قصة واقعية... كما وصلت من احد الاصدقاء في مدينة دوما
يقول صديقي
كنت جالساً في أحد المحلّات في دوما (إحدى مدن ريف دمشق) عند صديقِ لي فإذا برجل في العقد الثالث من عمره يدخل المحل متوجها لصاحبه بالسؤال، حيث بدا أنه يعرفه من قبل: "ادّيش حقو الغرض يلي أخدتو منك مبارح أبو فلان؟" فاجابه البائع: "150 ليرة" فردّ عليه الرجل: "ممكن تستنّى عليّ للأسبوع القادم بحاسبك فيه" فردّ عليه البائع بالموافقة...
خرج الرجل فسألتُ صاحب المحل.. من هذا؟
قال لي: "هذا فلان من العائلة الفلانية... يعمل نجّار باطون.. واوضاعو على قدو".. خرجتُ مباشرة وراءه لأعطيه ما هو متوفّر لديّ في جيبي علّني أُساعده... فرجلٌ لا يملك 150 ليرة ماذا سيكون حاله؟!تبعته ورأيتُه دخل إلى بقالة في نفس الشارع.. دخلت وراءه فرأيت يطلب: "علبة سمنة.. رز... معكرونة.." فتعجّبتُ منه.. لا يملك 150 ليرة.. وأتى لشراء كل هذه الحاجيّات.. فلم أتمالك نفسي إلا أن أسأله ممازحاً: "شو عم تتبضّع معلم" فنظر إليّ وعرف أنني الشاب الذي رآه في المحل منذ قليل... فأجابني: "اي والله... بس مو إلي... جارنا مبارح أخدوه من بيتو.. لازم آخد لمرتو وولادو شي ياكلوا.. لأنو أوضاعو على قدو"... صعقني وبقيت أنظر إليه عشرُ ثوانٍ دون أن أُجيب... وأحسستها دهراُ كاملاُ...هو حالو على قدو!! وأنت شو؟! لا تملك 150 ليرة!... يالله... ما هذا الشّعب العظيم.. كيف يمكنُ لمن يحكم هذا الشعب أن يعامله بهذه الطريقة والوحشية... ودارت في ذهني ألف فكرة وفكرة.. وجالت في عيني ألف دمعة ودمعة... قبل أن أجمع من الأغراض مثل ما جمع وأقول له: "هدول الك.. وهدول لجارك... روح الله ييسر لك عمّي ويجزيك الخير.. حسابهم عليّ.. الناس لبعضها"... خرجتُ وقد ملأ الخشوع جوارحي لعظمة الموقف.لن تُهزمي يا شام... رغم الأسى والألم والمعاناة ما دام هكذا شبابك ورجالك... فهذا الحراك قد أخرج أفضل ما عند النّاس فلا تبتئسي.. إنّنا نسير في الاتّجاه الصحيح... وعزة الله ستنُنصرين