التواريخ ... في سورية لا نحظى مثل غيرنا برفاهية أن نحفظ تاريخ المجازر و نعلّمها للأجيال الآتية , فكلّ الروزنامة معنونة بالدم .
كان الكثيرون يقولون عن محمود الابراهيم إنّه مجنون .. كما هي من مستلزمات كلّ حارة لدينا أن يكون لديها مجنون ... كان هو من يؤدّي هذا الواجب تجاه المجتمع , و كان الجميع ينادونه بـ " على البركة " ... كان ملاكاً .. كما يصفه أهل حيّه
في يوم المجزرة كان على محمود أو " على البركة " أن يؤدّي واجباً آخر تجاه مدينته ... وحده ركض إلى إحدى حدائق حيّ الفيحاء مع الناس ليحفر قبور الشهداء ... كان محمود المجنون يفهم معنى الوطن و معنى الواجب و معنى الشهداء أكثر من كثير من المثقّفين المنشغلين بالتنظير عن عدم أهليّتنا للديمقراطيّة .. كثير من مثقّفينا تحتاج عقولهم الجبّارة إلى شيء قليل من جنون محمود ... !
كان منهمكا في حفر أحد القبور , لمّا قالوا له : يكفي , اكتمل العدد ...( في سورية نملك مهارة نتفوّق بها على العالم المتقدّم ... نتقن عدّ الشهداء ... )
لم يتوقّف , أكمل ضرب الأرض بالفأس قائلا بهدوء : لا بيلزم ..
_____
يمرّ زائر الحديقة اليوم ( في سورية كثير من الحدائق تبدّل وظائفها ) من هذا القبر نفسه بعد أن يقرأ الفاتحة على شهداء المجزرة ليقرأ الفاتحة على " محمود الابراهيم " في هذا القبر نفسه بعد أن قنصته إصلاحات الدولة ... أمس
يموت المرء مع من أحبّ ..
في سورية يحفر الشهداء قبورهم بأيديهم ... و يمضون إلى حتفهم باسمين ..
لروحه الرحمة و الدعاء ... و لنا الكثير من الحزن ... و الخجل .. و ضريبة ما علينا من دماء الشهداء ..