ويمكن أن نصيغ السؤال بالشكل التالي وهل تأخر نصر الثورة السورية حقاً ؟؟؟؟
بعيد انتصار الثورة التونسية ، وبعيد انطلاق شرارة الثورة المصرية ، كنت أجتمع مع أصحابي السوريين ومن مدينة حمص بالذات ، فنتجاذب أطراف الحديث حول الثورتين التونسية والمصرية ، وبطولة كلا الشعبين الثائرين ، ثم نعرج في الحديث عن بلدنا سورية الحبيبة الجريحة المكبلة بالقيود ، والسلاسل ، والأغلال ، ومن ثم نطرح السؤال على أنفسنا جميعا : هل يمكن أن تحدث ثورة في سورية كما حدثت في تونس ومصر ؟؟؟ كان الجواب عند جميع الذين طرح عليهم السؤال أنه من المستحيل ، بل من سابع المستحيلات ، قيام ثورة في سورية ، وكانوا يعللون ذلك بما يلي :
1- الشعب السوري أصبح شعباً ذليلاً خانعاً شبع وأُ’تخم بالذل حتى النهاية ، وجباناً رعديداَ ، وخائفاً حتى من خياله ، الرعب سيطر عليه حتى أنه يمشي الحيط الحيط ويقول : يا رب السترة .
2- الشعب السوري لا يحب بعضه بعضاً ، ومتفرق ، وكل واحد فيهم يعتبر نفسه رأساً ، لا يسمع ، ولا يطيع غيره ، ويود السيطرة على الآخرين ، ومؤلف من أعراق متعددة ، وأديان متعددة ، وطوائف متعددة ، وقوميات عديدة ، ويسوقون قولة الرئيس السوري الأسبق شكري القوتلي ، حينما سلم سورية على طبق من ذهب لعبد الناصر محذرا إياه أني سلمتك أربع ملايين رئيس ، وكان وقتها في عام 1958 عدد سكان سورية أربع ملايين فقط لاغير .
3- الطائفة العلوية تسيطر على الجيش وعلى مفاصل الدولة ، وأي تحرك ستحدث مجازر واقتتال بين الشعب ، ولن يسمح النظام السوري بأي مظاهرة ضده بأي شكل من الأشكال .
4- هذا الكلام ردده عدد غير قليل من الأصحاب ، سواءً التقيت بهم أو هاتفتهم عبر الهاتف ، من داخل البلد الذي أقيم فيه أو خارجه ، والذي زاد من تأكيدهم على هذه الفكرة أكثر ، هو فشل المحاولة الأولى للتظاهر في دمشق ، التي تم الدعوة إليها عبر الفيس بوك في أوائل شباط الماضي ، حيث تواجد في المنطقة التي كان مقررا حدوث التظاهرة ، أعداد كبيرة جدا من المخابرات لقمعها وتفريقها ، بينما لم يستجب لها إلا عدد قليل من الشباب ، وكان يوما ممطرا ، وتفرقوا بدون أي مواجهات أو احتكاكات بينهم وبين المخابرات .
5- كنت أنزعج وأتضايق من ثقافة الوهن والخوف والخور ، التي سيطرت على نفس السوريين ، خاصة ، الذين عاصروا أحداث الثورة الأولى ، في ثمانينات القرن الماضي على الوحش الأب – وليس الأسد لأن لقبه الأصلي هو الوحش – ، وأرد عليهم بقوة ، وشدة ، وعنف ، أن الشعب السوري أصيل وعظيم ، وأنه لن يكون الشعب التونسي أو المصري ، بأجرأ وأشجع من الشعب السوري ، صاحب الحضارة العظيمة ، وصاحب البطولات الخالدة ، وهو أول شعب عربي نال استقلاله ، وطرد الإستعمار الفرنسي من بلده ، وهو أول من أرسل أبناءه وعلى رأسهم عزالدين القسام إلى فلسطين ، لمقاتلة اليهود قبل إعلان دويلتهم فيها ، في ثلاثينات القرن الماضي ، ثم أرسل أبناءه مرة أخرى بقيادة الشيخ مصطفى السباعي حين إعلان الدويلة ، وأن الجيل الحالي يختلف كل الإختلاف عن جيلنا ، جيل الهزيمة والتيه والضياع لمدة أربعين عاما ، فقد ظهر جيل جديد طموح ، مقدام ، جرئ ، شجاع ، تحقيقا لوعد الله تعالى حينما قال :
قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةًۭ ۛ يَتِيهُونَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَـٰسِقِينَ
وبالرغم من أن هذه الآية نزلت في بني اسرائيل الذين رفضوا دخول بيت المقدس مع موسى عليه السلام ، إلا أنها تنطبق على الواقع العربي المسلم الحالي وخاصة السوري ، حيث أن بعض رجالات السوريين بدأت تخرج من سورية في بداية السبعينيات ، عقب معركة الدستور مع الوحش الأب ، وبدؤوا يتيهون في الأرض ، ثم استكمل تشردهم وتيههم في أوائل الثمانينات ، وهنا أحب أن أستشهد بكلمات سيد شهداء القرن الماضي التي كتبت بدمه فأضاءت للعالم أجمع نورا ساطعا وهاجاً :
واستجاب الله لنبيه . وقضى بالجزاء العدل على الفاسقين .
(قال:فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض . فلا تأس على القوم الفاسقين).
وهكذا أسلمهم الله - وهم على أبواب الأرض المقدسة - للتيه ; وحرم عليهم الأرض التي كتبها لهم . . والأرجح أنه حرمها على هذا الجيل منهم حتى تنبت نابتة جديدة ; وحتى ينشأ جيل غير هذا الجيل . جيل يعتبر بالدرس , وينشأ في خشونة الصحراء وحريتها صلب العود . . جيل غير هذا الجيل الذي أفسدة الذل والاستعباد والطغيان في مصر , فلم يعد يصلح لهذا الأمر الجليل ! والذل والاستعباد والطغيان يفسد فطرة الأفراد كما يفسد فطرة الشعوب .
ويتركهم السياق هنا - في التيه - لا يزيد على ذلك . . وهو موقف تجتمع فيه العبرة النفسية إلى الجمال الفني , على طريقة القرآن في التعبير .
وحين ظهرت صفحة الثورة السورية ضد بشار على الفيس بوك ، وحددت 15 / 3 /11 لبدايتها ، كان أيضا أكثر الذين يكتبون فيها متشككين من نجاحها ، وحينما كنت أرد عليهم ببعض التعليقات ، وأحرضهم على القيام بها ، وأخاطبهم بأن يخرجوا كلهم للشوارع مثلما فعل التونسيون والمصريون ، فليسوا هم أحق بالحرية من الشعب السوري ، فكان يرد علي البعض ، بأنك تحلم ، وأن الشعب السوري ميت ، لا حياة لمن تنادي .
هذا هو تصور الشعب السوري عن نفسه ، قبل بداية الثورة في 15-3-11 ، صورة انهزامية ، صورة تشاؤمية ، صورة دونية ، صورة تشككية في قدرات النفس السورية ، صورة سوداوية عن إمكانيات وطاقات الذات السورية ، صورة محبطة يائسة من إمكانية النفس السورية لإحداث أي تغيير في التركيبة السياسية القائمة ، صورة الذل والهوان والإستعباد ، لمخلوق زنيم ، خسيس ، لئيم ، تافه ، جعل نفسه إلهاً من دون الله ، في غفلة من الزمان والتاريخ ،.
فاستخف قومه فأطاعوه
واستخفاف الطغاة للجماهير أمر لا غرابة فيه ; فهم يعزلون الجماهير أولاً عن كل سبل المعرفة , ويحجبون عنهم الحقائق حتى ينسوها , ولا يعودوا يبحثون عنها ; ويلقون في روعهم ما يشاءون من المؤثرات حتى تنطبع نفوسهم بهذه المؤثرات المصطنعة . ومن ثم يسهل استخفافهم بعد ذلك , ويلين قيادهم , فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال مطمئنين !
نعم إنها كانت صورة ظلامية ، قاتمة ، للشعب السوري عن نفسه ، وعن إمكانياته ، وقدراته ، وطاقاته ، وإبداعاته ، قبل بداية الثورة ، وحتى في بداياتها ، كانت بعض المواقع تصف الشباب المتظاهرين ، بأنهم زعران ، غوغاء ، همج ، فقراء ، قرباط ، غجر ، حثالة ، إلخ....
ولكن قدر الله تعالى ، وتخطيطه ، وصنعه ، شئ آخر ، والذين لا يعرفونه ولا يدركون أسراره ، وقوانينه ونواميسه ، وليس بينهم وبينه أي صلات روحية ، نفسية ، فكرية ، مساكين ، فقراء ، جاهلون ، أميون ، ولو كانوا يحملون أعلى شهادات الدنيا ، فالذي يتزود من النبع الصافي الرباني ، الخالق ، الصانع ، غير الذي يتزود من المستنقع البشري الآسن ، .
لقد جاء قدر الله تعالى لينفخ في النفس العربية المسلمة ، روح الحرية ، روح العزة ، روح الكرامة ، روح الإباء ، روح الحياة الشريفة ، النبيلة ، العزيزة ، الكريمة ، فابتدأ بالشعب التونسي أولا ، ولماذا الشعب التونسي دون بقية الشعوب العربية ؟؟؟
هل لأنه متعطش وطامح للحرية أكثر من غيره ؟ قد يكون .
هل لأنه شعب عنيد ، صلب المراس ، يقدم الضحايا دون خوف ولا وجل ، وكان أول الضحايا بوعزيزي الذي حرق نفسه لأجل الوطن ؟ قد يكون
هل لأنه أكثر إيمانا ، وثقة بالله تعالى ، واعتمادا عليه ، أكثر من غيره من الشعوب العربية ؟ قد يكون
هل لأنه شعب واحد ، متآلف ، متعاون ، محب لبعضه ، غير منقسم لأعراق ، وأديان ، وطوائف عديدة ؟ قد يكون
هل لأن شاعرهم أبا القاسم الشابي القائل : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
قد رسخ في نفوسهم قوة الإرادة ، على طلب الحياة ، مهما كانت الصعوبات ؟ قد يكون
لا أزعم أني أعرف السبب الحقيقي لإختيار الله تعالى الشعب التونسي ليكون هو البداية في التحرر من الإستبداد ، وأي قارئ لديه معلومات صحيحة وصادقة عن الموضوع ، فليزودني بها ، أكون له من الشاكرين .
ثم بث تعالى روح الحرية في نفس الشعب المصري ، ثم تلاه الشعب اليمني ، وبعدها الشعب الليبي ، وأخيرا وليس آخرا الشعب السوري .
لقد أظهر الشعب السوري فرقا وإختلافاً متميزين عن الثورات العربية الأخرى:
أولا تصدي الشعب بصدور عارية لمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة ، دون خوف ولا وجل ، مما غير الفكرة التي كانت سائدة عن الشعب السوري أنه جبان خائف ، وقلب الدنيا رأساً على عقب .
ثانيا سقوط الشهداء بأعداد كبيرة تعادل عدة أضعاف ، ما سقط من شهداء الثورات الثلاث التونسية ، والمصرية ، واليمنية ، مجتمعة .
ثالثا : ازدياد عدد المتظاهرين يوما بعد يوم ، بالرغم من القتل والسجن والتعذيب ، مما يوحي بقوة العزم ، والتصميم ، على نيل الحرية مهما كلف الثمن .
ولكن بالرغم من هذه المزايا العظيمة الهائلة للثورة السورية ، لماذا لم تنتصر حتى الآن ، وقد مضى ستتة أشهر على انطلاقتها ، وقدمت ضريبة كبيرة من الشهداء والمعتقلين والمعذبين والمهجرين ؟
1- لم يصل الشعب السوري حتى هذه اللحظة ، إلى أن يكون على قلب رجل واحد ، فلا يزال الخصام والخلاف بين أركان المجتمع السوري عامة ، سواء داخلا أو خارجا ، بالرغم من حصول تآلف كبير بين أطياف الشعب أكثر مما كان قبل بداية الثورة ، ولكن لا يزال دون المستوى المطلوب لتحقيق النصر .
2- لم تصل المحبة والمودة والتعاطف بين أفراد المجتمع السوري ، كما وصلت في المجتمع المصري الذي هو أصلا متحابب فيما بينه أكثر من الشعب السوري ، ومع هذا اعتبر الشعب المصري تأخر رحيل حسني غير المبارك ، نعمة إلهية لهم ، لأنها جعلتهم يتحاببون فيما بينهم أكثر من ذي قبل ، حتى هتف بعض المتظاهرين ( الله يخرب بيتك يا مبارك خليتنا نحب بعضنا أكثر ).
3- لم تزل حتى الآن توجد نفوس سورية ميتة الضمير ، والمشاعر ، والقلب ، تتاجر بدماء الشهداء ، وتدل على عورات الثوار ، وتشي بأسرارهم ، وتتعاون مع المجرمين ، ليعتقلوهم ، ويعذبوهم ، وهؤلاء ما يسمون بالمخبرين الأنذال الأشرار .
5- لا يزال أعوانه ومؤيدوه من الدول الخارجية ، سواء التي تعلن جهارا وقوفها إلى جانبه مثل ايران وروسيا والصين وحزب الشيطان ، أو التي ظاهرها ضد النظام ، ولكن باطنها معه ، وهي كل دول العالم ، فهي تلعب على الحبلين ، من جهة تصرح ضده لتكسب تأييد شعوبها ، أو تبرر لشعوبها أنها تقف ضد القتل ، ولكن حقيقة تتمنى من أعماق قلبها ، أن يتمكن النظام بأسرع وقت ، من القضاء على الثورة ، لذلك تعطيه الفرصة تلو الفرصة ، ليتمكن من إخماد الثورة ، بحجة الإصلاحات ، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نصره ، ولو كره المجرمون .
6- وقد تكون هناك أسباب أخرى لا نستطيع إدراكها بعقلنا البشري الضعيف ، وقد يدرك بعضا منها بعض القراء فيرجى تزويدنا بها ، غير أن الثابت والأكيد ، أن هناك حكمة ربانية وراء تأخير النصر .
فماهي الحكمة ؟؟؟
1- إن لكل سلعة غالية ثمنا غاليا ، ولكل بضاعة نفيسة سعرا عاليا ( ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الجنة ) وقد عبر المتظاهرون الشرفاء الأبطال ، بوحي من فطرتهم السليمة ، فرددوا هتافاتهم المدوية ( عا الجنة رايحين شهداء بالملايين ) ، ما أروع هذا الهتاف الذي لم ينطلق في أي ثورة أخرى ، سوى الثورة السورية ، وهذه لوحدها مفخرة وأي مفخرة للثوار السوريين الأبطال ، وهي تتكئ وتستند على قول الله تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ) . وأجمل وأروع تعليق في الدنيا هو ما كتبه سيد قطب
(هذا النص الذي تلوته من قبل وسمعته ما لا أستطيع عده من المرات , في أثناء حفظي للقرآن , وفي أثناء تلاوته , وفي أثناء دراسته بعد ذلك في أكثر من ربع قرن من الزمان . . هذا النص - حين واجهته في "الظلال" أحسست أنني أدرك منه ما لم أدركه من قبل في المرات التي لا أملك عدها على مدى ذلك الزمان !
إنه نص رهيب ! إنه يكشف عن حقيقة العلاقة التي تربط المؤمنين باللّه , وعن حقيقة البيعة التي أعطوها - بإسلامهم - طوال الحياة . فمن بايع هذه البيعة ووفى بها فهو المؤمن الحق الذي ينطبق عليه وصف [ المؤمن ] وتتمثل فيه حقيقة الإيمان . وإلا فهي دعوى تحتاج إلى التصديق والتحقيق !
حقيقة هذه البيعة - أو هذه المبايعة كما سماها اللّه كرماً منه وفضلاً وسماحة - أن اللّه - سبحانه - قد استخلص لنفسه أنفس المؤمنين وأموالهم ; فلم يعد لهم منها شيء . . لم يعد لهم أن يستبقوا منها بقية لا ينفقونها في سبيله . لم يعد لهم خيار في أن يبذلوا أو يمسكوا . . كلا . . إنها صفقة مشتراة , لشاريها أن يتصرف بها كما يشاء , وفق ما يفرض ووفق ما يحدد , وليس للبائع فيها من شيء سوى أن يمضي في الطريق المرسوم , لا يتلفت ولا يتخير , ولا يناقش ولا يجادل , ولا يقول إلا الطاعة والعمل والاستسلام . . والثمن:هو الجنة . . والطريق:هو الجهاد والقتل والقتال . . والنهاية:هي النصر أو الاستشهاد:
(إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون). .
من بايع على هذا . من أمضى عقد الصفقة . من ارتضى الثمن ووفى . فهو المؤمن . . فالمؤمنون هم الذين اشترى اللّه منهم فباعوا . . ومن رحمة اللّه أن جعل للصفقة ثمنا , وإلا فهو واهب الأنفس والأموال , وهو مالك الأنفس والأموال . ولكنه كرم هذا الإنسان فجعله مريداً ; وكرمه فجعل له أن يعقد العقود ويمضيها - حتى مع اللّه - وكرمه فقيده بعقوده وعهوده ; وجعل وفاءه بها مقياس إنسانيته الكريمة ; ونقضه لها هو مقياس ارتكاسه إلى عالم البهيمة:. . شر البهيمة . .(إن شر الدواب عند اللّه الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون). . كما جعل مناط الحساب والجزاء هو النقض أو الوفاء .
وإنها لبيعة رهيبة - بلا شك - ولكنها في عنق كل مؤمن - قادر عليها - لا تسقط عنه إلا بسقوط إيمانه . ومن هنا تلك الرهبة التي أستشعرها اللحظة وأنا أخط هذه الكلمات:
(إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون). .
عونك اللهم ! فإن العقد رهيب . . وهؤلاء الذين يزعمون أنفسهم "مسلمين" في مشارق الأرض ومغاربها , قاعدون , لا يجاهدون لتقرير ألوهية اللّه في الأرض , وطرد الطواغيت الغاصبة لحقوق الربوبية وخصائصها في حياة العباد . ولا يقتلون . ولا يقتلون . ولا يجاهدون جهاداً ما دون القتل والقتال !
2- هذه الثورة السورية التي صنعها رب العالمين على يد أطفال صغار ، ورعاها ونماها طوال ستة أشهر ، يريدها رب العالمين أن تكون درة ، وياقوتة الثورات العربية طراً ، إنه يريد أن تكون شجرة الحرية في سورية ، هي الدوحة الباسقة اليانعة ، كي تهفو لها قلوب الملايين في العالم العربي والعالم أجمع ، وتشرأب لها أعناق الملايين ، تلهفا ، وحنينا ، وشوقا ، للتنعم بظلالها الوارفة .، وحتى تكبر وتصبح سامقة عالية ، تحتاج إلى أن تروى بمزيد من الدماء الطاهرة الذكية لتغذيها وتسرع في نمائها وارتفاعها .
3- كأن الله تعالى يحب شعب الشام كثيرا ...كثيراً ، نتيجة مباركته أرضهم ، استجابة لدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فيريد أن يتخذ منهم شهداء ، ليدخلهم الجنة ، ويريد في الوقت نفسه ، تطهير مزيد من النفوس المريضة ، المخدوعة ، المضٌللة ببشار ، لينقلبوا عليه ، ويكونوا فاعلين في الثورة ، كي يكونوا جديرين بالحياة العزيزة الكريمة .
4- كأن الله تعالى يريد تعرية بشار وجنوده ، من كل الأغلال الزائفة الكاذبة التي لا يزالون يتسترون بها ، ويفضحهم على الملأ أجمع ، كي لا يبقي لهم أي صديق ، وهاهي ايران وحزب الشيطان بدؤوا يفترون في تعاونهم معه – بالرغم من اعتقادنا الجازم أن حركاتهم وتصريحاتهم هي تكتيكية ليكون لها موطئ قدم في سورية المستقبل ، إلا أنها تشي ، بأنهم يمكن أن يُجبروا على التخلي عنه ، لقاء تأمين مصالحهم ، وهاهي قوافل من المفكرين والمحامين والمثقفين والفنانين في داخل سورية وخارجها ، إضافة إلى العسكريين يتخلون عن بشار وجنوده ، ويلتحقون بالثورة .
5- كأن الله تعالى يريد أن يزيد طغيان بشار وهامان وجنودهما أكثر ، حتى يزداد غضبه أكثر ، وحتى يأخذه أخذ عزيز مقتدر ، دون أن يفلت منهم أحد – كما فلت في تونس ومصر وليبيا واليمن ، إذ أن جنود الطغيان لا تزال تعشعش في جميع زوايا تلك البلدان ، بالرغم من الإنتصار الكاسح على رأس الطغيان ، ولكن أذنابه وجذوره ، لا تزال حية تسعى .
6- ولا شك أن هناك حكماً أخرى خفية ، يصعب على عقلنا البشري المحدود الضعيف ، أن يلم بها كلها ، غير أن الشئ الأكيد واليقيني الذي يجب أن يدخل قلب كل سوري حر ، متعطش للحرية والكرامة ، أن نصر الله آت لا ريب فيه ، وأن الخير هو ما اختاره الله ، وفقط لأدلل على صحة ما أقول : تصوروا لو أن النصر حصل من الأشهر الأولى ، حيث كانت لا تزال كثير من الجماعات المثقفة ، بل حتى المسلمة ، تؤيد بشار وتنحاز إليه ، وتأخذ بروايته المفبركة الكاذبة عن المؤامرة ، والعصابات المسلحة ، أليست كانت ستتخذ موقفا معاديا من النظام السوري الجديد ، وتبقى تتهمه إلى يوم الدين بأن هذا النظام الجديد عميل ، ومأجور للصهيونية وأمريكا ، وأنهم قضوا على نظام المقاومة والممانعة ؟؟؟؟ بينما الآن من الذي يصدق هذه الترهات والخرافات والأكاذيب ؟؟؟ أليس هذا فضل الله الكبير ، الذي نور قلوب كثير من الناس المخدوعين بنظام بشار وأكاذيبه ؟؟؟؟ وشرح صدورهم للوقوف ضده ومعاداته ؟؟؟؟ لأن نظام بشار ليس كأي نظام عربي آخر ، إنه خبيث ، ماكر ، حريف في الدهاء ، والخداع ، والتضليل ، واللعب بعقول كثير من الناس ، وكسب صداقاتهم بالتفنن ، والبراعة في الكذب ، واستخدام ورقة فلسطين ومحاربة إسرائيل بالثرثرة والكلام الفارغ ، استخداما ماهرا حاذقا ، بحيث استطاع – وللأسف العميق – خداع كل الجماعات الإسلامية ، بما فيهم الإخوان المسلمين السوريين حينما أعلنوا توقفهم عن معارضته ، لأنه تظاهر أنه ضد حرب اسرائيل على غزة في 2009 ، يا لتفاهة عقول تنخدع بأكاذيب بشار !!!!!