2011-08-09
حماة تهزم النظام بالضربة القاضية
أخيراً ثأرت حماة من نظام الأسد وعصابة الأسد، فبعد ثلاثين سنة من الانتظار جاء يوم القصاص. حماة كانت ضحيةَ النظام الأسدي الكبرى في ذلك اليوم البعيد، ولكن الفلك دَوّار وما أكثرَ ما يتبادل الناس الأدوار، وها قد ساق النظام اليومَ حملتَه الغادرة على حماة ليقتلها ويقتل معها ثورة سوريا بأسرها، فصارت حماة هي مَقتَل النظام وستصير قبر النظام.
قبل خمسة أيام نشرتُ الرسالة الثامنة والعشرين من رسائل الثورة (حماة: المعركة الفاصلة)، وقلت فيها إن النظام خطا خطوة متهورة جداً وجازف مجازفة كبيرة للغاية باقتحام حماة، وقلت إن الضررَ الذي يُتوقَّع أن يصيب النظام من هجومه على حماة أكبرُ بكثير من أي عدوان سابق على مدن سورية أخرى لاعتبارات تاريخية وسياسية ونفسية متشابكة على المستويين الداخلي والخارجي. فأما على المستوى الداخلي فإن حماة بقيت جرحاً في ذاكرة الأمة منذ تدميرها الأول على يد المجرمَين الكبيرين، وقلت إن الأحرار لن يقبلوا بأن تتكرر المأساة مرة ثانية وهم أحياء... ولم يفعلوا، فقد انفجرت سوريا منذ ذلك اليوم كما لم تكن من قبل.

وأما على المستوى الخارجي فقلت إن حماة صارت مشكلة دولية، وقلت: "لذلك أتوقع أن تحرّك حماة السطحَ الراكد فتصنع في أيام قليلة أثراً يقارب ما صنعته الثورة كلها في عشرين أسبوعاً من قبل". وقلت: "لقد وضع النظامُ السوري -باقتحام حماة- النظامَ العالمي كله على المحك"، وأيضاً: "باستثناء إيران وحزب الله وحكومة المالكي العراقية أتوقع أن يكون الضغط على النظام محل إجماع عالمي، بتفاوت في حجم الضغط ودرجته بالطبع".
* * *

لقد توقعت أن يحرك اقتحامُ حماة العالمَ وأن يدفع إلى تحرّك دولي ضاغط، ولكني كنت مخطئاً، فالعالم لم يتحرك حينما اجتاحت الدباباتُ حماةَ قبل أسبوع، بل يبدو الآن مؤكَّداً أن الاستعدادات بدأت قبل ذلك بأسابيع، ولم يكن العدوان على حماة إلا الزرّ الذي ضغطه النظام السوري ليحرك الأحداث العالمية.

راقبوا المسلسل: صدر الإعلان الرئاسي عن مجلس الأمن يوم الأربعاء، وبعده انهمرت المواقف العالمية والعربية مثل الشلال. هذا عرض موجز لتلك المواقف بالتسلسل الزمني:

(1) البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن: إدانة الخرق الواسع لحقوق الإنسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية، ومطالبة السلطات السورية بالاحترام الكامل لحقوق الإنسان والتصرف بموجب واجباتها وفق القانون الدولي، والتأكيد على أن المسؤولين عن العنف يجب أن يخضعوا للمحاسبة.
(2) المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني: بات من الواضح في سائر انحاء العالم أن أعمال الأسد تضع سوريا والمنطقة برمتها في طريق خطير جداً. سوريا ستكون أفضل من دون بشار الأسد، والكثير من الأشخاص في سوريا والعالم باتوا يخططون لمستقبل لا وجود للرئيس الأسد فيه.
(3) وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون: النظام السوري مسؤول عن مقتل أكثر من ألفَي شخص. واشنطن تعتبر أن الأسد فقد شرعيته لحكم الشعب السوري. الولايات المتحدة ستحض الأوربيين والعرب وسواهم على ممارسة قدر أكبر من الضغط على نظام الأسد لكي يوقف قمعه الدموي للمحتجين المطالبين بالديمقراطية.
(4) الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف: حثّ الرئيسَ السوري بشار الأسد على تنفيذ إصلاحات والتصالح مع معارضيه، وقال إنه يخاطر بمواجهة "مصير حزين" إذا لم يفعل ذلك.
(5) وزير الخارجية الألماني: مستقبل الأسد السياسي أصبح وراء ظهره.
(6) رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان: ما يحدث في سوريا ليس مسألة سياسة خارجية، بل مسألة داخلية بالنسبة لتركيا التي لن تقف متفرجة. على تركيا أن تصغي للأصوات القادمة من سوريا وأن تسمعها وتقوم بما يجب عليها تجاهها.
(7) مجلس التعاون الخليجي: دول مجلس التعاون تعرب عن قلقها لتدهور الأوضاع في سوريا وتدعو إلى الوقف الفوري لأعمال العنف.
(8) أمين الجامعة العربية نبيل العربي: دعا السلطات السورية إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والحملات الأمنية، معرباً عن قلقه المتزايد وانزعاجه الشديد من تدهور الأوضاع في حماة ودير الزور.
(9) جامعة الدول العربية: الجامعة العربية تطالب بوقف فوري للعنف ضد المدنيين في سوريا.
(10) الملك عبد الله بن عبد العزيز: إن ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية، واليوم تقف المملكة العربية السعودية تجاه مسؤوليتها التاريخية نحو أشقائها مطالبة بإيقاف آلة القتل وإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان.
(11) السعودية: المملكة تستدعي السفير السعودي في سوريا للتشاور.
(12) الكويت: استقالة سفير الكويت في سوريا قائلاً: أرفض مواصلة عملي كسفير في ظل ما يحدث في سوريا.
(13) الأردن: اعتبر وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أن ما يجري في سوريا أمر مقلق ومؤسف ومحزن، داعياً إلى الحوار والإصلاحات من أجل الخروج من الأزمة.
(14) الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: يحثّ الرئيس السوري على الكف فوراً عن استخدام القوة العسكرية ضد المدنيين.
(15) الفاتيكان: دعا البابا بنديكتوس السادس عشر إلى وضع حد للعنف في سوريا مناشداً المنظمات الدولية المساعدة على إنهاء إراقة الدماء.
(16) أعلن إصلاحيو إيران تضامنهم الكامل مع الشعب السوري المطالب بالديمقراطية، وقالوا إن الشعب الإيراني يقف إلى جانب شقيقه الشعب السوري للتخلص من الديكتاتور.