عهد متواصل من التضليل والأكاذيب والاحتيال هو الذي يصف تاريخ حكم الأسد
لسوريا.. تاريخ من الشعارات الخاوية والعبارات الفارغة والأهداف الواهية.
إنجازات وهمية وانتصارات مضللة لمحاولة إشغال العالم عن الحقيقة الوحيدة
التي نتجت عن وصول الأسد وزمرته إلى سدة الحكم في سوريا، وهي أن هذا
النظام حول البلد إلى سجن كبير جعل المواطنين فيه أشبه بنزلاء المعتقل
المظلم.
ولذلك ليس بغريب أن نشاهد العالم برموزه ومؤسساته وهو يتلقى الوعد
المخلوف تلو الآخر والكذبة تلو الأخرى في سبيل وضع حد لمجازر ومذابح النظام
السوري بحق شعبه لأكثر من عام الآن منذ انطلاق الثورة السورية ضد نظام
الأسد.
النظام السوري في عهد الأسد لم يعرف إلا لغة الدم وحدها للتعامل مع
مخالفيه؛ القتل والقمع والسجن، وفي الثورة العظيمة التي يواجهها ضد شعبه هو
يصعّد نفس اللغة والأسلوب الذي لم يعرف سواه ليحول سياساته مع شعبه أمام
العالم من سنوات الخداع والكذب والاحتيال إلى فكرة واحدة لا غير وهي
الاحتلال.
فنظام الأسد اليوم، «يحتل» سوريا قسرا وكراهة ضد رغبة الشعب ويوظف جيشه
وعتاده وسلاحه وإعلامه لأجل غرض واحد هو قتل أكبر عدد من شعبه لإرهابه
وإخافته وكسر همته وإفزاعه وإثارة الرعب في نفوسهم لمنعه من القيام بأي
مظاهرة أو اعتصام لطلب حقوقه مجددا.
بشار الأسد ونظامه الإجرامي ليس مختلفا عن صدام حسين والبعث ولا عن معمر
القذافي ولا عن بول بوت قائد الخمير الحمر في كمبوديا ولا عن نورييغا
الزعيم البنمي وغيرهم من المجرمين الذين قرر العالم الحر الخلاص منهم لأنهم
كالأمراض السرطانية مطلوب استئصالها جراحيا بعد فشل العلاج الكيماوي في
تحقيق أي نتائج مرجوة معها.
كل الأنظمة المؤيدة والمساندة للأسد تدافع لأجل مصالحها فقط لا لأجل
مبادئ ولا لأجل قناعتها بأنه حر وديمقراطي ونزيه وعادل، فهذه صفات لم تكن
يوما من نصيب النظام السوري ولا يوصف بها إلا من باب النكتة والطرائف
والتندر ليس أكثر، وها هي تركيا، تلك الدولة التي راهنت لسنوات على قدرتها
بأن «تؤنس» نظام الأسد المستوحش وتحوله إلى نظام أكثر آدمية في تعاطيه مع
شعبه بانفتاح اقتصادي مطرد وتحسين في السياسات المصاحبة لذلك، التي من
المفروض أن تنعكس بالخير والتطور على الشعب السوري نفسه، إلا أن الحقيقة
القبيحة أبت إلا أن تظهر مع أول تحد حقيقي لتطبيق العدل وتحقيق الكرامة
يواجهه نظام الأسد، وفشل فشلا ذريعا ليظهر وجهه البشع ونهجه الدموي القمعي،
وتدفع تركيا فاتورة سياسية باهظة التكلفة والثمن نظير «تصديقها» لوعود
بشار الأسد وقبولها فكرة أنه قادر على إصلاح نظامه.
وها هو رجب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، يكتشف بالطريقة المرة الصعبة،
وهو الرجل الذي استثمر بشكل خاص وشخصي الوقت والمال لإقامة علاقة
استثنائية مع بشار الأسد تكلفه اليوم الكثير من «خسارة» في الرصيد الشعبي
الذي حصل عليه لسنوات في العالم العربي، يقف عاجزا غير قادر على وقف
الانتهاكات الحدودية لميليشيات «شبيحة» بشار الأسد وجيشه وهم يخترقون
الحدود السورية – التركية بالقذائف والدبابات ويقتلون اللاجئين السوريين في
مخيماتهم، بل إن وحشية جند الأسد طالت مواطنين أتراكا وأودت بحياتهم.
كل ذلك يحدث دون قدرة أوردغان وتركيا على الرد، على عكس ما كان يقوم به
أمام المجاميع الكردية في العراق، بل وحتى في سوريا نفسها أيام الأسد الأب،
وأوردغان قادر على أن «يوظف» الاعتداء السوري على بلاده وهو عضو في حلف
الناتو والاتفاقية تقر بوضوح أن أي اعتداء على دولة عضو في الحلف يحق للحلف
الدفاع عن الدولة المعتدى عليها، وهذا قد يكون باباً للحل العسكري ضد
الأسد.
العالم اليوم أمام نظام وحشي مسعور «يحتل» بلاده ويبيد شعبه، ولدينا
حالات كثيرة تذكرنا أن هذه النوعية من الأنظمة المارقة مهما طال قمعها
وجرمها فهي إلى زوال. في الحالة السورية عناصر «الضغط» لدعم النظام باتت
معروفة فهي «خليط» مقرف من المصالح الإيرانية والعراقية والروسية والصينية
والإسرائيلية جميعها اتفقت على إطالة عمر نظام الأسد، إلا أن الدماء
والقتلى هما اللذان سيحرران سوريا مهما كان الالتفاف الإجرامي قويا ومؤيدا
للأسد.
كل احتلال يزول وبالتالي احتلال الأسد لسوريا سيزول هو الآخر ويحتفل العالم بتحرير سوريا ويكون لها عيد استقلال كامل وحقيقي.
حسين شبكشي