الضبع والمضبوع
خالد المحاميد
يروى في الأساطير الشعبية إن الضبع حين يصادف إنسانا جبانا يبول على
ذيله ويرشق ضحيته ببوله ، فتذهل الضحية وتفقد عقلها ثم تسير خلفه ظانة أنه أبوها
وهي تصيح خلفه يا أبي ... يا أبي ، وفي اللحظة التي يظن الضبع فيها أنه اقتنص
ضحيته وهو يدخل مغارته، تصطدم جبهة الضحية بسقف المغارة فيصحوا على وهم أبوتها
مكتشفة أنها مشت كالمسرنمة وراء الضبع ، بحثا عن أبوة كاذبة وأماني مضللة.
ذيله ويرشق ضحيته ببوله ، فتذهل الضحية وتفقد عقلها ثم تسير خلفه ظانة أنه أبوها
وهي تصيح خلفه يا أبي ... يا أبي ، وفي اللحظة التي يظن الضبع فيها أنه اقتنص
ضحيته وهو يدخل مغارته، تصطدم جبهة الضحية بسقف المغارة فيصحوا على وهم أبوتها
مكتشفة أنها مشت كالمسرنمة وراء الضبع ، بحثا عن أبوة كاذبة وأماني مضللة.
يشبه "المنحبكجية" المؤيدين لعصابة آل الأسد هؤلاء
المضبوعين، فهم مسرنمون يمشون خلف الضبع الذي صور لهم أن جنتهم هي داخل مغارته التي لا تحتوي في الواقع إلا على بقايا
عظام ضحاياه ومزقا من أشلائهم .
المضبوعين، فهم مسرنمون يمشون خلف الضبع الذي صور لهم أن جنتهم هي داخل مغارته التي لا تحتوي في الواقع إلا على بقايا
عظام ضحاياه ومزقا من أشلائهم .
ويمكن لأربعين عاما من الضخ الإعلامي وسياسة الترهيب والتخويف أن تجعل
من الذئاب خرافا، ومن الضباع إلى حكام ،
فانقسم الشعب السوري إلى قسمين خراف مطواعة تصطك ركبها أمام كلاب الحراسة، وضباع
يتخفون بثياب الرعيان ، فلا الخراف قادرة على عمل شيء، ولا الضباع قادرة عن التخلي
عن طبعها، وهكذا مرت أربعين عاما كانت فيها سوريا مجرد مزرعة يحلب فيها الشعب
لتسمين الضباع ، وتقوم الكلاب بمهمة إرعابها وتخويفها مقابل الفتات الذي يتساقط من
بين أنياب الضباع
من الذئاب خرافا، ومن الضباع إلى حكام ،
فانقسم الشعب السوري إلى قسمين خراف مطواعة تصطك ركبها أمام كلاب الحراسة، وضباع
يتخفون بثياب الرعيان ، فلا الخراف قادرة على عمل شيء، ولا الضباع قادرة عن التخلي
عن طبعها، وهكذا مرت أربعين عاما كانت فيها سوريا مجرد مزرعة يحلب فيها الشعب
لتسمين الضباع ، وتقوم الكلاب بمهمة إرعابها وتخويفها مقابل الفتات الذي يتساقط من
بين أنياب الضباع
يقص علينا الروائي التركي عزيز نسين ما يشبه الحالة السورية في قصة
عنوانها " اصل الذئب خروف " فالراعي الظالم كان يحلب أغنامه حتى يخرج
الدم من ضروعها، وحين تجوع متلهفة إلى حفنة من التبن والشعير يسلط عليها الكلاب
حتى تستكين وتتقبل جوعها .
عنوانها " اصل الذئب خروف " فالراعي الظالم كان يحلب أغنامه حتى يخرج
الدم من ضروعها، وحين تجوع متلهفة إلى حفنة من التبن والشعير يسلط عليها الكلاب
حتى تستكين وتتقبل جوعها .
كانت الخراف تتناقص يوما بعد يوم بعضها يموت من الجوع والبرد، وبعضها
يهيم على وجهه فلا يعود على القطيع، وكلما نقصت الأغنام اشتدت قسوة الراعي ن فصار
يطلب منها أن تعوض النقص فتزداد الأغنام هزالا ويتناقص عددها، حتى جاء يوم قبض
فيها على خروف ذكر يريد أم يحلبه ن فيتوسل إليه الخروف أن يتركه لأنه خروف وليس
نعجة ، لكن الراعي يزداد غضبا ويبدأ بضربه بقسوة، وكل يوم يعيد الكرة حتى اضطر
الخروف إلى الهروب فصار الراعي يلحق به ويضربه ن فصار الخروف يتسلق الجبال خوفا من
الراعي حتى تآكلت أظلافه ونبت بدلا منها مخالب ، ولأن الخروف كان يركض خوفا كل يوم
فقد ضمر جسده وذابت ليته فتحولت إلى ذيلن لكن الراعي ظل يلاحقه من وادي إلى وادن
ولم يتركه يستريح حتى في الليل فكان الخروف ينام وهو مفتوح العينيين حذرا من
الراعي حتى صار نظره حادا ، ولأنه كان يخشى مفاجآت الراعي ، فقد كان يرهف السمع
حتى انتصبت أذنيه ، وهكذا جاء يوم والراعي يحمل عصاه ويبحث عن الخروف حتى التقيا
صدفة، فهز الراعي عصاه ، لكن الخروف انتصب على قدميه فإذا به ذئب تقدح عينيه بالشرر
ن حينا قال الراعي متذللا ، آه ياخروفي الصغير كم ظلمتكن تعال أيها الحبيب ، لكن
الخروف كشر عن أنيابه وسال لعابه ن وقال للراعي كم تذللت إليك أن تتركني خروفا ولا
تحولني إلى مخلوق أخر، كم توسلت إليك ورجوتك أن تتركني خروفا.
يهيم على وجهه فلا يعود على القطيع، وكلما نقصت الأغنام اشتدت قسوة الراعي ن فصار
يطلب منها أن تعوض النقص فتزداد الأغنام هزالا ويتناقص عددها، حتى جاء يوم قبض
فيها على خروف ذكر يريد أم يحلبه ن فيتوسل إليه الخروف أن يتركه لأنه خروف وليس
نعجة ، لكن الراعي يزداد غضبا ويبدأ بضربه بقسوة، وكل يوم يعيد الكرة حتى اضطر
الخروف إلى الهروب فصار الراعي يلحق به ويضربه ن فصار الخروف يتسلق الجبال خوفا من
الراعي حتى تآكلت أظلافه ونبت بدلا منها مخالب ، ولأن الخروف كان يركض خوفا كل يوم
فقد ضمر جسده وذابت ليته فتحولت إلى ذيلن لكن الراعي ظل يلاحقه من وادي إلى وادن
ولم يتركه يستريح حتى في الليل فكان الخروف ينام وهو مفتوح العينيين حذرا من
الراعي حتى صار نظره حادا ، ولأنه كان يخشى مفاجآت الراعي ، فقد كان يرهف السمع
حتى انتصبت أذنيه ، وهكذا جاء يوم والراعي يحمل عصاه ويبحث عن الخروف حتى التقيا
صدفة، فهز الراعي عصاه ، لكن الخروف انتصب على قدميه فإذا به ذئب تقدح عينيه بالشرر
ن حينا قال الراعي متذللا ، آه ياخروفي الصغير كم ظلمتكن تعال أيها الحبيب ، لكن
الخروف كشر عن أنيابه وسال لعابه ن وقال للراعي كم تذللت إليك أن تتركني خروفا ولا
تحولني إلى مخلوق أخر، كم توسلت إليك ورجوتك أن تتركني خروفا.
إن مشكلة بعض السوريين أنهم لا يزالون نعاجا، ظانين أنهم لن يقدروا
على كلاب الحراسة، بينما تحول بعضهم إلى ذئاب يرتجف الرعاة أمام سخطهم.
على كلاب الحراسة، بينما تحول بعضهم إلى ذئاب يرتجف الرعاة أمام سخطهم.
لسنا بحاجة إلى المقارنة بين حياة النعاج وحياة الذئاب، لكن من المؤكد
أننا يجب أن نلفت انتباه قطيع الأغنام الذي يخرج في الشوارع طالبا رضا الرعيان،على
الرغم مما يعانيه من قهر وظلم وفقر، ونقول لهم أنتم مضبوعون، وتسيرون مسرنمين خلف
الضبع الذي يخطط لافتراسكم ، فقد طال مشوراكم خلفه، وآن أن تصطدم رؤوسكم بسقف مغارته، فهو على وشك الإختفاء، فإن لم
يتمكن من افتراسكم فسوف يترككم لمصيركم لتبقوا نعاجا بقية حياتكم ، لقد آن لكم أن
تتمردوا على عصى الراعي وكلابه ، وآن لكم تتركوا الضبع لمصيره ، إن ليلة واحدة
يعيشها الإنسان بروح ذئب، خير من ألف ليلة يعيشها وهو يثغو كنعجة، فالنعجة مهما
أعطت ومهما استكانت فإن مصيرها الذبح.
أننا يجب أن نلفت انتباه قطيع الأغنام الذي يخرج في الشوارع طالبا رضا الرعيان،على
الرغم مما يعانيه من قهر وظلم وفقر، ونقول لهم أنتم مضبوعون، وتسيرون مسرنمين خلف
الضبع الذي يخطط لافتراسكم ، فقد طال مشوراكم خلفه، وآن أن تصطدم رؤوسكم بسقف مغارته، فهو على وشك الإختفاء، فإن لم
يتمكن من افتراسكم فسوف يترككم لمصيركم لتبقوا نعاجا بقية حياتكم ، لقد آن لكم أن
تتمردوا على عصى الراعي وكلابه ، وآن لكم تتركوا الضبع لمصيره ، إن ليلة واحدة
يعيشها الإنسان بروح ذئب، خير من ألف ليلة يعيشها وهو يثغو كنعجة، فالنعجة مهما
أعطت ومهما استكانت فإن مصيرها الذبح.