مستظرف نفسه. مستخف دمه. مستلطف حضوره. مستملح «قفشاته»... علّق وزير الخارجية السوري وليد المعلم على الخطاب الاخير للرئيس سعد الحريري في الذكرى السادسة لـ «ثورة الارز» في 13 مارس الماضي بالقول: «أنا ما بشلح الجاكيت»، غامزاً من قناة الرئيس الشاب الذي خلع الجاكيت وربطة العنق ورفع أكمامه وخاطب اللبنان...يين الحاضرين في «ساحة الشهداء» بالعامية.
الجاكيت هنا كانت عند المعلّم رمزاً لفحولة الممانعة التي ستتعمم في الهلال الممتد من طهران الى غزة، اما «طرفته» فأرادها علامة على ان انقلاب القمصان السود سيغيّر الغالبية اللبنانية من حال الى حال... لكن هذا الرجل المرتدي ألف قناع كان دائماً خفيف الوزن في سياساته وثقيل الدم في نكاته.
في مؤتمره الصحافي الاخير، نقل المعلم صفة «الكذاب» من الكواليس الى العلن من خلال الفضيحة التي تورّط فيها مع اجهزة الأمن العظيمة، حيث «اهدى» العرب والعالم بعد أكثر من 8 أشهر على اندلاع الثورة السورية شريطاً يثبت وجود المسلحين الارهابيين في المدن يقتلون الناس ويسيرون ببنادقهم متفاخرين في الأزقّة.
ثم كرّر ان فضائيتيْ «الجزيرة» و«العربية» رفضتا بث الشريط ما يدل على «دورهما المحرّض ضد سورية»، ثم خرج «عباقرة» النظام على الفضائيات يهاجمون ويحذّرون ويهدّدون، قبل ان تكشف وسائل الاعلام اللبنانية ان الشريط يعود الى جريمة حصلت في لبنان قبل سنتين والى انتشار مسلح في طرابلس قبل ثلاث سنوات.
وفضائح مؤتمرات المعلّم لم تقتصر على الشريط المفبْرك الذي ذكّر بفبْركة شريط «ابو عدس» لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. تجاوزته الى الحالة الاعلامية العامة والوطنية في سورية، اذ يشعر مَن يتابع إطلالات وزير خارجيتها بحجمٍ من الأسى والكآبة والحزن على سورية وشعبها يفوق حجم مكتبه العريض عشرة آلاف مرة، فالاسئلة موزعة من جهاز استخباراتي واحد على مَن يُطلق عليهم لقب صحافيين ومراسلين وحديثهم يصيب المرء بالغثيان ولوعة الكبد والرغبة في التقيؤ.
يبدأ احدهم بالسؤال طالباً من الوزير ان يتحمله وان يصبر عليه لأن الشعب يريد الحقيقة وملّ من التسويف. نحبس أنفاسنا معتقدين ان الرجل سيسأل عن قتل الاطفال وتفريغ أحشائهم او عن كلمة «خلصت» التي بشّرت بها القيادة السورية وأتباعها من اللبنانيين، او عن ضرورة الاعتراف بثورةٍ وليس بتمرد او مؤامرة، او عن طوابير الجنازات وأنهار الدموع والدماء وفيضان المعتقلين في الملاعب والمدارس.
نعتقد انه سيدافع عن شركائه في الوطن الراغبين في التغيير او ان يحذر من ان الحل الأمني يمزّق الوحدة الوطنية، لكنه بدل ذلك يعطي محاضرة عن المؤامرة الدولية العربية التركية، وعن تراخي النظام في الحسم الأمني، وعن «عملاء» المعارضة والخونة الذين يتظاهرون، وعن ضرورة البتر وقطع الأرجل والأيدي من خلاف، فيردّ المعلم بوجوب عدم تكبير نظرية المؤامرة وبالتأكيد على «الرأفة» مع المضلَّل والمغرَّر بهم «فهم ابناؤنا» وعن «مجلس اسطنبول»... المعزوفة الدائمة التي تريد ان تثبت ان النظام أرقى وأعقل من شعبه بمن في ذلك الذين حوّلهم الى مخبرين برتبة اعلاميين.
بشريطه الاخير، أهدى وزير النظام القمعي السوري العرب والعالم درساً جديداً في الغباء والفبركة والحقد والتزييف، وأهدته الحرية الاعلامية اللبنانية درساً في ضرورة الستر عندما يتعرى من كل القيم.
... لم يشْـلح المعلم الجاكيت فحسب.
علي الرز
الجاكيت هنا كانت عند المعلّم رمزاً لفحولة الممانعة التي ستتعمم في الهلال الممتد من طهران الى غزة، اما «طرفته» فأرادها علامة على ان انقلاب القمصان السود سيغيّر الغالبية اللبنانية من حال الى حال... لكن هذا الرجل المرتدي ألف قناع كان دائماً خفيف الوزن في سياساته وثقيل الدم في نكاته.
في مؤتمره الصحافي الاخير، نقل المعلم صفة «الكذاب» من الكواليس الى العلن من خلال الفضيحة التي تورّط فيها مع اجهزة الأمن العظيمة، حيث «اهدى» العرب والعالم بعد أكثر من 8 أشهر على اندلاع الثورة السورية شريطاً يثبت وجود المسلحين الارهابيين في المدن يقتلون الناس ويسيرون ببنادقهم متفاخرين في الأزقّة.
ثم كرّر ان فضائيتيْ «الجزيرة» و«العربية» رفضتا بث الشريط ما يدل على «دورهما المحرّض ضد سورية»، ثم خرج «عباقرة» النظام على الفضائيات يهاجمون ويحذّرون ويهدّدون، قبل ان تكشف وسائل الاعلام اللبنانية ان الشريط يعود الى جريمة حصلت في لبنان قبل سنتين والى انتشار مسلح في طرابلس قبل ثلاث سنوات.
وفضائح مؤتمرات المعلّم لم تقتصر على الشريط المفبْرك الذي ذكّر بفبْركة شريط «ابو عدس» لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. تجاوزته الى الحالة الاعلامية العامة والوطنية في سورية، اذ يشعر مَن يتابع إطلالات وزير خارجيتها بحجمٍ من الأسى والكآبة والحزن على سورية وشعبها يفوق حجم مكتبه العريض عشرة آلاف مرة، فالاسئلة موزعة من جهاز استخباراتي واحد على مَن يُطلق عليهم لقب صحافيين ومراسلين وحديثهم يصيب المرء بالغثيان ولوعة الكبد والرغبة في التقيؤ.
يبدأ احدهم بالسؤال طالباً من الوزير ان يتحمله وان يصبر عليه لأن الشعب يريد الحقيقة وملّ من التسويف. نحبس أنفاسنا معتقدين ان الرجل سيسأل عن قتل الاطفال وتفريغ أحشائهم او عن كلمة «خلصت» التي بشّرت بها القيادة السورية وأتباعها من اللبنانيين، او عن ضرورة الاعتراف بثورةٍ وليس بتمرد او مؤامرة، او عن طوابير الجنازات وأنهار الدموع والدماء وفيضان المعتقلين في الملاعب والمدارس.
نعتقد انه سيدافع عن شركائه في الوطن الراغبين في التغيير او ان يحذر من ان الحل الأمني يمزّق الوحدة الوطنية، لكنه بدل ذلك يعطي محاضرة عن المؤامرة الدولية العربية التركية، وعن تراخي النظام في الحسم الأمني، وعن «عملاء» المعارضة والخونة الذين يتظاهرون، وعن ضرورة البتر وقطع الأرجل والأيدي من خلاف، فيردّ المعلم بوجوب عدم تكبير نظرية المؤامرة وبالتأكيد على «الرأفة» مع المضلَّل والمغرَّر بهم «فهم ابناؤنا» وعن «مجلس اسطنبول»... المعزوفة الدائمة التي تريد ان تثبت ان النظام أرقى وأعقل من شعبه بمن في ذلك الذين حوّلهم الى مخبرين برتبة اعلاميين.
بشريطه الاخير، أهدى وزير النظام القمعي السوري العرب والعالم درساً جديداً في الغباء والفبركة والحقد والتزييف، وأهدته الحرية الاعلامية اللبنانية درساً في ضرورة الستر عندما يتعرى من كل القيم.
... لم يشْـلح المعلم الجاكيت فحسب.
علي الرز