الطاغيتان: سابقٌ ولاحق
مجاهد مأمون ديرانية
يا أيها المتكبّر الذي ظن أنه لا قوّةَ فوقه ولا سلطان: أين أنت اليوم؟ يا أيها المتجبّر الذي استعبد الناس واستلب الأوطان: أين أنت اليوم؟ يا أيها الأفّاك الذي شَبّه الأحرار بالجرذان، أين أنت اليوم؟ يا من طغى في الأرض وبغى وحالف الشيطان: أين أنت اليوم؟ أيُّ ذل أنت فيه اليومَ وأيُّ هوان؟
انظروا -يا أيها الناس- إلى عاقبة الطاغية الذي نافس الله في ردائه. أليست الكبرياءُ رداءَ الله؟ إني ما رأيته يوماً -وهو يختال على الناس ويترفّع على خلقه ويتكبر على العالمين- إلا تخيلت وعيدَ الله وكدت أسمعه يملأ ما بين السماء والأرض كصوت الرعد: "الكبرياء ردائي، فمن نازعني ردائي قصمته"! فاللهمّ لك الحمد، لك الحمد يا قاصم الجبّارين ويا مُذِلّ المستكبرين.
ويلك يا أيها المتكبر المتجبر، عَمِيتَ فلم تَرَ مصارع غيرك من الظالمين، ونَسيتَ فلم تذكر أن الفلك دَوّارٌ وأنه لا يستقر حالٌ على قرار، فدار دورته عليك؛ فصرت اليوم أنت الصريعَ وقد كنت توردُ الناسَ مِن قبلُ المَصارع، وصرتَ أنت الطريدَ وقد كنتَ تتخطّف الناسَ من الشوارع. اليوم خرست وقد طالما أوقرتَ بالهُراء المَسامع، اليوم فزعت وقد طالما أهرقت الدماء وأجريتَ المَدامع، فما أقربَ ما تتلقفك -بإذن الله- سيوفُ الكُماة القواطع.
يا كم رفعتَ يديك ولوّحت بقبضتيك تهدد عباد الله الآمنين، ونسيت أن فوق يديك يَدَ القدرة العليا التي لا يَدَ فوقها ولا قدرة. غَرّك قومٌ سبّحوا بحمدك وداروا حولك حتى فتنوك عن نفسك، فاستطلت إلى مقام الخالق الذي لا مقامَ فوقه، ومَدّ لك الله ليبتليَك بغرورك فأمنت مكر الله، فلما ارتفعتَ في عليائك وحفّ بك مَلَؤك وأحاطت بك كتائبك خسف الله الأرض بك وبهم وأخذك من بينهم وأنت في زينتك، فلا ردّك الله ولا ردّ ملأك ولا ردّ كتائبك.
أما أنت يا طاغية الشام: فإن كنت في شك من مصيرك فدونَكَ صاحبَ الأمس يُنَبّئك الخبر اليقين. لقد تكبر وتجبر وصنع ما لم يصنعه الفرعون الأكبر، وها هو اليوم طريدٌ شريدٌ ذليل مَهين. لا تظنه فرداً في العالمين، فإنما أنتما صاحبا طريق، أحدكما في السابقين والآخَر في اللاحقين. أمَا إن مصير صاحبك اليوم لَهو مصيرك بعد حين.
إنا لنعلم أن أيامك -يا بشار- إلى انقضاء كما انقضت أيام صاحبك، ونعلم أن مُلْكك إلى فناء كما فَنِيَ ملكه، ولكنّك اخترت تطويل الطريق علينا كما اختار صاحبك تطويل الطريق على قومه، لتُثقل الحسابَ على نفسك كما أثقل هو على نفسه الحساب. إنما نحن وإخواننا الليبيون شركاء في الصبر والعزيمة، وإنما أنتما شريكان -بإذن الله- في المهانة والعقاب.
يا ثوار ليبيا الأبطال، يا صناديد الرجال: لقد أوقدتم بانتصاركم على طاغيتكم سُرُج الآمال، فصرنا نَعُدّ الأيام ونحصي اللَيال، ننتظر سقوط طاغية الشام المتألّه المُتَعال. أمَا إنها قد انقضت من محنتنا الأيامُ الطوال ولم يبقَ منها إلا الأقل، فإنّ عاقبةَ الصبر النصرُ، وإن دوام الحال من المُحال.
ويا أيها الطغاة في كل مكان: هذا درسٌ لكم لو كنتم تعقلون. هذه مصارعكم أمام أعينكم لو أنكم تبصرون! إنّ فيمَن مضى أمام أعينكم لعبرة، ولكن أين المعتبرون؟
مجاهد مأمون ديرانية
يا أيها المتكبّر الذي ظن أنه لا قوّةَ فوقه ولا سلطان: أين أنت اليوم؟ يا أيها المتجبّر الذي استعبد الناس واستلب الأوطان: أين أنت اليوم؟ يا أيها الأفّاك الذي شَبّه الأحرار بالجرذان، أين أنت اليوم؟ يا من طغى في الأرض وبغى وحالف الشيطان: أين أنت اليوم؟ أيُّ ذل أنت فيه اليومَ وأيُّ هوان؟
انظروا -يا أيها الناس- إلى عاقبة الطاغية الذي نافس الله في ردائه. أليست الكبرياءُ رداءَ الله؟ إني ما رأيته يوماً -وهو يختال على الناس ويترفّع على خلقه ويتكبر على العالمين- إلا تخيلت وعيدَ الله وكدت أسمعه يملأ ما بين السماء والأرض كصوت الرعد: "الكبرياء ردائي، فمن نازعني ردائي قصمته"! فاللهمّ لك الحمد، لك الحمد يا قاصم الجبّارين ويا مُذِلّ المستكبرين.
ويلك يا أيها المتكبر المتجبر، عَمِيتَ فلم تَرَ مصارع غيرك من الظالمين، ونَسيتَ فلم تذكر أن الفلك دَوّارٌ وأنه لا يستقر حالٌ على قرار، فدار دورته عليك؛ فصرت اليوم أنت الصريعَ وقد كنت توردُ الناسَ مِن قبلُ المَصارع، وصرتَ أنت الطريدَ وقد كنتَ تتخطّف الناسَ من الشوارع. اليوم خرست وقد طالما أوقرتَ بالهُراء المَسامع، اليوم فزعت وقد طالما أهرقت الدماء وأجريتَ المَدامع، فما أقربَ ما تتلقفك -بإذن الله- سيوفُ الكُماة القواطع.
يا كم رفعتَ يديك ولوّحت بقبضتيك تهدد عباد الله الآمنين، ونسيت أن فوق يديك يَدَ القدرة العليا التي لا يَدَ فوقها ولا قدرة. غَرّك قومٌ سبّحوا بحمدك وداروا حولك حتى فتنوك عن نفسك، فاستطلت إلى مقام الخالق الذي لا مقامَ فوقه، ومَدّ لك الله ليبتليَك بغرورك فأمنت مكر الله، فلما ارتفعتَ في عليائك وحفّ بك مَلَؤك وأحاطت بك كتائبك خسف الله الأرض بك وبهم وأخذك من بينهم وأنت في زينتك، فلا ردّك الله ولا ردّ ملأك ولا ردّ كتائبك.
أما أنت يا طاغية الشام: فإن كنت في شك من مصيرك فدونَكَ صاحبَ الأمس يُنَبّئك الخبر اليقين. لقد تكبر وتجبر وصنع ما لم يصنعه الفرعون الأكبر، وها هو اليوم طريدٌ شريدٌ ذليل مَهين. لا تظنه فرداً في العالمين، فإنما أنتما صاحبا طريق، أحدكما في السابقين والآخَر في اللاحقين. أمَا إن مصير صاحبك اليوم لَهو مصيرك بعد حين.
إنا لنعلم أن أيامك -يا بشار- إلى انقضاء كما انقضت أيام صاحبك، ونعلم أن مُلْكك إلى فناء كما فَنِيَ ملكه، ولكنّك اخترت تطويل الطريق علينا كما اختار صاحبك تطويل الطريق على قومه، لتُثقل الحسابَ على نفسك كما أثقل هو على نفسه الحساب. إنما نحن وإخواننا الليبيون شركاء في الصبر والعزيمة، وإنما أنتما شريكان -بإذن الله- في المهانة والعقاب.
يا ثوار ليبيا الأبطال، يا صناديد الرجال: لقد أوقدتم بانتصاركم على طاغيتكم سُرُج الآمال، فصرنا نَعُدّ الأيام ونحصي اللَيال، ننتظر سقوط طاغية الشام المتألّه المُتَعال. أمَا إنها قد انقضت من محنتنا الأيامُ الطوال ولم يبقَ منها إلا الأقل، فإنّ عاقبةَ الصبر النصرُ، وإن دوام الحال من المُحال.
ويا أيها الطغاة في كل مكان: هذا درسٌ لكم لو كنتم تعقلون. هذه مصارعكم أمام أعينكم لو أنكم تبصرون! إنّ فيمَن مضى أمام أعينكم لعبرة، ولكن أين المعتبرون؟