خليل الوافي :: الوضع الراهن في سورية لم يعد يحتمل، امام التصعيد الخطير الذي يعيشه الشعب السوري، لأنه طالب بالتغيير، وتحقيق اصلاحات واسعة تشمل جميع مظاهر الحياة الكريمة، وكان رد فعل النظام البعثي الذي يعبث بأرواح أكثر من 6 آلاف قتيل وآلاف من المعتقلين والمئات من النازحين والعشرات من المفقودين، وآخرون قتلوا تحت التعذيب الممنهج الذي تجيده أدوات الاستخبارات في عرض ألوان التعذيب، والإهانة الجسدية على نفسية السجين والمعتقل، وهضم الحقوق الإنسانية في أبشع مظاهرها السادية التي لا تحترم معنى الإنسان في إمتلاك حق التعبير.
وفي غياب حلول سياسية على مدى أكثر من عشرة اشهر، لم يبد في الأفق المسدود اي حلول ملموسة، تكشف عن إستنفاد كافة الوسائل الممكنة لحل الأزمة السورية، التي فشلت في البحث عن حلول توافقية لإيقاف نزيف الدم السوري الذي يسيل في المدن والقرى أمام أنظار العالم المنشغل بمصالحه الخاصة في المقام الأول، ولا تبدي إستعدادها للدخول في متاهات سياسية تعيد سيناريو التدخل العسكري الذي حدث في ليبيا، وهذا ما اربك حسابات المعارضة، وخاصة المجلس الوطني السوري الذي يعقد الآمال الكبرى من مجلس الأمن الدولي، وتمرير مشروع القرار بتدخل عسكري في سورية ضد الحملة العسكرية التي يقوم بها النظام الأسدي في مواجهة شعب أعزل.
وها هو مجلس الأمن أمام محك وإختبار حقيقي في صياغة مشروع القرار الذي تبنته جامعة الدول العربية وبعض الدول الأوربية التي عجزت حتى الآن في إنجاح المشاورات الماراثونية داخل أمانة الجامعة وبين أعضائها الذين أبانوا عن إختلافات جذرية في الإتخاذ التدابير الأساسية، ضمن آليات الضغط والتوافق العربي في إحتواء الأزمة بعيدا عن أي نوع من شأنه أن يوصل سورية إلى حافة الهاوية.
الأمور تزيد تعقيدا في إستمرار عمليات القتل والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب السوري كل يوم، والفيتو الروسي يقيد رغبة المجتمع الدولي لحل الأزمة السورية التي أخذت مجرا خطيرا يهدد المنطقة بحدوث حرب أهلية وطائفية، وهذا ما تطمح إليه أجهزة النظام في خلق فتنة عارمة لا يمكن التكهن على منطقة مقبلة في الانزلاق داخل دائرة التكهنات السياسية التي تطبع طبيعة العلاقات المشتركة بين دول المنطقة، وهذا الوضع الراهن ينذر بالأسوأ حسب المعطيات الواردة من عين المكان، والقتل هو اللغة المتداولة حتى الآن، ومجلس الأمن يتدارس طبيعة مشروع القرار الذي لا يرضي أي طرف، والخاسر في النهاية الشعب السوري الذي ظل صامدا في وجه آلة حرب غير متكافئة.
ماذا يمكن أن يفعله شباب الثورة السورية في ظل إنسداد الأفق السياسي؟ والتخاذل العربي لنصرة إخواننا في المناطق الساخنة، والتي أصبحت مناطق منكوبة تحتاج إلى مساعدات إنسانية مستعجلة. وتوفير غطاء امني وممرات امنة تمد العائلات السورية المتضررة بكافة وسائل الحياة التي انعدمت تحت مظلة القصف والقتل. والشعب مستميث في انجاح ثورته حتى النهاية. وهذا ما بدا واضحا في التقدم الملموس الذي تحرزه القوات العسكرية من الجيش الحر على ارض الميدان. انه مؤشر ايجابي في تفكك منظومة النظام السوري الذي اخرج كافة اوراقه الموجودة وهو اليوم متعلق بالدعم السوري والصيني والايراني والهندي، وكذلك موقف جنوب افريقيا وبعض الدول من امريكا اللاتينية مثل البرازيل. ومهما يكن من امر فان مواقف هذه الدول وخاصة الموقفين الروسي والصيني ستخضع للارادة الدولية في منع حمام الدم في الاراضي السورية. والبحث عن بدائل سياسية لحماية المدنيين بالدرجة الاولى قبل التفكير في اسقاط نظام الاسد.
الشعب السوري له الامكانيات القصوى للوقوف ضد الة الحرب التي يمارسها النظام. ومهما طال الزمن او قصر فان ارادة الشعب في التغيير اكبر بكثير مما يقدم عليه نظام دمشق. واكدت التجارب السابقة من الربيع العربي بان الظلم لا يعمر طويلا.