( يـسـمـو سـمـيـح شـقـيـر ويـسـقـط الـمـسـيـلـمـة الـدّيـكـتـاتـور )
عـنـدمـا يـصـدع الـفـنّ بـالـحـقّ والحـقـيـقــة يخـرس الـطّـغـاة وتـنـفـضـح الـتّـرهـات
لـعـلّهـا مـقـاربـةٌ طـريـفـةٌ نـوعـاً مـا . مـقـاربـةٌ اسـتـدعـاهـا ، فـجـأةً ، لـلـخـاطـر واسـتـلـزمهـا بـقـوّةٍ وإلحـاح ٍ ، كـمـا كـلّ فـكـرةٍ ، الـحـراك الـتّـاريـخـيّ الـسـيـاسـي ـــ اجـتـمـاعـي لـمـشهــدنـا الـوطـنـي الـسّـوريّ ؛ الـذي بـلـغ درجـةً ، مـن الـغـلـيــان والـتـخـمّــر ، حـدّاً يـدعـو كـلّ إنـسـانٍ حـرٍّ لـلـثـورة ؛ وإثـبـات الهـويّـة ؛ والـدفـاع عـن الـوجـود والـكـيـان الـوطـنـيّ الـحـضـاريّ لـلـوطـن الـحـبـيـب ؛ بـشـتّـى ديـانـاتـه الـسّـمـاويّـة ؛ مـن : إسـلامـيّـةٍ ومـسـيـحـيّـةٍ ؛ بـل حـتـى يـهـوديّـةٍ ، وكـافّـة أجـنـاسـه الـعـرقــّيـة : عـربـاً وكـرداً وسـريـانـأ وآشـوريّـيـن وشـراكـسـةً وأرمـنـيّـيـن وتـركـمـانـيّـيـن ....أوأطـيـافـه الـمـذهـبـيّـة : سـنـيّــة وشـيـعـيّـة وكـاثـولـيـكـيـة وبـروتـسـتـانـيـة وأرثـوذكـسـيّـة و يـزيـديّـة ، وجـمـيـع اتـجـاهـاتـه الإيـديولـوجـيّـة : إسـلامـيّـةٍ و قـومـيّةٍ ويـسـاريّــةٍ ولـيـبـرالـيّـةٍ مـدنـيّـةٍ .
وهـو تـنـوّعٌ إنسـانـيٌّ ثــرٌّ أهّــل وطـنـنـا الـحـبـيـب لأن يـنـعـكـس لـوحـةً فـسيـفسائـيّـةً ؛ وسـيـمـفـونـيّةً مـوسـيـقـيـّةً غـنـيّـةً ؛ تـحـتـشـد بـالـتـضّـادات الـمـتـلـوّنـة ؛ لـتـجـعـل مـنـهـا تـنـاقـضـاً جـدلـيّـاً ؛ يـبـرز جـمالـيّـات الـتـنـاسـق والـتـنـاغـم الـهـارمـنـيّ ؛ الـتـي مـازنـا الـلـه بـهـا عـن كـثـيـر مـن شـعـوب الـعـالـم : حـضـاريّـاً وإنـسـانـيّـاً وثـقـافـيّـاً ، لا ــ كـمـا أراد و خـطّـط ونـفّـذ الـنـظـام الـسلـطـويّ ــ أدوات تـصـارعٍ وتـحـاربٍ وتـنـابــذٍ واسـتـئـصـال ٍ وطـائـفـيّـةٍ عـنـصـربّـةٍ جـاهـلـيـةٍ ارتـداديّـةٍ ؛ تـردّنـا لـعـصـور مـا قـبـل الـتّـاريـخ ؛ سعـيـاً مـنـه لـتـكـريـس الـطـّغـيـانـيّـة ( الأولـيغـاركـيّــة ) ؛ والمـافـيـوزيّـة الـديكتـاتـوريّـة ( الـفيـتـشـويّـة ) ، مـعـتـمـداً خـطّـتـه الجـهـنـمـيّـة الإبـلـيـسـيّــة ( فـرّق تـســد ) ، عـبـر هـيـكلـيّـاتٍ بـطـريـركـيّـةٍ ؛ وبـنـيويّــةٍ سـلـطـويّـةٍ ( بـالمعـنى الـفـوكـويّ ) تهـيـمـن عـلـى كـلّ منـاحـي الحـيـاة ؛ من السياسـجـويّـة ؛ وصـولاً إلى الـطـبـلجـيّــة والـرقـصـجـيّــة والـدبـكـجـيّــة ؛ ملــوّثــةً ومـفـتّـتــةً ؛ بـل مـستـأصـلـةً كـلّ مـا هـو تـاريـخـيّ وطـنـيٌّ إنـسـانيٌّ أصـيـل ؛ ومـكـرّسـةً آلـيّـات الإرهـاب والـقـمـع والـتـقـبـيح والـتّـعهـيـر ؛ اعـتـمـاداً عـلـى قـطـيـعٍ اسـتـخـبـاراتـيّ حـزبيٍّ فـئـويٍّ دـيمـاغـوجـيٍّ .
بهـذه الـطـريـقـة ( الـطّـائـفـي/ سـيـاسـجــويّــةٍ ) نـجـحـت الـمافـيـا الأسـديّــة ( لا الـنـظـام ) بـتـأسـيـس إمـبـراطـوريّـةٍ الـتـغــوّل والـبـطـش و الـطـغـيـان والـفـحـش والانحـلال والـعـهـارة ووو..... ؛ الـتـي تـعـدّ امـتـداداً وانـعـكـاسـاً لـمـمـلـكـة الإرهـاب الـدمـويّ ؛ الـتـي شـخّـصـهـا ( جـورج أورويـل ) في روايـتـه : ( 1984 ) . مـثـلـمـا يـذكّـرنـا زبـانـيّـتـهــا ورقّــاصـوهـا وطـبّـالـوهـا ومــفــتــوهـا بـروايـتـه الأخـرى : ( مـزرعــة الـحــيـــوانــات ) ؛ بـوصـفـهـم قـطـيـعـاً مـن الـمســوخ ؛ أشــدّ قـبـحــاً وخـنــوعـاً وانـقـيــاداً مـن ( خـراتـيـــت ) يـوجـيـن يـونـيـسـكـو.
لكـن هـيـهـات هـيـهـات ؛ فـقـوانـيـن الـتّـاريـخ ، نـظـريّـاً وفـلـسـفـيـاً و فـيـزيـائـبّـاً وتـجـريـبـيّـاً و وذاتـيّـاً ومـوضـوعـيّــاً ، تـؤكّـد أنّ الـحـركـة نـامـوس الـوجـود ؛ وأن الـتـطـور الـجـدلـيّ يـمـضـي ، مـتـواتـراً ، فـي سـيـروراتـه الـديـنـامـيـكـيّـة الـمـعـقّـدة ، لـتـحـقـيـق صـيـروراتـه الـواقـعـيّـة . فـتـلـك ( سـنّـة الـلّـه الـتـي قـد خـلـتْ ولـن تـجـد لـسـنّـة الـلّـه تـبـديـلا ) . والأرض لـيـسـت بـالـسـكـونـيّــة ، كـمـا اكـتـشـف ( غـالـيـلـيــه ) ، الـذي أكّـد ، رغـم سـيـف الـكـنـيسـة الـمـصـلـت الـمـسـلّـط عـلـى رقـبـتـه ، فـي سـرّه وسـريـرتـه : (( لـكـنّـهــا تــدور )) . وهـي الـحـقـيـقـة الـتـي فـلـسـفـهـا ، مـن قـبـل ، ( هـيـراقـلـيـط ) عـنـدمـا أوضـح أنـه مـن الـمسـتـحـيـل الاسـتـحـمـام فـي الـنّـهـر مـرتـيـن . عـلـى الـنـقـيـض مـمّـا يـسـود ( الإمـبـراطـوريّـة الأسـديّـة الإرهـابـيّـة ) الـتـي ارتــدّت ، انـتـكـاسـاً ، بـالـبـلاد والـعـبـاد إلى الـعـهـود ( الـقـروسـطـويّـة ) الـظـلامـيّـة : تـاريـخـاً وثـقـافـةً وحـضـارةً وحيـاةً ؛ عـبـر سـيـرورات انـكـفـائـيّة نـكـوصـيّـة تـدمـيـريّـةٍ ؛ مـخـتـزلـةً الـوطـن وحـضـارتـه لـمـجـرد ثـكـنـةٍ عـسـكـريّـةٍ يـحـكـمـهـا الـسّـيـف والاسـتـبـداد ؛ و زنـزانـةٍ قـمـعـيّـةٍ لا تـعـرف شـمـس الـهـدايـة والـوعـي والـحـريّـة ؛ ومـسـتـنـقـعـاً تـخـلـفـيّـاً جـاهـلـيّـاً ؛ حـافـلاً بـالـفـسـاد والـنّـتــانــة والأوبـئـة ؛ لا تـقـتـصـر مـخـاطـره الـفـتّـاكـة عـلـى مـحـيـطـه الـجـغـرافـيّ ـ الـدّيـمـوغـرافـيّ ؛ بـل تـمـتـدّ لـتـطـال مـا حـولـهـا بـتـلـوّثـهـا وسمـومـهــا .
إنّ مـا دفـعـنـي لـهـذا الاسـتـهـلال الـطـويـل رغـبـةٌ مـلـحّـةٌ لازبــةٌ ؛ تــتـوخَّـى غـايـتـيـن اثـنـتـيـن :
• أولاهـمـا : فـضـح الإرهـاب الـسّـلـطـويّ لـلانـقـلاب الـبـعـثـيّ الـعـسـكـريّ الأسـديّ الـدّمـويّ ؛ الـذي افـتـقـد مـشـروطـيّـتــه الـشّـرعـيّـة والـقـانـونـيّـة والأخـلاقـيّــة ؛ مـثـلـمـا نـحـا مـنـحـىً تـدمـيـريّــاً أدّى إلـى الـفـتـك بـالـزّخـم الـوطـنـيّ الـدّيـمـقـراطـيّ الـسّـوري الأصـيـل ووأده ؛ وعـمـل عـلى تـشـويـه واجـتـثـاث الـوجـه الـحـضـاريّ لـلـوطـن الـحـبـيـب ( ســوريـة ) الـتـي كـانـت الـوجـه الــمشـرق فـي مـشـهـدنـا الـسّـيـاسـيّ الـوطـنـيّ والإنـسـانـيّ الـعـربـيّ .
• وثـانـيـتـهـمـا : الـتّـأكـيـد أنّ سـوريـة ، بـفـضـل مـا تـمـتـلـكـه مـن طـاقـاتٍ وطـنـيّـةٍ مـتـنـوَعـةِ الـمـنـابـت والـمـنـازع : ديـنـيّـاً وسـيـاسـيّــاً واجـتـمـاعـيّـاً وفـكـريّـاً ، سـتـجـابـه ، وبـفـضـل جـهـود أطـيـافـهـا أجـمـعـيـن ؛ مـن نـسـاءٍ وصـبـايـا ( كـنّ هـنّ وحـدهـنّ مـصـدر عـزّتـنـا نـحـن الـمـخـصـيّـيـن الـخـانـعـيـن ) أولاً ؛ ومـن أطـفـالٍ ( هـم مـنـبـع أمـلـنـا الـمـتـحـقـق ومـسـتـقـبـلـنـا الـمـشـروط بـهـم ، نـحـن الـبـائـسـيـن الـمـحـبـطـيـن ) ومـن رجـالٍ وكـهـولٍ وشـيـوخٍ وكـهـولٍ ، هـذا الـسّـرطـان الـخـبـيـث ، وتـلـجـمـه ؛ وتـصـدّه عـن تـحـقـيـق مـرامـيـه الـمـدمّـرة .
لا أدري لِـمَ ذكَّـرنـي الـمـشـهـد الـثـوريّ الـوطـنـيّ الـسّـوريّ ، الـذي يـسـطّـر ، الـيـوم ، بـدم أبـنـائـه وبـنـاتـه مـلـحـمـة الـشّـهـادة والانـتـصـار والـتـضحـيـات ، بـمـا اورده الـمـفـكّـر الإسـلامـيّ الـمـرحـوم الـعـالـمـيّ ( أبـو الـحـسـن الـنّـدويّ ) فـي كـتـابـه : ( مـاذا خـسـر الـعـالـم بـانـحـطـاط الـمـسـلـمـيـن؟ ) حـيـنـمـا أورد لـمـحـةً كـشـفـيّـةً عـن واقـع الـسـكـونـيّـة الـعـجـيـبـة ؛ الـتـي عـمّـت الـمـسـلـمـيـن وبـلادهـم فـي فـتـرة الـغـزو المـغـولـي ؛ ومـا بـلـغـوه مـن دركات الانهـيـار الـحـضـاريّ و الـتـخـاذل والاسـتـسـلام الـقـدريّ ؛ لـدرجـةٍ صـار فـيـهـا انـتـفـاضهــم ضـدّ الـطّـغـيـان ضـربـاً مـن الـمـستـحـيـلات .
ولأنّ قـوانـيـن الـتـاريـخ لهـا سـنـنـهـا الـعـجـيـبـة الحـتـمـيّـة الـمـعـقّـدة ؛ فـقـد تـفـكّـك الـمـسـتـحـيـل وغـدا مـمـكـنـاً . لـكـن ـــ ويـالـلـعـجـب ـــ لـيـس عـبـر أولـئـك الـمـسـتـلـبـيـن الـخـانـعـيـن الـذيـن ألـفـوا الهـوان ؛ واعـتـمـدوه زادا يـومـيّـاً ؛ وهـويّـةً مـمـيّـزةً ؛ بـل مـن خـلال الـغـزاة ( الـمـغـول ) الـذيـن مـا إن تـعـرّفـوا الـديـن الإسـلامـيّ ؛ وأدركـوا مـا يـحـمـلـه مـن غـنـىً حـضـاريٍّ إنـسـانـيٍّ ، حـتّـى افـتـتـنـوا بـه ؛ واسـتـسـلـمـوا لـمـؤثّـراتـه ؛ مـتـفـاعـلـيـن مـعـه ؛ ومـسـتـجـيـبـيـن لـسـحـره ؛ بـعـدمـا كـانـوا حـاربـوه ؛ وفـتـكـوا بـأهـلـه ، وإذا بـالـغـازيّ يـغـدو مـغـزوّاً .
ونـحـن ــ الـسّـوريّـيــن الـمسـتـلـبـيـن ، قـبـل فـتـرةٍ وجـيـزةٍ وقـريـبـةٍ جـدّاً ، وتـحـديـداً قـبـل الـثـورة السـوريـة الـتـي أوقـدت سـراجـهـا درعـا الـحـبـيـبـة ، كـان الـيـأس قـد نـال مـنّـا مـبـلـغــه ؛ بـل اسـتـبـاحـنـا الـقـنـوط والإحـبـاط ؛ وشـخـنــا ؛ ويـبـسـنــا ؛ وهـــرمنـــــــا ؛ أجل هــــرمـنـــــا ( عـلـى حـدّ تـعـبـيـر الـمـنـاضـل الـتّـونـسـيّ الـكـهـل ــ الـفـتـيّ أحـمـد الـحـفـنــاوي ) ؛ إلـى أن انـبـجــس مـن رحـم تـاريـخـنـا نــسـوة مـنـاضـلات ( مـعـلّـمــاتُ رجـالٍ وقـائـداتٌ ) وأطـفـال أبـطـال عـلّـمــونـا ألــف ــ يـــاء الـكـرامـة والـنّـخـوة والكـبـريـاء وتـحـدّي الـطـغــاة ؛ وسـخـروا مـنّـا نـحـن
ــ ( الـرّجـيـلات ـــ الـكـراكـوزات ) ــ الـمـزيّـفـيـن ؛ المـصـفّـقـيـن ؛ الـمـطـبّـلـيـن ؛ الـرّاقـصـيـن عـلـى مـآسـي أحـرارنـا وحـرائـرنـا . نـحـن الـمـزّوريـن الـذيـن كـنّــا نـعـرف مـدى عــري الـمـسـتـبـدّ وعـهـارتـه فـجـاريـنـاه فـي لـعـبـتـه . ونحـن الـشـيـاطـيـن الأبـالـسـة الـذيـن خـرسـنـا وأُخْـرِسْــنَــا عـن قـول الـحـقّ . وليـتـنـا خـرسـنـا وحـسـب ؛ بـل كـنّـا نـصـفّــق ونـرقـص ونـهـلّـل ونـسـبّـح بـاسـم الـطّـاغـيـة والاســتـبـداد ؛ مُـسْــتَــلَـبـيـنَ مـن صـدق وجـرأة الـطّـفـولـة الـعـفـويّـة ؛ الـتـي عـكـسـهـا الـطّـفــل فـي حـكـايـة : ( الإمـبـراطـور الـعــاري ) إذ صــدع بـالـحــقّ دونـمـا جـبـنٍ وخـنـوعٍ وتـزويــرٍ ؛ فـيـمـا قـطـيـع الـسّـوام غـارق بـالـتـهـلـيـل والـحـمـد ، قـائـلاً لـلإمـبـراطـور السّـادر فـي غــيّـه و تـيـهـه ؛ وجـنـون عـظـمـتـه الـمـزيـفـة ؛ و بـلارتـوشِ تـضـلـيـلٍ : (( إنـــك عــــــــــــــارٍ )) ومـفـضـوحٌ لـلـعـيـان ؛ بـقـبـحـك واسـتـبـدادك وفـحـشـك ؛ فـلـتـسـقــط ؛ ولـتــدع طـفـولـتـنـا وحـيـاتـنـا بـسـلام ونـقـاء . لـكـن الـسّـؤال : أَنـَّـى لـذاك الـقـطـيـع أن يـمـتـلـك بـصـيرة الـطّـفـل وجـرأتـه ؟
إنّهـا الـطّـفـولـة الـنّـقـيّـة اللا مـلـوّثـة ؛ الـتـي أعـادت درس الـتّـاريـخ ، فـي وطـنـي ، إلـى أبـجـديّــة الهـدايـة ؛ عـلـى أيـدي أسـاتـذتـنـا الـمـمـيّـزيـن مـن أطـفـال ( درعــا ) الـذيـن مـثَّـلـوا ( بـوعـزيــزي سـوريــة ) وكـانـوا أئـمـتــنـا الـذيـن هـطـلـوا سحـائـب الخـيـر في يـبـابـنـا ؛ وعـالـيـاً حـلـقــوا بـسـوريـة عـامّـةً ؛ و ( درعـا ) خـاصّـةّ ؛ إلـى سـمـاوات الـحـريـة والـتـاريـخ الإنـسـانـي ؛ لـيـسـطِّــروا فـي مـحـراب العـالـمـيـة الـدولـيـة اسـم وطـنـهـم ومـديـنـتـهـم ؛ بـعـد لـيـل تـغــيــيــبٍ وتـعـتـيــمٍ طـويـلٍ ، فـكـانـوا فـجـر الـهـدايـة ؛ والـغــمـام الـمـبـشّـر الـمـبـارك ؛ الـذي شــرع بـالأذان ؛ ودقّ نـاقـوس الـتّـاريـخ الـجـديــد.
أجـل . أطـفـال مـا غـزاهـم لـوث الـكـذب والـنّـفـاق والـتّـدجـيـل والـتّـزيـيـف والـتّـضـلـيـل ؛ ومـا حَـنَى الجـبـن والخـنـوع جـبـاهـهـم الـطّـافـحـة شـمـسـاً لا تـعـرف الانـطـفـاء والانـكـسـاف والـخـمـود ، فـكـانوا وسـيـبـقـون كـبـاراً ؛ نـقـيـضــنــا نـحـن الـصّـغـار الـصّـاغـريــن .
وتـدفّـقــت الـثّـورة ؛ واحـتـمَـى الإمـبـراطـور ، فـزعـاً ورهـبـةً فـي حـصـونـه ؛ خـائـفـاً عـاجـزاً عـن مـواجـهـة نـسـوةٍ ؛ احـتـشـدن إنـسـانـيّـةً ووطـنـيّـةً و ثـورةً ً تـجـسّـدت وعـيـاً ومـمـارسـةً ، ورحـن يـعـلـمـنـنـا ( نـحـن الـمـدجّـنـيـن الـمـخـصـيّـيـن ) أبجـديّة الـكـرامـة ، وكـيـف الـرّجـولـة تـكـون أشـدّ عـوداً ؛ حـيـن تـبـاركـهـا عـذوبـة الأنـوثـة ؛ فـتـفـوح خـصـبـاً وحـريّـةً ووطـنـاً . فـمـا زدنـنـا إلا خـجـلاً وانـكـسـافـاً ؛ وما ازددن إلا بـطـولـةً وسمـوّاً . ابـتـداءً مـن الأمّ ـــ الأخـت الـطّـبـيـبـة : فــداء حـورانـي ؛ مـروراً بسهـيـر الأتـاسـي ؛ وحـسيـبـة عـبـد الـرحـمـن ؛ ورغـدة الـحـسـن ؛ و تـهـامـة مـعــروف ؛ و صــولاً إلـى قـامــتــيّ الـحـبــق والـنّــعــنــع الـطــريّــتــيــن : طــلّ الـمـلــوحــي ؛ وآيـات عـصــام الأخـرس ؛ و كـذلـك قـصـيـدة الـتّـحــدّي : مــروة الـغــمــيــان وشـقــيـقــتـهـــا ؛ دون ان يـغــيــب عـن الـبـال صـوت الـحـق ؛ ومـرآة الـحـقـيـقــة : مـنـتـهـى الأطــرش ؛ الـتـي أخـرسـت بـمـواقـفـهـا الـوطـنـيّـة فـقـهـاء الـسّـلـطـة والـسّـلـطـان ؛ وعــرّت ضـلالـهـم بـفـقـه الـدّيـن والـبطـولـة والحـريّـة ؛ و فـضـحـت تـجـرؤهـم الـوقـح على قـدسـيّـة الـلـه ؛ وتـزيـيـفـهـم شـرائـع كــتـابـه الـعـزيـز وتـعـالـيـمـه ؛ ولـوذعـيّـتـهـم فـي فـلـسـفـة الـدّنـيــا وشـهـواتـهـا ومـغـريـاتـهـا الـدّنـيـويّــة ؛ لاسـيّـمـا إن كـانـت سـلـطـانـيّـة . ولا غـرو ، وهـي الـتـي رضـعـت لـبـان الـثـورة وفـقـه الـحـق ؛ وسـالـت فـي عـروقـهـا دمـاء الـعـزّة و الـشـمـوخ ؛ مـن مـدرسـة قـائـدهـا الـتـاريـخـي ؛ ووالـدها الـبـطـل الـمـرحـوم : سـلـطـان بـاشـا الأطـرش .
يـا الـلـــه . كـم نحـن عـرايـا أمـام احـتـشـادكـنّ الـذي يـفـوح بـالـبـطـولـة ؛ وكـم أمـامـكــنّ تـقــزّمـنـا مـخـصـيّـيــن ؛ وســوءاتـنــا الـقـبـيـحـة مـفـضـوحـةٌ سـافــرةٌ قـبـيـحـةٌ . نـحـن الـذيـن ، بـحـكـم قـانـون الـمـصـادفـات الـطّـبـيـعـيّـة الـغـرائـبـيّـة الـعـجـيـبـة الـسّـاخـرة ؛ تـسـمّـيــنــا ( رجـالاً ) . فـعــذراً وحـسـافــةً ومـغــفــرةً ؛ يـا تـيـجـان رؤوسـنـا .
حـقّـاً . ولـيـس عجـبـاً . هـكـذا سـمـا أذان الـثـورة السّـوريـة الـتـاريخـيّـة الشّـعـبـيّـة الـوطـنـيّـة الإنسانيّة ، وتـقـدّمـت ــ لـلـمـرّة الأولـى فـي تـاريـخـنـا الـوطـنـيّ ــ الـمـرأة الـبـطـلـة لـتـؤمّ الـثـائـريـن . فـهـنـيـئــاً لــكِ ( فــداء الـحــورانــي ) إذ سـطَّـــر الـتّـاريـخ ؛ ويـكـتــب ؛ وسـيـخـطّ ؛ أنـكِ إمـام ثـورتـنـا ؛ وفـقـيــه إيـمـانـهــا وحـقـيـقـتـهــا ، وأنّ صـحـابـيّــاتــك الـجـديــدات مـجـاهــدات عـصــرنـا الـجـديـد .
وبـدأ الـمخــاض والـدّم يـبـشّـران بـفـيـض الـخـصــب ؛ وأذان الـنّـصـر الـمـوعـود ؛ و قـدوم الـمـولـود الجـديـد ؛ الـقـادم ــ حـتـمـاً ــ صـبـحـاً قـريـبـاً ؛ بـإذن الـلـه . (( ألـيـس الـصّـبـح بـقـريـب ؟ !)) .
وأطـلّ ( الـدّيـكـتــاتــور ــ الـدكـتــور ) ، بـعـد احـتـجـاب جـبـنٍ اضـطــراريّ ، مـن جـحـره الـمـحـصّـن ؛ مـسـيّـجـاً بـالجـلاوزة الـزبـانـيـة الـعـتـلاء ؛ مـن جـنـود دنـيـاه وعـسـس قـصـره ؛ وقـد غـزاه اصـفـرارالـفـزع ؛ الـذي طالـمـا أسهـره أيـامـاً ولـيـالـي ؛ وحجـب الـنّـوم عـن عـيـنـيه الـزرقـاويـن ؛ لـيـكـشـف ، بـشـحـوب الـوجـه ، عـن شـحـوب وخـواء ذاتٍ مـسـتـبـدّةٍ سـاديّـةٍ ؛ مـقـفـرةٍ وطـنـيّـاً ؛ مـجـدبـةٍ أخـلاقـيـاً وإنـسـانـيّـاً ؛ لـم تـهـزّهـا ، خـشـوعـاً وإجـلالاً ، قـدســيّـة حـضـور الـشـهـداء الأبـرار ( مـن صـغـارٍ وكـبـارٍ ) ؛ الـذيـن هُــتِــكَــتْ أرواحـهـم الطّـاهـرة ؛ و اســتـبـيـحـت حـرمـاتـهـم الإنـسـانـيّـة ؛ بـأوامـره ( بـوصـفـه الـفـرعـون الآمـر الـنّـاهـي والـهـبـل الأكـبـر) وبـتـنـفـيـذ مـجـرمـي حـريـه ؛ ومـافـيـاتـه الـمــيلـيـشـيـاويـة : ( مـاهـر الأسـد ــ حـافـظ مخـلـوف ــ آصــف شـوكـت ـ عـاطـف نـجـيـب ــ عـلـي مـمـلـوك ......) فـتـكـدّسـت أشـجـار الـشـهـداء غـزيـرةً ؛ تـفـوق ، بـكـثـيـر وكـثـيـر ، مـا قـتـلـه و والـده الـمـجـرم ــ مـعـاً ــ مـن جـنـود الـعـدوّ الـخـارجـيّ ؛ عـبـر تـاريـخ جـبـهـة صـمـودهـمـا ؛ وحـروبـهـمـا ( الـدّون كـيـشـوتـيّـة ) ؛ ومـعـاركـهـمـا الـكـلامـيّــة الـشّـعــاريّــة الـوطـنـجـيّــة الـقـومـجـيّــة .
أَيُـعْــقَــلُ أن بـطـل الـحِـمَى وأســد الـعـريـن و وريـث الـعـرش ــ ( بـتـقــنـيـنٍ ؛ لا قـانـونـيٍّ ؛ اسـتــثــنـائـيّ مـسـلـوقٍ بـدقـائـق ؛ وعـبـر اسـتـيـطـانٍ انـتهــاكـيّ سـفــاحـيٍّ ) ـــ أن يـسـتـبـدّ به الـفـزع ؛ ويـغــزوه ويـفـتـرسـه ؛ لـمـجـرد انـدلاع ثــورةٍ شـعـبـيّـةٍ عـفـويّــةٍ ؛ أشـعـلهـا فـتـيــة صـغــار ؛ آمـنـوا بـربّـهـم ؛ وبـوطـنـهـم ؛ فـزادهـم الـلـه جـرأةً وشـجـاعـةً وهــدى حـريـةٍ ؛ فـزلـزلـوا وهــدّدوا ودكّـــوا ...؟؟!!! وإذا بـ : ( الأسـد ) الـورقـيّ الـمـتـلاشـي أمـام الأعـداء تـطـامـنـاً وخـنـوعـاً ؛ يـغـدو هـصـوراً فـاتـكـاً فـي مـجـابـهـة أطـفــال الـوطـن ؛ يـغـرس الأنـيـاب ؛ ويـغـبّ مـن دمـائـهـم الـزّكـيّــة ؛ مـتـصـنّـعــاً الاســتــئــســاد ؛ بـطريـقــةٍ بـهـلـوانـيّــةٍ ؛ تـذكّــرنـا بـقـول الـشـاعـر الـخـارجـيّ ( عـمـران بـن حـطّــان ) :
أَسَـــدُ عَـلَــيَّ وفـي الـحــروب نَـعَــامَـــةُ فَـتْـخَــاءً تـنـفـــرُ مِـنْ صَـفِـيـرِ الـصَّـافِــرِ
هَــلاَّ بَـرَزْتَ إــى ( غَـزَالَـةَ ) بـالـضًّـحَـى بَــلْ كــانَ قـلـبــكَ فـي جَـنَــاحَــيْ طــائـرِ
صَــدَعَــتْ ( غــزالـةُ ) قـلـبَــهُ بـفــوارسٍ تــركـــتْ مَــدابِـــرَهُ كــأمـــسِ الــدَّابِــــرِ
وكـدأب أيّ ديـكـتـاتـور ( فـرعـون ) ، يـســوّره الـمـسـوخ الـدّجـالـون الـمطـبّـلـون ، ولّـى الأدبـار صـوب سـوق الــتـضـلـيـل والـشـغــب خـطـيـبــاً ؛ لـيـحـاط بـعـبـيـده وزنـمـتـه ؛ الـذيـن اسـتـقـبـلوه بـالـتّـصفـيـق ؛ وراحـوا يـمـثّـلـون ويـتـقـمّـصـون ــ زوراً ــ دور الـمـؤمـن الـمـصـدّق الـمـسـلّـم يـالـديـكـتـاتـور ربّـاً . كيف لا ؟ وهـو الـذي يـسـتـوجـب ــ عـنـدهـم ــ لـيـس الـنـبـوّة ، فـحـسـب ، بـل الـتّـألـيـه ؛ لـبـراعـتـه الإعـجـازيّـة فـي الاحـتـيـال والـكـذب ؛ وابـتـداع الأبـاطـيـل والـتـزويـر ؛ و إتـقـان الـدَّجَـل ( الـغـوبـلـزيّ ) الـدّيـمـاغـوجـيّ . بـل لِـمَ لا ؟ وهـو الـمـؤهّـل ــ حـســب نـبـوءة أحـد حـواة بـازاره الـبـرلـمانـي الـتـزيـيـفـيّ ـــ لـيـكـون أحـد ، إن لـم يـكـن واحــد ـــ الـقــادة ، لا الـسـوريّـيـن والـعـرب والـمـسـلـمـيـن ، إنّـمـا الـعـالـمـيّـيـن الـنّـادريـن ( الـمـنـقـرضـيـن ) ؛ بـوصـفـه ظـلّ الـلّـه عـلـى الأرض ؛ وخـلـيـفـتـه الـذي بُـعِـثَ هـاديـاً ومـبـشّـراً ونـذيـراً . ( طـبـعـاً . يحـقّ لـه لأنـه حـسـب الـمـثـل الـشـعـبـيّ : خـرطـو الخـرّاط وقـلـب ومـات ).
ونـطــق ــ أخـيـــــــراً ــ نـطـق ، ولـيـتـه مـا ....... وكـفـــر . فـإذا بـالـثّــورات الـعـربـيّـة ـــ وفـق رؤيـة مـنـظّــر الـثـورجــة الـقـومجـيّــة الأســديّـة ـــ مـجـرد (( صــرعـــات )) . وإذا الـثّــوّار الأحـرار ، أبـنـاء ســوريــة الأصـيـلـون ( جــدّاً عـن أجــداد ) ، مـحـض : (( مـنـدسّــيــن )) بـاصـطـلاحـاتـه الـعـلـمـجـيّــة الـطـبـيّـجـيّـة ، و مـجـرد : (( زعـــران )) حـسـب افـتـراءات مـرتـزقـتـه : مـزوّري الإعـلام ؛ ومـزيّـفـي الـلّـغـة ؛ ومـصـادري الـفـكـر ومـلـوّثــيــه ؛ و مـلـمّـعـجـيّــتــه الـبـبـغـاويّـيـن : لـصـوص الـكلام ؛ ومـسـتـبـيـحـي قـدسـيـّـة الـكـلـمــة وحـرمـتـهـا وعـفّـتـهـا .
وتـهـاوى الـطّـاغـيـة : ( هـبـل ) ، وهـو الـمـتـهــاوي الـسّـاقـط دائـمـاً وأبـداً ؛ مـن يـوم أسـقـط الـشّـرعــيّــة الـدّسـتــوريّــة الـقــانــونـيّـة الأخـلاقــيّــة ؛ واعــتــلـى صـهــوة الـحـكـم ؛ بـبــوطـــه ( الــبـوطـيّ ) الـعـسـكـريّ ؛ سـاحـقــاً كـلّ الـقـوانـيـن والأعـراف والـمـعـايـيـر الـدّيـمـقـراطـيّـة الإنـسانـيّـة الـحـضـاريّــة ؛ ومـبـتـدعــاً ومـطـبّـقــاً ومـفـصّـلاً لـعـبـتـه الـتـضـلـيـلـيّـة الـتـزويـريّـة ؛ الـتـي جـعـلـت مـن الـقـانـون حــذاءَ ؛ يـفـصّــلـه حـسـب مـقـاس قـدمـيـه الـمـروّضـتـيـن لـوطء الـوطـن ؛ ودوس كـرامـة الـشـعـب ؛ ووأد كـلّ فـجـر ٍ يـبـشّـر بـالـحـريّـة ؛ لا سـيّـمـا فـجـر أطـفـال ( درعـا ) الأبـطـال ؛ الـذيـن ولـجـوا صـبـاح الـتّـاريـخ أبـطـالاً كـبـاراً كـبـاراً ؛ رغـم حـداثـة أعـمـارهــم الـطّــازجــة ؛ مـعــرّيــن ــــ بـثــرائـهــم الـبـطــولـيّ ؛ واكـتـظــاظـهــم الإنـسـانـيّ الـطّـافـح : جـرأةً وصـدقـاً وصـراحـةً ــــ عــورات الإمـبـراطــور ؛ وفـاضحـيـن مـدى صَـغَــاره ؛ وقــزامـتـه ؛ وضحـالـتـه ؛ وخـوائــه ؛ وتـهـافـتــه ...... رغـم تــقــمّــصــه هـيـكــل الـسـلـطـة والـتّـسلّــط ؛ وائــتــزاره بـعـبـاءة الـغــرور والـزيــف ؛ الـتـي حـوّلـتـه ( فــزّاعــةً ) قـمـاشـيّــةً هـشّــةً فـي لـيـل الخـفـافـيــش والخـراتـيـت .
وعـلـى هــدي نـهـج الـبـطـلات الـمـجـاهــدات ؛ وسـنّـة الأطـفـال الـثـائـريـن ؛ لحـق بـركـب الـحـريّــة الـصّـاعــد لـقـطــاف الـمـجـد والـشـمـوخ ؛ طـفــلً جـمـيـلُ ؛ لـم يـلـوّثــه زمـن الاسـتـبـداد الاسـتـخـبـاراتـيّ الـعـسـكـريّ الـهـمـجـيّ ؛ ولـم يـسـتـلـب تـشـيًّـــؤ الـسـلـطـة الـفـيـتـشـويّـة طـفـولـتـه الـغـضّـة الـنّـديّــة ؛ وعـفـويّـتـه الـعــذبـة الـنّـقــيّــة ؛ وخـصـبـه الإنـسـانـيّ الـمـنــداح ثـورةً وحـريّــةً والـتـزامـاً بـقـضـايـا الأمّـة والـوطـن ، فـأزهــر وأيـنـع ( سـمـيــح شـقـيــر ) ، بـتسـامـقــه ( مـثـقّـفــاً عـضـويّــاً ) يـثـمــر جـدلـيّـة ( الـمـبـدع ↔ الإنـسـان ) ؛ ويـفـوح ـــ عـلـى الـدّوام ـــ جــورّيّـةً خـضــراء مـحـمــرّةً ، تـطـعــن الـمـسـتـبـدّ بـسـيـف شـوكـهـا الـلاذع ؛ وتـكـسر هـيـبـتـه الـمـصـطـنـعـة الـواهـيـة الـمـزوّرة ؛ وتـغــبّ مـن نــزف شـهـداء الـوطـن ؛ وعــرسـانــه الـقــدّيـسـيـن الأبـرار ؛ أسـرار الـشّــذا ؛ وسـلاف الـحـيـاة والـخـلـود ؛ ومـن جـثـامـيـنـهـم الـطّـاهـرة شـمــس تـوهّـجـهـا وأنـاقـتـهــا الأبـديّـة ، معــرِّيــةً أكـاذيــب الـمـسـتـبــدّ ؛ وفـاضـحـةً عـهــور سـلـطـتـه ؛ و وَهْــيَ أبـاطـيـلـه ؛ وتــرّهــات تــزيــيـفـه ، ومـدوّنــةً بـشــرف الـمـبــدع الـوطـنـيّ الأصـيـل ؛ ورؤيـتـه الإنسـانـيّـة الاسـتـشـرافـيّــة الـنّـافـذة ؛ حـقـائـق ( الحـقّ والـحـقـيـقـة ) ؛ لـتـبـقـى تـاريـخـاً صـادقـاً لـلـوطـن والـثـورة ؛ وسـجـلاًّ هـاديـأ لـلـشّـرفـاء الـمـؤمـنـيـن الـمـخـلَـصـيـن مـن أبـنـاء سـوريـة الـحـبـيـبـة .
أجـل . بـأغـنـيـةٍ بـسـيـطــةٍ ، جـوهـرها الإيـمـان ؛ ومـبـتـداهــا الـصّـدق و الإخـلاص والأمـانــة ؛ وخـبـرهـا وفـضـاؤهـا الـنـصــر والحـريّــة ؛ أغـنـيـةٍ تـسـتـمـدًّ نـسـغـهـا مـن قـدسـيّــة الـحـرف والـكـلـمـة ؛ وشـرف الـمـعـنـى وتـسـامـيـه ، نـجـح الـفـنـان ( سمـيـح شــقـيــر) فـي صـوغ مـلـحـمـيّـتــه الـتـي تـعـكـس نـبـل مـبـدعـهـا : ( يـا حـيـــــف ) ؛ مـمـارســاً ـــ كـمـثـقـفٍ عـضـويٍّ مـبـدعٍ ـــ ومـؤكّـداً أن لـلـفــنّ والإبـداع ، كـالـشّـمــس ، وجــهُ واحــدٌ ـــ فـقـط ـــ أصـيـلٌ ؛ لا يـمـكـن تـزيـيـفــه ؛ وبـيـعــه ؛ وشـراؤه ؛ والـمـتـاجـرة والـسّـمـسرة بـه ؛ فـي سـيـرك الـسّـلاطـيـن الـطّـغـاة ؛ ومـزادات الـنّـخـاسـات الـسـلـطـويّـة ؛ الـتـي تـعــجّ بـالـجـواري والـقـيـان ؛ والـمـرتـزقـة الـمـطـبّـلـيـن الـمـصـفّـقـيـن الـمـرائـيـن ؛ والـقِـرَدَة الـرّقّــاصـيـن عـلـى حـبـال الـتـلـوّن والـتـدجـيـل والـتّـعـهـيـر ..
حـقّـاً . بـعـفـويّـةٍ ؛ و بـسـاطـةٍ ؛ وجـرأةٍ ؛ وحـدس اسـتـبـاقيّ تــنـبـئـيٍّ اسـتـشـرافـيٍّ ؛ فـكّــكـــت أغـنـيـة الـمـبـدع ـــ الإنـسـان ( ســمـيـح ) وفـضـحـت ـــ مسـبـقــاً ـــ تـهـافـت خـطـاب الـطّـاغـيـة الـرّئـاسـيّ الـسّـلـطـويّ ؛ مـعـرّيــةً أكـاذيـبـه الـتـضـلـيـلـيّـة ؛ وديـمـاغـوجـيّـتـه الـتّـخـديـريّــة الأفـيـونـيّــة ؛ وفـاضحـةً لا مـنـطـقـيّـتــه ؛ بـل لا أخـلاقـيّـتــه ؛ ولا إنـسـانـيّـتـه ، ومـؤكّــدةً ـــ دون لَـبْـس وغـمـوض و دجـل ومـواربـةٍ ومـخـاتـلـةٍ ـــ حقـيـقــةً حـقّــةً خـالـدةً سـرمـديّـةً ؛ لا يـأتـيـهــا الـبـاطـل مـن خـلـفـهـا أو أمـامـهـا أو عـن يـمـيـنـهـا أو شـمـالـهـا ؛ مـفــادهــا : أنّــه عـنـدمـا يـكـذب سـدنـة ( الـسـلـطـة ) ، مـن : قــوّاد ( كــوّاد ) مـسـتـبـدّيـن ؛ وحـاخـامـات ؛ وفـقـهــاء سـلـطــةٍ ودنـيـا ( لا ديـن ) ، يـنـهـض الـفـــنّ والـمـبـدع لـيـؤرّخــا ، بـدم الـحـقّ و دمـاء الـحـقـيـقــة ، تـاريـخ الإنـسـانـيّـة الـصّـادق الأصــيـل .
فَـطُـوبَـى ( سـمـيـح شـقـيـر ) ، وهــنـيـئـاً لـلـحـبـيـبــة ( درعــا ) الـجـريـحـة الـشّـهـيـدة ؛ الـمـتّـقــدة اخـضـراراً بحـمـرة شهــدائـهـا ؛ ولـلـوطـن الـثّـورة ( ســوريــة ) بــكَ . هـنـيـئــاً ( شــآم الـعــزّة ) بـكـلّ قـطـرات غـيـثـك : دومـا ــ حـرسـتـا ــ الـكـسـوة ــ الـمـعـضـمـيّــة ــ الـتـلّ ــ الـزّبـدانـي ..... والـقـطـرات الأخـرى الـدّافـقـة ........هـنـيـئــاً ( لاذقـيّــة الـمجــد والـرّوح ) وحــبّــتــا الـعـيـن : ( بــانـيـاس + جـبـلـة ) . هـنـيـئــاً مـدلّـلـة ( ابـن الـولـيـد ) ومـصـدر فـخـارنـا ، وقــرّة عـيـنـيــك : ( تـلـبـيـســة) الأبـيّـة . هـنـيـئــاً ( حـمـاة أبـي الـفــداء ) . هـنـيـئـاً مـنـبـتـا الأصـالـة والـنّـخــوة : ( ديـر الـزّور + رقـّـة الـرّشـيــد ) . هـنـيـئــاً تــوأمــا الـرّوح والـقـلـب : ( الـحـسكـة + الـقـامـشـلــي ) . هـنـيـئــاً ( ســويــداء ) الـقـلـوب ؛ ومـعــقــل الأصـالـة ؛ وحـفـيــدة الـزّعـيـم الـقـائـد ( سـلـطـان بـاشـا الأطـرش ) الـذي آتـى أُكُــلَــهُ الـيـانـع الجـنـيّ : ( مـنـتـهـى ) ؛ ونـسغـه الـنّـديّ ( سـمـيـح ) ... هـنـيـئــاً . هـنـيـئـاً وطـنـنـا ؛ وإخـوتـنـا الـمـواطـنـيـن . ولا عــزاء لـشـهـبـاء ( نـور الـدـيـن محـمـود الـزّنـكـي ؛ الـتـي بـاعـت تـاريـخـه الـمـشـرق ؛ و طـعـنـت مـجـد أحـرارهــا ؛ بـصـمـتٍ مـريـبٍ ؛ وانـتـهـازيّـة وضـيـعــةٍ ؛ وثـمـن ٍ بـخـسٍ ؛ دراهـمَ طـمعٍ خـسـيـسٍ ؛ و هَــوَتْ بـنـا ـــ نـحـن مـعـاشـرَ الـحـلـبــيّــيـن ــ إلـى درك الانـكـسـاف والـعــار : ابـتـداء ً مـن فـقـهــاء الـسـلـطـة والـسـلـطـان ؛ و حـاخـامـات الـكـهـنــوت و الـطـغـيـان ؛ وصــولاً إلـى قـطـيـع الـرّعــاع ، ومـسـوخ الـعـوام . فـرحــتُ ــ أنـا الحـلـبــيَّ الـمـطــعــون ــ أردّد خـسـوفـاً :
أنَــا ابــنُ خَـــنـَــا ؛ ونَـــزَّالُ الـــدّنـَـايَـــا مَــتَــى أَخُـــنِ الأمَـــانَــــةَ تــعــرفـــونـــي
طُــوبَــى ( سـمـيــح شـقـيـر ) أيَّـتـهــا الـشّجــرة الـطــيّــبــة الـمـبـاركــة ؛ الـتـي أثـمـرت مـثـقّـفــاً عـضــويّــاً ؛ أعـاد ( فــيــنــيــق ) الأمـل فـيـنـا ؛ بـعـدمـا تـيــبّــسـنـا ؛ وجـفَّـــتْ دمـاؤنــا ؛ وعُـطِــبْــنَــا ؛وذويـنـا وكـفـرنـا ...... وهـل أسـمـى مـن إنـجـازك وأرفـع وأغـنـّى !! ! . أجــل إنّــه الـقـلـب بـخـشــوع ٍ ؛ وفــرحٍ ؛ وصـحــوٍ ؛ يــرتّــل :
(( يا حـــيـــف يا حـــيـــفــن يا حـــيـــفــن يـا حــيــف
زخّْ رصـاص عـلى الـنـاس الـعـزّل يـا حـــيـــف
وأطـفـال بـعـمــر الــورد تـعـتــقــلــن كــبــف
كـيـف كـيـف وانـت ابـن بـلادي ، وتـــقـــتــلّــي ولادي
و ظـهـرك لـلـعـادي وعـلــيّ هــاجــم بـالـسـيــف
يا حـــيـــف يا حـــيـــفــن و يا حـــيـــفــن يـا حــيــف
وهـادا الّـي صـايــر يـاحـيـــــف بــدرعــا و يــا يــمّــا و يـا حــيــف
ســمـعــتْ هــا لـشّــبـاب يــمّــا الـحــــريّـــــــــة ع الــبــاب يــمّــا طـلــعــوا يــهــتــفـــو لا
شــافــوا الـبـواريــد يــمّــا قـالــوا : إخــوتــنــا هــنّــن ومــش رح يــضــربــونــا
ضـربــونـا يــمّــا بـالــرّصـاص الـحــيّ مـتــنــا بـإيــد إخـوتــنــا
بـاسـم أمـن الـوطـن واحـنــا مـيـن احــنــا
واسـألـوا الـتــاريـخ يـقــرا صـفـحــتــنــا
مــش تــاري الـسّــجّـــان يــمّــا كــلــمـــة حــريّـــة وحــدة هـــزّتــلــو أركــانــو
و مِــنْ هــتــفــــتْ الـجــمــوع أصـبــح كـا لـمــلــســوع يــمّــا يـصـلِــيــنـــا بــنــيــرانـــو
و احــنــا إلّــي قــلــنـــا إلّــي بـــيــقـــتــل شـعــبــو خـــايـــــــن
يـكــون مـيــن كــايـــن
الـشـعـب مـتـل الـقــدر والأمــل بــايــن ))
خـتـامــاً . وأنـت الـبـدء الأحـمــد ؛ والأوّل الـمـلـتــزم ؛ أدعــو الـلّــه سـبـحـانـه ـــ أنـا الـمـؤمـن بـوحـدانـيّــتـه ورحـمـتــه وعـطـفــه وعـظـمـتـه ـــ مـتــوسّــلاً إلـيـه ؛ خــاشعـاً مـتـضــرّعـاً ؛ كـلَّ آنٍ وحيـنٍ ، أن يـكـلــأك ـــ أيّـهـا الـمـاركـسـيّ الـعـارم : إيـمـانــاً ونـقــاءً وحـبّــاً ـــ بـرعــايـتـه ؛ ويـكــلّــلــك شـفــاءً وصحّــةً وعـافـيـةً ؛ ومـا أظــنّــه بــمـخــيــبٍ دعـواتـي ورجــائــي ؛ بـوصـفــه طـيّــبــاً لا يـتــقــبّــل إلاَّ طـيّــبـاً مـثـلــك .
وبـنـاءً عـليــه ؛ عـلـى مـبــدأ الآيــة الـكـريـمـة : (( فـذكِّــر إن نـفـعــتِ الــذِّكــرى )) . تـبـقـى الــتّــذكـرة واجـبـةً لازبـةً ؛ لـكـلّ أبـنـاء الـوطـن الحـبـيــب ؛ بـكـافّـة انـتـمـاءاتـهـم وأطـيـافـهـم وانـتـمـاءاتـهـم وتـلـوّنـاتـهـم الإنـسـانـيّـة الـوطـنـيّـة الإيـديـولـوجـيّــة ؛ وعـبـر جـمـيـع قـنـواتـنـا الإعـلامـيّـة ؛ بـضـرورة إعـلانٍ عـاجـل ٍ ؛ وتـنـظـيـم حـمـلــة : (( دعــاء بـالـشـفـــاء , وتـعــاطــفٍ وتـلاحــمٍ )) مـع الـفـنـان : ( سـمـيـح شـقـيــر ) فـي رحـلـة الـعـلاج والاســتـشــفـاء التـي يـمـضـيـهـا هـذه الأيّـام ؛ راجــيــن الـلـه الـشّـافـي الرّحـمـن الـرّحـيــم أن يـعـيــده سـالـمـاً غــانـمـاً ؛ لـيـظـلّ الـعـصـفــور الـحــرّ ؛ الـذي يـتـحـدّى الـطّــاغـيـة وجـلّاديــه وسـجّـانـيـه ، ويـتـخـطَّـى أسـوار السّـجــون ؛ إلـى سـمــاوات الحـريّــة ؛ لـيـصــوغ مـن آلام الـمـقـهــوريـن ؛ وآمـال الـمـعــذّبـيــن الـطـيّــبـــيــن ؛ أغـانـيـه الـتـي تـقــارع الـظّـلـم ؛ وتـبــشّــر بـالـصّـــبـاحــات ؛ و تـشــدو بـألـحــان الـحــبّ والـسّــلام ؛ وتـكـتـب الـقـادم مـسـتـقـبــلاً مـشــرقــاً ؛ وشـجــرةً مـبـاركــةً ؛ تـثـمـر بـوحــدة وطـنـنـا الـحـبـيــب ( ســـــــــوريــة) .
بـدر الـديـن عـبـد الـرحـمـن
عـنـدمـا يـصـدع الـفـنّ بـالـحـقّ والحـقـيـقــة يخـرس الـطّـغـاة وتـنـفـضـح الـتّـرهـات
لـعـلّهـا مـقـاربـةٌ طـريـفـةٌ نـوعـاً مـا . مـقـاربـةٌ اسـتـدعـاهـا ، فـجـأةً ، لـلـخـاطـر واسـتـلـزمهـا بـقـوّةٍ وإلحـاح ٍ ، كـمـا كـلّ فـكـرةٍ ، الـحـراك الـتّـاريـخـيّ الـسـيـاسـي ـــ اجـتـمـاعـي لـمـشهــدنـا الـوطـنـي الـسّـوريّ ؛ الـذي بـلـغ درجـةً ، مـن الـغـلـيــان والـتـخـمّــر ، حـدّاً يـدعـو كـلّ إنـسـانٍ حـرٍّ لـلـثـورة ؛ وإثـبـات الهـويّـة ؛ والـدفـاع عـن الـوجـود والـكـيـان الـوطـنـيّ الـحـضـاريّ لـلـوطـن الـحـبـيـب ؛ بـشـتّـى ديـانـاتـه الـسّـمـاويّـة ؛ مـن : إسـلامـيّـةٍ ومـسـيـحـيّـةٍ ؛ بـل حـتـى يـهـوديّـةٍ ، وكـافّـة أجـنـاسـه الـعـرقــّيـة : عـربـاً وكـرداً وسـريـانـأ وآشـوريّـيـن وشـراكـسـةً وأرمـنـيّـيـن وتـركـمـانـيّـيـن ....أوأطـيـافـه الـمـذهـبـيّـة : سـنـيّــة وشـيـعـيّـة وكـاثـولـيـكـيـة وبـروتـسـتـانـيـة وأرثـوذكـسـيّـة و يـزيـديّـة ، وجـمـيـع اتـجـاهـاتـه الإيـديولـوجـيّـة : إسـلامـيّـةٍ و قـومـيّةٍ ويـسـاريّــةٍ ولـيـبـرالـيّـةٍ مـدنـيّـةٍ .
وهـو تـنـوّعٌ إنسـانـيٌّ ثــرٌّ أهّــل وطـنـنـا الـحـبـيـب لأن يـنـعـكـس لـوحـةً فـسيـفسائـيّـةً ؛ وسـيـمـفـونـيّةً مـوسـيـقـيـّةً غـنـيّـةً ؛ تـحـتـشـد بـالـتـضّـادات الـمـتـلـوّنـة ؛ لـتـجـعـل مـنـهـا تـنـاقـضـاً جـدلـيّـاً ؛ يـبـرز جـمالـيّـات الـتـنـاسـق والـتـنـاغـم الـهـارمـنـيّ ؛ الـتـي مـازنـا الـلـه بـهـا عـن كـثـيـر مـن شـعـوب الـعـالـم : حـضـاريّـاً وإنـسـانـيّـاً وثـقـافـيّـاً ، لا ــ كـمـا أراد و خـطّـط ونـفّـذ الـنـظـام الـسلـطـويّ ــ أدوات تـصـارعٍ وتـحـاربٍ وتـنـابــذٍ واسـتـئـصـال ٍ وطـائـفـيّـةٍ عـنـصـربّـةٍ جـاهـلـيـةٍ ارتـداديّـةٍ ؛ تـردّنـا لـعـصـور مـا قـبـل الـتّـاريـخ ؛ سعـيـاً مـنـه لـتـكـريـس الـطـّغـيـانـيّـة ( الأولـيغـاركـيّــة ) ؛ والمـافـيـوزيّـة الـديكتـاتـوريّـة ( الـفيـتـشـويّـة ) ، مـعـتـمـداً خـطّـتـه الجـهـنـمـيّـة الإبـلـيـسـيّــة ( فـرّق تـســد ) ، عـبـر هـيـكلـيّـاتٍ بـطـريـركـيّـةٍ ؛ وبـنـيويّــةٍ سـلـطـويّـةٍ ( بـالمعـنى الـفـوكـويّ ) تهـيـمـن عـلـى كـلّ منـاحـي الحـيـاة ؛ من السياسـجـويّـة ؛ وصـولاً إلى الـطـبـلجـيّــة والـرقـصـجـيّــة والـدبـكـجـيّــة ؛ ملــوّثــةً ومـفـتّـتــةً ؛ بـل مـستـأصـلـةً كـلّ مـا هـو تـاريـخـيّ وطـنـيٌّ إنـسـانيٌّ أصـيـل ؛ ومـكـرّسـةً آلـيّـات الإرهـاب والـقـمـع والـتـقـبـيح والـتّـعهـيـر ؛ اعـتـمـاداً عـلـى قـطـيـعٍ اسـتـخـبـاراتـيّ حـزبيٍّ فـئـويٍّ دـيمـاغـوجـيٍّ .
بهـذه الـطـريـقـة ( الـطّـائـفـي/ سـيـاسـجــويّــةٍ ) نـجـحـت الـمافـيـا الأسـديّــة ( لا الـنـظـام ) بـتـأسـيـس إمـبـراطـوريّـةٍ الـتـغــوّل والـبـطـش و الـطـغـيـان والـفـحـش والانحـلال والـعـهـارة ووو..... ؛ الـتـي تـعـدّ امـتـداداً وانـعـكـاسـاً لـمـمـلـكـة الإرهـاب الـدمـويّ ؛ الـتـي شـخّـصـهـا ( جـورج أورويـل ) في روايـتـه : ( 1984 ) . مـثـلـمـا يـذكّـرنـا زبـانـيّـتـهــا ورقّــاصـوهـا وطـبّـالـوهـا ومــفــتــوهـا بـروايـتـه الأخـرى : ( مـزرعــة الـحــيـــوانــات ) ؛ بـوصـفـهـم قـطـيـعـاً مـن الـمســوخ ؛ أشــدّ قـبـحــاً وخـنــوعـاً وانـقـيــاداً مـن ( خـراتـيـــت ) يـوجـيـن يـونـيـسـكـو.
لكـن هـيـهـات هـيـهـات ؛ فـقـوانـيـن الـتّـاريـخ ، نـظـريّـاً وفـلـسـفـيـاً و فـيـزيـائـبّـاً وتـجـريـبـيّـاً و وذاتـيّـاً ومـوضـوعـيّــاً ، تـؤكّـد أنّ الـحـركـة نـامـوس الـوجـود ؛ وأن الـتـطـور الـجـدلـيّ يـمـضـي ، مـتـواتـراً ، فـي سـيـروراتـه الـديـنـامـيـكـيّـة الـمـعـقّـدة ، لـتـحـقـيـق صـيـروراتـه الـواقـعـيّـة . فـتـلـك ( سـنّـة الـلّـه الـتـي قـد خـلـتْ ولـن تـجـد لـسـنّـة الـلّـه تـبـديـلا ) . والأرض لـيـسـت بـالـسـكـونـيّــة ، كـمـا اكـتـشـف ( غـالـيـلـيــه ) ، الـذي أكّـد ، رغـم سـيـف الـكـنـيسـة الـمـصـلـت الـمـسـلّـط عـلـى رقـبـتـه ، فـي سـرّه وسـريـرتـه : (( لـكـنّـهــا تــدور )) . وهـي الـحـقـيـقـة الـتـي فـلـسـفـهـا ، مـن قـبـل ، ( هـيـراقـلـيـط ) عـنـدمـا أوضـح أنـه مـن الـمسـتـحـيـل الاسـتـحـمـام فـي الـنّـهـر مـرتـيـن . عـلـى الـنـقـيـض مـمّـا يـسـود ( الإمـبـراطـوريّـة الأسـديّـة الإرهـابـيّـة ) الـتـي ارتــدّت ، انـتـكـاسـاً ، بـالـبـلاد والـعـبـاد إلى الـعـهـود ( الـقـروسـطـويّـة ) الـظـلامـيّـة : تـاريـخـاً وثـقـافـةً وحـضـارةً وحيـاةً ؛ عـبـر سـيـرورات انـكـفـائـيّة نـكـوصـيّـة تـدمـيـريّـةٍ ؛ مـخـتـزلـةً الـوطـن وحـضـارتـه لـمـجـرد ثـكـنـةٍ عـسـكـريّـةٍ يـحـكـمـهـا الـسّـيـف والاسـتـبـداد ؛ و زنـزانـةٍ قـمـعـيّـةٍ لا تـعـرف شـمـس الـهـدايـة والـوعـي والـحـريّـة ؛ ومـسـتـنـقـعـاً تـخـلـفـيّـاً جـاهـلـيّـاً ؛ حـافـلاً بـالـفـسـاد والـنّـتــانــة والأوبـئـة ؛ لا تـقـتـصـر مـخـاطـره الـفـتّـاكـة عـلـى مـحـيـطـه الـجـغـرافـيّ ـ الـدّيـمـوغـرافـيّ ؛ بـل تـمـتـدّ لـتـطـال مـا حـولـهـا بـتـلـوّثـهـا وسمـومـهــا .
إنّ مـا دفـعـنـي لـهـذا الاسـتـهـلال الـطـويـل رغـبـةٌ مـلـحّـةٌ لازبــةٌ ؛ تــتـوخَّـى غـايـتـيـن اثـنـتـيـن :
• أولاهـمـا : فـضـح الإرهـاب الـسّـلـطـويّ لـلانـقـلاب الـبـعـثـيّ الـعـسـكـريّ الأسـديّ الـدّمـويّ ؛ الـذي افـتـقـد مـشـروطـيّـتــه الـشّـرعـيّـة والـقـانـونـيّـة والأخـلاقـيّــة ؛ مـثـلـمـا نـحـا مـنـحـىً تـدمـيـريّــاً أدّى إلـى الـفـتـك بـالـزّخـم الـوطـنـيّ الـدّيـمـقـراطـيّ الـسّـوري الأصـيـل ووأده ؛ وعـمـل عـلى تـشـويـه واجـتـثـاث الـوجـه الـحـضـاريّ لـلـوطـن الـحـبـيـب ( ســوريـة ) الـتـي كـانـت الـوجـه الــمشـرق فـي مـشـهـدنـا الـسّـيـاسـيّ الـوطـنـيّ والإنـسـانـيّ الـعـربـيّ .
• وثـانـيـتـهـمـا : الـتّـأكـيـد أنّ سـوريـة ، بـفـضـل مـا تـمـتـلـكـه مـن طـاقـاتٍ وطـنـيّـةٍ مـتـنـوَعـةِ الـمـنـابـت والـمـنـازع : ديـنـيّـاً وسـيـاسـيّــاً واجـتـمـاعـيّـاً وفـكـريّـاً ، سـتـجـابـه ، وبـفـضـل جـهـود أطـيـافـهـا أجـمـعـيـن ؛ مـن نـسـاءٍ وصـبـايـا ( كـنّ هـنّ وحـدهـنّ مـصـدر عـزّتـنـا نـحـن الـمـخـصـيّـيـن الـخـانـعـيـن ) أولاً ؛ ومـن أطـفـالٍ ( هـم مـنـبـع أمـلـنـا الـمـتـحـقـق ومـسـتـقـبـلـنـا الـمـشـروط بـهـم ، نـحـن الـبـائـسـيـن الـمـحـبـطـيـن ) ومـن رجـالٍ وكـهـولٍ وشـيـوخٍ وكـهـولٍ ، هـذا الـسّـرطـان الـخـبـيـث ، وتـلـجـمـه ؛ وتـصـدّه عـن تـحـقـيـق مـرامـيـه الـمـدمّـرة .
لا أدري لِـمَ ذكَّـرنـي الـمـشـهـد الـثـوريّ الـوطـنـيّ الـسّـوريّ ، الـذي يـسـطّـر ، الـيـوم ، بـدم أبـنـائـه وبـنـاتـه مـلـحـمـة الـشّـهـادة والانـتـصـار والـتـضحـيـات ، بـمـا اورده الـمـفـكّـر الإسـلامـيّ الـمـرحـوم الـعـالـمـيّ ( أبـو الـحـسـن الـنّـدويّ ) فـي كـتـابـه : ( مـاذا خـسـر الـعـالـم بـانـحـطـاط الـمـسـلـمـيـن؟ ) حـيـنـمـا أورد لـمـحـةً كـشـفـيّـةً عـن واقـع الـسـكـونـيّـة الـعـجـيـبـة ؛ الـتـي عـمّـت الـمـسـلـمـيـن وبـلادهـم فـي فـتـرة الـغـزو المـغـولـي ؛ ومـا بـلـغـوه مـن دركات الانهـيـار الـحـضـاريّ و الـتـخـاذل والاسـتـسـلام الـقـدريّ ؛ لـدرجـةٍ صـار فـيـهـا انـتـفـاضهــم ضـدّ الـطّـغـيـان ضـربـاً مـن الـمـستـحـيـلات .
ولأنّ قـوانـيـن الـتـاريـخ لهـا سـنـنـهـا الـعـجـيـبـة الحـتـمـيّـة الـمـعـقّـدة ؛ فـقـد تـفـكّـك الـمـسـتـحـيـل وغـدا مـمـكـنـاً . لـكـن ـــ ويـالـلـعـجـب ـــ لـيـس عـبـر أولـئـك الـمـسـتـلـبـيـن الـخـانـعـيـن الـذيـن ألـفـوا الهـوان ؛ واعـتـمـدوه زادا يـومـيّـاً ؛ وهـويّـةً مـمـيّـزةً ؛ بـل مـن خـلال الـغـزاة ( الـمـغـول ) الـذيـن مـا إن تـعـرّفـوا الـديـن الإسـلامـيّ ؛ وأدركـوا مـا يـحـمـلـه مـن غـنـىً حـضـاريٍّ إنـسـانـيٍّ ، حـتّـى افـتـتـنـوا بـه ؛ واسـتـسـلـمـوا لـمـؤثّـراتـه ؛ مـتـفـاعـلـيـن مـعـه ؛ ومـسـتـجـيـبـيـن لـسـحـره ؛ بـعـدمـا كـانـوا حـاربـوه ؛ وفـتـكـوا بـأهـلـه ، وإذا بـالـغـازيّ يـغـدو مـغـزوّاً .
ونـحـن ــ الـسّـوريّـيــن الـمسـتـلـبـيـن ، قـبـل فـتـرةٍ وجـيـزةٍ وقـريـبـةٍ جـدّاً ، وتـحـديـداً قـبـل الـثـورة السـوريـة الـتـي أوقـدت سـراجـهـا درعـا الـحـبـيـبـة ، كـان الـيـأس قـد نـال مـنّـا مـبـلـغــه ؛ بـل اسـتـبـاحـنـا الـقـنـوط والإحـبـاط ؛ وشـخـنــا ؛ ويـبـسـنــا ؛ وهـــرمنـــــــا ؛ أجل هــــرمـنـــــا ( عـلـى حـدّ تـعـبـيـر الـمـنـاضـل الـتّـونـسـيّ الـكـهـل ــ الـفـتـيّ أحـمـد الـحـفـنــاوي ) ؛ إلـى أن انـبـجــس مـن رحـم تـاريـخـنـا نــسـوة مـنـاضـلات ( مـعـلّـمــاتُ رجـالٍ وقـائـداتٌ ) وأطـفـال أبـطـال عـلّـمــونـا ألــف ــ يـــاء الـكـرامـة والـنّـخـوة والكـبـريـاء وتـحـدّي الـطـغــاة ؛ وسـخـروا مـنّـا نـحـن
ــ ( الـرّجـيـلات ـــ الـكـراكـوزات ) ــ الـمـزيّـفـيـن ؛ المـصـفّـقـيـن ؛ الـمـطـبّـلـيـن ؛ الـرّاقـصـيـن عـلـى مـآسـي أحـرارنـا وحـرائـرنـا . نـحـن الـمـزّوريـن الـذيـن كـنّــا نـعـرف مـدى عــري الـمـسـتـبـدّ وعـهـارتـه فـجـاريـنـاه فـي لـعـبـتـه . ونحـن الـشـيـاطـيـن الأبـالـسـة الـذيـن خـرسـنـا وأُخْـرِسْــنَــا عـن قـول الـحـقّ . وليـتـنـا خـرسـنـا وحـسـب ؛ بـل كـنّـا نـصـفّــق ونـرقـص ونـهـلّـل ونـسـبّـح بـاسـم الـطّـاغـيـة والاســتـبـداد ؛ مُـسْــتَــلَـبـيـنَ مـن صـدق وجـرأة الـطّـفـولـة الـعـفـويّـة ؛ الـتـي عـكـسـهـا الـطّـفــل فـي حـكـايـة : ( الإمـبـراطـور الـعــاري ) إذ صــدع بـالـحــقّ دونـمـا جـبـنٍ وخـنـوعٍ وتـزويــرٍ ؛ فـيـمـا قـطـيـع الـسّـوام غـارق بـالـتـهـلـيـل والـحـمـد ، قـائـلاً لـلإمـبـراطـور السّـادر فـي غــيّـه و تـيـهـه ؛ وجـنـون عـظـمـتـه الـمـزيـفـة ؛ و بـلارتـوشِ تـضـلـيـلٍ : (( إنـــك عــــــــــــــارٍ )) ومـفـضـوحٌ لـلـعـيـان ؛ بـقـبـحـك واسـتـبـدادك وفـحـشـك ؛ فـلـتـسـقــط ؛ ولـتــدع طـفـولـتـنـا وحـيـاتـنـا بـسـلام ونـقـاء . لـكـن الـسّـؤال : أَنـَّـى لـذاك الـقـطـيـع أن يـمـتـلـك بـصـيرة الـطّـفـل وجـرأتـه ؟
إنّهـا الـطّـفـولـة الـنّـقـيّـة اللا مـلـوّثـة ؛ الـتـي أعـادت درس الـتّـاريـخ ، فـي وطـنـي ، إلـى أبـجـديّــة الهـدايـة ؛ عـلـى أيـدي أسـاتـذتـنـا الـمـمـيّـزيـن مـن أطـفـال ( درعــا ) الـذيـن مـثَّـلـوا ( بـوعـزيــزي سـوريــة ) وكـانـوا أئـمـتــنـا الـذيـن هـطـلـوا سحـائـب الخـيـر في يـبـابـنـا ؛ وعـالـيـاً حـلـقــوا بـسـوريـة عـامّـةً ؛ و ( درعـا ) خـاصّـةّ ؛ إلـى سـمـاوات الـحـريـة والـتـاريـخ الإنـسـانـي ؛ لـيـسـطِّــروا فـي مـحـراب العـالـمـيـة الـدولـيـة اسـم وطـنـهـم ومـديـنـتـهـم ؛ بـعـد لـيـل تـغــيــيــبٍ وتـعـتـيــمٍ طـويـلٍ ، فـكـانـوا فـجـر الـهـدايـة ؛ والـغــمـام الـمـبـشّـر الـمـبـارك ؛ الـذي شــرع بـالأذان ؛ ودقّ نـاقـوس الـتّـاريـخ الـجـديــد.
أجـل . أطـفـال مـا غـزاهـم لـوث الـكـذب والـنّـفـاق والـتّـدجـيـل والـتّـزيـيـف والـتّـضـلـيـل ؛ ومـا حَـنَى الجـبـن والخـنـوع جـبـاهـهـم الـطّـافـحـة شـمـسـاً لا تـعـرف الانـطـفـاء والانـكـسـاف والـخـمـود ، فـكـانوا وسـيـبـقـون كـبـاراً ؛ نـقـيـضــنــا نـحـن الـصّـغـار الـصّـاغـريــن .
وتـدفّـقــت الـثّـورة ؛ واحـتـمَـى الإمـبـراطـور ، فـزعـاً ورهـبـةً فـي حـصـونـه ؛ خـائـفـاً عـاجـزاً عـن مـواجـهـة نـسـوةٍ ؛ احـتـشـدن إنـسـانـيّـةً ووطـنـيّـةً و ثـورةً ً تـجـسّـدت وعـيـاً ومـمـارسـةً ، ورحـن يـعـلـمـنـنـا ( نـحـن الـمـدجّـنـيـن الـمـخـصـيّـيـن ) أبجـديّة الـكـرامـة ، وكـيـف الـرّجـولـة تـكـون أشـدّ عـوداً ؛ حـيـن تـبـاركـهـا عـذوبـة الأنـوثـة ؛ فـتـفـوح خـصـبـاً وحـريّـةً ووطـنـاً . فـمـا زدنـنـا إلا خـجـلاً وانـكـسـافـاً ؛ وما ازددن إلا بـطـولـةً وسمـوّاً . ابـتـداءً مـن الأمّ ـــ الأخـت الـطّـبـيـبـة : فــداء حـورانـي ؛ مـروراً بسهـيـر الأتـاسـي ؛ وحـسيـبـة عـبـد الـرحـمـن ؛ ورغـدة الـحـسـن ؛ و تـهـامـة مـعــروف ؛ و صــولاً إلـى قـامــتــيّ الـحـبــق والـنّــعــنــع الـطــريّــتــيــن : طــلّ الـمـلــوحــي ؛ وآيـات عـصــام الأخـرس ؛ و كـذلـك قـصـيـدة الـتّـحــدّي : مــروة الـغــمــيــان وشـقــيـقــتـهـــا ؛ دون ان يـغــيــب عـن الـبـال صـوت الـحـق ؛ ومـرآة الـحـقـيـقــة : مـنـتـهـى الأطــرش ؛ الـتـي أخـرسـت بـمـواقـفـهـا الـوطـنـيّـة فـقـهـاء الـسّـلـطـة والـسّـلـطـان ؛ وعــرّت ضـلالـهـم بـفـقـه الـدّيـن والـبطـولـة والحـريّـة ؛ و فـضـحـت تـجـرؤهـم الـوقـح على قـدسـيّـة الـلـه ؛ وتـزيـيـفـهـم شـرائـع كــتـابـه الـعـزيـز وتـعـالـيـمـه ؛ ولـوذعـيّـتـهـم فـي فـلـسـفـة الـدّنـيــا وشـهـواتـهـا ومـغـريـاتـهـا الـدّنـيـويّــة ؛ لاسـيّـمـا إن كـانـت سـلـطـانـيّـة . ولا غـرو ، وهـي الـتـي رضـعـت لـبـان الـثـورة وفـقـه الـحـق ؛ وسـالـت فـي عـروقـهـا دمـاء الـعـزّة و الـشـمـوخ ؛ مـن مـدرسـة قـائـدهـا الـتـاريـخـي ؛ ووالـدها الـبـطـل الـمـرحـوم : سـلـطـان بـاشـا الأطـرش .
يـا الـلـــه . كـم نحـن عـرايـا أمـام احـتـشـادكـنّ الـذي يـفـوح بـالـبـطـولـة ؛ وكـم أمـامـكــنّ تـقــزّمـنـا مـخـصـيّـيــن ؛ وســوءاتـنــا الـقـبـيـحـة مـفـضـوحـةٌ سـافــرةٌ قـبـيـحـةٌ . نـحـن الـذيـن ، بـحـكـم قـانـون الـمـصـادفـات الـطّـبـيـعـيّـة الـغـرائـبـيّـة الـعـجـيـبـة الـسّـاخـرة ؛ تـسـمّـيــنــا ( رجـالاً ) . فـعــذراً وحـسـافــةً ومـغــفــرةً ؛ يـا تـيـجـان رؤوسـنـا .
حـقّـاً . ولـيـس عجـبـاً . هـكـذا سـمـا أذان الـثـورة السّـوريـة الـتـاريخـيّـة الشّـعـبـيّـة الـوطـنـيّـة الإنسانيّة ، وتـقـدّمـت ــ لـلـمـرّة الأولـى فـي تـاريـخـنـا الـوطـنـيّ ــ الـمـرأة الـبـطـلـة لـتـؤمّ الـثـائـريـن . فـهـنـيـئــاً لــكِ ( فــداء الـحــورانــي ) إذ سـطَّـــر الـتّـاريـخ ؛ ويـكـتــب ؛ وسـيـخـطّ ؛ أنـكِ إمـام ثـورتـنـا ؛ وفـقـيــه إيـمـانـهــا وحـقـيـقـتـهــا ، وأنّ صـحـابـيّــاتــك الـجـديــدات مـجـاهــدات عـصــرنـا الـجـديـد .
وبـدأ الـمخــاض والـدّم يـبـشّـران بـفـيـض الـخـصــب ؛ وأذان الـنّـصـر الـمـوعـود ؛ و قـدوم الـمـولـود الجـديـد ؛ الـقـادم ــ حـتـمـاً ــ صـبـحـاً قـريـبـاً ؛ بـإذن الـلـه . (( ألـيـس الـصّـبـح بـقـريـب ؟ !)) .
وأطـلّ ( الـدّيـكـتــاتــور ــ الـدكـتــور ) ، بـعـد احـتـجـاب جـبـنٍ اضـطــراريّ ، مـن جـحـره الـمـحـصّـن ؛ مـسـيّـجـاً بـالجـلاوزة الـزبـانـيـة الـعـتـلاء ؛ مـن جـنـود دنـيـاه وعـسـس قـصـره ؛ وقـد غـزاه اصـفـرارالـفـزع ؛ الـذي طالـمـا أسهـره أيـامـاً ولـيـالـي ؛ وحجـب الـنّـوم عـن عـيـنـيه الـزرقـاويـن ؛ لـيـكـشـف ، بـشـحـوب الـوجـه ، عـن شـحـوب وخـواء ذاتٍ مـسـتـبـدّةٍ سـاديّـةٍ ؛ مـقـفـرةٍ وطـنـيّـاً ؛ مـجـدبـةٍ أخـلاقـيـاً وإنـسـانـيّـاً ؛ لـم تـهـزّهـا ، خـشـوعـاً وإجـلالاً ، قـدســيّـة حـضـور الـشـهـداء الأبـرار ( مـن صـغـارٍ وكـبـارٍ ) ؛ الـذيـن هُــتِــكَــتْ أرواحـهـم الطّـاهـرة ؛ و اســتـبـيـحـت حـرمـاتـهـم الإنـسـانـيّـة ؛ بـأوامـره ( بـوصـفـه الـفـرعـون الآمـر الـنّـاهـي والـهـبـل الأكـبـر) وبـتـنـفـيـذ مـجـرمـي حـريـه ؛ ومـافـيـاتـه الـمــيلـيـشـيـاويـة : ( مـاهـر الأسـد ــ حـافـظ مخـلـوف ــ آصــف شـوكـت ـ عـاطـف نـجـيـب ــ عـلـي مـمـلـوك ......) فـتـكـدّسـت أشـجـار الـشـهـداء غـزيـرةً ؛ تـفـوق ، بـكـثـيـر وكـثـيـر ، مـا قـتـلـه و والـده الـمـجـرم ــ مـعـاً ــ مـن جـنـود الـعـدوّ الـخـارجـيّ ؛ عـبـر تـاريـخ جـبـهـة صـمـودهـمـا ؛ وحـروبـهـمـا ( الـدّون كـيـشـوتـيّـة ) ؛ ومـعـاركـهـمـا الـكـلامـيّــة الـشّـعــاريّــة الـوطـنـجـيّــة الـقـومـجـيّــة .
أَيُـعْــقَــلُ أن بـطـل الـحِـمَى وأســد الـعـريـن و وريـث الـعـرش ــ ( بـتـقــنـيـنٍ ؛ لا قـانـونـيٍّ ؛ اسـتــثــنـائـيّ مـسـلـوقٍ بـدقـائـق ؛ وعـبـر اسـتـيـطـانٍ انـتهــاكـيّ سـفــاحـيٍّ ) ـــ أن يـسـتـبـدّ به الـفـزع ؛ ويـغــزوه ويـفـتـرسـه ؛ لـمـجـرد انـدلاع ثــورةٍ شـعـبـيّـةٍ عـفـويّــةٍ ؛ أشـعـلهـا فـتـيــة صـغــار ؛ آمـنـوا بـربّـهـم ؛ وبـوطـنـهـم ؛ فـزادهـم الـلـه جـرأةً وشـجـاعـةً وهــدى حـريـةٍ ؛ فـزلـزلـوا وهــدّدوا ودكّـــوا ...؟؟!!! وإذا بـ : ( الأسـد ) الـورقـيّ الـمـتـلاشـي أمـام الأعـداء تـطـامـنـاً وخـنـوعـاً ؛ يـغـدو هـصـوراً فـاتـكـاً فـي مـجـابـهـة أطـفــال الـوطـن ؛ يـغـرس الأنـيـاب ؛ ويـغـبّ مـن دمـائـهـم الـزّكـيّــة ؛ مـتـصـنّـعــاً الاســتــئــســاد ؛ بـطريـقــةٍ بـهـلـوانـيّــةٍ ؛ تـذكّــرنـا بـقـول الـشـاعـر الـخـارجـيّ ( عـمـران بـن حـطّــان ) :
أَسَـــدُ عَـلَــيَّ وفـي الـحــروب نَـعَــامَـــةُ فَـتْـخَــاءً تـنـفـــرُ مِـنْ صَـفِـيـرِ الـصَّـافِــرِ
هَــلاَّ بَـرَزْتَ إــى ( غَـزَالَـةَ ) بـالـضًّـحَـى بَــلْ كــانَ قـلـبــكَ فـي جَـنَــاحَــيْ طــائـرِ
صَــدَعَــتْ ( غــزالـةُ ) قـلـبَــهُ بـفــوارسٍ تــركـــتْ مَــدابِـــرَهُ كــأمـــسِ الــدَّابِــــرِ
وكـدأب أيّ ديـكـتـاتـور ( فـرعـون ) ، يـســوّره الـمـسـوخ الـدّجـالـون الـمطـبّـلـون ، ولّـى الأدبـار صـوب سـوق الــتـضـلـيـل والـشـغــب خـطـيـبــاً ؛ لـيـحـاط بـعـبـيـده وزنـمـتـه ؛ الـذيـن اسـتـقـبـلوه بـالـتّـصفـيـق ؛ وراحـوا يـمـثّـلـون ويـتـقـمّـصـون ــ زوراً ــ دور الـمـؤمـن الـمـصـدّق الـمـسـلّـم يـالـديـكـتـاتـور ربّـاً . كيف لا ؟ وهـو الـذي يـسـتـوجـب ــ عـنـدهـم ــ لـيـس الـنـبـوّة ، فـحـسـب ، بـل الـتّـألـيـه ؛ لـبـراعـتـه الإعـجـازيّـة فـي الاحـتـيـال والـكـذب ؛ وابـتـداع الأبـاطـيـل والـتـزويـر ؛ و إتـقـان الـدَّجَـل ( الـغـوبـلـزيّ ) الـدّيـمـاغـوجـيّ . بـل لِـمَ لا ؟ وهـو الـمـؤهّـل ــ حـســب نـبـوءة أحـد حـواة بـازاره الـبـرلـمانـي الـتـزيـيـفـيّ ـــ لـيـكـون أحـد ، إن لـم يـكـن واحــد ـــ الـقــادة ، لا الـسـوريّـيـن والـعـرب والـمـسـلـمـيـن ، إنّـمـا الـعـالـمـيّـيـن الـنّـادريـن ( الـمـنـقـرضـيـن ) ؛ بـوصـفـه ظـلّ الـلّـه عـلـى الأرض ؛ وخـلـيـفـتـه الـذي بُـعِـثَ هـاديـاً ومـبـشّـراً ونـذيـراً . ( طـبـعـاً . يحـقّ لـه لأنـه حـسـب الـمـثـل الـشـعـبـيّ : خـرطـو الخـرّاط وقـلـب ومـات ).
ونـطــق ــ أخـيـــــــراً ــ نـطـق ، ولـيـتـه مـا ....... وكـفـــر . فـإذا بـالـثّــورات الـعـربـيّـة ـــ وفـق رؤيـة مـنـظّــر الـثـورجــة الـقـومجـيّــة الأســديّـة ـــ مـجـرد (( صــرعـــات )) . وإذا الـثّــوّار الأحـرار ، أبـنـاء ســوريــة الأصـيـلـون ( جــدّاً عـن أجــداد ) ، مـحـض : (( مـنـدسّــيــن )) بـاصـطـلاحـاتـه الـعـلـمـجـيّــة الـطـبـيّـجـيّـة ، و مـجـرد : (( زعـــران )) حـسـب افـتـراءات مـرتـزقـتـه : مـزوّري الإعـلام ؛ ومـزيّـفـي الـلّـغـة ؛ ومـصـادري الـفـكـر ومـلـوّثــيــه ؛ و مـلـمّـعـجـيّــتــه الـبـبـغـاويّـيـن : لـصـوص الـكلام ؛ ومـسـتـبـيـحـي قـدسـيـّـة الـكـلـمــة وحـرمـتـهـا وعـفّـتـهـا .
وتـهـاوى الـطّـاغـيـة : ( هـبـل ) ، وهـو الـمـتـهــاوي الـسّـاقـط دائـمـاً وأبـداً ؛ مـن يـوم أسـقـط الـشّـرعــيّــة الـدّسـتــوريّــة الـقــانــونـيّـة الأخـلاقــيّــة ؛ واعــتــلـى صـهــوة الـحـكـم ؛ بـبــوطـــه ( الــبـوطـيّ ) الـعـسـكـريّ ؛ سـاحـقــاً كـلّ الـقـوانـيـن والأعـراف والـمـعـايـيـر الـدّيـمـقـراطـيّـة الإنـسانـيّـة الـحـضـاريّــة ؛ ومـبـتـدعــاً ومـطـبّـقــاً ومـفـصّـلاً لـعـبـتـه الـتـضـلـيـلـيّـة الـتـزويـريّـة ؛ الـتـي جـعـلـت مـن الـقـانـون حــذاءَ ؛ يـفـصّــلـه حـسـب مـقـاس قـدمـيـه الـمـروّضـتـيـن لـوطء الـوطـن ؛ ودوس كـرامـة الـشـعـب ؛ ووأد كـلّ فـجـر ٍ يـبـشّـر بـالـحـريّـة ؛ لا سـيّـمـا فـجـر أطـفـال ( درعـا ) الأبـطـال ؛ الـذيـن ولـجـوا صـبـاح الـتّـاريـخ أبـطـالاً كـبـاراً كـبـاراً ؛ رغـم حـداثـة أعـمـارهــم الـطّــازجــة ؛ مـعــرّيــن ــــ بـثــرائـهــم الـبـطــولـيّ ؛ واكـتـظــاظـهــم الإنـسـانـيّ الـطّـافـح : جـرأةً وصـدقـاً وصـراحـةً ــــ عــورات الإمـبـراطــور ؛ وفـاضحـيـن مـدى صَـغَــاره ؛ وقــزامـتـه ؛ وضحـالـتـه ؛ وخـوائــه ؛ وتـهـافـتــه ...... رغـم تــقــمّــصــه هـيـكــل الـسـلـطـة والـتّـسلّــط ؛ وائــتــزاره بـعـبـاءة الـغــرور والـزيــف ؛ الـتـي حـوّلـتـه ( فــزّاعــةً ) قـمـاشـيّــةً هـشّــةً فـي لـيـل الخـفـافـيــش والخـراتـيـت .
وعـلـى هــدي نـهـج الـبـطـلات الـمـجـاهــدات ؛ وسـنّـة الأطـفـال الـثـائـريـن ؛ لحـق بـركـب الـحـريّــة الـصّـاعــد لـقـطــاف الـمـجـد والـشـمـوخ ؛ طـفــلً جـمـيـلُ ؛ لـم يـلـوّثــه زمـن الاسـتـبـداد الاسـتـخـبـاراتـيّ الـعـسـكـريّ الـهـمـجـيّ ؛ ولـم يـسـتـلـب تـشـيًّـــؤ الـسـلـطـة الـفـيـتـشـويّـة طـفـولـتـه الـغـضّـة الـنّـديّــة ؛ وعـفـويّـتـه الـعــذبـة الـنّـقــيّــة ؛ وخـصـبـه الإنـسـانـيّ الـمـنــداح ثـورةً وحـريّــةً والـتـزامـاً بـقـضـايـا الأمّـة والـوطـن ، فـأزهــر وأيـنـع ( سـمـيــح شـقـيــر ) ، بـتسـامـقــه ( مـثـقّـفــاً عـضـويّــاً ) يـثـمــر جـدلـيّـة ( الـمـبـدع ↔ الإنـسـان ) ؛ ويـفـوح ـــ عـلـى الـدّوام ـــ جــورّيّـةً خـضــراء مـحـمــرّةً ، تـطـعــن الـمـسـتـبـدّ بـسـيـف شـوكـهـا الـلاذع ؛ وتـكـسر هـيـبـتـه الـمـصـطـنـعـة الـواهـيـة الـمـزوّرة ؛ وتـغــبّ مـن نــزف شـهـداء الـوطـن ؛ وعــرسـانــه الـقــدّيـسـيـن الأبـرار ؛ أسـرار الـشّــذا ؛ وسـلاف الـحـيـاة والـخـلـود ؛ ومـن جـثـامـيـنـهـم الـطّـاهـرة شـمــس تـوهّـجـهـا وأنـاقـتـهــا الأبـديّـة ، معــرِّيــةً أكـاذيــب الـمـسـتـبــدّ ؛ وفـاضـحـةً عـهــور سـلـطـتـه ؛ و وَهْــيَ أبـاطـيـلـه ؛ وتــرّهــات تــزيــيـفـه ، ومـدوّنــةً بـشــرف الـمـبــدع الـوطـنـيّ الأصـيـل ؛ ورؤيـتـه الإنسـانـيّـة الاسـتـشـرافـيّــة الـنّـافـذة ؛ حـقـائـق ( الحـقّ والـحـقـيـقـة ) ؛ لـتـبـقـى تـاريـخـاً صـادقـاً لـلـوطـن والـثـورة ؛ وسـجـلاًّ هـاديـأ لـلـشّـرفـاء الـمـؤمـنـيـن الـمـخـلَـصـيـن مـن أبـنـاء سـوريـة الـحـبـيـبـة .
أجـل . بـأغـنـيـةٍ بـسـيـطــةٍ ، جـوهـرها الإيـمـان ؛ ومـبـتـداهــا الـصّـدق و الإخـلاص والأمـانــة ؛ وخـبـرهـا وفـضـاؤهـا الـنـصــر والحـريّــة ؛ أغـنـيـةٍ تـسـتـمـدًّ نـسـغـهـا مـن قـدسـيّــة الـحـرف والـكـلـمـة ؛ وشـرف الـمـعـنـى وتـسـامـيـه ، نـجـح الـفـنـان ( سمـيـح شــقـيــر) فـي صـوغ مـلـحـمـيّـتــه الـتـي تـعـكـس نـبـل مـبـدعـهـا : ( يـا حـيـــــف ) ؛ مـمـارســاً ـــ كـمـثـقـفٍ عـضـويٍّ مـبـدعٍ ـــ ومـؤكّـداً أن لـلـفــنّ والإبـداع ، كـالـشّـمــس ، وجــهُ واحــدٌ ـــ فـقـط ـــ أصـيـلٌ ؛ لا يـمـكـن تـزيـيـفــه ؛ وبـيـعــه ؛ وشـراؤه ؛ والـمـتـاجـرة والـسّـمـسرة بـه ؛ فـي سـيـرك الـسّـلاطـيـن الـطّـغـاة ؛ ومـزادات الـنّـخـاسـات الـسـلـطـويّـة ؛ الـتـي تـعــجّ بـالـجـواري والـقـيـان ؛ والـمـرتـزقـة الـمـطـبّـلـيـن الـمـصـفّـقـيـن الـمـرائـيـن ؛ والـقِـرَدَة الـرّقّــاصـيـن عـلـى حـبـال الـتـلـوّن والـتـدجـيـل والـتّـعـهـيـر ..
حـقّـاً . بـعـفـويّـةٍ ؛ و بـسـاطـةٍ ؛ وجـرأةٍ ؛ وحـدس اسـتـبـاقيّ تــنـبـئـيٍّ اسـتـشـرافـيٍّ ؛ فـكّــكـــت أغـنـيـة الـمـبـدع ـــ الإنـسـان ( ســمـيـح ) وفـضـحـت ـــ مسـبـقــاً ـــ تـهـافـت خـطـاب الـطّـاغـيـة الـرّئـاسـيّ الـسّـلـطـويّ ؛ مـعـرّيــةً أكـاذيـبـه الـتـضـلـيـلـيّـة ؛ وديـمـاغـوجـيّـتـه الـتّـخـديـريّــة الأفـيـونـيّــة ؛ وفـاضحـةً لا مـنـطـقـيّـتــه ؛ بـل لا أخـلاقـيّـتــه ؛ ولا إنـسـانـيّـتـه ، ومـؤكّــدةً ـــ دون لَـبْـس وغـمـوض و دجـل ومـواربـةٍ ومـخـاتـلـةٍ ـــ حقـيـقــةً حـقّــةً خـالـدةً سـرمـديّـةً ؛ لا يـأتـيـهــا الـبـاطـل مـن خـلـفـهـا أو أمـامـهـا أو عـن يـمـيـنـهـا أو شـمـالـهـا ؛ مـفــادهــا : أنّــه عـنـدمـا يـكـذب سـدنـة ( الـسـلـطـة ) ، مـن : قــوّاد ( كــوّاد ) مـسـتـبـدّيـن ؛ وحـاخـامـات ؛ وفـقـهــاء سـلـطــةٍ ودنـيـا ( لا ديـن ) ، يـنـهـض الـفـــنّ والـمـبـدع لـيـؤرّخــا ، بـدم الـحـقّ و دمـاء الـحـقـيـقــة ، تـاريـخ الإنـسـانـيّـة الـصّـادق الأصــيـل .
فَـطُـوبَـى ( سـمـيـح شـقـيـر ) ، وهــنـيـئـاً لـلـحـبـيـبــة ( درعــا ) الـجـريـحـة الـشّـهـيـدة ؛ الـمـتّـقــدة اخـضـراراً بحـمـرة شهــدائـهـا ؛ ولـلـوطـن الـثّـورة ( ســوريــة ) بــكَ . هـنـيـئــاً ( شــآم الـعــزّة ) بـكـلّ قـطـرات غـيـثـك : دومـا ــ حـرسـتـا ــ الـكـسـوة ــ الـمـعـضـمـيّــة ــ الـتـلّ ــ الـزّبـدانـي ..... والـقـطـرات الأخـرى الـدّافـقـة ........هـنـيـئــاً ( لاذقـيّــة الـمجــد والـرّوح ) وحــبّــتــا الـعـيـن : ( بــانـيـاس + جـبـلـة ) . هـنـيـئــاً مـدلّـلـة ( ابـن الـولـيـد ) ومـصـدر فـخـارنـا ، وقــرّة عـيـنـيــك : ( تـلـبـيـســة) الأبـيّـة . هـنـيـئــاً ( حـمـاة أبـي الـفــداء ) . هـنـيـئـاً مـنـبـتـا الأصـالـة والـنّـخــوة : ( ديـر الـزّور + رقـّـة الـرّشـيــد ) . هـنـيـئــاً تــوأمــا الـرّوح والـقـلـب : ( الـحـسكـة + الـقـامـشـلــي ) . هـنـيـئــاً ( ســويــداء ) الـقـلـوب ؛ ومـعــقــل الأصـالـة ؛ وحـفـيــدة الـزّعـيـم الـقـائـد ( سـلـطـان بـاشـا الأطـرش ) الـذي آتـى أُكُــلَــهُ الـيـانـع الجـنـيّ : ( مـنـتـهـى ) ؛ ونـسغـه الـنّـديّ ( سـمـيـح ) ... هـنـيـئــاً . هـنـيـئـاً وطـنـنـا ؛ وإخـوتـنـا الـمـواطـنـيـن . ولا عــزاء لـشـهـبـاء ( نـور الـدـيـن محـمـود الـزّنـكـي ؛ الـتـي بـاعـت تـاريـخـه الـمـشـرق ؛ و طـعـنـت مـجـد أحـرارهــا ؛ بـصـمـتٍ مـريـبٍ ؛ وانـتـهـازيّـة وضـيـعــةٍ ؛ وثـمـن ٍ بـخـسٍ ؛ دراهـمَ طـمعٍ خـسـيـسٍ ؛ و هَــوَتْ بـنـا ـــ نـحـن مـعـاشـرَ الـحـلـبــيّــيـن ــ إلـى درك الانـكـسـاف والـعــار : ابـتـداء ً مـن فـقـهــاء الـسـلـطـة والـسـلـطـان ؛ و حـاخـامـات الـكـهـنــوت و الـطـغـيـان ؛ وصــولاً إلـى قـطـيـع الـرّعــاع ، ومـسـوخ الـعـوام . فـرحــتُ ــ أنـا الحـلـبــيَّ الـمـطــعــون ــ أردّد خـسـوفـاً :
أنَــا ابــنُ خَـــنـَــا ؛ ونَـــزَّالُ الـــدّنـَـايَـــا مَــتَــى أَخُـــنِ الأمَـــانَــــةَ تــعــرفـــونـــي
طُــوبَــى ( سـمـيــح شـقـيـر ) أيَّـتـهــا الـشّجــرة الـطــيّــبــة الـمـبـاركــة ؛ الـتـي أثـمـرت مـثـقّـفــاً عـضــويّــاً ؛ أعـاد ( فــيــنــيــق ) الأمـل فـيـنـا ؛ بـعـدمـا تـيــبّــسـنـا ؛ وجـفَّـــتْ دمـاؤنــا ؛ وعُـطِــبْــنَــا ؛وذويـنـا وكـفـرنـا ...... وهـل أسـمـى مـن إنـجـازك وأرفـع وأغـنـّى !! ! . أجــل إنّــه الـقـلـب بـخـشــوع ٍ ؛ وفــرحٍ ؛ وصـحــوٍ ؛ يــرتّــل :
(( يا حـــيـــف يا حـــيـــفــن يا حـــيـــفــن يـا حــيــف
زخّْ رصـاص عـلى الـنـاس الـعـزّل يـا حـــيـــف
وأطـفـال بـعـمــر الــورد تـعـتــقــلــن كــبــف
كـيـف كـيـف وانـت ابـن بـلادي ، وتـــقـــتــلّــي ولادي
و ظـهـرك لـلـعـادي وعـلــيّ هــاجــم بـالـسـيــف
يا حـــيـــف يا حـــيـــفــن و يا حـــيـــفــن يـا حــيــف
وهـادا الّـي صـايــر يـاحـيـــــف بــدرعــا و يــا يــمّــا و يـا حــيــف
ســمـعــتْ هــا لـشّــبـاب يــمّــا الـحــــريّـــــــــة ع الــبــاب يــمّــا طـلــعــوا يــهــتــفـــو لا
شــافــوا الـبـواريــد يــمّــا قـالــوا : إخــوتــنــا هــنّــن ومــش رح يــضــربــونــا
ضـربــونـا يــمّــا بـالــرّصـاص الـحــيّ مـتــنــا بـإيــد إخـوتــنــا
بـاسـم أمـن الـوطـن واحـنــا مـيـن احــنــا
واسـألـوا الـتــاريـخ يـقــرا صـفـحــتــنــا
مــش تــاري الـسّــجّـــان يــمّــا كــلــمـــة حــريّـــة وحــدة هـــزّتــلــو أركــانــو
و مِــنْ هــتــفــــتْ الـجــمــوع أصـبــح كـا لـمــلــســوع يــمّــا يـصـلِــيــنـــا بــنــيــرانـــو
و احــنــا إلّــي قــلــنـــا إلّــي بـــيــقـــتــل شـعــبــو خـــايـــــــن
يـكــون مـيــن كــايـــن
الـشـعـب مـتـل الـقــدر والأمــل بــايــن ))
خـتـامــاً . وأنـت الـبـدء الأحـمــد ؛ والأوّل الـمـلـتــزم ؛ أدعــو الـلّــه سـبـحـانـه ـــ أنـا الـمـؤمـن بـوحـدانـيّــتـه ورحـمـتــه وعـطـفــه وعـظـمـتـه ـــ مـتــوسّــلاً إلـيـه ؛ خــاشعـاً مـتـضــرّعـاً ؛ كـلَّ آنٍ وحيـنٍ ، أن يـكـلــأك ـــ أيّـهـا الـمـاركـسـيّ الـعـارم : إيـمـانــاً ونـقــاءً وحـبّــاً ـــ بـرعــايـتـه ؛ ويـكــلّــلــك شـفــاءً وصحّــةً وعـافـيـةً ؛ ومـا أظــنّــه بــمـخــيــبٍ دعـواتـي ورجــائــي ؛ بـوصـفــه طـيّــبــاً لا يـتــقــبّــل إلاَّ طـيّــبـاً مـثـلــك .
وبـنـاءً عـليــه ؛ عـلـى مـبــدأ الآيــة الـكـريـمـة : (( فـذكِّــر إن نـفـعــتِ الــذِّكــرى )) . تـبـقـى الــتّــذكـرة واجـبـةً لازبـةً ؛ لـكـلّ أبـنـاء الـوطـن الحـبـيــب ؛ بـكـافّـة انـتـمـاءاتـهـم وأطـيـافـهـم وانـتـمـاءاتـهـم وتـلـوّنـاتـهـم الإنـسـانـيّـة الـوطـنـيّـة الإيـديـولـوجـيّــة ؛ وعـبـر جـمـيـع قـنـواتـنـا الإعـلامـيّـة ؛ بـضـرورة إعـلانٍ عـاجـل ٍ ؛ وتـنـظـيـم حـمـلــة : (( دعــاء بـالـشـفـــاء , وتـعــاطــفٍ وتـلاحــمٍ )) مـع الـفـنـان : ( سـمـيـح شـقـيــر ) فـي رحـلـة الـعـلاج والاســتـشــفـاء التـي يـمـضـيـهـا هـذه الأيّـام ؛ راجــيــن الـلـه الـشّـافـي الرّحـمـن الـرّحـيــم أن يـعـيــده سـالـمـاً غــانـمـاً ؛ لـيـظـلّ الـعـصـفــور الـحــرّ ؛ الـذي يـتـحـدّى الـطّــاغـيـة وجـلّاديــه وسـجّـانـيـه ، ويـتـخـطَّـى أسـوار السّـجــون ؛ إلـى سـمــاوات الحـريّــة ؛ لـيـصــوغ مـن آلام الـمـقـهــوريـن ؛ وآمـال الـمـعــذّبـيــن الـطـيّــبـــيــن ؛ أغـانـيـه الـتـي تـقــارع الـظّـلـم ؛ وتـبــشّــر بـالـصّـــبـاحــات ؛ و تـشــدو بـألـحــان الـحــبّ والـسّــلام ؛ وتـكـتـب الـقـادم مـسـتـقـبــلاً مـشــرقــاً ؛ وشـجــرةً مـبـاركــةً ؛ تـثـمـر بـوحــدة وطـنـنـا الـحـبـيــب ( ســـــــــوريــة) .
بـدر الـديـن عـبـد الـرحـمـن