زئير نصر الله.. يتحول الى مواء

بين ليلة وضحاها، خلع نصر الله جبة الحسن والحسين، وجبة على بن ابي طالب

لقد صُدمنا بما صرح به حسن نصر الله، وصدمنا بمطالبته للضحايا في سوريا، بالحفاظ على النظام السوري وحمايته، لانه، وكما يرى نصر الله، نظام "مقاوم."

لقد صدع حزب الله رؤسنا بالثورة، والمقاومة، والتصدي، وبغير ذلك من شعارات، والفاظ، ومصطلحات، ومترادفات، تتحدث عن عدالة، وثورية، وصلابة حزب الله، وانحيازه الى الجماهير والضعفاء والمظلومين.

وعندما بدأت دبابات الاسد الروسية، تحصد في ارواح البشر العزل في سوريا، توقعنا ان ينحاز الحزب الثوري الى الجماهير، الى الضحايا، الى المقاومة، الى العدل، الى المدنيين، الى الاطفال، الى النساء، الى الضعفاء، الى البشر. توقعنا ان يستجيب نصر الله الى انين الضحايا، وبكاء الاطفال، ودموع الثكالى، ودماء الشهداء، كما استجاب المعتصم. توقعنا ان يرتفع زئير نصر الله، ضد الظالمين، او على اقل تقدير، ان يدفن رأسه في الرمال، ويا ليته فعل، بل يا ليته صمت، لكان اشرف له، ولحزبه.

لقد توقع المواطن العربي، والمواطن السوري، والمواطن المسيحي، والمواطن السني، والمواطن الشيعي، والمواطن الكافر، والمواطن الذي يعبد البقر، توقع الجميع، ان يفاصل نصر الله النظام السوري ادبيا، على اقل تقدير، فنصر الله، يعتبر رجل المقاومة، الذي يتحدث منذ عقود، ودون كلل او ملل، عن الثورة والحرية ودم الحسين.

توقع الناس ذلك، فاذا بالسيد نصر الله يصفعنا، صفعة تاريخية، فتقيأ بما تشمئز منه نفوس البشر، فاعلن الانحياز المطلق الى الطاغية بشار، ونظامه الدموي. اصطف نصر الله، زعيم المقاومة، مع القاتل، مع الطاغوت، مع الديكتاتور، مع الدبابات، مع القمع، مع التنكيل، مع الظلم، مع الشبيحة، وهم يصطادون عباد الله الابرياء. اصطف نصر الله مع القناصة، ورجال الامن، الذين يهشمون عظام الاطفال والنساء والشباب ويحرقون جثثهم على مرأى من العالم. اصطف نصر الله مع احتلال النظام السوري لسوريا. بين ليلة وضحاها، خلع نصر الله، جبة الحسن والحسين، وجبة على بن ابي طالب. فهل حان الوقت ليغير حزب الله اسمه الى حزب الطاغوت، وان يغير نصر الله اسمه، الى ناصر الطواغيت.

ليس ذلك فحسب، بل ان السبب الذي برر به نصر الله موقفه، اقبح من الموقف نفسه. السيد نصر الله طالب الشعب السوري بان يحافظ على النظام السوري وان يقوموا بحمايته، لانه "نظام مقاوم" يتصدى لاسرائيل، ويسعى لتحرير القدس والجولان وفلسطين، بل وتحرير العالم العربي والاسلامي برمته.

لسان حال نصر الله يقول ان النظام السوري، نظام مقاوم، لذلك يحق له ان ان يكون مستبدا ظالما ويحق له ان يقهر سوريا والسوريين ويذبح منهم الالاف في سويعات، بينما الجولان ينتظر منذ نصف قرن الا قليلا.

يقول نصر الله، ان النظام السوري، "نظام مقاوم"، وكأن المقاومة لا تتم الا على حساب دماء وارواح وعزة وكرامة الانسان العربي المنكوب بامثال هذه الانظمة وامثال هذه الاحزاب. لقد ظننا يا سيد نصر الله، ونحن نتفرج على القدس وعلى الجولان، لاكثر من نصف قرن، ان نظامك السوري المقاوم، لا يملك السلاح الذي يقاوم به، ولا يملك البندقية، والدبابة، ولو كان يملك السلاح لحرر القدس، قبل ان يرتد اليك طرفك. الى ان خرجت الجماهير في سوريا مطالبة بابسط حقوق الانسان، فاذا بالدبابات السورية تحتل المدن وتدكها دكا على من فيها، واذا بالقناصة القتلة يستبيحون دماء المسلمين والمسيحيين، وانت قاب قوسين او ادنى تتفرج، وتصرح.

ثم لا ادري ما هو الفرق بين ان يذبحك ابن وطنك ظلما وغدرا وعدوانا وخيانة وقهرا، وبين ان يذبحك اخر لا ينتمي اليك ولا الى وطنك ولا الى دينك. فجميعهم قتلة مجرمين. فعلي ابن ابي طالب يا سيد نصر الله، يحثنا على مقاومة الظلم، الذي حرمه الله على نفسه، وحللته سيادتك للنظام السوري. المؤمن خُلق ليقاوم الظلم، بصرف النظر عن مصدر الظلم. وان لم نفعل ذلك، فاننا نتحول الى كذابين، ومصلحيين، ومنافقين، وجبناء، بل، والى خونة، فخيانة المباديء تعد من اكبر انواع الخيانات.

ليس ذلك فحسب، بل لا يشرف اي انسان في فلسطين، ان يحرر النظام السوري شبرا واحدا من فلسطين، او من الاراضي المحتلة، على حساب دماء وامال والام وارواح البشر في سوريا، او ليبيا، او اليمن او اية بقعة من بقاع العالم، فنحن كالجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وان كنت لا تنتمي انت ونظامك المقاوم، الى هذا الجسد، فالاولى لك ان تصمت. والساحة ما زالت مفتوحة لصناعة المواقف المشرفة. والله ولي التوفيق.



د. فتحي الفاضلي