إلى متى ستبقون صامتين ساكتين ، تتفرجون على أنهار الدماء التي تسيل يوميا ، من أبنائكم أو إخوانكم أو أقاربكم أو أصحابكم ، في شوارع سورية ، وعلى أشلاء الجثث التي تتناثر هنا وهناك ، ألا تهز هذه المجازر الوحشية ، التي ترتكبها قوات وشبيحة بشار عواطفكم ، ومشاعركم ، ألا تحسون بالقرف والإشمئزاز من رؤية هذه المناظر المروعة البشعة ، ألم يأن لكم أن تدركوا أن أحدكم ، يمكن أن يكون مقتولا أو مذبوحا ، لا لسبب أذنبته أو جرم ارتكبته ، فقط لأنك كنت تمشي في الشارع ، أو تقف في شرفة منزلك ، فجاءتك قذيفة أو رصاصة طائشة ، أطلقها جنود الأسد المغاوير .
لقد انطلقت ثورة التحرر من العبودية لعائلة الأسد منذ أكثر من ثمانية أشهر ، وقد ازداد أوارها ، وتطاول لهيبها ، وعمت أرجاء سورية كلها ، وأخذ الناس يقبلون عليها من كل حدب وصوب ، فازدادت الأعداد المشاركة فيها بشكل مطرد ، وانكسر حاجز الخوف الذي كان عبارة عن وهما وخيالا ، وتحطمت القيود والأغلال ، التي كانت هي الأخرى عبارة عن افتراضات وتصورات خيالية غير حقيقية ، وأخذ الناس يشعرون بكيانهم ، بعزتهم ، بكرامتهم ، بحريتهم ، باستقلالهم ، أصبحوا يشعرون بعظمتهم ، وقوتهم الجبارة في تحدي عصابات الأسد ، التي تبين أنها عبارة عن هياكل كرتونية ، ولا تطلق النار إلا لخوفها ، وهلعها ، ورعبها من هذا المارد الجبار ، الذي خرج من القمقم ، بتحد وكبرياء وشموخ .
بعد هذا التطور الكبير للثورة ، وتقدمها إلى الأمام خطوات هائلة ، وتحقيقها انتصارات عظيمة على أرض سوريا وخارج سوريا ، واجتماع دول العالم بأغلبية مطلقة ، في الوقوف إلى جانب الثورة ، والتنديد بنظام الأسد ، وممارسة الضغوط القوية عليه ، لإجباره على الرحيل .
هل بعد كل هذا لديكم – أيها الصامتون – أدنى شك ، بأن ميزان القوى يميل لصالح الشعب ضد نظام الأسد ؟؟؟
هل لا تزالون تخافون منه ؟؟؟ وهل لا تزالون تتوهمون ، أنه يمكن أن ينتصر على إرادة شعبكم السوري الباطل ؟؟؟ وهل لا تزالون تظنون ، أنه يمكن أن يعود إلى قوته السابقة ويفرض سيطرته المطلقة على الشعب السوري العظيم ؟؟؟ وهل تتوجسون أنه سيقهر قوة شعب ، قدم كل هذه التضحيات ، التي لم يقدمها أي شعب آخر لا في القرن الحالي ولا القرون السابقة ، أكثر من عشرة آلاف شهيد ، وأكثر من مائة ألف معتقل ، وآلاف المفقودين ، وآلاف الجرحى ، وآلاف المهجرين والمشردين في الدول المجاورة .
إذا كان جوابكم بالنفي – وهذا الذي نتوقعه منكم ، لأنكم أنتم شعبنا وأهلنا الأصلاء الأشراف – فعلام حتى الآن أنتم صامتون ؟؟؟ ولماذا حتى الآن أنتم تتفرجون ؟؟؟ لماذا لا تأخذوا مواقعكم القيادية والريادية والسيادية ، في هذه الثورة ، وأنتم أهل لها ؟؟؟ لماذا لا يكون لكم شرف المساهمة ، والمؤازرة ، والمساندة ، حتى تكتب أسماؤكم غداً في سجل المجاهدين ، والمحررين ، والخالدين ؟؟؟ لماذا لاتلتحموا مع شعبكم ، وتكونوا يداً واحدة ، على هذا الظالم المتجبر، المستبد ، فتسرِعوا في القضاء عليه ، وتسرِعوا في تحرير سورية ، من سطوته ، وقهره ، وطغيانه ؟؟؟ ألا تعلموا أن صمتكم هذا ، يساهم في المزيد من التضحيات ، والمزيد من الشهداء ، والجرحى ، والمعتقلين ، ويفرِح النظام الأسدي ، ويزيده تيها ، واستكباراً ، وغطرسة ، ويزيده سفاهة ، وفجورا ، وشعوراً بأنه لا يزال قويا ، ولا يزال مسيطرا على الأرض ؟؟؟
ماذا تنتظرون حتى تنضموا للثورة والثوار والأحرار ، وتتنسموا عبير الحرية ، وتخلعوا عن أجسادكم رداء العبودية ، وعباءة الذل ، وجلباب الهوان ؟؟؟ ماذا تنتظرون حتى تحسموا أمركم ، وتتخذوا قراركم ؟؟؟ هل تنتظرون أن يظهر الحق على الباطل ، فيزهقه ، ويصرعه ، ويدمغه ، أم تنتظرون أن يبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، ويبزغ فجر الحرية ، مشرقا ، مضيئاً ، مشعشعاً ؟؟؟
ولكن إذا انتظرتم حتى تلك اللحظة الحاسمة ، لن يكون لكم أي شرف ، ولا أي فضل ، ولن يكون لكم أي دور في سورية المستقبل ، ستبقون حينذاك عبيداً ، صعاليك ، خداما ، للثوار والأحرار والشرفاء ، وستبقون في بئر المذلة ، والهوان ، قابعين ، لن يكون لكم رأي ، ولا اعتبار ، ولا اهتمام .
فهل تودوا أن تكونوا كذلك ؟؟؟
الأمر بيدكم ، ولم يفت القطار بعد ، ولا يزال لديكم وقت ، لتعلنوها صرخة مدوية ، مجلجلة ، تصم آذان الطاغية ، وجنوده ، وشبيحته ، وتقولوها بأعلى الصوت ، وبالفم الملآن :
نحن مع الثوار ... نحن مع الثوار ... نحن مع الثوار .
وحينئذ سيحتضنونكم الثوار ، ويضموكم إلى صدورهم ، ويقبلون وجوهكم ، التي أشرقت بنور الإيمان ... نور الثورة ... وسيكون لكم ما لهم ، بالرغم من تأخركم ، ولكنهم سيغفرون لكم ذلك وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : الإسلام يجُب ما قبله .
فهيا ... هيا ...أيها الصامتون ، حرروا نفوسكم من الخور ، والوهن ، والضعف ، والخوف ، لا خوف بعد اليوم في سورية ... هيا أسرعوا إلى اخوانكم ، وأهليكم ، وأحبابكم الثوار ، إنها لحظات حاسمة ، إما سعادة أبدية ، أو مهانة وذلة وخنوع أبدي .