بسم الله الرحمن الرحيم
... غــزو أثـيــــنا (جــ 4)،،، الشريعة فوق الفلسفة ...

الإنسانية ضائعة في فلسفة أرسطو رغم عظيم الفرق بين الجنسين الإنسان و الحيوان، و أيضا ضائعة في علم النفس الحديث المعارف المتعلقة بحياة الإنسان و أخلاقه و أفعاله و آفاقه، بينما هذه المعارف هي متوفرة في الشريعة إنما مكنوزة خفية.
ززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززز

من مقولة الجوهر للحكيم أرسطو ترجمة الشارح الأكبر إبن المنبهر إبن رشد....

الفصل الرابع .. ((و كل ما سوى الجواهر الأول التي هي الأشخاص، فإما أن تكون مما يقال على موضوع و إما أن تكون مما يقال في موضوع، و ذلك ظاهر بالتصفح و الاستقراء - أعنى حاجتها إلى الموضوع. مثال ذلك أن الحي إنما يصدق حمله على الإنسان من أجل صدقه على إنسان ما مشار إليه، فإنه لو لم يصدق على واحد من أشخاص الناس لما صدق حمله على الإنسان الذي هو النوع، و كذلك اللون إنما يصدق حمله على الجسم من أجل وجوده في جسم ما مشار إليه. فيجب إذن أن يكون ما سوى الجواهر الأول إما أن يكون يقال عليها أو فيها - أي على الجواهر أو فيها. و إذا كا ذلك كذلك، فلو لم توجد الجواهر الأول لم يكن سبيل إلى وحود شيء من الجواهر الثواني و لا من الأعراض.))

الفصل الخامس... ((و الأنواع من الجواهر الثواني أولى بأن تسمى جوهرا من الأجناس لأنها أقرب إلى الجواهر الأول من الأجناس. و ذلك أنه متى أجيب بكل واحد منها في جواب ما هو الشخص -الذي هو الجوهر الأول - كان جوابا ملائما من جهة السؤال بم هو، إلا أن الجواب بالنوع عند السؤال بم هو أكمل تعريفا للشخص المشار إليه و أشد ملائمة من الجواب بجنسه.

مثال ذلك إن أجاب مجيب عند السؤال ما هو سقراط بأنه إنسان كان أكمل تعريفا لسقراط من أن يجيب فيه بأنه حيوان، لأن الإنسانية بسقراط أخص من الحيوانية، و كذلك حال الأعم مع الأخص.

فهذا أحد ما يظهر منه أن الأنواع أحق باسم الجوهرية من الأجناس. و دليل آخر أيضا، و ذلك أنه لما كانت الجواهر الأول إنما صارت باسم الجوهر و باسم الموجود أحق من الجواهر الثواني و الأعراض لكون سائر الأشياء إما محمولة عليها أو فيها، و كانت حال الأجناس عند الأنواع هي حال جميع الأشياء عند الجواهر الأول - أعنى أن الجواهر الأول موضوعة لسائر الأمور كما الأنواع موضوعة للآجناس فإن الأجناس تحمل على الأنواع كما تحمل سائر الأمور على الجواهر. و ليس ينعكس الأمر فتحمل الأنواع على الأجناس كما ليس ينعكس الأمر في سائر الأشياء في الحمل مع الجواهر الأول- أعني أنه لا يحمل الجوهر عليها. فلما كان الأمر كذلك، وجب ضرورة أن تكون الأنواع أحق باسم الجوهر من الأجناس.))



الفصل السادس.. ((و أما أنواع الجواهر التي ليست أجناسا، فليس بعضها أحق باسم الجوهر من بعض إذ كان ليس جوابك في أنه إنسان أشد تعريفا من جوابك في هذا الفرس المشار إليه أنه فرس. و كذلك الجواهر الأول ليس بعضها أحق باسم الجوهرية من بعض، فإنه ليس هذ الإنسان المشار إليه أحق باسم الجوهرية من هذا الفرس المشار إليه.))

..........................................................................................................................

... اتخاذ الأشخاص نقطة ارتكاز نظري، لا يبرر التحيز لها لدرجة ترتيب وجود الفكر عليها ...

الفصل الرابع .. ((و كل ما سوى الجواهر الأول التي هي الأشخاص، فإما أن تكون مما يقال على موضوع و إما أن تكون مما يقال في موضوع، و ذلك ظاهر بالتصفح و الاستقراء - أعنى حاجتها إلى الموضوع. مثال ذلك أن الحي إنما يصدق حمله على الإنسان من أجل صدقه على إنسان ما مشار إليه، فإنه لو لم يصدق على واحد من أشخاص الناس لما صدق حمله على الإنسان الذي هو النوع، و كذلك اللون إنما يصدق حمله على الجسم من أجل وجوده في جسم ما مشار إليه. فيجب إذن أن يكون ما سوى الجواهر الأول إما أن يكون يقال عليها أو فيها - أي على الجواهر أو فيها. و إذا كا ذلك كذلك، فلو لم توجد الجواهر الأول لم يكن سبيل إلى وحود شيء من الجواهر الثواني و لا من الأعراض.))

................................................. تعقيب.........................

المصادر الشرعية............



قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: -

"عالم إذ لا معلوم، و شاهد إذ لا مشهود"

"فاعل عن إرادة، و مريد عن علم"


الأجناس و الأنواع هي أعيان أول باعتبار تقدمها في الوجود، و لها وجود علمي فحسب بسبب ضيق الخيال عن استيعاب فكرة الجنس الواسعة أو فكرة النوع الضيقة، إذ يستحيل مثلا رسم المثلث، أو رسم مثلث قائم الزاوية، يستحيل رسم المثلث بدون تقييده على الأقل بتعيين نسب أضلاعه، و عند اختيار إحداثه في الواقع يستحيل الإحداث بدون المزيد من التقييد، أي يتطلب الأمر تعيين أطوال أضلاعة بوحدة صناعية أو طبيعية.

البحث عن نقطة ارتكاز في التعلم لا يجيز القول بتقدم الواقع على الفكر، حتى بالنسبة للمستقرئ الذي يبدأ بلحظ أشخاص الواقع، ثم جمعها في أنواع، ثم جمع الأنواع في أجناس، و الأجناس في عالم، أما بالنسبة للصانع، فإن ترتيب الأحداث يكون بعكس طريق التعلم، الفكر يتقدم على الأشخاص في الحدوث، و النوع فكرة ضيقة و هو عرض على الجنس، و الشخص فكرة أضيق و هو عرض على النوع، أي الشخص هو العين الثالث، و النوع هو العين الثاني و الجنس هو العين الأول.



مثال.... نوع المثلث الحرج أي الذي يتوسط أنواع المثلث منفرج الزاوية و أنواع المثلث حاد الزوايا، ينتج بتقييد فكرة المثلث و هي أنه شكل مؤلف من ثلاثة أضلاع متلاقية أطرافها مثنى مثنى، بقيد قيام الزاوية. و شخص المثلث المتعين بالتناسب {3، 4، 5} هو عرض على نوع المثلث الحرج.

و جنس المثلث و أنواعه موجودة على كل حال، سواء حدث رسم صور المثلثات المنناسبة، في عالم الخيال، أو لم يحدث رسم، و سواء حدث إمتداد أشخاص المثلثات الموزونة في عالم المكان، أو لم يحدث.

قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "الله صانع كل صانع و صنعته"

... تقدم الأشخاص في الجوهرية، لا يعني تقدمها في حدوث أعيانها ...

قال أرسطو: " فلو لم توجد الجواهر الأول لم يكن سبيل إلى وحود شيء من الجواهر الثواني و لا من الأعراض"

يبدو أن أرسطو مصيب في تسمية الأشخاص جواهر أول، بسب أن كلمة جوهر مشتقة من الجهر التي تعني النشر و الإعلان و الإفصاح، و هو نفيض الطي و الكتمان و الإخفاء،

و هو خاصة الفكرة، أي إن الفكرة فكرة الجنس أو فكرة النوع التي فصلها إتساع الحقيقة خاصتها الخفاء و الإسرار، بسبب ضيق الخيال عن تصورها و من باب أولى ضيق المادة عن استيعابها. و الفكرة التي يمكن تنزيلها إلى صورة متناسبة أو شخص موزون لا بد أن تكون ضيقة كفاية، حتى يمكن الجهر بها رسما في الحس أو مدا في المكان.

بنما يستحيل الجهر أو إظهار فكرة الجنس أو النوع رسما أو مدا. و اللغة لا تفيد المعنى الصوري للنوع أو الجسم، بل تفيد المعنى العلمي أي الفكرة.

إنصافا للكائنات العلمية أي للجنس و النوع، لا بد من التنويه بأولوي تعين الجنس، و ثانوية تعين النوع، و تأخر تعين الشخص، الجنس أول في حدوث عينه العلمي، و بعيد أو ضعيف الجهر به، لا ستحالة رسمه أو مده، إنما ينقل بالكلام.

و الشخص هو أول في الجوهرية أي في الظهور و العلانية لكنه آخر و أخير في التعين و الحدوث، جوهر أول و عين ثالث، و الجنس جوهر ثالث و عين أول، و النوع متوسط ترتيبهن، متوسط زمان التعين و متوسط حال التجوهر.

... وصف اللون بأنه شخص عرض في شخص جوهر،،،، نقطة ضعف قاتلة في منطق أرسطو ...

قال: "و كذلك اللون إنما يصدق حمله على الجسم من أجل وجوده في جسم ما مشار إليه"

اللون مادة حسية بصرية، و المادة جوهر و ليس عرض، هل شرطا في اعتبار المادة جوهرا أن تكون مادة خشنة فلز أو حجرا، اللون مادة و الصورة هي جوهر و ليس ضروري أن تكون مجسدة في كوكب أو كائن حي حتى تعتبر جوهرا. و كل حاسة لها موادها و صورها، اللسان حاسة الذوق مواده الحلاوة و المرارة و الملوحة و الحموضة، و الصور الذوقية لا تحصى مثلا مذاق التفاح مختلف عن مذاق الإجاص فهذه المذاقات هي صور حسية ذوقية و المادة المشتركة هي الحلاوة.

و اللون ليس يقال في موضوع و لا يحمل على موضوع............... كيف.؟؟!!

اللون ليس شخص عرض في شخص جوهر أولي، بل إن اللون هو جوهر من مؤلفات الشخص، و اللون يحمل عليه كيفيات و أفعال، اللون البنفسجي مثلا هو نفسه اللون الأزرق لكن مع كيفية الفخامة، و الأخضر يحمل عليه درجات القوة، فهو أخضر مدهم أو أخضر فاتح. و الأشكال دائرة أو رباعي أو مثلث هي محمولات من المستوى الثالث على اللون.

أي اللون مثل العقل و النفس و الجسم هي مقولات، و المقول عليه هو الفرد المؤلف من هذه الأشياء. اللون جوهر مقول على سبيل التأليف و ليس الوصف الكيفي أو الفعلي على جزء من الفرد هو جلده.

بل إن اللون له وجود مستقل مثل الحنة السمراء التي يحمل عليها أو على سمرتها أنها داكنة أو صفراء،

الأعراض هي حصرا صفات الفخامة و الرقة و الشدة و الضعف، و هي السكون أو الحركة، و اللون و الحلاوة و الرائحة و الصوت و الملمس هي من الجواهر لأن هذه الأوصاف يمكن حملها عليها.

..................................................................................................................

... إخفاق أرسطو في توضيح سبب تفاوت حظوظ الجنس و النوع و الشخص من الجوهرية ...

الفصل الخامس... ((و الأنواع من الجواهر الثواني أولى بأن تسمى جوهرا من الأجناس لأنها أقرب إلى الجواهر الأول من الأجناس. و ذلك أنه متى أجيب بكل واحد منها في جواب ما هو الشخص - الذي هو الجوهر الأول - كان جوابا ملائما من جهة السؤال بم هو، إلا أن الجواب بالنوع عند السؤال بما هو أكمل تعريفا للشخص المشار إليه و أشد ملائمة من الجواب بجنسه.

مثال ذلك إن أجاب مجيب عند السؤال ما هو سقراط بأنه إنسان كان أكمل تعريفا لسقراط من أن يجيب فيه بأنه حيوان، لأن الإنسانية بسقراط أخص من الحيوانية، و كذلك حال الأعم مع الأخص.

فهذا أحد ما يظهر منه أن الأنواع أحق باسم الجوهرية من الأجناس. و دليل آخر أيضا، و ذلك أنه لما كانت الجواهر الأول إنما صارت باسم الجوهر و باسم الموجود أحق من الجواهر الثواني و الأعراض لكون سائر الأشياء إما محمولة عليها أو فيها، و كانت حال الأجناس عند الأنواع هي حال جميع الأشياء عند الجواهر الأول - أعنى أن الجواهر الأول موضوعة لسائر الأمور كما الأنواع موضوعة للآجناس فإن الأجناس تحمل على الأنواع كما تحمل سائر الأمور على الجواهر. و ليس ينعكس الأمر فتحمل الأنواع على الأجناس كما ليس ينعكس الأمر في سائر الأشياء في الحمل مع الجواهر الأول- أعني أنه لا يحمل الجوهر عليها. فلما كان الأمر كذلك، وجب ضرورة أن تكون الأنواع أحق باسم الجوهر من الأجناس.))



..................................................................................................................

... الإنسانية مستعص حملها على بعض أشخاص البشر، فهي لا تصدق عليهم و حمل الحيوانية و الشجرية و حتى الجمادية عليهم هو الأنسب ...

الفصل السادس.. ((و أما أنواع الجواهر التي ليست أجناسا، فليس بعضها أحق باسم الجوهر من بعض إذ كان ليس جوابك في أنه إنسان أشد تعريفا من جوابك في هذا الفرس المشار إليه أنه فرس.

و كذلك الجواهر الأول ليس بعضها أحق باسم الجوهرية من بعض، فإنه ليس هذ الإنسان المشار إليه أحق باسم الجوهرية من هذا الفرس المشار إليه.))

.............................. تعقيب ...........................................................

أي أن الأنواع تتكافأ في تعريف أشخاصها، و أن هؤلاء الأشخاص هم متكافئون في اسحقاق أسم الجوهرية،

و هو فشر أي كذب أو خطأ أسقط فيه أرسطو عدم تمييزه الإنسان و أنه نوع من الكائن الحي مختلف عن الحيوان، كما أن الحيوان مختلف عن الشجرة، بل إن الفرق بين الإنسان و الحيوان أكبر جدا من الفرق بين الحيوان و الشجرة، فرغم أن الحيوان يزيد على الشجرة بأنه تحس و لا تتحرك، إلا أنه يشبهها في أنه تحت قهر الغريزة، و تحت قهر التخصص في بدنه، بنيما الإنسان له عقل، و تكوين عقله و بدنه مجمل غير مقيد بتخصص، أي إنه يصلح للعيش في جميع المواقع و مع جميع العصور، و هو محتفظ بصورته، و ليس مضطر لتفرع نوعه إلى أصناف، بل إنه يخترع من العقول و يخترع من الوسائل و المراكب و المنازل و الملابس ما يحتاجه للتكيف مع مستوطنه الجديد و عصره الراهن. و بسبب أن الإنسان كائن مطلق الغريزة أي له عقل و مطلق البدن فهو مكلف مجتهد مخترع.

يزيد الإنسان على الحيوان بنفس ناطقة قدسية، أي تعيش حياتين إثنتين، فكما أن الحيوان يعيش حياة الأحلام و الإحساس، ثم حياة الحركة، يعيش الإنسان حياة و التعلم و التفقه و البيان، ثم يعيش حياة النسك و الطهارة، و كما أن لنفس الحيوان خاصيتان هما الغضب و الشهوة فإن لنفس الإنسان خاصيتان هما الحكمة و النزاهة، و أخلاق الإنسان المتعلقة خاصية الغضب، فضائل الحزم و الشجاعة و رذائل الجبن و التهور، و المتعلقة بالشهوة فضائل الاقتصاد و السماحة أي السخاء و رذائل البخل و التبذير.

لا شك إن أخص الأخلاق بالإنسان هي المتعلقة بخاصيتيه الحكمة و النزاهة، أما فضائل المتعلقة بالحكمة فهما الإجادة و الإبداع، و مقابلهما المتعلقان بخاصية الحكمة فهو رذيلة آلية التكرار أي قهر العادة، و هو المحافظة غير المبررة أو القصور الذاتي عن ترك المتقادم من الأفكار و المهارات، و رذيلة الشذوذ بمعنى غرابة الأطوار مثل التزيي بالطراز المستهجن من الملابس فقط للشهرة و لفت النظر، بينما الملابس هي للتكيف مع المناخ و الطقس و أيضا للإلتزام بشروط الشريعة في الستر و التمييز بين الذكور و الإناث في الملبس.

أما الأخلاق المتعلقة بخاصية النزاهة، فهي أربع أيضا، خلقان إيجابيان و خلقان سلبيان، و كل خلق سلبي أو إيجابي يحتمل فيه أنه فضيلة أو رذيلة، كما هو تقسيم أخلاق كل خاصية غير النزاهة. و الأخلاق الإيجابية هي التي تتعلق بالعزائم، أما الأخلاق السلبية فهي التي تعلق بالرخص. فضيلة النزاهة الإيجابية هي الأمانة و الإستقامة و انصاف الغير و الحرص على طاعة الله و بالجملة فضيلة التقدم في الفضل، أما الرذيلة الإيجابية المتعلقة بالنزاهة فهي التزمت و التشدد و الإيغال بعنف في الدين، مثل الفتاة التي تغطي وجهها كله حتى عينيها، رغم أن هذا الزي ليس من البر أو المستحسن شرعا. و مثل حرص الشاب على لبس الدشداشة في إقليم من الأرض لا يصلح له هذا الطراز من الملابس. و أما الفضيلة السلبية المتعلقة بخاصية النزاهة فهي السماحة بمعنى ترك الاحتجاج و الإنكار بلا مبرر و اختيار التجويز ما أفسح الشرع له، و ترك الإلزام و اختيار التيسير ما أفسح الشرع له، و ترك الإيجاب و الفرض و اختيار الإحتمال ما أفسح الشرع له، و أما الرذيلة السلبية المتعلقة بخاصية النزاهة فهي التهاون و التخاذل و أفظعه ترك الصلاة كسلا رغم العلم بأنها الحاجز بين الإيمان و الكفر، و أنها وجه الإسلام ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "من فاتته العصر فكأنما وتر أهله و ماله"، و بالجملة مداهنة النفس و ترك محاستها و ترك مراقبة الله عز و جل. من المواقف لسيدنا عبد الجبار النفري قدس الله سره: "و قال لي: احذر معرفة تحتج و لا تجيز و توجب و لا تحمل و تلزم و لا تيسر فيأخذك بها الحاكم و هو عدل و تحق بها الكلمة و هو فصل".

و فوق النفس الكريمة و الخواص المتميزة يتمتع الإنسان بقوى خمس غير حاصلة للحيوان، ما يعنى أن جعل الحيوان جنسا يجمع الإنسان مع كل أذون والد و أصمخ بائض هو منتهى الجهل،،، و هي قوة النباهة التي تؤسس للتفكير بلحظ القواعد و البدهيات، و قوة الفهم الذي يربط بين المتغرات، و قوة الذكر الذي يجدول الأفكار المتقاربة أو المتقابلة، و قوة العلم التي ترسم الواقع و تحده، و قوة العمل. و ما يميز قوى الإنسان أن لها أفق مشترك، بينما الحيوان لكل قوة حاسة أفقها الخاص، للعين أفق فيه الألوان و الصور، و للأذن أفق في مواد الصور و النغمات التوافقية أي الصور الصوتية،،،، الخ...

ما تقدم يدل على أن كلام أرسطو يصح حصرا في الجماد و الكائن الحي المقهور بقيود الصورة و الغريزة، لكن لا يصح الظن باستمراره في الإنسان المختار المكلف، الإنسانية تخفق في تعريف بعض أشخاص الناس، أو لا يمكن حمل الإنسانية على بعد الجواهر الأول من البشر، و التي ربما يصدق عليها أنها جواعر المناسب حمل نوع الحيوانية عليها. {نشر، جهر، جعر}، {نوشر، جوهر، جوعر}، و الجعر هو الوقاحة في النشر و الإعلان، مثلا لا يمكن حمل نوع الإنسان على المجرم الذي يقترف الفظائع، و هو بحمل الحيوانية عليه أجدر، أو على من همه بطنه و فرجه و هو بحمل الشجرية عليه أجدر، و الشحيح هو أجدر بحمل الجماد على شخصه، من حمل الشجر أو الحيوان و من باب أولى حمل الإنسان، فهو من شدة إمساكه بالحجرين (الأصح الفلزين) الذهب و الفضة و حرصه على الاستزادة منهما يتجمد و يشاكلهما..

و بالمثل لا يصح مطلقا القول أن الأشخاص متكافئون في اسحقاق أسم الجوهرية، أي يصح القول بالتكافؤ في استحقاق الجوهرية فقط بالنسبة لغير المكلفين من الناس البشر و الجن، حقا ليست بعض هذه النخلة المشار إليها أو هذا الحصان أو هذا الشمس ،، أحق باسم الجوهرية من بعض، لكن هذا الحكم ينقطع عند الناس، فهذا الشخص عامل ملتزم القيام بالواجب و هذا الشخص متخاذل مقصر، و هذا الفقيه مبتدع و هذا الفقيه مجتهد و هذا العالم حافظ غير فقيه، و هذا الشخص شاعر و هذا الشخص عارف، و هذا الشخص فيلسوف ضال، و هذا الشخص الصوفي ولي و هذا الشخص الصوفي كلب، هؤلاء الأشخاص بعضهم جدير بالجوهرية، و بعضهم غير جدير بحمل الإنسانية عليه، و بعضهم يكاد يفارق حد الإنسانية و يتقدم بالفضل على الملائكة العالين.

... مركز الوعي يعين نوع شخصية الإنسان، و التركز الكاذب للوعي يهدر مواهب الإنسان ...

و أشخاص الناس تختلف بسبب تركز الوعي، الإنسان مؤلف من كلمة و روح و نفس و عقل و ناطقة و حيوان و شجرة، و أيضا المال و العلم و المقتنيات في آفاق الحواس هي من جملة تكوين الإنسان، و ليس الشح المطاع سوى تركز وعي الروح عند المال، و صيرورة المال بؤرة الإهتمام حتى إذا أفلس من هذا حاله فإنه ينتحر أو على الأقل يعيش كئيبا ذليلا. و ليس التعصب سوى تركز الوعي عند العقل المستفاد أي أصول المذهب، و ما أحسن قول الشاعر أبو العلاء المعري: "إذا رجع الحصيف إلى حجاه ### تهاون في المذاهب و ازدراها"، خير للمسلم ورود ينابيع الإسلام القرآن الكريم و الحديث الشريف و آثار أهل البيت صلوات الله عليهم و سلامه، بدلا من ورود سواقي المجوس المتسخة النجسة، أو سواقي النواصب المهملين علوم أهل البيت رضي الله عنهم، و بعض الناس يتركز وعيهم في حسهم فيصيروا شعراء أو أدباء أو خطاطين، و بعضهم يتركز وعيهم في عضلاتهم فيصيروا رياضيين، و بعضهم يتركز وعيهم في أنفسهم الناطقة القدسية فيصيروا دعاة أو صحافيين أو متطوعين في عمل الخير، لكن المهم أن يتركز الوعي دائم عند العقل و ليس عند النفس، حتى لا يكون الوضع الداخلي مختلا مريضا، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "كم من عقل أسير تحت هوى أمير".

يحسن تركيز الوعي عند الموهبة، مثال .... لا شك إن العالم خير من العامل، لكن من يناسبه التعليم المهني فيختار الإستمرار في الفروع النظرية لسبب ما، لن يفلح و لو حصل على شهادة الدكتوراه في تخصصه و شغل منصب أستاذ في جامعة، أي لن يضيف شيئا ذا بال إلى العلم، بينما لو سار في الطريق المناسب الأرجح أنه كان أبدع و أجاد.

............................

محمد إبن رجب الشافعي

الجيش اللبناني الفلسفي الثوري

الخميس 4\11\2011 مـــــــــــــــ