هذه كلمة حق وصدق ... هذه كلمة كان يرددها زعيم القومية العربية ، جمال عبد الناصر في خمسينات وستينيات القرن الماضي عشرات المرات ، وفي جميع خطبه تقريبا وخاصة حينما كان يتطرق في حديثه عن قضية فلسطين وتحرير ها من الغاصبين اليهود ، وغالبا ما كان يتحدث عنها ، وكان حين يلفظها تلتهب الأكف بالتصفيق ، وترتفع الأصوات بالهتافات المدوية المجلجلة استحساناً وتأييداً .
ولو أسقطنا هذه المقولة على وضعنا الحالي في سورية فماذا نجد ؟؟؟ هل يمكن تطبيقها في سورية والإحتلال الأسدي أسوأ وأشرس ، وأشد فتكاً وإجراماً وتقتيلاً من الإحتلال اليهودي لفلسطين ؟؟؟؟
لننظر إلى الأحداث التي تجري في سورية منذ تسعة أشهر بالضبط حيث بدأت في 15-3-11 واليوم نحن في 15-12-11 نظرة موضوعية حيادية ميدانية واقعية ، ونحللها تحليلا بسيطا سهلاً ، بعيدا عن دهاليز السياسة الماكرة الخبيثة ، التي لا تهتم إلا بالمصالح الدولية فقط .
1- لقد ثبت لكل ذي عينين وشفتين ، وذي عقل وبصيرة ، أن أمريكا حريصة جدا جدا على بقاء نظام الأسد ، وغير مستعدة للتخلي عنه ، وحتى الآن ، وبالرغم من الدماء الغزيرة التي سالت على أرض سورية أنهاراً وبحاراً ، والجرائم الفظيعة التي تقشعر لهولها الأبدان ، وتشيب لوحشيتها الولدان ، فإنها تشعر أنها لا تزال غير مضطرة للتخلي عنه ، بالرغم من التصريحات الصحفية والتلفزيونية بدعوة بشار للتخلي عن الحكم ، ولكنه كله تهريج وكذب وتضليل ، وضحك على الذقون .
2- نفس الشئ ينطبق على الدول الأوربية ، التي يدلي زعماؤها بتصريحات جوفاء لكن بوتيرة أعلى وشدة أقوى ، غير أنها لا تسمن ولا تغني من جوع ، وليست فيها جدية ولا صدق ولا إخلاص ، ولا اكتراث بما يعانيه الشعب السوري من آلام وأحزان وجراح .
3- أما الروس والصين ، فتاريخهما مجلل بالسواد الكالح ، فهما لا يؤمنان بحرية الشعوب ولا عزتها وكرامتها ، والإنسان عندهما لا قيمة له ولا وزن ، فمن الطبيعي جدا أن يقفا إلى جانب كل طاغوت وكل مستبد وكل دكتاتوري ، ومن الطبيعي أيضا أن يناصرا ويؤيدا بشار ، ويحرصا كل الحرص على بقائه ، لا لأن مصلحتهما المادية معه ، فهذه كذبة كبيرة لا يصدقها إلا المغفلون الرعاع ، وعوام الناس البسطاء ، إذ أن مصلحتهما المادية ستستمر مع النظام الجديد الذي يخلف نظام بشار ، ولكنها لعبة يلعبانها مع الدول الغربية ، وبإتفاق مسبق معهم وراء الكواليس ، لتحقيق الأغراض التالية :
أ- حماية أمن اسرائيل خط أحمر لدى جميع دول العالم ، لا يجوز الإقتراب منه ، ولا التفريط به بأي شكل من الأشكال ، فمهما حدثت خلافات أو نزاعات سياسية أو فكرية بين الشرق أو الغرب ، فكلاهما متفقان على المحافظة على أمن اسرائيل .
ب- النظام الوحيد القادر على تحقيق الغرض السابق هو: نظام الطغيان والإستبداد والديكتاتورية ، وهذا ما حدى بالمخابرات الأمريكية إلى البحث الجدي - منذ أن تشكلت دويلة اسرائيل - عن حاكم ديكتاتوري في سورية بالذات لمعرفتهم بأهميتها الإستراتيجية والشعبية ، فجربت عضلاتها وذكاءها المخابراتي في إحداث أول إنقلاب عسكري في البلاد العربية في عام 1949 في سورية أي بعد سنة واحدة أو أقل من ظهور اسرائيل على الأرض ، وبما أنه لم يتحقق لها ما تريد فقد بقيت تجرب وتجرب 21 سنة حتى عثرت على ضالتها في حافظ أسد ‘ فهيأته وربته وأدبته بآدابها ، ورعته خير رعاية ، وسلمته حكم سورية ، بعد أن سلم لها ولإسرائيل - وهما شئ واحد – الجولان ، ومن بعدها استراحت وبقيت هكذا مستريحة 41 عاماً .
ت- الحفاظ على الحزام الشيعي الصفوي الرافضي الفارسي ، أساسي جدا للحفاظ على أمن اسرائيل وحمايتها ، وأي قطع لهذا الحزام ، سيؤدي إلى تهديد أمن اسرائيل ، ولهذا تستميت روسيا ومن لف لفها ، للمحافظة على تماسك وترابط وصمود هذا الحزام بالمحافظة على نظام بشار .
4- وثبت بالدليل المادي اليقيني والقطعي سواء بالكلام أو الفعل ، أن ايران وكل الشيعة في العراق ولبنان والبحرين واليمن وحتى كل العالم مستعدون للدفاع عن نظام بشار بأرواحهم وأموالهم والتضحية بالغالي والنفيس للإبقاء على نظام بشار ، بالرغم من أن بشار ليس شيعيا ، ولكن طالما أن ولي الفقيه خامئيني أصدر فتواه التي لا ترد ، بوجوب الدفاع عن نظام بشار شرعا – حسب معتقده – فوجب على كل الشيعة في العالم ، أن يتراكضوا إلى تنفيذها وتطبيقها .
5- وثبت أيضا أن تركيا تارة ترفع عقيرتها وتصرخ وتهدد وتتوعد بشار بالويل والثبور ، وتارة تهدأ وتغط في سبات عميق ، ثم تعود مرة أخرى وتعلن أنها لن تسكت على جرائم بشار ، وهكذا دواليك نسمع جعجعة ولا نرى طحينا ، ويبدو أنها عاجزة عن اتخاذ أي قرار لمصلحة الشعب السوري ، ولثورته المباركة.
6- وأما الجامعة العربية فقد تحمست في البداية للدفاع عن الشعب السوري ، واتخذت قرارات قالوا عنها أنها جريئة وغير مسبوقة ضد نظام الأسد ، ولكن الحقيقة والواقع يقول خلاف ذلك ، فقد سبق أن اتخذت قرارات أجرأ وأقوى ، حينما عزلت مصر ونقلت مكاتبها إلى تونس عقب زيارة السادات لإسرائيل في عام 1977 ، وحينما وافقت على دخول القوات الأمريكية للكويت في عام 1991 وبعدد من الأصوات أقل من النصف ، ثم حينما وافقت على غزو العراق في عام 2003 وأخيرا حينما سمحت للناتو بحماية المدنيين في ليبيا ، ولا تزال الجامعة العربية تتلكأ وتتردد ، وتعجز عن اتخاذ أي قرار لمصلحة الثورة السورية .
بعد هذا التحليل البسيط نجد أن المخرج والملجأ بعد الله تعالى ، هو تطبيق المثل الشعبي : ما حك جلدك مثل ظفرك ، والمثل الذي عرضناه كعنوان لهذه المقالة : ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة .
يعني بالعربي الفصيح أن الأمل الكبير – إن لم يكن الوحيد – لإسقاط نظام بشار ، هو الجيش السوري الحر بتقويته ومده بالعتاد والسلاح ، وتشجيع بقية أفراد الجيش على الإنشقاق والإنضمام إليه ، وفتح باب التطوع لجميع السوريين في الداخل والخارج ، وفتح باب التبرعات في العالم أجمع ، وتشجيع كل رجال الأعمال السوريين خاصة والعرب والمسلمين ، وإفهامهم أن مصلحتهم المالية والأعمالية مرتبطة إرتباطاً وثيقا بهذا الجيش الحر ، الذي هو أمل سورية المستقبل ، وهو النواة للجيش الوطني القادم ، فحينما ينتصر ويحرر سورية من الإحتلال الأسدي ، فستنفتح كل الأبواب لتنشيط الأعمال ، والإستثمارات وزيادة الأموال ، والذي كان يكسب مليونا أيام الإحتلال مع دفع الرشوات والخوات ومجابهة الصعوبات والعقبات والإهانات للحصول على أي مشروع ، سيكسب أضعافا مضاعفة مع السهولة والحرية والكرامة ، وهذه لوحدها تعادل الملايين ، فكيف إذا رافقتها ملايين الأموال ؟!!!
كما أن هذا الجيش الحر يدافع عن العرب جميعا ، أمام الغزو الفارسي الحاقد على العرب أكثر من حقد اليهود ، ويدافع عن المسلمين أمام المشروع الصفوي الرافضي المجوسي ، ولذا فإنه يجب أن يفهم العرب والمسلمون أن مصيرهم وأمنهم وحريتهم وكرامتهم وعزتهم مرتبطة ارتباطا عضويا مفصليا مع هذا الجيش الحر ، الذي يشكل انتصاره على الأسد هزيمة كبرى للمشروع الفارسي ، وانتصار للعرب والمسلمين أجمعين.
ولذا فإن الواجب القومي والوطني والإسلامي والديني والشرعي ، يوجب على كل العرب والمسلمين أن يهبوا هبة واحدة ، لمآزرة ومساندة الجيش الحر ودعمه ، بكل ما يحتاجه من وسائل الدعم المالي والسياسي .