سوريا الثورة ستنتصر
لم تكن مبادرة الجامعة العربية كفيلة بوقف القمع والمجازر التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه الأعزل, فبعد ثمانية أشهر مضت على إندلاع أولى شرارات الثورة السورية ضد نظام الحكم الأسدي الذي ما يزال جاثماً على صدر تلك البلاد لأربعة عقود من الزمن،ومع تشظي الأيام تلو الأيام تزداد صعوبة التكهن عما ستؤول له نهاية هذه الثورة الشعبية العارمة, فهناك حقيقة قد لا يختلف فيها إثنان ولا تتناطح عليها عنزان وهي أن الثورة السورية حظيت بزخم وإهتمام منقطع النظير من كافة الوسائل الإعلامية العربية والاجنبية يختلف تماماً عن تلك التغطية التي حظت بها الثورة الليبية واليمنية، حيث أن التاريخ الحضاري الخاص بسوريا قد ساهم بنيلها بتلك الحظوة الإعلامية ناهيك عن تاريخ القمع الفردي والجماعي الذي عاشه الشعب السوري ردحاً من الزمان, مروراً بالمجزرة العظمى في مدينة حماة مطلع الثمانينات والتي قام بها رفعت الأسد شقيق الرئيس السوري الاسبق والتي أزال خلالها مدينة كاملة عن بكرة أبيها, وإنتهاءاً بمحرقة سجن صدنايا قبل سنوات مضت والتي راح ضحيتها سواداٌ عظيماً من الأفراد السوريين, اضافة الى الكثير من حالات القتل والتنكيل وسلسلة التخويف التي مورست بحق ذلك الشعب على مداد تاريخ الحكم الأسدي والتي لم تكن بنفس الوطأة والشدة التي عاشها أفراد الشعبين الليبي واليمني
.
الثورة السورية حالياً تمر بمنعطفات قد يشوبها ملبوس من الغموض والتنبؤ حول كيفية النهاية التي سيمضي فيها نظام حكم الأسد، فالشعب السوري حتى هذه اللحظة لم تسجل عليه حالات إستخدام للسلاح في المظاهرات, فما تزال ثورته سلمية يقوم بها شعب أعزل لا يملك حتى من السلاح شيئاً يذكر، بيد أن هناك أمور يجب الالتفات اليها, أولاً الطائفة العلوية تضع في حسبانها أن أي سقوط لنظام حكم بشار يعني إنكباب الشعب على أهالي تلك الطائفة لكي يأخذوا بثأر الدماء التي سكبت, ما يشير إلى إحتمالية تزود أهالي الطائفة العلوية بأنواع السلاح سلفاً تحسباً لمواجهة محتملة مع الثوار, ثانياً الحرس الجمهوري والشبيحة وقوات الأمن التي سخرها بشار وماهر لقمع الشعب جميعها تقوم بمهامها على أكمل وجه وهذا ما نراه من أشكال وألوان القتل و الذبح للشعب منذ إندلاع الثورة، قد يكون هناك سؤال يطرح نفسه وهو كيف سوف يفي النظام الأسدي بفاتورة الإرضاء المالي لتلك القوات في ظل العزلة الدولية التي يعيشها النظام والعقوبات المالية والاقتصادية التي تزداد يوماً بعد يوم، ثالثاً تغير ملامح وتقاسيم وجه التصريحات الإيرانية الأخيرة والتي نددت لأول مرة معربة عن مخاوفها من تزايد عمليات القمع والذبح في سوريا بحق الشعب هذه التصريحات جاءت على لسان الرئيس الايراني احمدي نجاد في مقابلة اجراها مع قناة السي ان ان الاميركية, بعد ان عقد هو ورئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي أكبر ولايتي اجتماعاً مع المرشد الأعلى علي خامنئي لمناقشة تأثير الأوضاع في سوريا على إيران، واتفقوا على أن نظام بشار الأسد مقدم على انهيار يصعب تفاديه، وتقرر في ذلك الاجتماع إعادة صياغة الإستراتيجية الإيرانية تجاه سوريا، حيث أكد خامنئي على ضرورة فصل "حزب الله اللبناني" عن سيطرة سوريا، وذلك من خلال تقديم الدعم للحزب عبر قنوات اخرى، كما تردد الحديث عن إمكانية دعم طهران لمشروع تشكيل حكم ائتلافي بديل تتوافق عليه الأطراف الإقليمية ويتعهد بدوره بالمحافظة على المصالح الإيرانية في المنطقة.كل هذه الأحداث وغيرها جعلتنا نتأمل أن إيران أرادت التلميح ولو من طرف خفيّ أنها قد تسحب نفسها من دعم نظام الأسد وقد يكون ذلك مقابل إحكام قبضتها على العراق وتسليمه لها كهدية ثمينة يسيل لها اللعاب مع قرب سحب أمريكا لقواتها من العراق
اضافة الى ذلك, هناك أهداف استراتيجية حققتها المعارضة السورية ومنها تأسيس المجلس الوطني والذي ضم معظم تيارات المعارضة السياسية في البلد حيث قام هذا المجلس بتحرك واسع دفع فيه الجامعة العربية لاتخاذ موقف قوي وصارم بما يتناسب مع التطور الخطير في سوريا, وطالب بوقف عضوية سوريا في الجامعة العربية, كما وبدء التفكير جدياً من قبل بعض الدول بالاعتراف به وبشرعيته واعتباره ممثلاً رسمياً وحيداً للدولة السورية, والأهم من هذا اعلان الجيش السوري الحر والذي أسسه ضباط منشقون عن الجيش -الذي وصل عدده حسب معلوماتي إلى 16 الف جندي- لدعم المتظاهرين وحمايتهم والتصدي لشبيحة النظام بعد أن تبينت لهم حقيقة هذا النظام, فيما بدأ ضباطه ورتباءه بتنظيمه وتقسيمه إلى كتائب وسرايا منظمة ونشره في بعض المدن والقرى السورية
أخيراً, بإسمي وبإسم الحراك الشيعي المعارض في لبنان نبارك هذه الثورة الشعبية المحقة ونتمى ان تستمر بهذه القوة وبهذا الزخم حتى نيل مطالبها المشروعة, وندعو الشعب السوري بأجمعه وبمختلف طوائفه وألوانه للوقوف والالتحاق في صفوف الثورة وتضيق الخناق على الحكم الظالم لبلاده لأن نجاح هذه الثورة سيقطف ثمارها جميع أبناء الوطن وليست طائفة دون سواها كما يتوهم البعض, وفي نفس الوقت نتمنى على الدول العربية تحمّل مسؤولية كبرى تجاه الوضع في سوريا وعليها ممارسة ضغوط كبيرة على دمشق من أجل الاستجابة لمطالب المحتجين ، كما على تركيا لعب دور لما لها من "إمكانيات كبيرة" للتأثير على سوريا, وندعو المجتع الدولي والامم المتحدة للوقوف إلى جانب الشعب السوري وتأمين الحماية الدولية له والضغط على النظام الجائر واجباره على وقف مسلسل حمام الدم بحق شعبه. أما النقطة الاخيرة وهي الاهم التي نطلبها من المعارضين أن تتوحد جميع التيارات والحركات الشعبية وتنسيقيات الشباب تحت شعار وهدف واحد وهو الاستمرار حتى نيل الحرية وتحقيق الديمقراطية الحقيقية في البلاد وذلك بنغيير الحكم الظالم فيها
الكاتب: طارق سليمان
ناشط وكاتب سياسي لبناني
لم تكن مبادرة الجامعة العربية كفيلة بوقف القمع والمجازر التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه الأعزل, فبعد ثمانية أشهر مضت على إندلاع أولى شرارات الثورة السورية ضد نظام الحكم الأسدي الذي ما يزال جاثماً على صدر تلك البلاد لأربعة عقود من الزمن،ومع تشظي الأيام تلو الأيام تزداد صعوبة التكهن عما ستؤول له نهاية هذه الثورة الشعبية العارمة, فهناك حقيقة قد لا يختلف فيها إثنان ولا تتناطح عليها عنزان وهي أن الثورة السورية حظيت بزخم وإهتمام منقطع النظير من كافة الوسائل الإعلامية العربية والاجنبية يختلف تماماً عن تلك التغطية التي حظت بها الثورة الليبية واليمنية، حيث أن التاريخ الحضاري الخاص بسوريا قد ساهم بنيلها بتلك الحظوة الإعلامية ناهيك عن تاريخ القمع الفردي والجماعي الذي عاشه الشعب السوري ردحاً من الزمان, مروراً بالمجزرة العظمى في مدينة حماة مطلع الثمانينات والتي قام بها رفعت الأسد شقيق الرئيس السوري الاسبق والتي أزال خلالها مدينة كاملة عن بكرة أبيها, وإنتهاءاً بمحرقة سجن صدنايا قبل سنوات مضت والتي راح ضحيتها سواداٌ عظيماً من الأفراد السوريين, اضافة الى الكثير من حالات القتل والتنكيل وسلسلة التخويف التي مورست بحق ذلك الشعب على مداد تاريخ الحكم الأسدي والتي لم تكن بنفس الوطأة والشدة التي عاشها أفراد الشعبين الليبي واليمني
.
الثورة السورية حالياً تمر بمنعطفات قد يشوبها ملبوس من الغموض والتنبؤ حول كيفية النهاية التي سيمضي فيها نظام حكم الأسد، فالشعب السوري حتى هذه اللحظة لم تسجل عليه حالات إستخدام للسلاح في المظاهرات, فما تزال ثورته سلمية يقوم بها شعب أعزل لا يملك حتى من السلاح شيئاً يذكر، بيد أن هناك أمور يجب الالتفات اليها, أولاً الطائفة العلوية تضع في حسبانها أن أي سقوط لنظام حكم بشار يعني إنكباب الشعب على أهالي تلك الطائفة لكي يأخذوا بثأر الدماء التي سكبت, ما يشير إلى إحتمالية تزود أهالي الطائفة العلوية بأنواع السلاح سلفاً تحسباً لمواجهة محتملة مع الثوار, ثانياً الحرس الجمهوري والشبيحة وقوات الأمن التي سخرها بشار وماهر لقمع الشعب جميعها تقوم بمهامها على أكمل وجه وهذا ما نراه من أشكال وألوان القتل و الذبح للشعب منذ إندلاع الثورة، قد يكون هناك سؤال يطرح نفسه وهو كيف سوف يفي النظام الأسدي بفاتورة الإرضاء المالي لتلك القوات في ظل العزلة الدولية التي يعيشها النظام والعقوبات المالية والاقتصادية التي تزداد يوماً بعد يوم، ثالثاً تغير ملامح وتقاسيم وجه التصريحات الإيرانية الأخيرة والتي نددت لأول مرة معربة عن مخاوفها من تزايد عمليات القمع والذبح في سوريا بحق الشعب هذه التصريحات جاءت على لسان الرئيس الايراني احمدي نجاد في مقابلة اجراها مع قناة السي ان ان الاميركية, بعد ان عقد هو ورئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي أكبر ولايتي اجتماعاً مع المرشد الأعلى علي خامنئي لمناقشة تأثير الأوضاع في سوريا على إيران، واتفقوا على أن نظام بشار الأسد مقدم على انهيار يصعب تفاديه، وتقرر في ذلك الاجتماع إعادة صياغة الإستراتيجية الإيرانية تجاه سوريا، حيث أكد خامنئي على ضرورة فصل "حزب الله اللبناني" عن سيطرة سوريا، وذلك من خلال تقديم الدعم للحزب عبر قنوات اخرى، كما تردد الحديث عن إمكانية دعم طهران لمشروع تشكيل حكم ائتلافي بديل تتوافق عليه الأطراف الإقليمية ويتعهد بدوره بالمحافظة على المصالح الإيرانية في المنطقة.كل هذه الأحداث وغيرها جعلتنا نتأمل أن إيران أرادت التلميح ولو من طرف خفيّ أنها قد تسحب نفسها من دعم نظام الأسد وقد يكون ذلك مقابل إحكام قبضتها على العراق وتسليمه لها كهدية ثمينة يسيل لها اللعاب مع قرب سحب أمريكا لقواتها من العراق
اضافة الى ذلك, هناك أهداف استراتيجية حققتها المعارضة السورية ومنها تأسيس المجلس الوطني والذي ضم معظم تيارات المعارضة السياسية في البلد حيث قام هذا المجلس بتحرك واسع دفع فيه الجامعة العربية لاتخاذ موقف قوي وصارم بما يتناسب مع التطور الخطير في سوريا, وطالب بوقف عضوية سوريا في الجامعة العربية, كما وبدء التفكير جدياً من قبل بعض الدول بالاعتراف به وبشرعيته واعتباره ممثلاً رسمياً وحيداً للدولة السورية, والأهم من هذا اعلان الجيش السوري الحر والذي أسسه ضباط منشقون عن الجيش -الذي وصل عدده حسب معلوماتي إلى 16 الف جندي- لدعم المتظاهرين وحمايتهم والتصدي لشبيحة النظام بعد أن تبينت لهم حقيقة هذا النظام, فيما بدأ ضباطه ورتباءه بتنظيمه وتقسيمه إلى كتائب وسرايا منظمة ونشره في بعض المدن والقرى السورية
أخيراً, بإسمي وبإسم الحراك الشيعي المعارض في لبنان نبارك هذه الثورة الشعبية المحقة ونتمى ان تستمر بهذه القوة وبهذا الزخم حتى نيل مطالبها المشروعة, وندعو الشعب السوري بأجمعه وبمختلف طوائفه وألوانه للوقوف والالتحاق في صفوف الثورة وتضيق الخناق على الحكم الظالم لبلاده لأن نجاح هذه الثورة سيقطف ثمارها جميع أبناء الوطن وليست طائفة دون سواها كما يتوهم البعض, وفي نفس الوقت نتمنى على الدول العربية تحمّل مسؤولية كبرى تجاه الوضع في سوريا وعليها ممارسة ضغوط كبيرة على دمشق من أجل الاستجابة لمطالب المحتجين ، كما على تركيا لعب دور لما لها من "إمكانيات كبيرة" للتأثير على سوريا, وندعو المجتع الدولي والامم المتحدة للوقوف إلى جانب الشعب السوري وتأمين الحماية الدولية له والضغط على النظام الجائر واجباره على وقف مسلسل حمام الدم بحق شعبه. أما النقطة الاخيرة وهي الاهم التي نطلبها من المعارضين أن تتوحد جميع التيارات والحركات الشعبية وتنسيقيات الشباب تحت شعار وهدف واحد وهو الاستمرار حتى نيل الحرية وتحقيق الديمقراطية الحقيقية في البلاد وذلك بنغيير الحكم الظالم فيها
الكاتب: طارق سليمان
ناشط وكاتب سياسي لبناني