في هذا الموقف الخطير
و الحساس الذي تمر به هذه الثورة المباركة، ونتيجة لطول المدة الزمنية، و عظم
جرائم نظام العصابات الاسدية، ترتجف الأيدي متمنية ضغط الزناد و القضاء على كل هذه
الكلاب الاسدية، و إراحة الناس من جرائمها و الرعب الذي سببته لها.


و لكن هناك ثلاثة
مشاكل تتوقع ان تحصل عندما يتخذ الجيش السوري الحر قرار الدخول في حرب مفتوحة مع
كتائب الأسد.


المشكلة الأولى: عدم
تكافؤ الفرص مما يهدد بالانتكاس السريع، و إبادة الجيش الحر قبل ان يصل إلى
المرحلة الحرجة التي يمكن بعدها ان يتزود بالسلاح من الخارج على المكشوف و يكمل
المهمة. فالجيش السوري الحر يجب ان يصل إلى
مستوى معين من القوة و الانتصارات قبل ان يصبح تزويده بالسلاح من الخارج ممكناً. لأنه في اللحظة التي سيبدأ الجيش الحر يتزود
بالسلاح من الخارج بشكل علني، او مكشوف، ستقوم إيران و ربما روسيا بتزويد جيش
النظام بكميات ضخمة من السلاح و العتاد في نفس الوقت. و حالياً لا يحمل الجيش الحر
أي عتاد يكافئ عتاد جيش النظام، و لا يملك ان يتمترس أو يتخندق في مكان بعيداً عن
المدنيين و بعيداً عن منال الجيش النظامي، حتى يشن هجماته بدون ان يلحق الأذى
البليغ بالمدنيين. فالجيش الاسدي يستخدم
المدنيين كرهائن يفرغ عليهم جام غضبه و انتقامه كلما أغاظته عملية للجيش الحر. و نظام الأسد يعرف جيداً هذه النقطة و يجيد
استخدامها.


و المشكلة الثانية،
هي الأهداف الرمادية و الأهداف الرخوة غير النظيفة، فانه و ان كان الهجوم على رتل
من الدبابات متوجه لقصف المدنيين هدفاً نظيفاً و مشروعاً، و لكن دائماً ما ستكون
هناك الأهداف الرخوة غير النظيفة، مثل قوافل الإمداد و التموين و الخطوط الخلفية و
معسكرات التدريب، و التي سيبالغ النظام
الاسدي في عرضها و تكرارها على الناس في الداخل و الخارج، مثل حادثة مدرسة
المدفعية في الثمانينات. فالنظام الاسدي
يريد تكرار سيناريو الثمانينات بحذافيره.
و مثل هذه الأهداف الرمادية، ستكون مشكلة عندما يتعامل الجيش الحر مع
الشبيحة و العواينية، و خصوصاً إذا اكتشفوا احد الخطط أو الأسرار. و هنا قد يخرج
نظام الأسد بعض الممثلين و الممثلات على التلفزيون و يدعي ان الجيش الحر قد
اختطفهم و اغتصبهم و عذبهم، و يعيد تكرار هذه المشاهد على الناس.


و المشكلة الثالثة،
هي ما يلاحظ ألان من قيام إسرائيل بتحركات تهيج المنطقة كلما أحست ان نظام الأسد أوشك
على السقوط، فتقوم بهذه التحركات لتقلل التركيز على بشار الأسد و جرائمه، كما قامت
باجتياح لبنان عام 1982 بعد اشهر قليلة على جرائم النظام السوري في حماة. فإسرائيل في سبيل حماية منطقة الجولان و حدودها
مع سوريا من خطر قيام حكومة شريفة في سوريا مستعدة لخوض حرب على مقياس اجتياح
لبنان. فهي قد تهاجم صديقتها اللدودة و
حليفتها الخفية إيران بحجة امتلاك الأسلحة النووية، ثم يتبع هذا رد عنيف جداً من
حزب الله ليجر إسرائيل لحرب قريبة من منطقة سوريا و بعيداً عن الخليج حيث ستنزعج أمريكا
و الدول المستوردة للنفط، ثم تفرغ إسرائيل جام غضبها على لبنان و في الطريق تتحرش
قليلاً بالجيش السوري، و تنتهي القضية بتبويس اللحى في مجلس الأمن و يسلم حزب الله
جزءاً من سلاحه و يخرج من الحكومة، و ربما يلجأ حسن نصر الله و جزء من قيادة حزب
الله إلى سوريا. و يخرج إلى الإعلام بشار الأسد
و حبيب قلبه حسن نصر الله بسلام الشجعان، و يكون عامة الشعب السوري قد هدأ و سكت
عن ثورته بسبب الضرب العنيف و المعارك الاستعراضية بين حزب الله و إسرائيل.


و
لذلك فالذي أتمناه على الجيش الحر، هو الانتظار قليلاً حتى يتعبأ اغلب الشعب
السوري و العالم المتعاطف معه بمشاعر الغضب و الرغبة في الانتقام من نظام الأسد،
ثم يبدأ بعد ذلك بحملات تعبئة إعلامية، ترتكز على أنه لابد من عقاب هؤلاء السفاحين
المجرمين، و يجب ان تشير الحملة الإعلامية إلى طبيعة تحركات إسرائيل و أنها تهدف
للتغطية على جرائم الأسد، كما يجب ان تستبق الحملة تحركات حزب الله الذي لن يتوانى
عن القيام بأي عمل طائش لحماية نظام الأسد من السقوط، مثلما فعل في 2006 عندما تحرش بإسرائيل لا لشيء إلا ليبعد شبح
محكمة الحريري عن بشار الأسد.