عندما كتبت موضوعي عن
تقرير الفريق مصطفى الدابي، و عن موقف الجامعة العربية ممثلة في نبيل العربي، تم
اتهامي (بطريقة غير مباشرة) من قبل بعض الإخوة و الأخوات إنني أخون دماء الشهداء و
عذابات الأبرياء و المنتهكين.
و ما قصدت ان اصل إليه
في كتابتي، ليس الاصطفاف في صف المجرمين و الظلمة و العياذ بالله. و لكن ما أردت الوصول إليه هو ألا تعمينا مشاعر
الفجيعة و الألم عن فهم الحقائق و تفهم موقف الآخرين، خصوصاً الذين قد يحاولون
مساعدتنا، فنسيء إليهم. غير إنني في الوقت
نفسه لا أبريء بعض الأطراف الانتهازية التي قد تستغل مشاعر المرارة عندنا و تتظاهر
أنها معنا و لكنها في الحقيقة مع العصابة الاسدية المجرمة، أو تكون لها مآرب أخرى
خفية تسعى إلى تحقيقها على حسابنا.
و نحن في هذه الظروف
بين نقيضين، فأما ان ندير ظهرنا لكل من يدعي مساعدتنا بسبب شكوكنا حول نواياه، أو
نقبل المساعدة من كل من يدعي تقديمها و نقبل بجميع الشروط التي عادة ما تكون مرفقة
مع المساعدات. و لكن بين هذين المحذورين،
يوجد طريق ينبغي لنا ان نسير فيه بحكمة و حذر.
و قبل ان نبدأ هذا الطريق، يجب ان نسأل أنفسنا عن الأشياء التي لا نستطيع
القيام بها بأنفسنا و نحتاج للمساعدة فيها.
كما يجب ان نسأل أنفسنا عن نوعية الشروط التي يمكن ان نقبل بها مقابل
المساعدات.
و إذا عدنا إلى
قضيتنا و خياراتنا في مجلس الأمن و الجامعة العربية، فنجد ان من أهم مطالبنا و
التي لا نستطيع حالياً القيام بها بأنفسنا
1- ألا تقوم عصابات الأسد بتكرار جرائمها في
الثمانينيات، بينما يتم ذلك في صمت و تواطؤ من العالم. و لو تم منع عصابات الأسد من ارتكاب جرائم الإبادة
الجماعية، فيسقط نظام الأسد مباشرة، لان المجرم حافظ قد بنى شرعيته على تخويف
الناس بالقتل و الاغتصاب الجماعي.
2- توفير جامعة الدول
العربية بالتعاون مع المجلس الوطني تمثيلاً سياسياً خارجياً، لان سوريا لا تزال
ممثلة حتى ألان بكلاب العصابة الاسدية من جعفري و معلم و غيرهم.
3- ان توفر مجموعة من
الدول العربية و الإسلامية غطاءاً عسكرياً يقي أرضنا من خطر اجتياح إسرائيلي، بعد
ان دمر الكلب بشار الأسد الجيش عندما وضعه في حرب مفتوحة مع أهل بلده. هذا على الرغم من ان الكلب بشار و أبيه قد
اضعفا الجيش السوري من قبل، و جعلاه في حالة لا تستطيع الصمود أمام أي هجوم إسرائيلي
حقيقي.
4- ان توفر مجموعة
الدول العربية و الإسلامية تلك غطاءاً سياسياً يتولى الإشراف على انتخابات نزيهة
لاستبدال الطبقة السياسية العفنة التي صنعها النظام الاسدي.
5- تقديم المساعدات
المالية و الغذائية و الدوائية العاجلة لأهلنا في الداخل بعد انهيار النظام و لو
بشكل جزئي بعد استقبال التبرعات من أهلنا في الخارج.
فلو كنا لا نحتاج
المساعدة من احد لتحقيق هذه المطالب الضرورية، فبإمكاننا ان ندير ظهرنا للجميع، و
نتصرف بالطريقة التي نريد. و لكن هذا ليس
هو الواقع، فنحن نحتاج إلى من يؤمن لنا هذه المطالب التي لا نستطيع الاستغناء
عنها.
و أخيرا، فأننا يجب
ان نفهم ان السياسة الخارجية ليست مثل السياسة الداخلية.
فالسياسة الداخلية
تكون برعاية شؤون المواطنين و السعي لتحقيق مصالحهم العاجلة و الآجلة. و عمادها الصدق و الصراحة و الشفافية و المشورة
و المحاسبة.
و أما السياسة
الخارجية فهي عالم مختلف تماماً، فهي و ان كانت من اجل ضمان مصالح الأمة في الداخل
(مع مراعاة مبادئ الأمة و أخلاقياتها)، إلا انه عادة ما يحصل تضارب و تعارض بين
مصالح الأمم المختلفة، و لذلك تعتمد السياسة الخارجية على المناورات (بحدود ما
يسمح به الخلق و المبدأ). و هذه المناورات
تعتمد على إخفاء الأهداف الحقيقية من وراء التصرفات، و يكون من الغباء و حتى
الخيانة كشف تلك الأهداف. و لذلك يجب ان
يعطى للسياسيين نوع من الثقة عند شعوبهم و تتم محاسبتهم بعد انتهاء المناورة
السياسية و ليس في أثناءها (طالما إنها لن تسبب ضرر محقق و مؤكد للأمة).
و انأ لا أقول ان
نعطي نبيل العربي أو مصطفى الدابي الثقة، فنحن لا ندري عن دوافعهم الحقيقية. و لكني أعود و أؤكد ان كل ما قام به الفريق
مصطفى الدابي كان من اجل تحريك موقف روسيا و الصين، و ان تقريره كان موجهاً لهم و
ليس لباقي العالم. فمن كان له اهتمام
بقضية سوريا قد قام بإرسال مندوبين عن محطاته التلفزيونية و التقى بالناس مباشرة.
و هذا التحريك للموقف
الروسي و الصيني كان من باب: خليك مع الكذاب إلى حد باب الدار. أو من باب القول الشعبي: "الي ما بيجي
معك، تعا معو"
و قد ينتهي كل هذا
الموضوع بالفشل و لا نستفيد منه شيئاً، لا سيما و ان روسيا و نظام عصابة الأسد قد
زعموا ان الجامعة العربية لم تكن أمينة في نقل تقرير بعثة المراقبين إلى مجلس الأمن،
على الرغم من ترحيب عصابة الأسد بالتقرير وقت صدوره. فإذا تم تثبيت هذا الاتهام بحيث أصبح الكلام عن
نسختين مختلفتين للتقرير، و ان الجامعة العربية قد حصل فيها تلاعب بمحتويات
التقرير، فسيتم تجاهل تقرير بعثة المراقبين بشكل تام، و ربما يطلب في هذه الحالة
بتشكيل فريق تحقيق معتمد من الامم المتحدة.
و هذا قد يكون مفيد و قد لا يكون، لان الفريق سيحوي دولاً متضامنة مع نظام
عصابة الاسد، و ستكرر نفس الذي حصل مع فريق المراقبين العرب من تمثيليات و مسرحيات
النظام.
و لكن على الأقل ينبغي علينا إلا ننال من أناس
قد حاولوا مساعدتنا، حتى لو فشلوا.
تقرير الفريق مصطفى الدابي، و عن موقف الجامعة العربية ممثلة في نبيل العربي، تم
اتهامي (بطريقة غير مباشرة) من قبل بعض الإخوة و الأخوات إنني أخون دماء الشهداء و
عذابات الأبرياء و المنتهكين.
و ما قصدت ان اصل إليه
في كتابتي، ليس الاصطفاف في صف المجرمين و الظلمة و العياذ بالله. و لكن ما أردت الوصول إليه هو ألا تعمينا مشاعر
الفجيعة و الألم عن فهم الحقائق و تفهم موقف الآخرين، خصوصاً الذين قد يحاولون
مساعدتنا، فنسيء إليهم. غير إنني في الوقت
نفسه لا أبريء بعض الأطراف الانتهازية التي قد تستغل مشاعر المرارة عندنا و تتظاهر
أنها معنا و لكنها في الحقيقة مع العصابة الاسدية المجرمة، أو تكون لها مآرب أخرى
خفية تسعى إلى تحقيقها على حسابنا.
و نحن في هذه الظروف
بين نقيضين، فأما ان ندير ظهرنا لكل من يدعي مساعدتنا بسبب شكوكنا حول نواياه، أو
نقبل المساعدة من كل من يدعي تقديمها و نقبل بجميع الشروط التي عادة ما تكون مرفقة
مع المساعدات. و لكن بين هذين المحذورين،
يوجد طريق ينبغي لنا ان نسير فيه بحكمة و حذر.
و قبل ان نبدأ هذا الطريق، يجب ان نسأل أنفسنا عن الأشياء التي لا نستطيع
القيام بها بأنفسنا و نحتاج للمساعدة فيها.
كما يجب ان نسأل أنفسنا عن نوعية الشروط التي يمكن ان نقبل بها مقابل
المساعدات.
و إذا عدنا إلى
قضيتنا و خياراتنا في مجلس الأمن و الجامعة العربية، فنجد ان من أهم مطالبنا و
التي لا نستطيع حالياً القيام بها بأنفسنا
1- ألا تقوم عصابات الأسد بتكرار جرائمها في
الثمانينيات، بينما يتم ذلك في صمت و تواطؤ من العالم. و لو تم منع عصابات الأسد من ارتكاب جرائم الإبادة
الجماعية، فيسقط نظام الأسد مباشرة، لان المجرم حافظ قد بنى شرعيته على تخويف
الناس بالقتل و الاغتصاب الجماعي.
2- توفير جامعة الدول
العربية بالتعاون مع المجلس الوطني تمثيلاً سياسياً خارجياً، لان سوريا لا تزال
ممثلة حتى ألان بكلاب العصابة الاسدية من جعفري و معلم و غيرهم.
3- ان توفر مجموعة من
الدول العربية و الإسلامية غطاءاً عسكرياً يقي أرضنا من خطر اجتياح إسرائيلي، بعد
ان دمر الكلب بشار الأسد الجيش عندما وضعه في حرب مفتوحة مع أهل بلده. هذا على الرغم من ان الكلب بشار و أبيه قد
اضعفا الجيش السوري من قبل، و جعلاه في حالة لا تستطيع الصمود أمام أي هجوم إسرائيلي
حقيقي.
4- ان توفر مجموعة
الدول العربية و الإسلامية تلك غطاءاً سياسياً يتولى الإشراف على انتخابات نزيهة
لاستبدال الطبقة السياسية العفنة التي صنعها النظام الاسدي.
5- تقديم المساعدات
المالية و الغذائية و الدوائية العاجلة لأهلنا في الداخل بعد انهيار النظام و لو
بشكل جزئي بعد استقبال التبرعات من أهلنا في الخارج.
فلو كنا لا نحتاج
المساعدة من احد لتحقيق هذه المطالب الضرورية، فبإمكاننا ان ندير ظهرنا للجميع، و
نتصرف بالطريقة التي نريد. و لكن هذا ليس
هو الواقع، فنحن نحتاج إلى من يؤمن لنا هذه المطالب التي لا نستطيع الاستغناء
عنها.
و أخيرا، فأننا يجب
ان نفهم ان السياسة الخارجية ليست مثل السياسة الداخلية.
فالسياسة الداخلية
تكون برعاية شؤون المواطنين و السعي لتحقيق مصالحهم العاجلة و الآجلة. و عمادها الصدق و الصراحة و الشفافية و المشورة
و المحاسبة.
و أما السياسة
الخارجية فهي عالم مختلف تماماً، فهي و ان كانت من اجل ضمان مصالح الأمة في الداخل
(مع مراعاة مبادئ الأمة و أخلاقياتها)، إلا انه عادة ما يحصل تضارب و تعارض بين
مصالح الأمم المختلفة، و لذلك تعتمد السياسة الخارجية على المناورات (بحدود ما
يسمح به الخلق و المبدأ). و هذه المناورات
تعتمد على إخفاء الأهداف الحقيقية من وراء التصرفات، و يكون من الغباء و حتى
الخيانة كشف تلك الأهداف. و لذلك يجب ان
يعطى للسياسيين نوع من الثقة عند شعوبهم و تتم محاسبتهم بعد انتهاء المناورة
السياسية و ليس في أثناءها (طالما إنها لن تسبب ضرر محقق و مؤكد للأمة).
و انأ لا أقول ان
نعطي نبيل العربي أو مصطفى الدابي الثقة، فنحن لا ندري عن دوافعهم الحقيقية. و لكني أعود و أؤكد ان كل ما قام به الفريق
مصطفى الدابي كان من اجل تحريك موقف روسيا و الصين، و ان تقريره كان موجهاً لهم و
ليس لباقي العالم. فمن كان له اهتمام
بقضية سوريا قد قام بإرسال مندوبين عن محطاته التلفزيونية و التقى بالناس مباشرة.
و هذا التحريك للموقف
الروسي و الصيني كان من باب: خليك مع الكذاب إلى حد باب الدار. أو من باب القول الشعبي: "الي ما بيجي
معك، تعا معو"
و قد ينتهي كل هذا
الموضوع بالفشل و لا نستفيد منه شيئاً، لا سيما و ان روسيا و نظام عصابة الأسد قد
زعموا ان الجامعة العربية لم تكن أمينة في نقل تقرير بعثة المراقبين إلى مجلس الأمن،
على الرغم من ترحيب عصابة الأسد بالتقرير وقت صدوره. فإذا تم تثبيت هذا الاتهام بحيث أصبح الكلام عن
نسختين مختلفتين للتقرير، و ان الجامعة العربية قد حصل فيها تلاعب بمحتويات
التقرير، فسيتم تجاهل تقرير بعثة المراقبين بشكل تام، و ربما يطلب في هذه الحالة
بتشكيل فريق تحقيق معتمد من الامم المتحدة.
و هذا قد يكون مفيد و قد لا يكون، لان الفريق سيحوي دولاً متضامنة مع نظام
عصابة الاسد، و ستكرر نفس الذي حصل مع فريق المراقبين العرب من تمثيليات و مسرحيات
النظام.
و لكن على الأقل ينبغي علينا إلا ننال من أناس
قد حاولوا مساعدتنا، حتى لو فشلوا.